ديسمبر 29, 2023 - 10:35
الينابيع الحارة .. مقومات تتميز بها اليمن 


عرب جورنال / خالد الأشموري - 
موقع اليمن المتميز باختلاف التضاريس وتنوع المناخ في مختلف المناطق يمتلك مقومات سياحية عديدة وفي مناطق مختلفة وكثيرة من الممكن استغلالها خلال فصول السنة.. فعلى مسافة أكثر من ألفي كيلو متر تمتد السواحل اليمنية وتنتشر عليها المدن الجميلة والشواطئ الجذابة وتتميز كل منطقة بخصائص سياحية تميزها عن الأخرى.. كما تنتشر المرتفعات الشاهقة والهضاب المختلفة الأرتفاع والتي تكسوها الخضرة الدائمة والمتميزة بمناظر طبيعية وسياحية جميلة.
وتنتشر في كثير من المناطق الساحلية ومناطق المرتفعات الجبلية العيون الحارة والتي تعتبر من ضمن المقومات السياحية العلاجية التي تتميز بها اليمن فقد انتشرت الكثير من الحمامات الطبيعية معتمدة على هذه العيون والتي يزداد الطلب عليها لطلب الاستشفاء من كثير من الأمراض الجلدية وغيرها من الأمراض ولما تحتويه هذه العيون من عناصر ومعادن إضافة إلى كونها حارة فقد أقيمت أكثر من 83 حماماً طبيعياً موزعة على مختلف المناطق اليمنية وتشهد هذه الحمامات أقبالاً كبيراً من قبل المواطنين ومن قبل الكثير من السياح الأجانب والعرب.
نشأة العيون الحارة:
لقد تأثرت اليمن بالأنشطة البركانية الحديثة النشأة التي أدت إلى تكوين مخاريط بركانية متواجدة في محافظات صنعاء وعمران ومأرب وذمار وارتبط بذلك تواجد طاقة حرارية أرضية كامنة متواجدة بالقرب من السطح تتأثر بها المياه السطحية والجوفية وتتسرب هذه المياه عبر الفوالق والتراكيب الجيولوجية المختلفة إلى السطح حيث تتأثر بالنشاطات الحرمائية وتختلط بالكثير من التراكيب وأنواع الصخور فتذوب فيها الكثير من المعادن المختلفة والغالبية العظمى من هذه العيون مرتبطة بالصخور البركانية بمختلف أنواعها وبالتالي فإن نوعية مياه الينابيع الحارة تختلف باختلاف التركيب المعدني والكيميائي لهذه الصخور.
التوزيع الجغرافي للعيون الحارة:
تنتشر العيون الحارة في مختلف مناطق اليمن ويتركز معظم هذه العيون في المرتفعات الغربية وأخر إحصائية لهذه العيون قد بلغت أكثر من 83 عيناً حارة تتوزع هذه العيون على مناطق كثيرة في جميع المحافظات تقريباً وفي نطاق جغرافي يتفاوت في الأرتفاع من 50 متراً في محافظتي الحديدة وحضرموت مروراً بارتفاع 800 متر في محافظة تعز وحتى ارتفاع  1500-2300 متر فوق سطح البحر في بقية المحافظات.
ويتدرج معدل درجة حرارة مياه هذه العيون من حوالي 40مْ ليصل إلى 96.3مْ كما هو الحال في منطقة مش الكافر بمحافظة إب.. وتتفاوت كمية المياه المتدفقة من هذه العيون ما بين لتر واحد في الثانية الواحدة إلى 80 لتراً في الثانية الواحدة كما في منطقة دمت.. وتستخدم مياه هذه العيون في مجالات متعددة منها الشرب والأغراض المنزلية المختلفة والري والعلاج الطبيعي.
حمام علي .. الحيمة:
تقع هذه العين الحارة لحمام علي في منطقة ( الحيمة الداخلية ) في منطقة بني يوسف وتحديداً في وادي الحمام ومنطقة الحيمة الداخلية تقع إلى الغرب من مدينة صنعاء، وعلى الطريق الذي يربط العاصمة صنعاء بمدينة الحديدة تنبع هذه العيون من قاع الوادي وتحتوي على القليل من الأملاح المعدنية المذابة ويبلغ حوالي 0.4 جم في اللتر الواحد.
وتوجد العديد من العيون المعتدلة التي تبلغ درجة حرارة مياهها 24مْ مع منسوب تدفق ما بين ( 2. إلى 10) لترات في الثانية الواحدة.
حمام السخنة:
تقع هذه العين في قرية السخنة وتبعد حوالي 20 كيلو متراً شمال شرق المنصورية تتكون جيولوجياً من صخور بركانية وصخور جرانيتية.. وتنبع المياه من الجزء الذي تتقاطع فيه التراكيب الجيولوجية البركانية الجرانيتية وتحتوي هذه المياه على نسبة عالية من المعادن المذابة ويذهب إليها الكثير من المواطنين من مختلف المناطق.
حمام علي ( آنس):
توجد العيون الحارة لحمام علي في منطقة آنس وتبعد حوالي 30 كيلو متراً إلى الغرب من مدينة ذمار وصخور هذه المنطقة عبارة عن صخور البازلت وصخور التف والصخور البركانية الفتاتية وتحتوي هذه المياه على نسبة من المعادن تساوي جراماً واحداً في اللتر الواحد تقريباً والعيون تنبع من الجزء السفلي من الجبل الذي تقع عليه منطقة حمام علي وهي أقرب إلى الوادي أسفل هذه المنطقة منه إلى الجزء الأعلى من الجبل وقد بنيت عند هذه العيون حمامات أهلية تجذب إليها الكثير من المواطنين من مختلف الأبخرة المتصاعدة من جبل اللسي وجبل أسبيل، حيث إن الأبخرة المتصاعدة من بركان جبل اللسي تحمل معها كبريتيد الهيدروجين وهذه موجودة إما بداخل فوهة البركان أو في منحدرة الشمالي.
ويقع هذا الجبل إلى الشرق من مدينة ذمار ويبعد عنها حوالي عشرة كيلو مترات وتتراوح درجة الحرارة المسجلة ما بين 50مْ مروراً بدرجة حرارة بلغت 62مْ وصولاً إلى 92مْ وفي مدخل المغارة فأن كبريتيد الهيدروجين يتأكسد إلى كبريت خالص مكوناً بلورات أبرية الشكل.
وهذه الأبخرة تقع ضمن جبل اللسي المكون من صخور بركانية عديدة أما في جبل أسبيل فإن أبخرة المياه الحارة تنبثق من الجزء العلوي لهذا الجبل الذي يستخدم منذ القدم كحمام صحي يرتاده العديد من الناس.
العيون الحارة:
وتقع هذه العيون في مدينة دمت التابعة لمحافظة الضالع إدارياً وتبعد عن مدينة الضالع بحوالي 50 كيلومتراً شمالاً.. وتحتوي على 9 عيون حارة أهمها عين التعاون ( حمام الدردوش ) ـ حمام بئر عاطف ـ حمام الإمام - وحمام الأمير الحسن ـ حمام الأسدي ـ حمام بئر العودي ـ حمام بئر الظليمى ـ حمام الحساسية.
أن هذه المنطقة وما تمتلكه من ثروة لوجود هذه العيون وتعتبر علاجاً لكثير من الأمراض حيث تحتوى على الكثير من المعادن المذابة في هذه المياه وقد تم في العام 2004م إعلان مدينة دمت رسمياً منطقة للسياحة العلاجية وذلك بحضور الأخ رئيس الوزراء والعديد من الوزراء ورؤساء الهيئات المعنية بالسياحة والبيئة والمياه والكثير من المهتمين.
ومعدل كمية المياه المتدفقة من العيون والآبار الحارة الموجودة في منطقة دمت تزيد عن 20لتر في الثانية الواحدة ويجب الحفاظ والترشيد في هذه المياه حيث لا يستفاد منه إلا الجزء البسيط، ودرجة حرارة المياه المتدفقة من بعض هذه العيون تصل إلى 52م.. وكمية غاز ثاني أكسيد الكربون المذابة في المياه الحارة 900ملجم في اللتر الواحد .. وان خروج وتحرر غاز ثاني أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين من الآبار المحفورة عشوائياً يؤدي إلى الانخفاض في مستوى الضغط الذي يؤثر بدوره على النقص في نسبة تدفق المياه.. كما تحتوي هذه المياه على بيكربونات الكالسيوم وكلوريد الصوديوم والكثير من الأملاح الذائبة فيها . 
العيون الحارة في منطقة كرش: 
تقع العيون الحارة في منطقة كرش إلى الشمال الشرقي لمنطقة كرش حيث وتبعد عنها بحوالي كيلومترين كما إنها تبعد عن الطريق العام ( تعزـ عدن ) مسافة كيلومتر واحد.. وتنبع هذه العيون من منطقة منخفضة مغطاه بالحشائش وهي مكونة من صخور كلسية مغطاة باتربة طينية متماسكة بفعل نمو الحشائش عليها .
إجمالي نسبة التدفق من هذه العيون لا يقل عن 3لتر في الثانية الواحدة ومياه هذه العيون لها خصائص علاجية لما تحتوي عليه من معادن مفيدة للأستشفاء فهي تحتوي على كثير من أملاح الكلورايد والصوديوم والكبريتات وتتراوح درجة الحرارة عند المنبع بين 67مْ و71مْ . 
العيون الحارة في محافظة تعز :
لقد تم الكشف عن وجود خمس عيون حارة في محافظة تعز تم تسجيلها لأول مرة وتتواجد هذه العيون في منطقتي وادي الطوير ووادي رسيان وتنبع معظمها من الصخور البركانية والبعض منها ينبع من صخور الحجر الرملي ومعدل درجة الحرارة في مياه هذه العيون يتدرج مابين 40مْ في وادي الطوير يبلغ 66 درجة مْ في وادي رسيان.
العيون الحارة في محافظتي حضرموت وشبوة :
تتواجد الكثير من العيون الحارة في محافظتي حضرموت وشبوه وهذه العيون من الناحية العلمية ذات مواصفات عالمية وأشهر هذه العيون عيون منطقة تباله وهي أغزر العيون وأكثرها عدداً وتبعد عن مدينة الشحر بمسافة 10 كيلومترات.. ومنطقة الحامي في محافظة حضرموت, وحمام رضوم وعين الجويري وعين بامعبد بمحافظة شبوة.. ولقد أنشئت في تلك المناطق العديد من الحمامات لغرض استخدامها في العلاج الطبيعي .
ونسبة تدفق هذه العيون عالية لذا فانه يمكن تطوير تلك الحمامات بصورة حديثة حتى يتم الاستفادة منها بصورة مثلى في العلاج الطبيعي وكذلك في إقامة منتجعات الاستجمام والمراكز السياحية والعلاجية.. كما يمكن استخدام المياه الحارة بعد برودتها في أغراض أخرى مثل الري لبعض المحاصيل كالنخيل وغيرها .
 
العيون الحارة في محافظتي أبين ولحج :
توجد في هاتين المحافظتين ثمان عيون حارة موزعة في كل من مديرية موديه ومديرية جعار بمحافظة أبين وهذه العيون هي "انخب" ووادي ضيقة وعيران وكبث ومحجز، "وإمحراجه" ,وتتدرج درجة الحرارة هنا مابين 60مْ لتصل إلى 69,2مْ.. أما مديرية حالمين ومدينة كرش بمحافظة لحج فإن العيون الحارة فيهما عين شرعة وعين كرش ودرجة الحرارة لكل منهما هي 64مْ و17مْ على التوالي وجميع مياه هذه العيون جيدة وصالحة للشرب.. وتتميز عيون محافظة لحج بتركيز المعادن المذابة فيها حيث تبلغ هذه النسبة 2,5جم في اللتر الواحد كما أنها ذات خاصية صودية كلويدية بينما نسبة المعادن في محجز هي 1.4جم في اللتر الواحد وتتميز بالمركب كلوريد الصوديوم الكبريتي.. أما في حمام شرعة فالترسبات المعدنية المنتشرة هناك تتميز بوجود هيدروكسي الحديد في حين تنتشر رواسب الكربونات على بعد 500 متر من العين وتنبع هذه العيون من الفواصل الموجودة بين الصخور ونسبة الأملاح الذائبة هي 1,5جم في اللتر الواحد وهي ذات خاصية صودية ـ كبريتية.. أما عين ( إمحراجه ) فهي ذات نوع صودي ـ كلوريدي  ـ كبريتي ونسبة الأملاح الذائبة هي 1,8جم في اللتر الواحد .
السياحة والعلاج الطبيعي :
تتواجد الكثير من العيون الحارة في مواقع ومناطق سياحية تكثر فيها المناطق الخلابة والطبيعة الجميلة وتتميز بهوائها النقي وجوها الرائع فهي تجذب عيون زائريها وأذهانهم لما تحتويه من أشجار كثيفة وخضره دائمة وأرفة الظلال التي تمتد على طول الوديان التي تنبع فيها هذه العيون.. ومن أشهر تلك المناطق وادي رسيان بمحافظة تعز ووادي الربوع بمحافظة صنعاء، حمام الاسلوم بمحافظة إب وحمام العقر وحمام جمعة بمحافظة ذمار وحمام يرهد بمحافظة الضالع ووادي العيون بمحافظة المحويت ووادي مذاب بمحافظة الجوف .
وتأتي أهمية استخدام المياه الحارة في العلاج الطبيعي من خلال الخواص الكيميائية والفيزيائية لهذا المياه.. ويرى خبراء العلاج الطبيعي أن هنالك عوامل رئيسية للعلاج وهي الحرارة والمحتوى الكيميائي لهذه المياه والطفو على المياه .
فحرارة هذه المياه تعمل على زيادة درجة حرارة الجسم وتوسيع الأوعية الدموية فتنشط الدورة الدموية وتزيد جريان الدم .
كما يساعد ارتفاع درجة الحرارة على استرخاء الجسم بدنياً وذهنياً كما أن لها تأثيرات علاجية خاصة على مرض التهاب المفاصل بكافة أنواعها التي منها التهاب المفاصل الروماتيزي أو العظمي وانتفاخ الكاحل والنقرس حيث تعمل الحرارة على إرخاء عضلات الجسم بشكل كبير وتخفيف الألم والتصلب مما يتيح حرية الحركة من خلال إجراء الكثير من النشاطات اليومية .
كما أن المحتوى الكيميائي للمياه الحارة يلعب دوراً هاماً في علاج بعض الأمراض فالمياه الحارة الكبريتية تستخدم لعلاج الأمراض الجلدية والمياه الحارة الكربونية وتستخدم لعلاج الفتور الجنسي والمياه الحارة المعدنية تستخدم لتنشيط الدورة الدموية وعلاج حالات العروق والدوالي والتقرع الوعائي وغيرها من الأمراض وتستغرق جلسة العلاج 20دقيقة .
أما شرب المياه المعدنية فهي علاج لأمراض الجهاز الهضمي والكلى والجهاز التنفسي واضطرابات الدم .
والطفو على المياه الحارة يقلل وزن الجسم بحوالي85%ـ 90% فينخفض الضغط على العضلات والمفاصل ويخلق إحساساً بالاسترخاء وانعدام الوزن .
•    المصدر : الثورة السياحي ـ سبتمبرـ 2007م للأستاذ ـ خليل المعلمي .