أبريل 24, 2024 - 21:48
الدعم الأمريكي لإسرائيل  في خريطة العلاقات الدولية


خالد الأشموري

ترتبط الدولتان الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ارتباطاً وثيقاً بالعلاقات التاريخية والثقافية، بالإضافة إلى المصالح المشتركة، ووفقاً لما جاء في المؤشرات الرسمية الأمريكية فقد تلقت إسرائيل فيما بين عامي 1946م-2023م ما يقارب الـ 158 مليار دولار من المساعدات .. وبحسب مصادر أخرى ومنها بيانات " الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية " فإن حجم المساعدات أكبر بكثير مما جاء في التقديرات الرسمية إذ وصل إجمالي المساعدات الأمريكية الملتزمة بها لإسرائيل في الفترة ذاتها نحو 260 مليار دولار .. " وقد بدأ هذا الدعم الأمريكي لإسرائيل منذ إنشائها عام 1948م ، إذ كانت أمريكا أول دولة اعترفت بقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، ومنذ ذلك الوقت أمتد تاريخ طويل ومتواصل من الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي ، وشمل التعاون المشترك في مجالات التعليم والصحة والطاقة والبحث وغير ذلك من المجالات الاقتصادية.. ويعكس حجم الدعم السياسي والمساعدات الخارجية الأمريكية لإسرائيل مقدار الاهتمام الذي توليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتثبيت وجود دولة الاحتلال في الشرق الأوسط، التي تعتبرها الولايات المتحدة شريكاً حيوياً في المنطقة تجمعها به أهداف إستراتيجية مشتركة " – موسوعة – الجزيرة".
ولفهم مدى هذا الارتباط والدعم اللأ محدود .. نشير إلى كتابات عدد من رجال الإعلام والسياسيين المتابعين للسياسة الخارجية الأمريكية ، حيث يرجع بعضهم ذلك الدعم بالنادر في خريطة العلاقات الدولية.
•    الكاتب والمحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأمريكية، محمد المنشاوي- كتب تحت عنوان : لماذا تدعم أمريكا إسرائيل؟ الجزيرة نت- نوفمبر 2023م قال فيه: لا يدرك الكثير من المتابعين للسياسة الخارجية الأمريكية أسباب دعم وأشنطن المجنون وغير المحدد لإسرائيل منذ نشأتها قبل 75 عاماً .. بعض المتابعين يرجع ذلك إلى الترابط الديني بين الصهيونية والبروتستانتية، أو للتحالف القائم على المصالح الإستراتيجية بينهما، أو لدور اللوبي وجماعات اليهود الأمريكيين، والبعض يرجعه للإحساس العام بالذنب تجاه ما جرى لليهود في أوروبا على يد النظام النازي في ألمانيا وحلفائه الأوربيين.
فيما يرى الجنرال ديفيد باتريوس، القائد السابق للقوات الأميركية في أفغانستان، متحدثاً أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ: إن الغضب العربي المطلق تجاه الولايات المتحدة الذي تسببه القضية الفلسطينية يحدد الدعم وقوة الشراكة الأميركية مع شعوب وحكومات المنطقة، وأن الجماعات المتطرفة تستغل هذا الغضب لتعبئة الدعم المؤيد لها.
ومنذ بدء عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023م، وما تبعها من إعلان إسرائيل الحرب وشنها عدوانا مستمر وغير مسبوق على قطاع غزة، لم تظهر إدارة جو بايدن إلا الدعم الكامل لإسرائيل على الرغم من تغير لغتها مؤخرا على استحياء لتطالب بهدن إنسانية مؤقته لإدخال الغذاء والماء للمدنيين، وربما السماح بنزوح المزيد من الفلسطينيين من شمال غزة. واتّخذ الرئيسُ بايدن موقفًا حادًا وصارمًا في دعمه إسرائيلَ عسكريًا وسياسيًا ودبلوماسيًا ومعنويًا، فيما امتنع فيه -حتى الآن- عن المطالبة بوقف إطلاق النّار، وهو ما يعني إعلاءَه قيمة العمل العسكريّ على الاعتبارات بوقف إطلاق النّار، وهو ما يعني إعلاءَه قيمة العمل العسكريّ على الاعتبارات الإنسانيّة وقد تكون هذه هي المرَّة الأولى في التاريخ الأمريكيّ  التي يمتنع فيها رئيس عن مطالبة أطراف نزاع عسكريّ خارجي سقط فيه آلاف الضحايا المدنيين بوقفِ القتال.
وعلى الرغم من خروج مظاهرات في مختلف المدن الأميركية تطالب بايدن بالدعوة والضغط لوقف إطلاق النار، يتجاهل بايدن كل هذه النداءات ويقف صلبا مؤيدا لكل ما يقوم به الجيش الإسرائيلي حتى مع تدميره ربع مباني قطاع غزة، وقصف كل مستشفياتها ومداريها وحتى أفرانها.
ولا يعد موقف بايدن استثناء في تاريخ تأييد رؤساء أميركا لإسرائيل. ورغم تغير ميول واتجاهات الرأي العام الأميركي إيجابيا تجاه حق الفلسطينيين في دولة مستقلة، لا تعتمد السياسة الأميركية تجاه إسرائيل على أرقام استطلاعات الرأي بقدر ما تعتمد على كيفية رؤية الرئيس الأميركي لمصالح بلاده، وكيف تتناسب إسرائيل والشرق الأوسط مع السياسة الخارجية العالمية للإدارة. وعلى مدى نصف القرن الماضي، اعتقد الرؤساء الأميركيون عموما أن الشرق الأوسط، بفضل احتياطيات النفط، يمثل أولوية قصوى في الإستراتيجية الأميركية، وعليه تعززت العلاقة الأميركية مع إسرائيل.
وللدعم الأميركي لإسرائيل الكثير من المصادر المتشابكة، ويمثل العامل الديني حجر الأساس الأهم في مصادر الدعم لإسرائيل داخل الولايات المتحدة، وتؤمن الكثير من الجماعات الإنجيلية بضرورة التعجيل بسيطرة إسرائيل الكاملة على كل أرض فلسطين المقدسة. 
ويذكر والتر راسييل مييد، الكاتب الشهير بصحيفة "وول ستريت جورنال، "أن التأييد الأميركي البروتستانتي لليهود وإسرائيل وجد قبل أن يطأ اليهود الدولة الأميركية الناشئة، وقبل أن تتأسس دولة إسرائيل".
ويرى مييد أن الأميركيين الأوائل من المتدينين البروتستانت كانوا يؤمنون بأنهم شعب مختار، وأن مسيحيتهم هي المسيحية الأفضل والأصح، وأن تأسيس الدولة اليهودية في إسرائيل يثبت أنهم شعب  مختار أيضا مثل اليهود، وأن الرب يبارك أميركا، وأنهم مباركون من الرب، وأن نجاح الإسرائيليين هو نجاح للأميركيين.
وقد لا يقتصر موضوع الدعم الأميركي لإسرائيل وحسب على البعد الديني، وأعتبر البروفيسور جون مميرشايمر الأستاذ بجامعة شيكاغو، وستيفن والت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد، في كتابهما الشهير "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأميركية" أن دور اللوبي لا يقل أهمية عن البعد الديني، بل يكمل بعضهما البعض، ويخدم كلاهما الأخر.
واعتبارا من تسعينات، خصوصا بعد هجمات 11 من سبتمبر، أصبح مبرر الدعم الأميركي لإسرائيل الزعم بأن كلتا الدولتين تواجهان تهديد "الجماعات الإرهابية" التي تنطلق من الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ومجموعة من "الدول المارقة" التي تدعم الإرهابيين.
من ناحية أخرى، تنفرد إسرائيل بالساحة الأميركية الواسعة في ظل تردد الدول العربية عن دعم فكرة  الدولة الفلسطينية عمليا، وفي ظل غياب أي رغبة في لعب دور مؤثر داخل الولايات المتحدة رغم وجود العديد من الفرص والطرق التي يمكن من خلالها التأثير في حسابات صانع السياسة الأميركي.
•    بشار الجرعتلي  - محلل  أسواق CNBC عربية كتب في مقال له ، تحت عنوان: ماهو سر الدعم الأمريكي لإسرائيل - أكتوبر 2023م:  لطالما وُصفت الأسس التي يقوم عليها التحالف الأميركي - الإسرائيلي بأنها القيم 
المشتركة بين البلدين وشعبية إسرائيل في السياسة الأميركية من خلال اللوبي القوي الذي يَتبع لها في بلاد العم سام .. وعلى الرغم من أهمية هذه العوامل، إلا أن المنافع الاقتصادية التي تجنيها الولايات المتحدة من إسرائيل لا تقل أهمية أبداً عن الأسباب السابقة .. فالعلاقة بين البلدين مبنية على مصالح استراتيجية ملموسة.. ويبدو أنها ستبقى كذلك في المستقبل المنظور.
إسرائيل تمثل نحو 20% من الصادرات الأميركية إلى المنطقة وعلى الرغم من أن إسرائيل تمثل %2.5 فقط من إجمالي سكان الشرق الأوسط إلا أنها تستهلك نحو 20% من الصادرات الأميركية إلى المنطقة.
وبحسب البيانات الحكومية الأميركية، فقد بلغت الصادرات إلى إسرائيل نحو 20 مليار دولار في عام 2022، في حين بلغ إجمالي الصادرات إلى الشرق الأوسط نحو 103 مليارات دولار كما بلغ العجز التجاري الأمريكي في السلع والخدمات مع إسرائيل 10.7 مليار دولار في عام 2022.فيما بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الأمريكي في إسرائيل 42.5 مليار دولار في عام 2022، بينما بلغ الاستثمار الأجنبي المباشر الإسرائيلي في الولايات المتحدة 10.6 مليار دولار في العام ذاته.
إسرائيل تتمتع بحضور اقتصادي وتكنولوجي قوي على الساحة الأميركية  بحسب معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.. فقد ساعدت إسرائيل الولايات المتحدة على المنافسة اقتصادياً بشكل أفضل، كما ساهمت بمعالجة قضايا الاستدامة المتعلقة بالأمن المائي والغذائي، والطاقة المتجددة، والصحة العامة.
وتُقدم إسرائيل أيضاً مساهمات مهمة لأميركا في مجالات تبادل المعلومات الاستخبارية والإنتاج الصناعي الدفاعي.
إسرائيل في المركز الأول عالمياً باستثمارات البحث والتطوير  تحتل إسرائيل المرتبة الأولى في العالم في مقياسين علميين رئيسيين - استثمار البحث والتطوير كنسبة مئوية من "الناتج المحلي الإجمالي"، وعدد المهندسين/العلماء لكل فرد - بالإضافة إلى المرتبة الخامسة في براءات الاختراع للفرد والسابع في الابتكار.
كما أنها تحتل المرتبة الأولى في نصيب الفرد من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي والثالثة في إجمالي الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، بعد الولايات المتحدة والصين فقط.
وبناءً على ذلك، ستكون الشراكات الثنائية بين البلدين بشأن الذكاء الاصطناعي ضرورية للاستفادة من هذه التكنولوجيا التحويلية.
وبحسب آخر بيانات الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية " OECD" ، بلغت نسبة الإنفاق في البحوث والتطوير في إسرائيل وبدعم أمريكي 5,7% و 5,6% من الناتج المحلي وتشارك الولايات المتحدة اسرائيل في عمليات متبادلة رفيعة المستوى، تشمل التدريبات العسكرية المشتركة، والبحوث العسكرية، وتطوير الأسلحة. من خلال القوة المشتركة لمكافحة الإرهاب والحوار الاستراتيجي كل ستة أشهر، عززت الولايات المتحدة واسرائيل تعاونهما في مكافحة الإرهاب.
•    وعن حماية الولايات المتحدة لإسرائيل من المساءلة في الأمم المتحدة – كتب     مايكل لينك - موقع DAWN" " مارس 2023م: أن كوفي عنان ، الأمين العام السابق للأمم المتحدة ذكر في مذكراته البليغة لعام 2012م : أن فشل الأمم المتحدة في تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط كان  بمثابة جرح داخلي عميق قديم قدم المنظمة نفسها. وعلى حد تعبيره، فقد كان "جرحًا مؤلمًا يشعر به كل جهاز حكومي دولي وكل هيئة تابعة للأمانة العامة تقريبًا". وذكر أن تداعيات هذا الشلل عالمية "لا توجد قضية أخرى تحمل مثل هذا الشحن الرمزي والعاطفي القوي الذي يؤثر على الأشخاص البعيدين عن منطقة الصراع" ومن خلال الإشارة إلى نوع من اليأس في هذه القضية، أشار عنان إلى الدور الوقائي الذي تقوم به الولايات المتحدة في حماية إسرائيل من المساءلة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كمصدر رئيسي لهذا الفشل.
فقد أشار إلى أنه ؛"حتى عندما اتخذ المجلس مواقفه، لم يضع آليات لفرض إرادته. لقد استخدمت الولايات المتحدة حق النقض لحماية الإسرائيليين حتى من التدقيق والضغط الدوليين المعقولين، ما أدى إلى شل المجلس في أحد النزاعات المركزية في العالم".
ولطالما حولت الولايات المتحدة أهتمامها لإفشال القرارات العربية حيث تعتبرها وزارة الخارجية الأمريكية غير مفيدة لتحقيق حل الدولتين بعيد  المنال. يعكس الجهد الدبلوماسي لوضع القرار العربي على الرفوف الموقف الأمريكي الرسمي السائد بأن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين يجب ألا يتم الفصل فيه في الأمم المتحدة حيث توجد معارضة قوية للاحتلال، بشكل أساسي من دول جنوب الكرة الأرضية وأن الطريق إلى سلام دائم هو أن يتفاوض كل من الإسرائيليين والفلسطينيين مباشرة مع بعضهم البعض، دون ضمانات القانون الدولي وبغض النظر عن المزايا العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية الهائلة التي تمتلكها إسرائيل، ناهيك عن السجل الكئيب لـ "عملية السلام" المحتضرة منذ أوسلو ومنذ عام 1973، استخدمت ومع ذلك، في حين أن الولايات المتحدة سمحت بموافقة مجلس الأمن على هذه القرارات التي تنتقد إسرائيل، إلا أنها هددت أيضًا باستخدام حق النقض لإحباط قدرة المجلس على تنفيذ أي من هذه القرارات. وكما كتب بان كي مون، خليفة كوفي عنان، في عام 2021 بعد تقاعده كأمين عام ، فإن "الغطاء السياسي الذي قدمته الحكومات الأمريكية المتعاقبة لإسرائيل هو  المسؤول جزئيًا عن هذا النقص في المساءلة". وبالفعل، فإن عدم رغبة الولايات المتحدة في السماح لمجلس الأمن حتى بتوجيه اللوم لإسرائيل قد ازداد في السنوات الأخيرة فقط. منذ فبراير/شباط 2009، سمحت الولايات المتحدة للمجلس بتبني قرار واحد فقط ينتقد إسرائيل، والذي تم تمريره في الأسابيع الأخيرة من إدارة أوباما، مع امتناع الولايات المتحدة عن التصويت. على مدى العقدين الماضيين، أيدت الإدارات الأمريكية بانتظام حل الدولتين، مع الإصرار أيضًا على أنه يجب ألا تكون هناك عواقب للأفعال الإسرائيلية التي جعلت هذا الهدف مستحيلًا. 
ويبقى دورها الذي لا غنى عنه في حماية إسرائيل من أي مساءلة في الأمم المتحدة وبحسب المحلل الجرعتلي: فإن الحد الأقصى للحماية الأمريكية لإسرائيل في مجلس الأمن جاء في شكل قرارات تدين المستوطنات الإسرائيلية. المستوطنات هي محرك الاحتلال الإسرائيلي، و "الوقائع على الأرض" للسعي الإسرائيلي الوشيك لضم الضفة الغربية، ومصدر العديد من انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية والضفة الغربية. تُعد عدم شرعية المستوطنات الإسرائيلية من أكثر القضايا تأكيدًا في القانون الدولي الحديث، بعد أن أكدتها محكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والأطراف المتعاقدة على اتفاقية جنيف الرابعة ومنظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش.
•    هبة سلامة غُمري – كتب في "المصري اليوم " أكتوبر 2023م، تحت عنوان: الولايات المتحدة الأكثر تأييداً لإسرائيل في العالم – ما السبب؟ اشار فيه: أن الولايات المتحدة هي أفضل صديق لإسرائيل، حيث تمنح الولايات المتحدة إسرائيل مليارات الدولارات من المساعدات سنويًا، وعادًة ما تمنع قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي تدين إسرائيل، وتدعم هجماتها العسكرية علنًا، وظهر ذلك جليًا خلال الأحداث الأخيرة حيث دعمت أمريكا إسرائيل بإرسال مساعدات رغم ارتكاب دولة الاحتلال جرائم حرب بفرضها حصارًا كاملًا على غزة، ولكن يبقي السؤال لماذا؟ ما هو السبب وراء تجاوز أمريكا لإسرائيل؟، بحسب ما نشره موقع فوكس الإخباري الأمريكي.

تعد العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل عبارة عن تفاعل وثيق بين استراتيجية أمريكا طويلة الأمد في الشرق الأوسط، والرأي العام الأمريكي السياسة الانتخابية، وحملة ضغط مؤيدة لإسرائيل.. وفيما يلي بعض العوامل المختلفة التي تشكل سياسة أمريكا تجاه إسرائيل - وكيفية ارتباطها ببعضها البعض.
رغم أن ذلك يبدو غريبًا للبعض إلا أن الولايات المتحدة لم تكن دائمًا مؤيدة لقرارات إسرائيل، فعلى سبيل المثال، عندما غزت إسرائيل مع فرنسا وبريطانيا مصر عام 1956دفعت الولايات المتحدة إسرائيل والغزاة إلى المغادرة في نهاية المطاف، حفاظًا على مصالحها في الشرق الأوسط وذلك بمنع بريطانيا من الانتصار من خلال العدوان وعودة النفوذ البريطاني إلى المنطقة العربية، وخوفًا من تنامي نفوذ الاتحاد السوفيتي في مصر والعالم العربي، وفقًا لدراسة نشرتها الدكتورة راما عزيز دراز، بجامعة بيروت العربية.
كذلك عارضت الولايات المتحدة لسنوات عديدة البرنامج النووي الإسرائيلي السري، حيث كتب مايكل بارنيت، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، أن "الالتزامات المعلنة تجاه إسرائيل من جانب صناع السياسة الأمريكيين" لا يمكن أن تمحو إرث السياسات الأمريكية التي غالبًا ما كانت تمثل 
تهديدًا أكثر من كونها دعمًا لأمن إسرائيل".
وحتى عندما جاءت الولايات المتحدة لدعم إسرائيل، كان الأمر يتعلق بالحسابات الاستراتيجية الباردة أكثر من الدعم السياسي الداخلي الذي نراه اليوم، ما يعني أن إسرائيل أداة مفيدة لاحتواء النفوذ السوفييتي في الشرق الأوسط، والذي كان مهمًا بين الدول العربية، واستخدموا الدعم الدبلوماسي والعسكري لنسج إسرائيل بقوة في الكتلة المناهضة للسوفييت.
وقد جاء هذا المبرر الاستراتيجي مع جدار برلين، ورغم ذلك استمرت المساعدات الأميركية لإسرائيل في التدفق حتى بعد انتهاء الحرب الباردة، ولكن ما الذي جعل الأمر يستمر؟ ومن ناحية، لم يتغير النهج الأميركي في التعامل مع الشرق الأوسط كثيرًا بعد الحرب الباردة، حيث أصبحت الولايات المتحدة منخرطة بشكل متزايد في إدارة النزاعات والمشاكل داخل الشرق الأوسط خلال الحرب الباردة، واستمرت في الحفاظ على هذا الدور باعتبارها القوة العظمى الوحيدة في العالم في التسعينيات.
وظل الاستقرار في الشرق الأوسط يشكل مصلحة أميركية رئيسية، لعدد من الأسباب، أبرزها سوق النفط العالمية، وتولت الولايات المتحدة دور الضامن للاستقرار الإقليمي، وهذا يعني أن الولايات المتحدة رأت أنه من المفيد من الناحية الاستراتيجية دعم دول مثل مصر والمملكة العربية السعودية وإسرائيل، والتي رأت أنها تستفيد من النهج الأمريكي المحافظ في الأساس في التعامل مع السياسات الإقليمية في الشرق الأوسط.
الدور الذي عينته أمريكا لنفسها كمدير للشرق الأوسط منحها وظيفة وسيط السلام الفلسطيني - الإسرائيلي ويقول: حسين إبيش، حاصل دكتوراه في الأدب المقارن من جامعة ماساتشوستس ويعتبر ناشطًا في الدفاع عن قضايا العرب في الولايات المتحدة: "الطرفان يحتاجان إلى طرف ثالث، وأعتقد أنه لا يوجد مرشح آخر غير الولايات المتحدة، فلا يوجد طرف آخر قادر، ولا يوجد طرف آخر مهتم".
وينظر صناع القرار السياسي الأميركيون إلى دعم الولايات المتحدة لإسرائيل كوسيلة لإظهار أن الولايات المتحدة لا تزال تأخذ مصالحها في الاعتبار أثناء المفاوضات، وبالتالي إقناع إسرائيل بأنها قادرة على المشاركة بأمان في محادثات السلام، والمقصود منها هو جذب الإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات وإبقائهم هناك.
وتفسر هذه العوامل الاستراتيجية مجتمعة السبب وراء اتساق النهج الأميركي في التعامل مع إسرائيل على نطاق واسع على مدى الإدارات الماضية، وعلى الرغم من الخلافات الواسعة بين إدارات بوش وكلينتون وأوباما وبايدن بشأن السياسة الخارجية، فقد أيدوا جميعًا المساعدات العسكرية والسياسية لإسرائيل.
دعم إسرائيل يعد سياسة جيدة في الولايات المتحدة.. إن الدعم الأمريكي لإسرائيل لا يقتصر فقط على  الحسابات الاستراتيجية ومصالح السياسة الخارجية، أو على الأقل لم يعد كذلك، ولفترة طويلة، على الأقل منذ الثمانينيات، كان الأمر يتعلق أيضًا بالسياسة الداخلية والطريقة التي يقرأ بها السياسيون الأمريكيون الناخبين الأمريكيين.
ومن المعروف أن تصويتات الكونجرس على القضايا المتعلقة بإسرائيل غير متوازنة، حيث تمت الموافقة بالإجماع على عدة قرارات لمجلس الشيوخ الذي يدعم الهجمات الإسرائيلية بشكل شبه مستمر على غزة، كما فعلت العديد من مشاريع القوانين والقرارات "المؤيدة لدولة الاحتلال".
ويعد أبسط تفسير لهذه الأصوات غير المتوازنة هو أن دعم إسرائيل يحظى بشعبية كبيرة بين الناخبين .. ويبدو أن العامل الوحيد الذي يدفع العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل هو الدعم الواسع والعميق لإسرائيل بين الجمهور الأمريكي، كما كتب مدير برنامج المعهد الإسرائيلي مايكل كوبلو.
إن متوسط الفجوة بين أولئك الذين لديهم وجهات نظر  إيجابية وغير مؤيدة لإسرائيل خلال "الإدارات الأربع الماضية" هو 31 نقطة، وتظهر بيانات غالوب منذ عام 1988 باستمرار نسبة أعلى بكثير من الأميركيين المتعاطفين مع الإسرائيليين مقارنة مع الفلسطينيين في الصراع، لذا فمن المنطقي أن يتخذ أعضاء الكونجرس مواقف متشددة مؤيدة لإسرائيل: فهي تحظى بشعبية معقولة.
ولكن يبقي السؤال لماذا تحظى إسرائيل بشعبية كبيرة بين الأميركيين؟ أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو الشعور بـ "القيم المشتركة، ووفقاً لبارنيت، فإن الصورة الأخلاقية الأميركية لإسرائيل – التي ترى أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، على الرغم من الانتهاكات المستمرة التي تمارسها في حق الفلسطينيين" على سبيل المثال- هي "أساس العلاقات الأميركية الإسرائيلية".