يناير 24, 2024 - 16:56
“ميخائيل كلاشنكوف”.. صانع الموت الذي استفاق ضميره متأخرا



لطالما كان ميزان التاريخ عادلا، فإما أن يحكم على المرء بخيره وإما أن يحكم عليه بشره، لكن في إحدى المرات النادرة احتار التاريخ واعتدلت كفتا الميزان بين الخير والشر، وخلّد بكل فخر اسم رجل كان ولا يزال سببا في قتل ربع مليون شخص كل عام. إنه "ميخائيل كلاشنكوف" الجندي الروسي الجريح الذي صنع سلاح كلاشنكوف المعروف باسم "آيه كيه 47" (Ak47).

في البداية كان كل شيء مقدّرا ليكون "ميخائيل كلاشنكوف" شغوفا بعالم الأسلحة، فقد عاش في قرية إيجفيسك الصدئة بسبب خزان مياهها الكبير الصدئ الذي حوّل مياه بحيرتها الكبيرة إلى اللون الأحمر، وربما كان صدأ الخزان سببا في شغف أهل تلك القرية بصناعة الأسلحة، فقد اعتادوا على إصلاح تجهيزاتهم الفلاحية بأنفسهم، ورغم ما عُرف عن تلك القرية من هدوئها وبرودة أعصاب أهلها، فإنها تحوّلت إلى قرية متمردة صنّف الحزب الشيوعي السوفياتي أهلها تحت اسم "أعداء الشعب".


بدأ “ميخائيل كلاشنكوف” حياته بشيء من التناقض العجيب كتناقض القرية التي عاش فيها، فقد هُجرت عائلته فترة حكم ستالين إلى سيبيريا، وصنفت صحبة ملايين الروس بالمتمردين.

في سنة 1930 كان “ميخائيل” يبلغ من العمر أحد عشر عاما، وكان ذنبه الوحيد أن عائلته كانت تنتمي إلى طبقة الكولاك، وهم الفلاحون الذين يملكون ما يكفي من الأرض تمكنهم من إنتاج فائض قليل يستثمر في التجارة، لكنهم مصنفون كأعداء للشعب.

لم تكن حياة هذه الطبقة سهلة بسبب النيران التي أتت على أبقارهم وخنازيرهم واستهداف آلاف الأشخاص منهم، ورغم أن “ميخائيل” كان شاهدا على آلة القمع السوفياتية بسبب مقاومة الكولاك للخطة الخمسية الأولى للتصنيع الإلزامي الشامل التي ساقت آلاف الفلاحين قسرا إلى المصانع في المدن؛ فإنه حمل السلاح وحارب في صفوف الجيش السوفياتي بعد أن التحق به في العام 1938، وعمل ميكانيكي دبابة، ليصبح فيما بعد قائد فريق في لواء الدبابات 12 بأوكرانيا، ويشارك في المعارك ضد النازيين في العام 1941، لكن التناقض الغريب الذي رافقه طيلة حياته هو ذلك السؤال الذي أرقه إلى حين مماته، هل كان ما ابتكره ذات يوم خيرا أم شرا؟


بدأت قصة “كلاشنكوف” مع ابتكاره الذي خلّد اسمه وهو مستلق على فراشه جريحا بعد إصابته في إحدى معارك الجيش السوفياتي ضد النازيين عام 1941، ومهّد لطريق مجده حين قرّر صُنع سلاح فردي يمكن أن ينافس البندقية الألمانية “أس تي جي 44″، لكن قصة شغفه بالسلاح بدأت قبل التحاقه بالجيش السوفياتي، حين وجد صُدفة مسدسا ألمانيا معطوبا فقرر إصلاحه، وقد قضى وقتا كبيرا في سبيل ذلك، لكن وشاية أدت إلى اعتقاله والتحقيق معه بخصوص ذلك، فاضطر “كلاشنكوف” إلى الإنكار.

قاوم “ميخائيل” الشاب بشراسة وذكاء حتى لا ينتهي به المطاف خائنا في أحد سجون السوفيات، ومنذ ذلك الحين ظل يصارع الصدف السيئة ويبحث عن فرصة للعيش دون خوف من الاعتقال بسبب لقب عائلته الذي جنى عليه بالتهجير والقمع.

لم تنته قصة “ميخائيل كلاشنيكوف” مع تطويع الحديد، فحين بلغ من العمر 18 عاما هرب من قريته بعد حادثة المسدس الألماني، وعمل في كازاخستان موظفا في شركة السكك الحديدية، وقد وجد في تلك التجربة هامشا كبيرا لولعه، حيث اختلط بحرفيي الحديد وفنيي الشركة، وكبر ذلك الهامش عند التحاقه بالجيش السوفياتي حين بلغ من العمر 19 عاما، واختلط شغفه بالهندسة والفيزياء بشغف جديد وهو صناعة الأسلحة والمركبات العسكرية، فابتكر جهازا لقياس عدد طلقات مدفعية الدبابة، وقد لقي استحسانا كبيرا من قبل أحد أشهر الضباط في تاريخ الاتحاد السوفياتي الجنرال “جيورجي جوكوف”.

“السلاح الذي غيّر العالم”.. جريمة الألمان بحق البشرية
بدأت لعنة لقب “كلاشنكوف” العائلي تتلاشى حين جرح في إحدى المعارك ضد الجيش النازي، حيث كان عمره آنذاك 22 عاما، فقد نُقل كلاشنكوف إلى أحد المستشفيات ليعالج، وهناك بدأ بالتفكير في ابتكاره. يقول “ميخائيل”: في المستشفى سمعت جرحى يتذمرون من عدم امتلاكهم رشاشات، في حين يملكها كل الجنود النازيين.

جعلته إصابته مدينا لتلك المعركة التي حفزته لصنع بندقية هجومية، فقد دافع عن نفسه في وجه من وصفوه بالسفاح في مذكراته “السلاح الذي غيّر العالم” بالقول: إنه ذنب الألمان أنني أصبحت صانع سلاح، ولولاهم لكنت صانع آلات فلاحية.


“ميخائيل كلاشنكوف” يحمل صورته وهو شاب خلال تصميمه لسلاحه الشهير الذي سُمّي على اسمه
وخلال زيارة إلى ألمانيا، تأسف “ميخائيل” لوصول سلاحه إلى أيادي الإرهابيين، وذلك في تصريح نقلته صحيفة “الغارديان”، وقال: أنا فخور باختراعي، لكنني متأسف لاستعماله من قبل الإرهابيين، كنتُ أفضل أن أبتكر آلة يمكن استخدامها، ويمكن أن تفيد المزارعين، كآلة جز العشب مثلا.

رشاش “أي كي 47”.. بندقية تفوقت على سابقاتها ولاحقاتها
استغل “ميخائيل كلاشنكوف” فترة نقاهته من أجل تصميم سلاح سهل الاستخدام يمكن لأي جندي ذي مستوى تعليمي متوسط أن يستعمله، ورغم أنه لم يكن بارعا في الرسم أو التصميم، فإنه أصر على تنفيذ فكرته، حيث تقول ابنته “إيلينا”: لم يكن موهوبا، لكن كان له خيال واسع.

وفي العام 1942 أرسل نموذجا أوليا لبندقية رشاشة إلى أكاديمية دزيرجينسكي في مدينة سمرقند (أوزبكستان الاشتراكية السوفياتية)، لكنه رفض من قبل الجنرال “بلاغونرافوف”، رغم أنه شهد له بموهبته في الابتكار، ولكن هذا الرفض لم يثن من عزيمة “ميخائيل” على مواصلة تحسين تصميمه، فقام في العام 1944 بتطوير عينة من بندقية ذاتية التحميل، وكانت أساس بندقية “أي كي 47” في شكلها النهائي التي قام بإنشائها في العام 1946، بينما قام بتطويرها في العام 1947.

تميزت هذه البندقية الهجومية في تصميمها الجديد بالسرعة والنجاعة، وكان سلاحا مقاوما للرطوبة والحرارة والطين والماء، لذلك تفوق على البندقية الأمريكية “أم 16” التي ابتكرت بعد عشر سنوات من اختراع الـ”آي كي 47″، ورجحت هذه الخصائص الكفة في ساحات المعارك لصالح البندقية السوفياتية.

كان ذلك التصميم تذكرته للدخول إلى السجل الذهبي للاتحاد السوفياتي بعد أن اعتمد الجيش السوفياتي في العام 1947 ذلك الاختراع الذي كان بندقية هجومية رشاشة سهلة الاستعمال أطلق عليها اسم “آي كي47” وهي اختصار لاسم “أفتومات كلاشنكوفا”، والمعروفة باسم كلاشنكوف، حينها انضم للعمل في المركز العلمي الميداني للأسلحة الخفيفة، وهناك وضع آخر اللمسات على قطعته الهجومية التي أدخلته التاريخ من الباب الكبير.

أرجعت بندقية “كلاشنكوف” بفخر شديد اسم مبتكرها إلى مسقط رأسه مدينة “إيجفيسك” التي هجّر منها صغيرا صحبة عائلته قبل قرابة ثلاثين عاما من تصميم سلاحه الشهير، وقد صنع أكثر من مئة مليون قطعة من ذلك السلاح في حين بقيت ملكية الاختراع للاتحاد السوفياتي، ولم يجن صاحب الابتكار ثروة من ذلك رغم أنه قال في إحدى المرات تعليقا على حصوله على جائزة ستالين في العام 1949: بواسطة هذا المبلغ كان يمكنني شراء دستة (أي: 12) من السيارات من أرقى طراز.

لم ينه “ميخائيل كلاشنكوف” دراسته بل إنه لم يتجاوز المرحلة الثانوية، لكن ذلك لم يمثل له عائقا، فقد كان أغلب الجنود السوفيات بمثل مستواه العلمي، ويقول عن نفسه “إن جامعاتي التى تعلمت فيها هي الكتب”، لكنه في عامه التاسع والعشرين حصد أهم الجوائز، وأصبح شخصية مرموقة، وانتخب ست مرات لعضوية مجلس السوفيات الأعلى منذ العام 1950، أي بعد ثلاث سنوات من صنع بندقيته الشهيرة.

أصبح “كلاشنكوف” الذي لم ينه تعليمه الثانوي عضو مجلس السوفيات الأعلى، والأهم من ذلك أن اسم صانع الموت خلّد على غرار شعر “رسول حمزاتوف” وإنجاز رائد الفضاء “يوري غاغارين” وأدب “ميخائيل شولوخوف” وروائع “ريمسكي كورساكوف”.

بعد أن كان “ميخائيل كلاشنكوف” رجلا مغمورا أصبح من أبرز قيادات مجلس السوفيات الأعلى، وكان يقول: باستثناء زملائي فى المصنع لم أكن أعرف أحدا، ولم يكن يعرفني أحد، وعندما أعلن عن تعيينى كمرشح للنيابة صُعقت.

نال “ميخائيل كلاشنكوف” شرفا كبيرا بسبب ذلك الاختراع، فرغم حرمانه من ملكيته الفكرية لابتكاره الذي حمل اسمه وإرجاعه إلى الاتحاد السوفياتي، فإنه أصبح الرجل الأكثر توسيما في روسيا بعد أن ابتكر قرابة 150 نوعا من السلاح، وحصل بذلك على أوسمة كثيرة أهمها “وسام لينين” و”جائزة ستالين” في العام 1949 و”وسام بطل العمل الاشتراكي”. غير أن الأهم من ذلك هو أنه بدأ مساره العسكري القصير برتبة رقيب، لكنه تمكن من تسلق سلم المراتب العسكرية بخطوات عريضة، ليصل بسبب ابتكاره إلى رتبة فريق في العام 1999.


لم يحظ “ميخائيل كلاشنكوف” بتلك الحظوة التي نالها إلا لسبب واحد، وهو أنه في أوج الحرب الباردة كان الحسم في المعارك دائما لصالح البندقية الروسية، ففي العام 1956 شهدت أوسع انتشار لها، وكانت “آي كي 47” السبب الرئيس في قلب الحرب لصالح الفيتناميين في حرب الفيتنام التي مني فيها الأمريكيون بهزيمة ساحقة في القرن الماضي، وكان ذلك شرفا كبيرا لدى “ميخائيل”.

كما واجهت بندقية كلاشنكوف البندقية الهجومية الأمريكية “إم 16” في ساحات معارك أخرى، مثل أفغانستان التي كانت فيها الغلبة للبندقية الروسية، إلى أن ارتأت الولايات المتحدة الأمريكية تسليح الشق المناهض للسوفيات في أفغانستان ببنادق كلاشنكوف.

خلال الحرب الباردة وقعت معارك في ميادين خارج الحدود السوفياتية والأمريكية، وكانت بطلتيها بندقيتا “آي كي 47″ السوفياتية و”أم 16” الأمريكية، فقد خطت البندقيتان خريطة حلفاء كتلتي حلف وارسو وحلف الناتو، وكانت البندقيتان أكثر من مجرد سلاح، بل هما معادلة إيديولوجية وشعاران لعدوين، فانحازت بندقية كلاشنيكوف إلى حركات المقاومة، بينما كانت “أم 16” السلاح المفضل للدكتاتوريات المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية. لقد وزع الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية السلاحين المتنافسين في شمال الكرة الأرضية وجنوبها، وكانا بمثابة رسم لحدود حلفائهما.


نال “ميخائيل كلاشنكوف” بعض الشرف خلال السنوات الأولى لاختراع سلاحه، لكنه حُرم من ملكية ابتكاره رغم أن السلاح حمل اسمه، وكان يمكن أن يظل في رتبة رقيب لولا مقال كتبته صحيفة أمريكية بخصوص حياته في العام 1989، يقول “كلاشنكوف”: في أحد الأيام كتبوا أن رقيبا بسيطا سلّح جميع أطراف حلف وارسو فجاء رد المسؤولين، ووجدت نفسي فجأة وقد رقيت لرتبة عقيد. أنا الآن عقيد ويعود الفضل في ذلك للأمريكيين.

لم يجن “كلاشنكوف” ثروة من تصنيع بندقية “آي كي 47″، فقد كان مجرد مهندس في المصنع الذي يصنّع ملايين القطع من تلك البندقية، وتقاضى راتبا أقل من 500 دولار، وكان يعيش في شقة صغيرة.

يقول “كلاشنكوف” إنه لم يحصل على روبل واحد مقابل تصنيع تلك البنادق، على عكس منافسه الأمريكي “أوجين ستونر” مبتكر البندقية الهجومية “إم 16″، فرغم أنه لم يُخلّد اسمه مثل “كلاشنكوف”، فإنه جنى ثروة طائلة من تصنيع بندقيته وامتلك طائرة خاصة به، وقد يكون ذلك السبب في أنه لم يذكر عنه أنه تحدث عن تأنيب ضميره بسبب الرصاصات التي انطلقت من فوهات بنادق “إم 16” في حروب دامية مثل الحرب الأهلية في لبنان، عكس “ميخائيل كلاشنكوف” الذي كان يستحضر دائما حجم الدمار الذي سببته بندقيته في بلدان كثيرة.

“وجعي لا يحتمل”.. نصير الثوار وحليف السفاحين
حصل “ميخائيل كلاشنكوف” على وسام من الكنيسة الروسية باسم “القديس أندريه برفوزفانير”، وكان يمكن لذلك الوسام أن يكون صكّا يعفيه من آلام تأنيب ضميره، رغم أنه دافع عن نفسه بقوة في أحد المؤتمرات الصحفية، وعن قراره تصميم البنادق الهجومية من أجل الدفاع عن الوطن.

لكن في السابع من أبريل/نيسان عام 2010 -أي قبل وفاته بثلاث سنوات- كتب رسالة إلى الكنيسة الأرثوذوكسية نشرتها صحيفة “إزفيستيا” الروسية، حيث قال فيها: وجعي لا يحتمل، فهل أكون أنا “ميخائيل كلاشنكوف” ابن الفلاح المسيحي الأرثوذكسي مسؤولا عن خسارة الأرواح، إذا كانت بندقيتي قد تسببت بقتلها؟

إنه “بطل وضحية، وخلف السلاح الذى يعرفه الجميع هناك رجل عاش العديد من المآسى”. هكذا وصفته الصحفية الروسية “إيلينا جولي” في كتابها الذي حمل عنوان “الموت الثالث لستالين” الصادر سنة 1989، لكن “ميخائيل” الذي حمل اسمه على أكتاف ميليشيات من أركان الأرض الأربعة كانت تؤرقه أرقام القتلى في بورصة الحروب، وحمل أوزار تلك البندقية التي لا يتجاوز وزنها 5 كيلوغرامات، لكنها تقتل ربع مليون شخص كل سنة، فعلى مدى قرابة 66 عاما راقب “كلاشنكوف” الدماء وهي تسيل بسبب اختراعه.

إنه لمن الغريب أن ترث تلك البندقية التناقض الذي عاشه مبتكرها، فقد كانت نصيرة الثورات وحركات المقاومة، وأطلت من فوق أكتاف الثوار وزينت بعض الرايات والأعلام في دول مثل موزمبيق، لكن فوهة الكلاشنكوف غزت أيضا ميادين أخرى واستعملت في حروب أهلية، مثل الحرب الأهلية اللبنانية، والحرب الأهلية الكمبودية، والحرب في لاوس، ومجزرة سريبرينيتشا، وحملها قراصنة صوماليون بكل ثقة عند إغارتهم على السفن، وكانت تفوق قامة أطفال يمنيين خلال الحرب الأهلية اليمنية، كما كانت سلاح زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تحتفظ ببندقيته الكلاشنكوف في متحف “سي آي إيه”بعد عملية آبوت أباد.


غزت بندقية كلاشنكوف ساحات المعارك الدامية مثلما غزت أطنان من كتب الأدب الروسي المترجمة البيوت في المشرق والمغرب، وكانت بندقية كلاشنكوف نصيرة لأصحاب الحق أحيانا، ولكنها تنقلب أحيانا أخرى لتنصر الباطل، فذلك لم يكن خيارها ولا خيار مبتكرها، فكما يقال ليس للبندقية قلب.

في مسار جدلي رسمه الكاتب والصحفي “مايكل هوجز” في كتابه “بندقية الكلاشنكوف” تظهر رحلة الـ”آي كي 47″ منذ أن انبثقت فكرة في رأس “ميخائيل كلاشنكوف”، لتتحول إلى ملكة ميادين الحروب النظامية وحروب العصابات. ويقول هوجز: يمكن أن يكون الكلاشنكوف بأيدي جيش دولة ما، كما يمكن أن يكون بأيدي معارضيها، أو بحوزة المليشيات أو بأيدي المسلحين أو الأطفال المجندين الأفارقة.

أصبحت بندقية الكلاشنكوف مثل بائعة الهوى تتنقل بين أكتاف الثوار تارة، وعلى صدور رجال العصابات تارة أخرى، وكانت تستجيب لأي إصبع يضغط على الزناد غير عابئة بهدفها طفلا كان أو رجلا أعزل.

وينقل الكاتب “مايكل هوجز” عن الجنرال كلاشنكوف وصفه للبندقية التي ابتكرها بأنها "غولم"، وهو عفريت في الأسطورة الياديشية فقد مبتكره السيطرة عليه، وأصبحت تلك البندقية قوة في حد ذاتها.

في الثالث والعشرين من شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2013 توفي "ميخائيل كلاشنكوف"، وكان أصمّ نتيجة التجارب التي أجراها على البنادق، فمن يدري قد تكون أصمته رحمة إلهية أنقذته من تخيل أزيز رصاص ملايين البنادق المحمولة على أكتاف الميليشيات أو المتطرفين، فالرجل اشترى حياته بقطعة حديد، ومات وهو يتساءل أكانت خيرا أم شرا؟ وبقيت بندقيته تحصد آلاف الأرواح هم مجرد أرقام في نشرات الأخبار.


الجزيرة نت