هذا بالإضافة أن الوكالة الدولية لديها كاميرات مراقبة في المنشآت النووية الإيرانية، كل ذلك تدحض مزاعم وأكاذيب الصهاينة. وغالباً ما تبلغ ثرثراتهم الكذب، عندنا يتحدثون عن تخصيب إيران لليورانيوم بنسبة 99 في المائة، وهي أكاذيب كان أول من فندها، الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإيران عندما خصبت اليورانيوم بنسبة 60 بالمائة، أعلنت عن ذلك وبشكل رسمي، وأخبرت مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بذلك، فليس لإيران ما تخفيه في برنامجها النووي المستخدم للأغراض السلمية.
تهديدات الصهاينة
التهديدات التي أطلقها أكثر من مسؤول صهيوني، وعلى رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس أركانه بمهاجمة إيران، ومحاولة تدمير منشآتها النووية، ذلك حلم صهيوني، ومع ذلك يصعب المغامرة لهذا الخيار الذي يعني نهاية الكيان برمته.
يتهيأ لحكومة الكيان أن قراراً بهذا الخصوص قد اتخذ، ولم يتبق غير تحديد ساعة الصفر للبدء به، وكلها تندرج في سياق الحرب النفسية والإعلامية، ليس إلاّ. أما قدرة الكيان الصهيوني على مهاجمة إيران تبدو محدودة للغاية، ولا تتعدى الحرب السيبرانية، واستخدام الطيران المسير، أو الأعمال التجسسية والتخريبية في استهداف المنشآت النووية، أو مهاجمة السفن والقرصنة في عرض البحر.
وتأتي ادعاءات قادة الكيان الصهيوني حول قدرة هذا الکيان على مواجهة إيران، وتهديدها لمحور المقاومة، تلك مزعم في استعراض العضلات، لتطمين المستوطنين الغاضبين على النظام وفشله في مواجهة المعضلات الاقتصادية ومن ضمنها غلاء المعيشة، وهو في الحقيقة هروب إلى الأمام من مشاكلها وأزماتها الداخلية، على وقع الاحتجاجات الشعبية المناوئة لسياسة الحكومة وفشلها في الإصلاحات السياسية الاقتصادية والقضائية، وينم عن حالة من الإفلاس السياسي، وعجز النظام عن الخروج من الأزمات الحادة، ومع ذلك تلجأ حكومة الكيان افتعال وإنتاج الأزمات الخارجية مع المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة بشكل عام بهدف التخفيف من الأزمات الداخلية للكيان.
لذلك، تبدو التهديدات الجديدة لنتنياهو التي يراها محللون ومراقبون علی أنها بسبب مشاكله وأزماته الداخلية التى لا حصر لها منذ توليه منصب الحكومة، على خلفية تداعيات خطة حكومته للإصلاح القضائي، بحيث يقود معارضيه من القوى السياسية المدعومة أمريكياً، مظاهرات وتحركات جدية ولافتة، استطاعت خلق رأي عام لدى المستوطنين ضده، وأظهرت انقساماً كبيرا في الكيان. ومن هنا يحاول نتنياهو بشكل ما إنهاء حركة المعارضة ضده، عبر تحذير المستوطنين من وهم العدو الخارجي الذي يستهدف وجودهم، وتارة يلمح بالتهديد للإدارة الأمريكية التي لا ترغب حالياً بإشعال الوضع في المنطقة (حرب إقليمية)، لأنها منشغلة بالساحة الأوكرانية وساحة التنافس الاستراتيجي مع الصين، لكي تضغط على حلفائها من القوى السياسية الصهيونية لإيقاف تحركاتها، بالرغم من اعتراف قادة وخبراء عسكريين ومحللين في حكومة الکيان الصهيوني بانقسام الجبهة الداخلية، وضعف جيش الکيان. وخلافاً لذلك يزعم بنيامين نتنياهو " أن إسرائيل ستفاجئ إيران دائمًا، وسنفاجئ كل أعدائنا". وفي محاولة منه للحفاظ على حکومته الهشة والاعتراف باستمرار الخلافات مع المعارضة، قال: "تحالفنا سيبقى موحداً، ولست مسؤولاً عما يحدث في المعارضة".
الرد الايراني
انتقد محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس الإيراني حسن روحاني، التصريحات الإسرائيلية بشأن وضع خطط جديدة لعمليات ضد إيران إذا عادت الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.
وقال واعظي رداً على سؤال بشأن رد فعل إيران تجاه التهديدات الإسرائيلية: "شعبنا وشعوب المنطقة على دراية بالأدبيات التي يرددها مسؤولو النظام الصهيوني، إنهم يتحدثون كثيراً، ويسعون إلى حرب نفسية، وليس لديهم أي خطة أو قدرة على القيام بذلك"، وفقا لوكالة فارس الإيرانية للأنباء. وأضاف واعظي: "قواتنا المسلحة مدربة على الدفاع عن إيران، والمناورات المختلفة التي شاركنا فيها علاوة على أننا لا ننوي خوض الحرب، لكننا جادون في الدفاع عن البلاد". وقال واعظي، مدير مكتب روحاني، في تصريحاته الصحفية الأربعاء: "يعتقد بعض المسؤولين في الكيان الصهيوني، بالطبع أن كل ما يقولونه ستقبله واشنطن، لكن أعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة، مثل الدول الأخرى، تتمتع باستقلالها".
من جانبه صرح مجيد تخت روانجي، مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، أن إيران تحتفظ بحقها في الرد على أي تهديدات من قبل إسرائيل، وفقا لوكالة فارس الإيرانية للأنباء.
وشدد على أن تهديدات إسرائيل ترمي للتستر على ترسانتها النووية وتقويض الاستقرار في المنطقة، مضيفا أن بلاده: "تحتفظ بحقها في الرد على أي تهديدات إسرائيلية".
تغيّرات إقليمية
يتأثر القلق الإسرائيلي في الملف الإيراني بأمور عدة، من بينها توطيد طهران علاقتها بالدول العربية في الآونة الأخيرة، خصوصاً الرياض، وتحسين وضعها، في الوقت الذي تحاول فيه إسرائيل إبرام المزيد من اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، على غرار ما يُسمى "اتفاقيات إبراهام" التي وقّعتها معه كل من الإمارات والبحرين، والمغرب والسودان.
وربما عوّلت إسرائيل على أن تعزيز اختراقها للعالم العربي من شأنه المساهمة في إضعاف إيران وعزلها. كذلك ترى تراجعاً للدور الأمريكي في المنطقة، فضلاً عن العلاقات المتوترة بين واشنطن وتل أبيب، بشكل خاص منذ تشكيل الحكومة الإسرائيلية الحالية، على خلفية مواقفها والقوانين التي تقودها بخلاف رغبة الولايات المتحدة، الأمر الذي حال حتى اليوم دون تلقي بنيامين نتنياهو دعوة لزيارة البيت الأبيض.
وفي الختام فإن التصريحات الإسرائيلية لن تخرج إلى حيز التنفيذ، على الأقل ليس في المنظور القريب، لأسباب عدة، من بينها حاجة إسرائيل لتعزيز مناعتها الداخلية قبل كل شيء، ولأن شنّ الحرب على ايران ستؤدي لا محالة إلى اندلاع حرب كبرى طاحنة وعلى أكثر من جبهة مما سيضع المشروع الصهيوني برمته أمام أخطار وجودية حقيقية، ربما تؤدي إلى تفككه وانهياره فضلاً عن حاجتها إلى موافقة واشنطن، حتى لوكرر المسؤولون فيها أن إسرائيل دولة مستقلة، ويمكنها الاكتفاء بإبلاغ الولايات المتحدة قبل الإقدام على أي عمل عسكري، إن قررت ذلك. ومثل هذا الطرح غير واقعي بالمطلق، فإسرائيل دولة تابعة لأمريكا، لا تستطيع اتخاذ أي قرار من دون موافقة الإدارة الأمريكية. وفي حال قررت مهاجمة إيران بأي من الوسائل المختلفة، هذا لا يعني أن إيران لا تستطيع توجيه ضربة لإسرائيل أيضاً، لا سيما بعدما أن أظهرت طهران عدم ترددها في ضرب أمريكا في قاعدتها العسكرية الأكبر في العراق أو في أي مكان آخر، بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني ورفاقه.
بالإضافة إلى ذلك، فإن طهران تعمل على تطوير صواريخها فرط صوتية مع حلفائها لتؤكد قدرة الردع على أعدائها وضرب أي أهدف في المنطقة، مهما بلغ تفوق منظومة الدفاع الجوي الأمريكي- الصهيوني، فإن الصواريخ الإيرانية الحديثة مجهزة، بعدم كشفها أو اعتراضها، وقادرة على استهداف العمق الإسرائيلي والقواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة.