أبريل 1, 2024 - 01:56
أبريل 1, 2024 - 02:04
أمين الشؤون السياسية لحركة مجتمع السلم الجزائرية لـ(عرب جورنال): الدعم العسكري اليمني لغزة فاعلاً ومؤثراً والجزائر صوت فلسطين في المحافل الدولية

في حوار خاص تستضيف "عرب جورنال"، الأمين الوطني للشؤون السياسية لحركة مجتمع السلم الجزائرية، الدكتور فاروق طيفور، للحديث عن تطورات العدوان الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتداعيات هذا العدوان على بقية الشعوب والدول العربية والإسلامية، في ظل استمرار الصمت والخذلان. ويناقش الحوار أهمية تقديم الدعم اللازم للمقاومة الفلسطينية بما فيه العتاد والسلاح في هذه اللحظة المصيرية التي تشهدها الأمة. كما يناقش الحوار عدد من المواضيع الساخنة المصاحبة للأحداث في فلسطين، وعلى رأسها التدخل اليمني لمساندة غزة، إضافة إلى تسليط الضوء على التحديات التي تشهدها المنطقة والقارة الأفريقية وتطلبات المرحلة القادمة.

عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي _

ضعف الحراك العربي تجاه غزة يعود لحالة الانهاك التي تعيشها النخب السياسية والمجتمعية وحالة التحكم والمنع التي أفرزها تدخل المنظومة الغربية لإفشال التحول نحو الديمقراطية إبان الربيع العربي

الأحزاب السياسية العربية مدعوة لدعم المقاومة عبر 3 مسارات، مسار الدعم المالي والتضامني، والمسار السياسي والإعلامي، وكذلك مسار التدافع مع الأنظمة والحكومات لمطالبتها بالانخراط في جهود وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات وإيقاف مشاريع التطبيع والتطويع 

هناك حالة إجماع في الجزائر حول دعم غزة ومناصرة القضية الفلسطينية التي باتت الجزائر ناطقة باسمها في المحافل الدولية ورافعة لها في مجلس الأمن الدولي 

الدول التي تسوق لاسطوانة استهداف الجزائر بغرض التحكم وافقاد السيادة هي أضعف من أن تؤثر في الموقف الجزائري الداعم لطوفان الأقصى والرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني 

نصرة الشعب اليمني لغزة جعلته مثار اعتزاز لدى شعوب العالم واسمه بات مرتبطاً ببطولات طوفان الأقصى وهو معروف بولائه للقضايا العربية والإسلامية 

جبهات المقاومة قامت بأدوار ريادية في مسار الدعم العسكري لغزة وأصبحت فاعلاً أساسياً ومؤثراً في المعركة خاصة في جبهة اليمن الذي بات متحكماً بالملاحة في البحر الأحمر، والحكومات العربية متوجسة من تطور هذه الفواعل نتيجة الفراغ الاستراتيجي الكبير الذي يميز الحالة العربية المتكلسة

تحكم دول الطوق في المعابر الفلسطينية وتفكك النظام العربي الرسمي بين حكومات مطبعة وحكومات متصهينة جعل تقديم الدعم العسكري للمقاومة بعيد المنال 

طوفان الأقصى فتح الفرصة أمام إفريقيا لاسترداد حقوقها التاريخية لتكون فاعلاً دولياً أساسياً في صياغة المنظومة الدولية المقبلة

_ ما حدث ويحدث في غزة ممكن أن يحدث في أي قطر عربي مستقبلاً إذا نجح العدو في تحقيق مخططاته وأولها تهجير أبناء غزة وتصفية القضية الفلسطينية.. برأيكم ألا تعتقدون أن الصمت والتخاذل العربي هو الذي يشجع الصهاينة على الاستمرار في مجازرهم بحق الشعب الفلسطيني في غزة؟ وأين هي الأحزاب والنقابات والحركات وكذلك السياسيين والمثقفين والعلماء والشيوخ مما يحدث في غزة ؟ وكيف يمكن للأحزاب السياسية والحركات العربية أن تقدم دورها اليوم تجاه القضية الأم ؟ وما عواقب التفريط بالدفاع عن غزة في هذه اللحظة الحرجة والمصيرية من تاريخ الأمة؟ 

إن الصمت والتخاذل العربي في دعم ونصرة طوفان الأقصى أصبح اليوم مقلقا ويثير عديد التساؤلات والحيرة حيث أصبحنا نتطلع اليوم إلى مجرد التنديد والشجب والخطاب العام المناصر لقضية العرب المركزية، وأعتقد أنه ينبغي الفرز بين مواقف الحكومات والشعوب التي تتوق إلى النصرة والدعم ولكنها مقموعة وممنوعة من التعبير الحر ، رغم أننا نسجل حالة غير مسبوقة في ضعف حراكها وفعالياتها المعهودة لنصرة القضية إذا ما قارناها مع حراك الرأي العام الغربي الداعمة لغزة، والتفسير الوحيد لهذا الوضع هو حالة الانهاك التي تعيشها النخب السياسية والمجتمعية العربية وحالة التحكم والمنع التي أفرزتها تداعيات الربيع العربي ومخططات الثورات المضادة التي دعمت بشكل مباشر من المنظومة الغربية لإفشال التحول نحو الديمقراطية، في مقابل حالة الضعف والتشضي التي اصبحت مزمنة لدى الفاعلين في الحركات السياسية.

كما يمكن تفسير العجز العربي الحكومي بفصائلية ومذهبية الادراك العربي الذي يتحكم في تقييم قيادة المقاومة في فلسطين حيث ينظر هؤلاء إلى قيادة المقاومة بنظرة ايديولوجية ولا ينظرون إليها على أنها حركة تحرر وطني، بل البعض مازال إدراكه محكوما بالتصنيفات السابقة للمقاومة بأنها "إرهاب" ينبغي مواجهته كما هو الادراك المصري والأردني والإماراتي.

أما عن كيف يمكن للأحزاب السياسية والمجتمعية أن تدعم المقاومة، فهي مدعوة إلى تلبية احتياجات المقاومة على مستوى مسارات ثلاثة هي : 

1_ مسار الدعم المالي والتضامني، بتعبئة مواردها المادية والبشرية والشعبية.

2_ المسار السياسي والإعلامي، بتجميع القوى الوطنية الداعمة لفلسطين وصناعة حالة الإجماع المجتمعية والسياسية حول دعم المقاومة وتثبيت السردية. الفلسطينية في مقابل السردية الصهيونية من خلال الإعلام الجديد والاستثمار في حالة الدعم الشبابي العالمي وصياغة محتوى جديد لتثبيت رواية المقاومة.

3_ مسار التدافع مع الأنظمة والحكومات، ومطالبتها بالانخراط في الجهود الدولية الدبلوماسية لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، وعزل الكيان الصهيوني، وإسناد المقاومة، وتوقيف مشاريع التطبيع والتطويع. 

_ الكثير من أعضاء البرلمان الجزائري وكذلك المسؤولين وقادة الأحزاب طالبوا بدعم المقاومة الفلسطينية.. برأيكم أي دعم حقيقي يمكن تقديمه اليوم للمقاومة للانتصار لدماء المظلومين في غزة ؟ وهل تعتقدون أن الدعم العسكري للمقاومة هو الخيار الأمثل والصائب الذي يجب أن يتجه إليه العرب والمسلمين لنصرة القضية الفلسطينية خاصة في هذا العصر الذي لا يعرف إلا منطق القوة؟ 

موقف الدولة الجزائرية من القضية الفلسطينية بمختلف مؤسساتها هو مثار اعتزاز وفخر لأنها تحولت بموقفها الداعمة للقضية الفلسطينية إلى ناطقاً باسمها في المحافل الدولية، ورافعا لقضيتها في مجلس الأمن من خلال عضويتها غير الدائمة فيه، حيث نسجل حالة إجماع في الجزائر حول دعم ومناصرة القضية الفلسطينية وصولا إلى فرض القرار، قرار وقف اطلاق النار بعد أن كبحه الفيتو الأمريكي أربع مرات، وهي اليوم تسير أسطول جوي من المساعدات واستقبال الجرحى الفلسطينيين في المستشفيات الجزائرية.

أما بخصوص الدعم العسكري للمقاومة، فهو بعيد المنال بحكم تحكم دول الطوق في المعابر ، وحالة التفكك العربي الحكومي إلى ثلاثة أصناف حكومات مطبعة وحكومات متصهينة وحكومات ماتزال ترفع راية المقاومة، وهو ما عوق أدوار الجامعة العربية التي لم تجتمع لنصرة القضية إلا مرة واحدة طيلة ستة أشهر من بداية طوفان الأقصى، غير أن وجود فواعل غير دولاتية في جبهات لبنان والعراق واليمن، والتي قامت بأدوار ريادية في مسار الدعم العسكري، وأصبحت فاعلاً أساسياً ومؤثراً في المعركة، حيث أصبحت تتحكم في الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وهو مسار تنظر إليه الحكومات العربية نظرة متوجسة من تطور هذه الفواعل وأثرها على الاستقرار في المنطقة، نتيجة الفراغ الاستراتيجي الكبير الذي يميز الحالة العربية المتكلسة. 

_ يخوض الشعب اليمني اليوم حرباً حقيقية وواسعة ضد "إسرائيل" وأمريكا وبريطانيا والقوى الغربية من أجل غزة، وقد فشلت كل هذه القوى في رفع الحصار اليمني على الملاحة الإسرائيلية.. بماذا تصفون هذا الموقف التاريخي الذي سجله الشعب اليمني تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني؟ وما رسالتكم للشعب اليمني؟ وكيف يمكن للعرب شعوبا وأنظمة الإستفادة من هذا الموقف لتحريك المياه الراكدة من أجل المساهمة في وقف حمام الدم المسفوك ظلما وعدوانا في غزة؟ 

الشعب اليمني معروف بولائه للقضايا العربية والإسلامية وارتباطه بالمقدسات، وليس غريباً تفاعله على كافة المستويات مع طوفان الأقصى، كيف لا وهو يمثل استشراف نبوي بدوره في معركة التحرير ( ... قالوا أين هم يارسول الله ؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس). ورغم أن البيئة الداخلية اليمنية مضطربة ومتفككة سياسيا، إلا أن الشعب اليمني تجاوز هذه الحالة وقام بواجبه التاريخي وأصبح مثار إعجاب واعتزاز لدى كل شعوب العالم حيث إرتبط اسمه ببطولات طوفان الأقصى. 

_ كثير من المراقبين يرون أن الجزائر الداعمة للقضية الفلسطينية هي أول المستهدفين مما يحدث في غزة في ظل هذا التوغل الصهيوني الأمريكي في عموم المنطقة.. برأيكم كيف يمكن تحصين الجزائر من المشاريع الصهيونية الأمريكية خاصة من مشاريع التطبيع التي تحيط بالجزائر ؟ وما مخاطر التحركات الإسرائيلية في القارة الإفريقية بشكل عام ؟ 

الجزائر بلد سيد ومستقل وقاد ثورة تحررية عظيمة ومقاومة باسلة نموذجية ملهمة ما تزال قيمها ومبادؤها تؤطر مواقفها الدبلوماسية المبنية على منتصرة القضايا العادلة وتقرير مصير الشعوب، وهي تدفع في سبيل ذلك ضريبة الاستهداف، ولكنها في المقابل فرضت نفسها واحترامها بمواقفها الثابتة والمقاربات التي تقدمها بوضوح وقوة لحل المشكلات الإقليمية والدولية المستعصية، وناحية لهذا الوضوح تحولت إلى قوة معيارية في المنطقة، ومفترق طرق لكل من يريد الولوج إلى إفريقيا بشمالها وجنوبها وشرقها وغربها.

والحديث عن الاستهداف فيه كثير من البروباغاندا الإعلامية والدعائية الفارغة التي تخيف البعض وتحولها إلى متخاذل أو مطبع، لكن الواقع أن تلك الدول التي تسوق لاسطوانة الاستهداف بغرض التحكم وافقاد السيادة هي أضعف من أن تؤثر في الموقف الجزائري سواءً بخصوص الطوفان أو بخصوص التطبيع، سيما وأن هذه الدول الوظيفية تعاني من ضياع البوصلة وأصبحت هي الأخرى مستهدفة من القوى التي كلفتها بهذه الأدوار، غير أن تمتين الجبهة الداخلية ولم الشمل ومعالجة قضايا التنمية ومختلف التحديات الاجتماعية والاقتصادية الداخلية وصناعة حالة إجماع حول القضايا الخارجية. 

_ هناك حراك وطني في أفريقيا ضد القوى العربية وعلى راسها أمريكا وفرنسا.. أي أهمية إستراتيجية لهذا الحراك في استقرار القارة الأفريقية والمنطقة العربية منها على وجه الخصوص؟ وما الذي خلفه الوجود العسكري الغربي في المنطقة على مدى عقود من الهيمنة على الأنظمة؟ وهل تعتقدون أن المتغيرات القائمة على وقع معركة طوفان الأقصى قد هيأت الظروف لمرحلة جديدة من التحرر في المنطقة ؟ 

الحراك الأفريقي ضد القوى الإستعمارية وفي مقدمتها فرنسا، هو حراك يعكس حالة وهي متزايدة لدى النخب السياسية والمجتمعية الأفريقية التي تمكنت من تجاوز حالة القابلية للاستعمار التي ميزت عقود من الزمن ، وتحولت اليوم إلى مشاريع للتحرر من التبعية الغرب ممثلاً في الاستعمار الفرنسي الاستيطاني، الذي مازال إلى اليوم يعطل ويعيق التنمية في إفريقيا ويستخدم وكلائه وعملائه من القوى التي كونها كبديل عنه لرعاية مصالحه وتوسيع نفوذه في المؤسسات الإقتصادية والثقافية، والضغط عن طريق قواعده العسكرية لتعيين الرؤساء والقادة أو تنفيذ الانقلابات على من جاءت به الانتخابات.

لكن هذه المرحلة قد ولت واستطاعت النخب السياسية الجديدة الانفتاح على قوى دولية أخرى تتعامل معها على قاعدة رابح_ رابح ، وهو مسار يقاومه للاستعمار القديم بأساليب متنوعة داخلية وخارجية، ولكن زمام المبادرة لم تصبح بأيديها اليوم .

وكما فتح طوفان الأقصى فرصة أمام الأمة العربية والإسلامية القيام بدروها العالمي والإقليمي، بعد أن كانت وقود وحطب لمعارك الشرق والغرب، فتح أيضا الفرصة أمام إفريقيا باسترداد حقوقها التاريخية لتكون فاعلاً دوليا أساسيا في صياغة المنظومة الدولية المقبلة.