مارس 23, 2024 - 16:51
مدينة الزبارة تراثًا أثريًا ومركزًا تجارياً في عراقة وتنوع الثقافة القطرية

أروى حنيش

 الزبارة مدينة أثرية قديمة، وبها قلعة رهيبة تعد شاهدًا حضاريًا حديثًا في فنون العمارة الحربية على الطراز المعماري القديم في تشييد الاستحكامات الدفاعية. فالقلعة تتموضع على أطلال مدينة تاريخية عمرها 200 عام، تُعتبر النموذج الأفضل للمدن التجارية التي شُيدت على شواطئ الخليج العربي بين القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ميلادي كنقطة تجارية هامة بين الشرق والغرب.
وقد سميت بهذا الاسم بسبب ارتفاع أرضها، فيقال لها الزبارة أي: الأرض المرتفعة، ويقال كذلك إنها سميت بالزبارة نسبة لأهالي الزبير الذين وفدوا إليها من جنوب العراق، حيث حل الطاعون بهم.

وتُعد قلعة الزبارة المُشيدة سنة 1938، أحدث وأبرز المعالم التاريخية الحديثة، التي أدرجت عام 2013 كأول موقع أثري قطري على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وفق موقع متاحف قطر.

تطل القلعة على أنقاض مدينةٍ يعود تاريخها إلى عام 1760. كانت ذات يومٍ مدينة تجارية على الخليج العربي مزدهرة تشتهر بصيد اللؤلؤ، وشهدت معارك قبلية شرسة في القرن الثامن عشر لمحاولة احتلالها، حيث تقاتلت إمبراطوريات قوية من أجل الهيمنة الإقليمية، وفقًا لموقع Visit Qatar.

الموقع

تقع مدينة الزبارة العريقة عند الساحل الشمالي الغربي للبلاد، وتبعد حوالى 100 كيلومتر عن العاصمة القطرية الدوحة، وتحوي أطلال قصور ومساجد، ومساكن ذات فناءات، وشوارع كانت تنبض بالحياة وتعج بحركة الصيادين والتجار.

التاريخ

في عام 1188هـ/ 1774م وصل من القرين مرورًا بالبحرين والأحساء الشيخ أحمد بن رزق الخالدي (ابن رزق)، وكان العتوب في ذلك العام يسكنون بلدة "فريحة" القريبة من الموقع الذي تأسست عليه بلدة الزبارة، والتي أسسها أمير العتوب الشيخ محمد بن خليفة العتبي (جد آل خليفة حكام البحرين حاليًا)، سنة 1182هـ/ 1768م، وسكن في قلعة مرير، فتشاور ابن رزق مع خليفة العتبي في موضوع تأسيس الزبارة فوافق أمير العتوب، فباشر ابن رزق في تأسيس مدينة الزبارة، ولم يحاول آل مسلم حكام قطر آنذاك منع العتوب من سكن الزبارة واتخاذها مقرًا لهم، رغم تجربتهم السابقة معهم، وسبب ذلك العلاقة الطيبة بين آل خليفة و بني خالد حكام شرق الجزيرة والأحساء، الذين يهابهم آل مسلم، إلا أنهم ألزموهم بدفع إتاوة سنوية لهم.
وهاجر العديد من تجار البصرة إلى الزبارة إثر طاعون الكوليرا الذي حلّ بها وبالزبير سنة 1187هـ/ 1773م، وكذلك حصار الفرس للبصرة سنة 1189هـ/ 1775م ثم احتلالهم لها، فساعد ذلك على سرعة نمو المدينة الجديدة. وقد تركز فيها تقريبًا تجارة اللؤلؤ، والتجارة عامة، بين شرق الجزيرة العربية والهند، خلال هذه الفترة والفترة اللاحقة. وقد امتدت المنازل والقصور إلى خارج الأسوار، فبني سور آخر حول المدينة الجديدة، يبلغ طوله حوالى 2 كيلومتر، يتخلله عشرون برجًا (نصف دائري)، كما تم حفر القناة التي كانت تصل بين البحر وأطراف قلعة مرير، وشيدت عدة قلاع حول الزبارة في الفريحة وليشا وحلوان وعين محمد وركيات وأم الشول والثغب؛ حيث بلغت أوج ازدهارها في حكم خليفة بن محمد. وكان من أشهر سكانها الذين ذكرهم الشيخ عثمان بن سند البصري مؤلف مخطوطة سبائك العسجد: آل جامع وابن فيروز وآل العباسي (باش أعيان) وغيرهم.

بيد أن ذلك لم يدم طويلا؛ فقد أدركها الخراب سنة 1810 – 1811م، إثر الحرب التي نشبت بين السيد سعيد سلطان عمان والموحدين (الوهابيين)، وقد كتب الكابتن ج. ب. براكس، عام 1824م، بأن الزبارة مدينة كبيرة تحولت إلى خرائب، وقد سبقة الكابتن روبرت تيلور، عام 1818م، الذي قدر أنه كان بالمدينة حوالى 400 منزل.

الأهمية التاريخية والثقافية 

تُعد مدينة الزبارة من أهم المواقع الأثرية في قطر، حيث تقدم للباحثين نظرة ثاقبة على تاريخ وحضارة قطر. وتضم المدينة العديد من الآثار التي تعود إلى فترات تاريخية مختلفة، مما يعكس التنوع الثقافي في قطر.
كانت مدينة الزبارة في الماضي مركزاً تجارياً مهماً، حيث كانت حلقة وصل بين الشرق والغرب. وازدهرت المدينة بسبب موقعها الجغرافي المميز، حيث تقع على ساحل الخليج العربي وتحيط بها أشجار النخيل. واليوم، تُعد مدينة الزبارة رمزاً للتراث القطري، حيث تعكس عراقة وتنوع الثقافة القطرية.

 ترميم المعالم الأثرية

 تم ترميم العديد من المعالم الأثرية في مدينة الزبارة، مثل القلعة والسوق والمسجد وغيرها.

إنشاء متحف

 تم إنشاء متحف في مدينة الزبارة لعرض الآثار التاريخية للمدينة.
تنظيم الزيارات السياحية: يتم تنظيم زيارات سياحية لمدينة الزبارة لتعريف الزوار بتاريخها وثقافتها.
وتأمل الحكومة القطرية أن تتمكن من الحفاظ على مدينة الزبارة وتطويرها، بحيث تظل وجهة سياحية وثقافية مهمة في قطر للأجيال القادمة

أهم معالم المدينة

سوق الزبارة: وهو سوق تقليدي يعود تاريخه إلى القرن الثامن الهجري.
مسجد الزبارة: وهو مسجد أثري يعود تاريخه إلى القرن السابع الهجري.
كما تضم المدينة العديد من المعالم الطبيعية الخلابة، مثل الكثبان الرملية والبحيرات العذبة والينابيع.