يناير 7, 2024 - 20:22
بلدة النافورة اللبنانية ذات  معالم تاريخية و أثرية تحاكي صراعها مع الأحتلال الإسرائيلي 

عرب جورنال / أروى حنيش - 
الناقورة هي بلدة لبنانية ساحلية تابعة لقضاء صور، تقع في أقصى الجنوب الغربي للبنان، إذ تتواجد هذه البلدة على الحدود مع فلسطين، وهي المعبر الساحلي للأراضي المحتلة.
تبعد البلدة عن العاصمة بيروت 103 كلم، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 60 م. تقع في أقصى الجنوب اللبناني على الحدود مع فلسطين المحتلة
اللغة
يحدها البحر المتوسط من الغرب، وفلسطين المحتلة من الجنوب، أما من الشمال فتحدُّها بلدة المنصوري، ومن الشرق بلدة علما الشعب وطير حرفا.
و تضم مركز لقيادة قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفل)، التي تتمركز هناك لحفظ السلام في لبنان، بعد حرب إسرائيل على لبنان سنة 2006.

التاريخ معالم 

لم يتم تحديد تاريخ تأسيس البلدة، لكن حسب ما نشره موقع "القدس العربي" يشاع أنه تم بناؤها من قِبل الصليبيين، على جانبي الطريق الدولي، عندما كانوا متوجهين إلى عكا وبيت المقدس، عند مغارة عميقة.
فيما يشار إلى أنه قد تعاقبت العديد من الحضارات على هذه البلدة، من بين هؤلاء الفرس والرومان والعرب والصليبيون والمماليك والعثمانيون والفرنسيون.

أصل التسمية

 هناك عدة روايات، إحداها تعود إلى عهد الإسكندر المقدوني، الذي أمر بنقر الجبل الذي يمنعه من عبور الساحل ليسهل وصوله إلى فلسطين والعراق، ليتم تسميته المكان "النواقير"، ويتحول بعد ذلك إلى الناقورة، والذي يعني الثقب أو النفق.

أما الرواية الثانية فتقول إن الاسم مشتق من الكلمة الفينيقية "نقور"، والتي تعني النقر أو الحفر، وهو ما يفسر وجود عدة كهوف ومغارات في المنطقة.

أبرز ما تشتهر به بلدة الناقورة 

تشتهر البلدة بشاطئها الصخري الممتد في البحر يسمى وذلك لكونه من بين أنظف الشواطئ التي يمتاز بها لبنان، الشيء الذي يجعل أسماكه من بين الالذ والأشهر في كل البلاد وأقيمت بجانب الأرض المحتلة  بعض المعالم السياحية لوجود الأنفاق المائية الطبيعية. ويعتبر الصيد بالإضافة إلى الزراعة من أهم المصادر الاقتصادية في البلدة.
كما تعرف البلدة بمناظرها الطبيعية الخلابة، من جبال وأودية، وينابيع مياه جوفية، ويمتد البحر أمامها على مساحة عشرة كيلومترات.
وتوجد في الجهة الفلسطينية من البلدة محمية طبيعية ذات منظر خلاب، يمكن من هناك مشاهدة شروق وغروب الشمس، إضافة إلى الحيوانات البحرية، الموجودة في المحمية هناك.
فيما تتميز المناطق المجاورة بالصخور التي تنزل إلى مياه البحر المتوسط، الشيء الذي يجعلها من أجمل الأماكن السياحية في لبنان ذات الإطلالة الصخرية.
ويعتبر الموقع الجغرافي لبلدة الناقورة مهماً، وذلك لأنها بلدة تقع على الطريق الدولي الذي يربط بين بلاد الشام ومصر، وهو الشيء الذي جعلها مركزاً للتجارة وتبادل البضائع بين الحضارات القديمة.

بلدة الناقورة والصراع الإسرائيلي 

تم غزو لبنان من طرف الجيش البريطاني عن طريق بلدة الناقورة، وذلك سنة 1945، كما قاموا بتعبيد الطريق الرابطة بين فلسطين ولبنان خلال الحربين العالمية الأولى والثانية.
وقامت القوات البريطانية بحفر نفق للسكك الحديد يربط بين مدينة حيفا وبيروت، وذلك بغرض تسهيل حركة الإمدادات من مصر إلى الشمال.
وبعد انسحاب بريطانيا من فلسطين، ومع بداية الاحتلال الإسرائيلي سنة 1948، اعتقلت القوات الإسرائيلية سكان منطقة الناقورة، وفجرت السكك الحديدية والجسور التي تم تشييدها في الكهوف لمنع الجيش اللبناني من الدخول إلى الأراضي المحتلة.
فيما قامت باحتلال جزء من البلدة وأقامت فيها مستوطنة تسمى "روش هانيكرا"، ليتم احتلالها بشكل كامل خلال حرب سنة 1967، وإدخالها ضمن مناطق السيطرة الإسرائيلية.
أما خلال سنة 1978، فقد شنَّ الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية أطلق عليها اسم "ليتاني"، هدفت إلى طرد المقاومة الفلسطينية من جنوب لبنان، ونتج عن ذلك الاستيلاء على مناطق أخرى في البلدة، وإقامة عدة مستوطنات بها.
شنَّت إسرائيل عدواناً آخر على لبنان، سنة 1982، وهو الذي أدى إلى احتلال بيروت وعدة إراضٍ في البلاد، وتشكيل ميليشيا "جيش لبنان الجنوبي" الموالية لإسرائيل، والتي سيطرت على الناقورة ومناطق أخرى.
أما خلال سنة 2000، فقد تمكنت المقاومة اللبنانية، بقيادة حزب الله، من تحرير الناقورة وكل الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يعرف بتحرير مايو.
إلا أن إسرائيل شنت حرباً جديدة على لبنان في عام 2006، وهي الحرب التي استهدفت الناقورة ومناطق أخرى، بالقصف الجوي والبري والبحري، إلا أن المقاومة تصدت لها، ليكون الانتصار فيها من نصيب لبنان.
و تستمر حدة التوترات في التصاعد يوميا بين إسرائيل و"حزب الله" على خلفية الاشتباكات المتواصلة منذ 8 من أكتوبر ، على الحدود الجنوبية للبنان، والبالغ طولها حوالي 120 كلم من مرتفعات الجولان السوري شرقا الى بلدة الناقورة غربا.
وخلفت هذه المواجهات المسلحة التي لم تصل لذروة "الحرب"، قرى خاوية في الجنوب اللبناني وطرقات مهجورة من المارة والسيارات، إضافة إلى عشرات القتلى والمصابين والمنازل المدمرة.
وهاجم "حزب الله" مواقع عسكرية ومستوطنات إسرائيلية وطائرات مسيرة بالأسلحة المناسبة ، حتى وصل مؤخرا الى استخدام صواريخ "بركات" التي يصل وزنها الى 500 كيلوغراما من المتفجرات في استهداف مواقع إسرائيلية، وفق مراسل الأناضول.
ومنذ أن دخل "حزب الله" على خط حرب غزة التي اندلعت في 7 أكتوبر علي إثر عملية "طوفان الأقصى"، عبر قصف مواقع عسكرية إسرائيلية على الحدود مع لبنان، والرد العنيف من قبل تل أبيب باستهداف بلدات لبنانية جنوبية، تزايدت المخاوف بشأن احتمالات نشوب "حرب شاملة" بين البلدين.
ومنذ 8 أكتوبر، قتل جراء القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان، 26 مدنيا لبنانيا، بينهم 3 صحفيين و3 أطفال، إضافة إلى 126 عضوا في "حزب الله".
وعلي الجانب الآخر، تسببت الهجمات التي ينفذها "حزب الله" في مقتل 5 مدنيين إسرائيليين، و8 جنود إسرائيليين، وفق ما يعلنه الجيش الإسرائيلي والسلطات في تل أبيب.
وفي 6 ديسمبر الحالي، توعّد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بإبعاد "حزب الله" إلى ما وراء نهر الليطاني جنوب لبنان، "سواء بترتيب سياسي دولي أو بتحرك عسكري استنادا إلى القرار الأممي 1701"، ما أدخل "التسوية الدولية" في معادلة التوتر الراهنة، بجوار "الحرب الشاملة".
غير أن تقارير إعلامية عبرية أشارت إلى وجود "ضغط أمريكي وفرنسي" على تل أبيب من أجل "عدم توسيع الصراع إلي الشمال أو الخوض في حرب شاملة مع قوات حزب الله في لبنان".
وتعد عملية اغتيال القيادي في حماس محمد العاروري، في بيروت، مع بداية سنة 2024، وقصف إسرائيل بلدة الناقورة من جديد بعد استهداف قياديين في حزب الله، آخر ما شهدته البلدة الجنوبية، والتي تشير إلى تصعيد محتمل بين الطرفين.