يوليو 4, 2024 - 22:58
يوليو 5, 2024 - 21:04
الأمين العام للتيار الشعبي التونسي لـ(عرب جورنال): التجربة اليمنية في مقاومة الهيمنة الأمريكية الصهيونية يجب أن تُدرَّس عربياً وعالمياً

في سياق مواكبتنا لملحمة طوفان الأقصى، تستضيف "عرب جورنال" الأمين العام للتيار الشعبي التونسي، محمد زهير حمدي، للوقوف على آخر وأبرز التطورات في غزة وجبهات الدعم والإسناد في اليمن ولبنان والعراق، في وقت يواصل الاحتلال الإسرائيلي إخفاقاته على كافة الجبهات، كما هي إخفاقات التحالف الأمريكي البريطاني الأوروبي في البحر الأحمر، والذي فشل ولا يزال في فك الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية. كما يسلط الحوار الضوء على الموقف التونسي الشعبي والرسمي من أحداث غزة، إضافة إلى مناقشة عدد من الملفات الساخنة في المنطقة والمتعلقة بأحداث معركة طوفان الأقصى.

عرب جورنال / حوار/ حلمي الكمالي _

طوفان الأقصى أنهت سردية أوسلو وأسقطت مشروع التطبيع وحلول الاستسلام عربيا وإقليميا، وعمقت أزمة النظام الإمبريالي العالمي، وقربت من نهاية العدو وتفكك ما يسمى دولة "إسرائيل" نهائياً 

طوفان الاقصى أعادت فلسطين كأولوية الأولويات في العالم، بل وجعلها قلب الصراع الإنساني ضد الظلم والهيمنة والإستغلال، وشكلت المعركة تحولا إستراتيجيا عالميا بصدد إعادة هندسة النظام العالمي

الشعب التونسي مع فلسطين والموقف الرسمي يدعو لتحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، وعدم الإعتراف نهائياً بوجود كيان العدو، وباتت تونس في كل المحافل الإقليمية والدولية تتحفظ على ما يسمى بـ"حل الدولتين"

اليمن أحسن توظيف موقعه وقدراته الذاتية، وأحسن قراءة الوضع الدولي والإقليمي واختار الطريقة والتوقيت والأسلوب والأدوات لمساندة غزة وليفرض نفسه في المعادلة الدولية بقوة 

اليمن تحول إلى قوة مركزية في محور المقاومة، وتحول إلى قوة إقليمية فاعلة في إعادة توزيع القوة في المنطقة والعالم

اليمن كسب قوة معنوية هائلة عربياً وإقليمياً وعالمياً من خلال مساندته لغزة، وبات محط الأنظار بل وأمل كل العرب بعد أن أعاد لهم عروبتهم وأعاد لهم الثقة بالنفس والقدرة على تحدي الصعاب

اليمن أحدث نقلة نوعية في الوعي العربي والإنساني، والتجربة اليمنية يجب أن تدرس عربياً وفي دول الجنوب العالمي عموماً كواحدة من أبرز تجارب التحرر الكبرى 

فشل الانقلاب في بوليفيا هو فشل آخر لأمريكا وتأكيد على تراجع هيمنتها، وأن التحول الدولي يجري في غير صالحها، وهذا من مصلحتنا كعرب قبل غيرنا فقد كنا أكبر ضحايا مرحلة الهيمنة الغربية على العالم 

_ ما تقييمكم للموقف التونسي الرسمي والشعبي مما يجري من عدوان صهيوني على غزة، بما في ذلك موقف الأحزاب والحركات السياسية؟ وكيف استقبلتم في "التيار الشعبي" معركة طوفان الأقصى ؟ وكيف تتعاملون اليوم مع مستجدات هذه المعركة والتطورات الإقليمية المصاحبة لها؟ 

بالنسبة للموقف الشعبي هو موقف أصيل في تونس والقضية الفلسطينية لم تكن في يوم من الأيام محل خلاف داخل الشعب التونسي. منذ 1948 انخرط التونسيون في معركة تحرير فلسطين، فقد ذهب الكثير على أرجلهم للمشاركة في معارك مواجهة العصابات الصهيونية حينها، وكثير من قادة حركة التحرر الوطني في تونس كانوا مقاومين في صفوف المقاومة الفلسطينية، ثم انخرط التونسيون في كل الفصائل الفلسطينية، ولهم تاريخ كبير ومناضلين وقادة كبار.

شعبيا فلسطين هيا تونس وتحريرها جزء أصيل من معركة التحرر الوطني في تونس، رسميا بعد تولي الرئيس قيس سعيد أخذ الموقف منعرج كبير حيث خرجنا من سياق النظام الرسمي العربي الذي كرس منذ "كامب ديفيد" وخاصة بعد أوسلو ما يسمى بحل الدولتين إلى الموقف الوطني والقومي الأصيل، وهو تحرير فلسطين كاملة من النهر إلى البحر، أي عدم الإعتراف نهائياً بوجود كيان العدو، وباتت تونس في كل المحافل الإقليمية والدولية تتحفظ على ما يسمى بحل الدولتين، وهذا أمر مشرف لتونس ومنسجم مع قناعات شعبها.

معركة طوفان الأقصى بالنسبة للتيار الشعبي هي تحول استراتيجي كبير فلسطينيا أنهت سردية أوسلو، وحلول الاستسلام عربيا وإقليميا، أسقطت مشروع التطبيع والإبراهيمية دوليا عمقت أزمة النظام الإمبريالي العالمي وصهيونيا قربت من نهاية العدو وتفكك ما يسمى دولة "إسرائيل" نهائيا. إنسانيا انتجت حركة مقاومة عالمية ضد الصهيونية والتوحش الإمبريالي الأمريكي والغربي ونحن نبني موقفنا على هذا الأساس.

_ زيارة الرئيس التونسي إلى إيران والتي تعد الأولى لرئيس جمهورية تونسي منذ حوالي 60 عاماً.. ما دلالاتها السياسية والإستراتيجية خاصة في هذا التوقيت بالذات؟ وهل تعتقدون أن الزيارة تأتي ضمن توجه تونسي للخلاص من الهيمنة الغربية خاصةً الهيمنة الإقتصادية، في مقابل تعزيز العلاقات مع قوى ودول محور الشرق وعلى رأسها إيران وروسيا والصين؟ وأي انعكاسات متوقعة لهذه الخطوة على وضع تونس الداخلي، وكذلك على وضعها الإقليمي؟ 

تونس اختارت إلى حد الآن نهج التحول الإستراتيجي الآمن في العلاقة بالوضع الدولي، فقد نجحت في تكريس موقفها القائم على عدم الإعتراف بالعدو الصهيوني دون الدخول في صراعات جانبية مع دول التطبيع، وتتقدم بإتجاه شراكات استراتيجية مع القوى الصاعدة في المشرق على غرار الصين وروسيا وإيران دون التورط في مواجهة غير متكافأة مع الغرب برغم الضغوط والصعوبات.

طبعا هذا النهج يتطلب الكثير لأن فيه فرص وفيه مخاطر، ويتطلب مع الموقف السياسي عمل كبير في الداخل من أجل بناء القدرات الذاتية التي تعطي هامش مناورة أكبر في العلاقات الخارجية.

_ العالم مندهش مما يقوم به اليمن دعماً لغزة، خاصةً بعد فشل كبرى الأساطيل الأمريكية والأوروبية في وقف عملياته العسكرية ضد الملاحة الإسرائيلية.. ماذا يمكن القول أمام هذا الموقف اليمني والإصرار اليمني على الانتصار للدم الفلسطيني في وقت لم تحرك دولا عربية واسلامية تمتلك ميزانيات هائلة وجيوش كبيرة، أي ساكن؛ كما ولم تتحرك حتى لإدانة الجرائم الصهيونية في غزة؟ وأي دور استراتيجي يقدمه اليمنيون في تغيير المعادلة العسكرية في المنطقة والإقليم لصالح المقاومة الفلسطينية في غزة ودول وشعوب المحور المقاوم بشكل عام؟ 

اليمن درس في القدرة على تطابق الامكانيات المعنوية والمادية لأي دولة والأهداف الوطنية، اليمن أحسن توظيف موقعه وقدراته الذاتية وأحسن قراءة الوضع الدولي والإقليمي واختار الطريقة والتوقيت والأسلوب والأدوات ليفرض نفسه في المعادلة الدولية بقوة.

اليمن تحول إلى قوة مركزية في محور المقاومة وتحول إلى قوة إقليمية فاعلة في إعادة توزيع القوة في المنطقة والعالم وكسب قوة معنوية هائلة عربيا وإقليميا وعالميا. الآن اليمن محط أنظار، بل وأمل كل العرب فقد أعاد للعرب عروبتهم وأعاد لهم الثقة بالنفس والقدرة على تحدي الصعاب.

اليمن أحدث نقلة نوعية في الوعي العربي والإنساني، والتجربة اليمنية في مقاومة الهيمنة الأمريكية والصهيونية يجب أن تدرس عربيا وفي دول الجنوب العالمي عموما كواحدة من أبرز تجارب التحرر الكبرى، ونتمنى النصر لليمن وشعبها. 

_ مؤخراً جرت محاولة للانقلاب على الحكم في بوليفيا.. هل تعتقدون أن العملية لها علاقة بموقف النظام في بوليفيا من غزة خاصةً بعد قطعه العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني؟ وكيف يمكن قراءة ما حدث في البلد الأمريكي الجنوبي في إطار المتغيرات والمواقف السياسية الدولية من الأحداث في غزة بشكل عام، خصوصاً مع التحركات الأمريكية الصهيونية للضغط على الدول والشعوب المتضامنة مع الشعب الفلسطيني؟ 

أمريكا اللاتينية كانت الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية وعملت الإمبريالية الأمريكية على استدامة التخلف والتبعية وحكم العصابات والعملاء لشعوب أمريكا اللاتينية حيث أحبطت كل محاولاتت التحرر والنهوض في هذه الدول ونفذت أقذر العمليات من اغتيالات وانقلابات وفساد ونهب وحروب أهلية، ولكن حركات التحرر الوطنية راكمت الكثير طيلة عقود، وبدأت تنجح في كثير من البلدان ومنها بوليفيا وهذا أكبر خسائر أمريكا، وأكبر نجاحات حركة المقاومة العالمية ضد الهيمنة الأمريكية، والمحاولة الانقلابية الأخيرة تحمل أكيد بصمات أمريكا وجرائمها في العالم ولكن الشعب أفشل هذا الانقلاب وهو درس بأن الشعب المعبأ والواعي والمنظم وحده القادر على تحقيق النصر.

فشل الانقلاب في بوليفيا هو فشل آخر لأمريكا وتأكيد على تراجع هيمنتها، ويؤكد أن التحول الدولي يجري في غير صالحها، وهذا من مصلحتنا نحن كعرب قبل غيرنا فقد كنا أكبر ضحايا مرحلة الهيمنة الغربية على العالم. 

_ هل تعتقدون أن ما يحدث اليوم من متغيرات عسكرية وسياسية في المنطقة العربية منذ 7 أكتوبر، هو مخاض لمرحلة جديدة من التحرر العربي من الهيمنة الأمريكية الغربية خاصةً مع ظهور قوى وطنية تحررية جديدة على الساحة ؟ وما هي الانعكاسات المتوقعة لهذه المتغيرات على مستقبل العالم بشكل عام؟ 

أكيد أن 7 أكتوبر "طوفان الأقصى" هو يوم فاصل غيّرَ تاريخ فلسطين، وهو يومٌ هزَّ ضمير الإنسانية وغيّر قناعات شعوبا بكاملها، لقد أعاد فلسطين أولوية الأولويات في العالم بل وجعلها قلب الصراع الإنساني ضد الظلم والهيمنة والإستغلال، فقد تحولت معركة طوفان الأقصى إلى تحولا إستراتيجيا عالميا بصدد إعادة هندسة النظام العالمي وإعادة توزيع القوى.

يمكن القول، وبحسب التعريف الذي قدمه د. نديم البيطار، بأن ما نشهده اليوم هو "إنقلاب تاريخي" في طور الحدوث أمام أعيننا ! ولا يمكن بعد الإحاطة بعمق ومدى تأثير هذه التحولات الجيوسياسية والإستراتيجية الكبرى على العلاقات الدولية والعلاقات الإجتماعية والتجارة والثقافة وغيرها من المجالات، إذ لا زلنا في بداياتها، وإن كانت فكرة التعددية القطبية في العلاقات الدولية قد فرضت نفسها رغم عدم الإتفاق على كل مبادئها وقوانينها بعد.