مارس 19, 2024 - 22:01
مكتبة تريم "اليمن" كنوز من المخطوطات والتراث العربي والإسلامي 


خالد الأشموري 
أهتم أرباب العلم في محافظة حضرموت اليمنية وفي مدينة تريم بالذات، حيث كانت ومازالت مركزاً علمياً مهماً في العالم الإسلامي منذ العصور السالفة بنسخ الكتب واقتنائها رغبة في تكوين المراجع الفنية المختلفة وخاصة في القرن السادس الهجري الذي عرف بالعصر الذهبي حيث شهد انفتاحاً علمياً كبيراً وبرز فيه رجال العلم والثقافة والأدب، وتجسد المكتبات في عصرنا الحاضر أهم مراكز التوثيق في عالم المعرفة الواسع.. وتعتبر مكتبة الأحقاف الملحقة بجامع تريم واحدة من أهم المكتبات التي تحوي بداخلها الآف المخطوطات النادرة بحسب المنظمة العربية التابعة لجامعة الدول العربية والتي زارت مكتبة الأحقاف مرتين فإن النادر من المخطوطات يكون المكتوب بخط المؤلف أو في عصره , أو قرى عليه بعد نسخة أو تلك المخطوطة بماء الذهب.
وتعد مكتبة الاحقاف للمخطوطات من أبرز المعالم الحضارية لمدينة تريم , وواحدة من أهم مكتبات العالم التي يأتي إليها العديد من الباحثين والزوار والوفود من مختلف أنحاء العالم وذلك لما تحتويه من كتب مخطوطة ومراجع ثمينة من نوادر كنوز التراث اليمني والعربي والإسلامي التي تعطي لقرائها صورة عن التقدم العلمي والمعرفي الذي شهدته الحضارة الإنسانية كما يعتبرها الكثيرون وجهة رئيسية لدى زيارتها لمدينة تريم .
إنشاؤها :    
كانت بدايات المكتبة في القرن السادس الهجري لرغبة واهتمام أهل العلم والمعرفة في حضرموت وفي تريم خاصة باقتناء الكتب ونسخها وتصنيف المؤلفات النافعة ولإقامة المراجع الحاوية للكتب ,وفي عام 1972م تكونت مكتبة الأحقاف للمخطوطات بتريم من مجموعة مكتبات أهلية من مصادر متعددة لكل من آل الكاف آل بن يحيى آل بن سهل آل الجنيد آل الحداد رباط تريم آل الحسيني العيدروس من الحزم ومكتبة السلطان صالح القعيطي من مدينة المكلا ومصادر أخرى وقد سميت المكتبة  بـ (الاحقاف ) تيمناً بالاسم الذي ورد في القرآن الكريم السورة رقم 46، والاحقاف الاسم القديم لوادي حضرموت والحقف بكسر الحاء وسكون القاف هو المرتفع من الرمل .

قسم المخطوطات:
قسم المخطوطات هو القسم الأول الهام من أقسام مكتبة الأحقاف والذي يحوي المخطوطات النادرة وهي النسخ الأولى التي نتجت مباشرة عن أقلام الكتاب والمؤلفين والخالية تماماً من كل تزوير أو حذف أو إضافة وتحفظ مخطوطات المكتبة في أدراج ودواليب خاصة بها , وتوجد لها فهارس على شكل جداول تعطي معلومات أولية عن كل مخطوطة .
وتضم المكتبة العديد من المخطوطات والتي نظمت بحسب فنون الموضوعات التي تحتويها وهي كالتالي :التفسير, الحديث, الفقه, التصوف, التراجم والسير والتاريخ والأدب واللغة, الطب, المجاميع (مخطوطات تشتمل على أكثر من نص وموضوع) ويحتوي القسم على 6200مخطوط ,مرتبة في الدواليب على حسب الفنون ولكل مخطوط رقم وبطاقة خاصة به تعطي معلومات كاملة عن المخطوطة، كما توجد فهارس على شكل جداول تعطي معلومات أولية للباحث.
تاريخ المخطوطات :
معظم المخطوطات في المكتبة تعود إلى القرن العاشر والحادي عشر الهجري وأقدم المخطوطات المحفوظة في المكتبة تعود إلى القرن الخامس الهجري ونذكر بعضها نسخة من البيان في تفسير القرآن ( الجزء الخامس ) لأبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي , نسخت سنة 595هـ بخط نسخي مهمل النقط في الأكثر ونسخة من الجزء الثاني من كتاب القانون في الطب لابن سينا نسخت سنة 633هـ وبها حواشي منقولة من نسخة المؤلف ونسخة لخمسة أجزاء من الدر المنثور في التفسير لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي نسخت سنة 897هـ ومزين بالذهب بالأسلوب المملوكي وعليه إجازات مكتوبة بيد المؤلف وكذلك نسخة في جزئين بخط بديع ومزين بالذهب لكتاب الشفاء بتعريف حقوق للقاضي عياض بن موسى بن عياض اليحصبي نسخت سنة 763هـ .
مقتنيات هامة :
يوجد في المكتبة كما أسلفنا العديد من المخطوطات الهامة والقديمة والتي يعود بعضها إلى قبل تسعة أو ثمانية قرون ماضية وتحتوى المكتبة أيضاً على العديد من الكتب الهامة والتي منها كتاب طب الأعشاب الذي لم يطبع بعد, وهو مخطوط لجدول لعدد هائل من الأدوية العشبية مرتبة أبجدياً يقابل كل منها عدد من الخانات تشرح ماهية الدواء ونوعه وطرق تحضيره وصلاحيته وفوائده ومضاره، والدواء البديل وغيره من المعلومات وكتاب تحرير إقليدس كتاب يوناني يعود إلى ما قبل الميلاد ويتحدث عن الهندسة وتحتضن لوحة العرض في مكتبة الأحقاف ترجمة عربية له قام بها العالم العربي نصر الدين أبن محمد الطوسي وهي أقدم المخطوطات حيث تعود لعام 437هـ كما يوجد في المكتبة العديد من مؤلفات العالم اليمني الزبيدي إسماعيل بن أبو بكر المقري والذي تٌعد كتبه ارتباط لعلاقة المدرسة الزبيدية والتريمية ,ومنها كتاب الإرشاد الذي كان يدرس إلزامياً في معاهد تريم الفقهيه, وكتاب الشرف الغالي الذي تحتفظ مكتبة الأحقاف بمخطوطته الأصلية .
مهام المكتبة :
لمكتبة الأحقاف دور كبير في إثراء الحياة الفكرية والعلمية والأدبية والثقافية ,ويستفيد منها العديد من الزوار سواء من الباحثين أو المهتمين أو من عامة الناس وتتلخص أدوارها في التالي :
•    خدمة الباحثين وهي أهم الواجبات والأعمال اليومية التي تقدمها المكتبة للباحثين الذين يفدون إليها من المؤسسات العلمية والجامعات الحكومية والأهلية والأجنبية .
•    التعريف بالتراث الثقافي اليمني وإسهام اليمن في الحضارة الإنسانية وذلك من خلال تعريف الوفود الرسمية الكبيرة كرؤساء الدول ورؤساء الحكومات والوزراء التي لا تخلو برامجهم من زيارة المكتبة وكذا الأفواج السياحية من جميع أنحاء العالم ويرتاد المكتبة بشكل يومي أعداد كبيرة من السياح المحليين وطلاب المدارس من محافظات الجمهورية .
•    للأستاذ/ أوسان الكمالي صحيفة الثورة السياحي.