ديسمبر 6, 2023 - 19:29
عندما تصنع الكلمات رصاصاً دعماً للأقصى وغزة
     خالد الأشموري
استحوذت قضية فلسطين كشعب موجوع،على نتاج الكثير من الأقلام السياسية والأدبية في بث روح الجهاد والمقاومة وفي كسر الحصار عن الشعب الفلسطيني ورفدت بالمدد المعنوي وفي جانب الشعر ومختلف الفنون الأدبية والمسرحية.. ايماناً بأهميةهذه القضية نحو طريق التحرير والخلاص من المحتل الصهيوني الغاصب الناهب.
رؤى في ظل المقاومة والصمود  ;
الدكتور محمد بن محمد العديل الباحث في الأدب والنقد يقول .. لقد واكب الشعر القضية الفلسطينية بكل أبعادها ومناحيها.. واكبها صرخة ودمعة وواكبها إنذاراً ووعيد.. وكان للشعر في هذه المرحلة إسهامات عديدة أهمها أنه ذكر الفلسطينيين بأمجاد أمتهم وأصالة وجودهم حتى يكونوا حرباً على الغاصب الناهب، ورسم لأبناء الوطن طريق التحرير والخلاص، وتغنى بالقيم العليا وانتصر للمستضعفين المنهوبين، ودعا إلى وحدة الصفوف والأهداف في مواجهة الأعداء، وبكى الشهداء الذين كتبوا بدمائهم وثيقة الولاء ودعا الرجال والشباب إلى أن يتخذوا منهم القدوة وفضح المخططات والقرارات التي نسجت بليل في المحافل الدولية.. ولقد وأكب الأدب العربي عموما والإسلامي على وجه الخصوص الأحداث الي مرت بمراحل متعرجة وأحداث جسام من البدايات الأولى للاحتلال وحتى يومنا هذا من حروب عربية صهيونية ونكبات ثم نكسات، واتساع رقعة الاستيطان والتهديد وقيام الانتفاضات المتعاقبة والدعوات المتكررة للسلام وكل هذه المراحل والأحداث منذ ما بعد حرب عام 1948م والأدب الإسلامي يصورها لنا بفنونه المختلفة والتي أهمها الشعر والنثر (رواية وقصة ومقال ومسرح) والنشيد الإسلامي وكان هناك عدد من العوامل التي ساعدت على استنهاض الأدب الإسلامي وكانت من أهم بواعثه ومن أهمها: المقدسات الإسلامية المغتصبة والأحداث والوقائع كالمجازر واستشهاد العلماء المجاهدين ومفاوضات السلام، وغيره والمناسبات الإسلامية     (الدينية) كالأعياد، الإسراء والمعراج وغيرها والمناسبات الإقليمية والعالمية المختلفة كـ ( يوم الطفل ، وعيد الأم، ويوم الأسير ، ويوم الأرض ) وقد أستمد الأدب الإسلامي في القضية الفلسطينية معانيه من الفكر الإسلامي وقيمه النبيلة ، والفكر المناهض للاحتلال والظلم والقتل والتشريد ، كما أستمد معانيه من النهضة الملحوظة للأدب الإسلامي بكل فنونه المختلفة.
وأضاف الدكتور العديل: أن الأدب الإسلامي قد تميز في القضية الفلسطينية بالصدق في موضوعه والسهولة والوضوح في ألفاظة ومعانيه خاليا من الغموض والإيهام مليئاً بالصور البيانية (في مجمله) وقد طرقت جميع أغراض الشعر العربي في هذا الأدب، فقد أمتدح حب المقاومة والصمود ، ومدح شعب فلسطين الصابر المرابط، كذلك الوصف للأرض والوقائع وغيرها ، الفخر والاعتزاز بالانتصارات والشهداء الأبطال، ورثاء الشهداء والمقدسات والمدن، كما هجا الصهاينة والعملاء والخونة، وعاتب الأمة العربية على تخاذلها وتهاونها وغيرها من الأغراض وتعد الفلسطينيات من أغراض الشعر الإسلامي المعاصر الذي لا نجد شاعراً إلا وقد نظم فيه. وتناول الأدب العربي في القضية الفلسطينية محور الأرض حيث تناول فلسطين – عموماً- كوطن فلسطين الأرض المباركة ووجوب تحريرها وعدم التفريط فيها كما تناول المقدسات الإسلامية المختلفة، كان المسجد الأقصى محورها الرئيسي كما تناول المدن الفلسطينية المختلفة حيث كانت مدينة القدس محورها الرئيسي وكان كل ذلك التناول للأرض مع ربطها بإسلامية القضية.
فيما تناول الإنسان كمواطن وعالم ومجاهد وشهيد وأسير ولاجئ، وزخر بالكثير من الإبداع في هذا المجال مثلما قيل في: (فارس عودة، محمد الدرة، إيمان حجو ، هدى غالية.. وغيرهم) وتناول أيضا المرأة الفلسطينية، المواطنة والمجاهدة ، الأم والشهيدة، الأسيرة واللاجئة، وقيم القضية الفلسطينية بكل أنواعها حيث نجده يتحدث عن الجهاد والاستشهاد والمقاومة، والتضحية والفداء والحرية والصدق والثبات، كما يتحدث عن الحصار والظلم والاضطهاد والقهر والحرمان، وعن السلام والوحدة، وتحدث عن التطبيع والتهويد، وعن الغربة والفراق .. وغيرها.
أبعاد:
وقال الدكتور العديل: أن الأدب الإسلامي قد أسهم بفاعلية في هذه القضية وكان له الأثر الواضح فقد عالج، مأساة فلسطين ببعديها الأساسيين وهما البعد المادي المحسوس المتمثل في الأرض المنهوبة المغتصبة والملايين المشردة.. والبعد المعنوي القيمي المتمثل في القتل والاضطهاد والحصار. ولهذا الأدب دور مميز في تأكيد وترسيخ إسلامية القضية الفلسطينية لدى أبناء فلسطين والأمة العربية والإسلامية وقد أسهم هذا الأدب فعالية في انتشار الفكر الإسلامي على المستوى الفلسطيني والإسلامي وكان له الأثر البالغ في الحفاظ على الهوية الإسلامية لدى فلسطيني الشتات وكذلك ربطهم بقضيتهم وهويتهم الفلسطينية كما أسهم في التعريف بالقضية الفلسطينية على المستوى العربي والإسلامي والدولي وكان ولا يزال من العوامل المهمة التي ساعدت على تعبئة الشعب الفلسطيني للمقاومة واستمرارها ، وظهور الكثير من البطولات النادرة كما أسهم في بث روح الجهاد ومعانية السامية لدى الأمة الإسلامية عامة والشعب الفلسطيني خاصة وكان له الأثر الواضح في توعية الأمة الإسلامية للقيام بدورها وواجبها تجاه فلسطين ماديا ومعنوياً (كما ساعد على توحيد الشعوب العربية حول قضيتهم) كما أنه عمل بصدق على تخليد الوقائع والأحداث والبطولات في الداخل الفلسطيني إلى جانب إسهامه في إذكاء روح التنافس الأدبي وتفتيق العديد من المواهب والقرائح الأدبية لدى جيل التسعينات من القرن الماضي وكذلك جيل هذا القرن، كما أثرى المكتبة العربية بفنونه المختلفة.
الجدير بالذكر وبحسب الدكتور العديل: قد كُتب عن فلسطين عموماً والقدس على وجه الخصوص عدد ليس بالقليل من دواوين الشعر والروايات والمسرحيات وغيرها، منها على سبيل المثال ديوان شعر للشاعر وليد الأعظمي (يافتية القدس) وديوان شعر للشاعر د/ عبد الغني التميمي (ملحمة القدس) وديوان شعر للشاعر محمود إسماعيل (القدس تتكلم) وديوان شعر للشاعر د/عبد الرحمن العشماوي   (القدس أنت)  وديوان شعر للشاعر د/ حسن الأمراني ( شرق القدس .. غرب يافا) وديوان شعر للشاعر د/ جابر قميحة (لله والحق وفلسطين) وكذلك دواوين وروايات شعراء القضية الفلسطينية مثل (يوسف العظم، عبد الرحيم محمود، عمر بهاء الدين الأميري، عماد الدين خليل ، نجيب الكيلاني ، محمود مفلح، علي أحمد باكثير.. وغيرهم) .
وقد قال هؤلاء الشعراء الكثير في القدس والأقصى كما قال يوسف العظم: 
ياقدس يا محراب يا مسجد
  يادرة الأكوان يا فرقد
 سفوحك الخضر ربوع المنى 
وتربك الياقوت والعسجد
وقصيدة أخرى يقول في مطلعها: 
 ياقدس يا محراب يامنبر
يا نور يا إيمان يا عنبر 
الشعر الفلسطيني:
الدكتور المتوكل طه – فلسطيني – أحد أهم الأصوات الشعرية في الوطن العربي قال: تعاني دولة فلسطين من الاحتلال الصهيوني المباشر، الذي جعل منها ساحة صدام ساخن ودائم ومهول، الأمر الذي أنعكس – بطبيعة الحال – على المشهد الإبداعي الفلسطيني عموماً، وبالتالي كان الشعر الفلسطيني – باعتباره مُنتجاً إبداعياً هو شعر الضرورة، الذي ينبغي له أن يتصدى للاحتلال ويكون سلاحاً في وجهه، لذا كانت القصيدة الشعرية في فلسطين ساخنة وزاعقة وحماسية ومباشرة في ظل وجود محتل غاصب وحق ضائع حيث لم تكن هناك فرصة كافية للتأمل والتجريب ناهيك عن الحصار الذي فرضه المحتل على الثقافة الفلسطينية، باعتبارها إحدى وسائل المقاومة.. لكننا كمثقفين نعتبر دولة الاحتلال كياناً غاصباً يؤدي دوراً وظيفياً لصالح الإمبريالية الغربية التي تنهب ثرواتنا وتصادر مستقبلنا وأحلامنا.. وعلى المثقفين العرب ألا يتبعوا السياسيين المحكومين بموازين القوى والمرتبطين في الأساس بالممكن اللحظي أو غير الممكن الأني، لأن المثقفين استراتيجيون، تقع على عاتقهم مُهمة حراسة الحقوق والمبادئ والقيم والحفاظ على ثوابت الأمة، وبالتالي فإن المثقف حر، وعليه أن يحافظ على هذه الحرية ولا يتبع السياسي ولا يبرر له أفعاله ولا يلهث وراءه، لأن السياسي الجيد هو الذي يقترب من المُثقف والمُثقف السيئ هو الذي يقترب من السياسي.
باكثير:
وفي الجانب المسرحي الخاص بالقضية الفلسطينية – يرى الدكتور أبو بكر الباكري – جامعة صنعاء – ما معناه : ( أن موضوع فلسطين قد أنعكس في الأدب العربي عموماً وفي الأدب الإسلامي خصوصاً، وسيستمر هذا ما بقيت المأساة الفلسطينية دون حل، مؤكداً على أن مسرحيات باكثير الخاصة بالقضية الفلسطينية تدخل في دائرة الإبداع المتأمل للمأساة الفلسطينية ومن ثم فهي تقدم رؤية لفهم القضية رؤية متجددة ومتطورة تختلف من مسرحية إلى أخرى فمسرحية ( شيلوك الجديد) 1945م تقام فيها دولة إسرائيل قبل قيامها بثلاث سنوات على أرض الواقع، وترى أنها ستسقط بعد سبع سنوات إذا نجح العرب في فرض حصار اقتصادي محكم عليها – واتخذت الجامعة العربية بعد قيام دولة إسرائيل هذا القرار ولكن لم يطبق بشكل محكم – وفي عام 1949م كتب باكثير مسرحية (مأساة أوديب) وفيها رؤية عميقة لفهم قيام دولة إسرائيل بعد قيامها، فالشعب الفلسطيني سيق قهراً إلى هذا المأساة التي خطط لها الأعداء ولم تقم الأنظمة العربية بدور فاعل في مقاومتها بل منهم من ساهم فيها ليحقق مآربه الخاصة يشبه سوق الفلسطينيين إلى مأساتهم .
ويتابع الدكتور البابكري قوله: وتنقلنا الرؤية في مسرحية (إله إسرائيل) التي كتبها باكثير في مطلع الستينات من القرن الماضي من المأساة الفلسطينية إلى مأساة البشرية مع بني إسرائيل منذ موسى عليه السلام ، إلى قيام دولتهم في العصر الحديث، وهذه رؤية تنبع من القرآن الكريم، وتدعو إلى تعاون إسلامي مسيحي في مواجهة هذا الشر الصهيوني الخطر على مستقبل البشرية.
ويخلص الدكتور البابكري بقوله: إذا كانت رؤية الحصار الاقتصادي لم تعد قائمة اليوم، بل تحولت إلى حصار للشعب الفلسطيني، فإن انهيار إسرائيل من الداخل أو في تغير الموقف المسيحي منها أو في تفاهم إسلامي مسيحي مع اليهود المناهضين للصهيونية ما زال قائماً ويسكن المستقبل.. ولذلك يقول أحد المبدعين العالمين: إننا يجب أن نسبق عصرنا في كتاباتنا لأنها حتماً ستكون متأخرة حين تكتفي برصد الأحداث الجارية، ذلك أن المسافة بين كتابة النص ووصوله إلى القارئ ليست هينة وقيل أيضاً إن العباقرة غالباً ما يسبقون عصورهم في رؤاهم واكتشافاتهم العلمية.
طوفان الأقصى – طوفان الشعر
موقع الوفاق – نت – لـ  "مونا سادات خوسته" وتحت عنوان :عندما تصنع الكلمات طوفان الشعر دعماً لغزة العزة - تقول: "عجبت لقوم أن سقطت تفاحة أمامهم اكتشفوا الجاذبية، وإن سقطت الأرواح أمامهم لم يكتشفوا الإنسانية".
هناك مواقف وقضايا على طول الأعوام أصبحت هي القضية الأولى للعالم بأجمعه ، ومنها قضية فلسطين وشعبها المظلوم، من قبل الكيان الصهيوني المحتل الذي يحاول قلب التاريخ وهذا الصراع وهذه المقاومة متواصلة منذ سنين متتالية ، ويعرف الجميع الاشعار التي أنشدها شعراء المقاومة.
أما ماذا حدث خلال الأسابيع الماضية القريبة؟ وحرك مشاعر الشعراء حيث اجتمع الجميع لدعم غزة العزة برصاص الكلمات؟ ما الذي وضع في ضمير أحرار العالم من مسلم أو غير مسلم لكي يعرف الجميع همجية ووحشية هذا الكيان المحتل؟
ما أصعب ما يدور في قطاع غزة المظلومة وصراخ الاطفال وتخريب البيوت والإبادة الجماعية التي قام بها الكيان الصهيوني.. نعم.. هذا هو الذي وحد الجميع لكي تعلو الأصوات دعماً لغزة العزة.. غزة المقاومة – وما نشهده اليوم من كل حدب وصوب، هو الحضور وطوفان البشر الذين يتحركون مطالبين بإيقاف هذه الجرائم.. وها هي شبكات التواصل الاجتماعي تكتظ بتشكيل مجموعات ونشر الأخبار نصره لقضية فلسطين التي أصبحت قضية كل إنسان حر في أي نقطة من العالم.. وللشعراء دور كبير بنقل الموقف ومخاطبة الضمائر لما يجري في غزة ..وقد لمسنا ذلك الزخم والدعم والتفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي منها (صوت فلسطين) التي استضافت مجموعة كبيرة من الشعراء ومن الكتاب والأدباء والمراسلين من مختلف الدول، وفي جميع انحاء العالم .. الجميع عبروا عن دعمهم لفلسطين.