أروى حنيش
قبة الصخرة إحدى أشهر المعالم الإسلامية في التراث العالمي الإسلامي،
ذلك أنها إضافة إلى مكانتها وقدسيتها الدينية، تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية من جهة، ولما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة من جهة أخرى، فإليها جلبت انتباه واهتمام الباحثين والزائرين من كل بقاع الدنيا، لما امتازت به من تناسق وانسجام بين عناصرها المعمارية والزخرفية، حتى اعتبرت آية في الهندسة المعمارية.
وقد اهتم المسلمون بالعناية بها، على مر الفترات الإسلامية المتعاقبة، نتيجة لما حدث لها من خراب جراء عوامل التأثيرات الطبيعية، مثل الهزات الأرضية والعواصف والأمطار والحرائق، فلم يتأخر أي خليفة أو سلطان في ترميمها والحفاظ عليها.
ولقبة الصخرة قدسية، ومكانة عظيمة في قلب كل مسلم، فهي التي عرج منها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إلى السماء العليا في ليلة الإسراء والمعراج.
الموقع
تقع بجانب المسجد الأقصى في القدس، في إحدى بيوت البلدة القديمة المُطلة على مسجد قبة الصخرة. ومصلى قبة الصخرة أحد أجزاء المسجد الأقصى "فالمسجد الأقصى هو كل ما داخل سور الأقصى"، وهو جزء من أحد أهم المساجد الإسلامية في مدينة القدس وفلسطين والعالم الإسلامي، ومن أجمل الأبنية في العالم، إذ تُعتبر قبّته من أهم وأبرز المعالم المعمارية الإسلامية، كما ويُعتبر أقدم بناء إسلامي بقي مُحافظا على شكله وزخرفته.
تاريخ البناء
بنى هذا المسجد والقبّة الخليفة عبد الملك بن مروان، حيث بدأ بناءها عام 66 هـ الموافق 685م، وانتهى منها عام 72 هـ الموافق 691م، وأشرف على بنائها المهندسان رجاء بن حيوة الكندي، وهو من التابعين المعروفين، ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان. وكان لاختيار هذا الشكل متناسباً مع قباب المدينة المرتفعة. والصخرة عبارة عن كتلة من الصخر الطبيعيّ غير منتظمة الشكل وتقع في وسط منطقة المسجد في القدس، ونسبةً إلى هذه الصخرة سمّيت قبّة الصخرة بهذا الاسم، وقد بنى عبد الملك بن مروان القبّة فوقها ليحفظ ويخلّد أثرها المقدّس.
شكل البناء
قبة الصخرة بناء مثمن الأضلاع، ويتوسط البناء الصخرة المشرفة، وترتفع هذه الصخرة نحو متر ونصف المتر عن أرضية البناء، وهي غير منتظمة الشكل يتراوح قطرها بين 13 و18 مترًا، وتعلو الصخرة في وسط المبنى قبة دائرية قطرها حوالى عشرين مترًا.
الشكل العام المثمن لمبنى القبة يقوم على صفين من الأعمدة، يتكون كل صف منها من مجموعة من الأعمدة الكبيرة المستطيلة التي تسمى "المدامك"، ومجموعة من الأعمدة الرخامية الصغيرة الأسطوانية.
يبلغ عدد المدامك في الصف الخارجي ثمانية يقوم عليها المبنى الرئيس، وبين كل اثنين منها يوجد عمودان صغيران، ويكون بالتالي مجموع هذه الأعمدة الصغيرة في التثمينة الخارجية 16 عمودًا.
أما الصف الداخلي فيحيط بالصخرة نفسها ويحتوي على أربعة مدامك كبيرة، وبين كل اثنين منها ثلاثة أعمدة صغيرة يكون مجموعها 12 عمودًا، وهذه المدامك الأربعة الداخلية هي الأساس الذي تقوم عليه رقبة القبة نفسها.
وصف قبة الصخرة
قبة الصخرة: بناء حجري مثمن الأضلاع، تعلوه قبة شديدة الارتفاع، صنعت من الخشب، وتمت تغطيتها بطبقة من الرصاص، تعلوه قشرة رقيقة من الذهب للحفاظ عليها، تستند القبة على أعمدة أسطوانية في وسطها دائرة، تتوسطها الصخرة المشرّفة وتقوم عليها القبة بقطر (20) مترًا تقريباً، وترتفع عن الصخرة نحو (34) مترًا، وتحتوي أسطوانة القبة على (16) نافذة.
قبة الصخرة عبارة عن قبتين فوق بعضهما، ترتفعان عن بعض ما يقارب (1.5) متر.
وتتميز قبة الصخرة بزخارفها الجميلة، المنسجمة مع التصميم العام للمسجد، والذي يعكس جمال الفن الإسلامي، وروعة الإتقان، وزخارفها من أهم زخارف المسجد الأقصى، بدءًا من زخرفة الإطار بين النوافذ واحتوائها على الأجنحة والألوان المذهبة، وعليها أوراق شجر ملون وهي زخارف يتميز بها العصر الأموي.
وأجمل ما يميز الزخرفة هي سورة الإسراء التي كتبت في أسفل القبة.
أما الصخرة التي في أسفل القبة: فهي عبارة قطعة من الصخر تقع تحت القبة مباشرة طولها (8) أمتار وعرضها (14) متراً، وأعلى نقطة فيها مرتفعة عن الأرض متر ونصف، ويحيط بها درابزون من الخشب المنقوش والمدهون، ويعدّ المحراب الصغير الواقع تحت الصخرة من أقدم العناصر المعمارية في قبّة الصخرة، ويصل ارتفاعه إلى 1.37م وعرضه إلى 0.76م.
أبواب قبة الصخرة
للقبّة أربعة أبواب ترجع إلى عصر السلطان سليمان، وهي: الباب الشرقيّ المعروف بباب النبي داوود، وهو يقع تجاه قبّة السلسلة، والباب العربيّ المعروف بباب الجنّة ويقع مقابل باب القطانين، والباب الجنوبي القبلي الذي يُقابل المسجد الأقصى، والباب الشماليّ، الجدير بالذكر أنّ هذه الأبواب مصنّعة من الخشب المصفّح، وفي فترة المقدسي كانت مصنّعة من الخشب المزخرف المنقوش، والذي كان هدية من والده الخليفة المُقتدر بالله.
أهمية ومنزلة قبّة الصخرة
إنّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد عرج منها إلى السماء، وأنّها قبلة المسلمين الأولى قبل أن تتغيّر في العام الثاني من الهجرة إلى الكعبة المشرفة، وعندما فتح عمر بن الخطاب بيت المقدس كانت الصخرة مغطّاة بالقمامة، فأمر بإزالتها، كما تساقط المطر عليها بغزارة ثلاث مرّات ثمّ أقام رضي الله عنه الصلاة فيها.
يحاول اليهود الصهاينة، طمس المعالم الإسلامية، وهدمها وتخريبها، لجوانب سياسية في استبدال هذه المعالم الإسلامية بمعالم يهودية في الديار والمقدسات الإسلامية. وقد قامت منظمات يهودية متطرفة بمحاولات عديدة لهدم قبة الصخرة، وأطلقت خرافات ودعوات مضللة بهدف محو هذه المعالم التاريخية الاسلامية، التي أطلقها رئيس منظمة "لهافا" اليهودية لحشد المستوطنين من أجل اقتحام المسجد الأقصى المبارك والبدء بهدم قبة الصخرة.
وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية تصريحات رئيس منظمة "لهافا" بنتسي غوبشتاين الذي دعا فيها إلى البدء بتفكيك قبة الصخرة لإفساح المجال لبناء هيكل النبي سليمان المزعوم في باحات المسجد الأقصى.
وغالبًا ما يحاول الصهاينة الاعتداء على الفلسطينين في المسجد الأقصى، ومنعهم من أداء الصلوات، وانتهاك حرمة المسجد، وفرض شروط عمرية من يدخل ومن لا يدخل من الفلسطينيين.