أبريل 20, 2024 - 16:19
الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني أماط اللثام عن تصهين نظام الأردن المزمن


عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي - 
بعيدًا عن التذكير بماضي بعض الأنظمة العربية التي تأسست على العمالة للإمبريالية الغربية، وبصرف النظر عمَّا ناله الهجوم الإيراني على دولة الكيان الصهيوني من رضا الجماهير العربية المتفائلة التي اعتبرته عملًا عسكريًّا يمكن البناء عليه في خوض صراعٍ إسلاميٍّ مع هذا الكيان الغاصب وتحقيق هدف القضاء عليه، وبصرف النظر عن اعتبار ذلك الهجوم -في الأوساط الجماهيرية العربية المتشائمة- مجرد مشهدٍ دراميٍّ متفقٍ عليه، فقد كان موقف قيادة الأردن الشقيق من هذا الحدث الإقليمي غير المسبوق مستعصيًا على التصديق، إذ لم يكن من المتوقع أن تجند المملكة الأردنية صاحبة الوصاية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس الفلسطينية إمكاناتها العسكرية للدفاع عن الدولة الصهيونية.

حيلولة الحكومة الأردنية دون نصرة للمقاومة الفلسطينية 

بالرغم من كثرة ما يجمع الشقيقتين الأردن وفلسطين من قواسم مصيرية مشتركة فإنَّ ما يحكم علاقات المملكة الأردنية بالسلطات الأمريكية ومن قبلها البريطانية من تحالفات نوعية أقرب ما تكون إلى التبعية -في ضوء ما توليه القوتان العُظميَان من رعاية متواصلة للدولة الصهيونية- قد حتم على قيادة الأردن اتخاذ موقفٍ معادٍ للمقاومة الفلسطينية بصورةٍ دائمة، وقد انعكس ذلك العداء -منذ تفجر «طوفان الأقصى» إلى هذه الأثناء- بحظر أية مواقف جماهيرية أردنية منددة بما يُقترف في حقِّ أطفال غزة من حرب إبادة جماعية من قبل القوات الصهيونية، وقد تجسد هذا المعنى العمالي في مستهل الخبر الصحفي المعنون [قوات الأمن الأردنية تفرق متظاهرين كانوا متجهين إلى السفارة الإسرائيلية في عمان] الذي نشره موقع «يورونيوز عربي» يوم الأربعاء الـ27 من مارس الفائت- على النحو التالي: (فرقت قوات الأمن الأردنية متظاهرين كانوا يتوجهون نحو السفارة الإسرائيلية في «عمان» مساء أمس الثلاثاء لليوم الثالت على التوالي مطالبين الحكومة الأردنية بوقف كافة أشكال التطبيع مع إسرائيل وبإنهاء الجسر البري الذي ينقل البضائع من دول الخليج إلى الكيان العبري).
كما تجسد معنى هذا الموقف المخجل بصورة أشمل في مستهل تقرير «جين شاؤول» الخبري التحليلي المعنون [الأردن يقمع الاحتجاجات ضد الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة] المنشور في «موقع الويب الاشتراكي العالمي» منذ الـ8 من أبريل الحالي بما يلي: (لعب نظام الملك عبدالله في الأردن دورًا حاسمًا في دعم حرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة،  إذ لم يحرك نظامه ساكنًا لدعم الفلسطينيين، بل قام بدلًا من ذلك بقمع الاحتجاجات اليومية في العاصمة عمان للمطالبة بإنهاء الحرب وقطع علاقات المملكة مع إسرائيل.
وفي نوفمبر الماضي حظرت السلطات الأردنية الاحتجاجات القريبة من الحدود مع الضفة الغربية لأنها تشكل -من وجهة نظر حكومية- تهديدًا للأمن الوطني.
وكانت الاحتجاجات التي اندلعت في نهاية شهر مارس استنكارًا للهجمات الإسرائيلية على مستشفى الشفاء في غزة والغزو الوشيك لرفح سببًا في إزعاج نظام «عبدالله»، فألقى المسؤولون الأردنيون اللوم على قادة «حماس» وخاصة الزعيم السابق «خالد مشعل»).

مشاركة عمَّان في التصدي للهجوم على الكيان 

ممَّا لم يكن في الحسبان ولم يدُر في خلد إنسان أن تتعامى سلطات المملكة الأردنية عمَّا يُزهق في «قطاع غزة» وفي «الضفة الغربية» -منذ أكثر من ستة  أشهر- من الأرواح الفلسطينية بواسطة آلة القتل الصهيونية، فتنبري بكل ما لديها من إمكانية للمشاركة في الدفاع عن دولة «الكيان المحتل» من الصواريخ والمسيرات الإيرانية التى ضاق بها الفضاء منذ أسبوعٍ مضى، وقد أشير إلى إقدام سلطات الأردن على اتخاذ هذا الإجراء الخليق بالازدراء من فوق صخور «البتراء» -في سياق التقرير التحليلي المعنون [تداعيات التصعيد الإيراني الإسرائيلي على حرب غزة] الذي نشره «مهاب عادل» في «المرصد المصري» في الـ14 من أبريل الجاري- بما يلي: (تدفع العديد من التحليلات الإسرائيلية بأهمية المكتسب المتحقق جراء الهجوم الإيراني أمس والذي أسهم في تنسيق ما أشبه بالتحالف الذي قادته الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وبعض الدول الأوروبية بالتنسيق والتعاون مع دول الإقليم وفي مقدمتها دولة «الأردن» التي اعترضت عبر مجالها الجوي عدد من المسيرات الإيرانية).
ومن المؤسف أن «الأردن» -وهو البلد الأضعف في إقليمنا العربي الذي تشكل «أمريكا» من بعض أقطاره شكلًا من أشكال التحالف- قد أنزل نفسه -بهذا الإجراء العسكري المكلف- منزلًا يُفقده آخر ما كان يحظى به من تعاطُف، وذلك ما يمكن أن يستشفّ من ذهاب الأستاذ الجامعي المغربي الدكتور  «طارق ليساوي» -في سياق مقاله التحليلي المعنون [لماذا أرى أن الضربة الإيرانية استمرار لحرب 7 أكتوبر من حيث الأهداف الاستراتيجية؟] الذي نشره في «رأي اليوم» يوم الأربعاء الـ17 من أبريل الحالي- إلى ما يلي: (لكن الأردن سيجعل نفسه  -وبالأخص النظام الرسمي- أول نظام عربي يسخِّر إمكانياته لحماية الكيان من صواريخ الأعداء، فالأردن شارك مع بعض حلفاء الدولة الإسرائيلية في التصدي لهذه الرشقات الصاروخية الليلية).
ولعل موقف النظام الأردني المتصهين قد جعل «كيان العدو» يراهن على الأردن في لعب دورٍ ماكرٍ وشائن في استخراج ما تبقى له في قبضة المقاومة من «رهائن»، وذلك ما يمكن أن يُفهم من انطواء تقرير «مهاب عادل» الذي مرَّ بنا على: (يمكن أن تلعب دولة «الأردن» دورًا إيجابيًّا في ملف تحرير الرهائن، خاصة في ظل موقفها الإيجابي تجاه «تل أبيب» في التصعيد الأخير وتصديها لهجمات المسيرات الإيرانية في مجالها الجوي، على النحو الذي عكس في الإدراك الإسرائيلي -وعبرت عنه العديد من التحليلات والتقديرات الإسرائيلية- أهمية تحقيق معادلة الردع والأمن الإسرائيلي من خلال التنسيق مع الشركاء الإقليميين).

بطلان مزاعم الدفاع السيادة المخالف للعادة 

كان «الأردن» البلد العربي الأوحد الذي اشترك مع قوى غربية صهيوماسونية في اعتراض الهجمات الإيرانية التي انطلقت -مطلع الشهر- صوب أهداف صهيونية، وفي مسعىً من سلطات «عمَّان» لتبرير صنيعها الجدير بالاستنكار، زعم مسؤولون أردنيون أنَّ قرار إسقاط بعض تلك المقذوفات يندرج في سياق الدفاع عن سيادة أجواء البلاد التي انتهكت دون سابق إنذار.
 والحقيقة أنَّ «إيران» أخطرت كل دول الجوار باتخاذها القرار لا سيما تلك التي أجواؤها في طريق المسار، ولأنَّ {الحقّ ما شهدت به الأعداء}، فقد تأكد حرص «طهران» على إخطار الأقطار ذات الصلة بالمسار في طيات الخبر الصحفي الموسع المعنون [هل قدمت إيران إخطارًا بالهجوم على إسرائيل؟] الذي نشره موقع «الحرة» الأمريكي منتصف أبريل الحالي على النحو التالي: (قال مسؤولون أتراك وأردنيون وعراقيون -الأحد-: إنَّ إيران قدمت إخطارًا واسع النطاق قبل أيام من الهجوم بطائرات مسيرة وصواريخ على إسرائيل أمس السبت وهو ما أتاح تفادي سقوط أعداد كبيرة من الضحايا وتفاقم التصعيد.
وأكد المسؤولون العراقيون والأتراك والأردنيون إنَّ إيران قدمت إنذارًا مبكرًا بأنها ستنفذ الهجوم على إسرائيل وشمل الإنذار بعض التفاصيل.
وقال مسؤول أردني كبير إنَّ إيران استدعت مبعوثين عربًا في طهران الأربعاء الـ10 من إبريل الحالي لإبلاغهم بنيتها تنفيذ هجوم، لكنها لم تحدد التوقيت.
وردًّا على سؤال عمَّا إذا كانت إيران قدمت أيضًا تفاصيل عن الأهداف ونوع الأسلحة التي ستستخدمها لم يرد المصدر الأردني مباشرة، لكنه أشار إلى أن الأمر صحيح).
وفي ضوء هذا التبيان يتأكد -الآن- أنَّ تبرير «عمَّان» لمشاركتها في إسقاط الصواريخ التي صوبت من «إيران» على بعض الأهداف العسكرية في الأراضي المحتلة التي تمثل جغرافية «دولة الكيان» مزاعم واضحة البطلان. 
ومن ناحية أخرى، من حقنا أن نسأل «حُكُمدار عمَّان»: أين كانت ردَّة الفعل العصماء على ما حصل من انتهاكٍ للأجواء حين انتهكنت بجلاء -في الـ7 من يونيو 1981- من قبل المقاتلات الصهيونية التي تقمصت الهوية الأردنية حتى يسهُل عليها إنجاز مهمة تدمير مفاعل «تموز» العراقي النووي الذي كان ما يزال -في تلك الأثناء- قيد الإنشاء،  لا سيما وأنَّ ذلك الاستهداف العدواني اللعين الذي يعتقد جُلُّ المتابعين أنَّه تمَّ بتواطؤ أردنيٍّ رسميٍّ مشين قد أسفر -بالإضافة إلى وأده حلم مئات الملايين من عربٍ ومسلمين- عن قتل 10 مواطنين عراقيين؟؟!!!