أبريل 29, 2024 - 16:47
الصهيونية المسيحية النشأة .. وتغلغل النبوءات التوراتية في أمريكا و أوروبا 


عرب جورنال / كامل المعمري - 
"لقد كان العهد الذي قطعه الله مع إبراهيم، وكان هذا العهد واضحاً جداً: إذا باركت إسرائيل أباركك، وإذا لعنت إسرائيل ألعنك، هل تريدين ان يلعن الله جامعة كولومبيا" 


هكذا كان رد النائب الجمهوري في الكونجرس الامريكي  ريك إلين عندما ظهر في  21 أبريل/نيسان من الشهر الجاري  وهو يحذر من أن يلحق بجامعة كولومبيا لعنة الرب بسبب المظاهرات التي نظمها طلابها دعماً لقطاع غزة، ورفضاً للدعم الأمريكي اللامحدود للحرب الإسرائيلية

تعتبر الصهيونية المسيحية ظاهرة دينية وثقافية تنشأ عن اعتقاد ديني في تحقيق مشروع العودة اليهودية إلى أرضهم التاريخية في فلسطين

 وبالرغم من أن الصهيونية ترتبط تاريخيًا باليهودية، إلا أنها أيضًا تجذب دعمًا من قبل بعض المجموعات المسيحية في العالم، وخاصة في أمريكا وأوروبا

ولعل الدعم اللامحدود من الولايات المتحدة الامريكية والغرب للكيان الإسرائيلي هو نتاج هذه العقائد الدينية  التي جعلت قادة الرأي في امريكا واروبا ينظرون الى اسرائيل باعتبارها تحفة من حدائق الله في الشرق الأوسط ويجب الدفاع عنها وعدم التخلي عنها

إنها العقائد الدينية المحرك الرئيس لتوجهات  الولايات المتحدة الامريكية.والغرب في دعم الكيان الصهيوني وتبرير جرائمة بحق الشعب الفلسطيني 


نشأة الصهيونية المسيحية في أمريكا 

تاريخ الصهيونية المسيحية في أمريكا يعود إلى القرن التاسع عشر، حيث برزت بقوة في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى وقد كانت لها تأثير كبير في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، خصوصًا فيما يتعلق بقضايا فلسطين وإسرائيل

وتعتمد قوة الصهيونية المسيحية في أمريكا على عوامل ثقافية ودينية متعددة، بما في ذلك التأثير المسيحي التبشيري والاهتمام بالتنبؤات النبوية المتعلقة بعودة يسوع المسيح.

حيث وتعتبر الكنائس والمنظمات الدينية في أمريكا أحد أهم مظاهر دعم الصهيونية المسيحية و تقوم هذه المؤسسات بتوجيه الدعم المالي والسياسي لمشاريع صهيونية والمساهمة في نشر الوعي بين المجتمعات المحلية.

في كتابه "الصهيونية المسيحية" يقول المفكر اللبناني محمد السماك  أن "المجتمع الأميركي أكثر تدينا من أوروبا، فبحسب العديد من الإحصائيات يذهب 14 بالمئة من سكان أوروبا المسيحيين إلى الكنائس مرة في الأسبوع"
أما في الولايات المتحدة، فعدد الذين يذهبون إلى الكنائس يقدر بـ 47 بالمئة، وكذلك يتأثر الإنسان الأميركي بالنظريات الدينية وما ورد في الكتاب المقدس، وفق قوله.

 ولعل الدور الحيوي للكنائس والمنظمات الدينية في دعم الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة احد اهم العوامل التي اسهمت في التبشير 

 تعد الولايات المتحدة مركزًا رئيسيًا للصهيونية المسيحية، حيث تمثل الكنائس والمنظمات الدينية دعامة أساسية في تعزيز هذا التوجه وقد برز تأثيرها في دعم الصهيونية المسيحية من خلال توفير الدعم المالي والمعنوي وتعزيز السياسات المؤيدة لإسرائيل للمشاريع الصهيونية من خلال التبرعات والتمويل.

على سبيل المثال، في عام 2018، قامت الكنيسة الكاثوليكية بالولايات المتحدة بتقديم تبرعات مالية كبيرة لصالح مشاريع إسرائيلية في مجالات مثل التعليم والصحة هذا الدعم المالي يساهم في تعزيز البنى التحتية في إسرائيل وتحقيق أهداف الصهيونية المسيحية.

كما  لعبت الكنائس والمنظمات الدينية دورًا مهمًا في توجيه الدعم المعنوي للصهيونية المسيحية.

حيث تنظم الكنائس الندوات والمؤتمرات التي تسلط الضوء على أهمية دعم إسرائيل وتحقيق الوعد الإلهي.

ففي عام 2020، نظم "التحالف المسيحي التبشيري" حملة. كان الهدف منها نشر الوعي بأهمية دعم إسرائيل ودورها في الشرق الأوسط


وهذا يؤكد بأن  الكنائس والمنظمات الدينية تعمل على  ايجاد قواعد سياسية من شأنها ان تدعم إسرائيل وتعزز علاقاتها مع الولايات المتحدة.


اضافة لذلك فان  "التحالف المسيحي التبشيري" و"اللجنة الوطنية للدعم اليهودي" بالضغط على الحكومة الأمريكية لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه القضايا المتعلقة بإسرائيل.

لذلك تواصل   الولايات المتحدة وقادتها بتوجيه  الدعم اللامحدود لإسرائيل على كافة  المستويات 


المسيحية الصهيونية في أوروبا 

لايختلف الامر كثيرا في أوروبا عن امريكا فقد  ارتبطت الصهيونية المسيحية بالقرون الأخيرة، وخاصة مع ظهور الصهيونية السياسية في القرن التاسع عشر

تأثرت الصهيونية المسيحية في أوروبا بأحداث تاريخية كثيرة، بما في ذلك الحروب العالمية والهولوكوست.

في ألمانيا، على سبيل المثال تشهد الصهيونية المسيحية تواجدًا ملحوظًا، خاصة بين بعض الجماعات الدينية النشطة والحركات السياسية. تتأثر هذه الجماعات بتفسيرات مسيحية بروتستانتية تشير إلى عودة يسوع ونهاية العالم، وترتبط بنقل اليهود إلى الأرض المقدسة كجزء من هذه النبوءات التواراتية.
ومن ثم، فإن الدعم لإسرائيل وتأييد السياسات الإسرائيلية يُنظر إليه عادة على أنه جزء من التحضير لعودة المسيح ونهاية العالم.

أما في فرنسا، فالصهيونية المسيحية لديها أيضًا وجود، ولكنه قد يكون أقل بروزًا مقارنة بالولايات المتحدة وألمانيا. على الرغم من ذلك، توجد بعض الجماعات والمؤسسات الدينية والسياسية التي تؤيد إسرائيل وترى في دعمها تحقيقًا للنبوءات التواراتية


الصهيونية المسيحية والتفوق الأبيض

تاريخ العلاقة بين الصهيونية المسيحية والتفوق الأبيض يعود إلى الصهاينة المسيحيين الأوروبيين الأوائل، حيث كانت تلك العلاقة متشابكة بتراكمات تاريخية وأفكار معقدة تتعلق بالدين والسياسة والعرق لكنها سرعان ماتلاشت 

إعلان وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور في عام 1917 بشأن دعم حكومته لإنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي" في فلسطين يُظهر مدى تشابك العلاقة بين الصهيونية المسيحية والتفوق الأبيض. على الرغم من أن هذا الإعلان قد يبدو في ظاهره كدعم لليهود، إلا أنه في الواقع كان يتضمن جوانب من التفوق الأبيض ومعاداة السامية. فقد نشأ دعم بلفور للصهيونية من الرغبة في وقف الهجرة اليهودية إلى بريطانيا والتخفيف من التأثير اليهودي في الحياة السياسية والاقتصادية.

في مقدمته لكتاب ناحوم سوكولوف "تاريخ الصهيونية" عام 1919، أشار بلفور إلى أن الحركة الصهيونية ستخفف من المآسي التي سببها اليهود للحضارة الغربية على مر العصور. هذا التصريح يكشف عن الرؤية الاستعمارية التي كانت تحكم الدعم البريطاني للصهيونية، حيث كانت الهدف الرئيسي هو استخدام الصهيونية لتحقيق مصالح الإمبراطورية البريطانية في المنطقة والتحكم في مسار الهجرة اليهودية 

تُظهر هذه الحالة كيف تم استغلال الصهيونية كأداة لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية للدول الأوروبية القوى، وكيف تم استخدام التفوق الأبيض ومعاداة السامية لتبرير دعم الصهيونية وتشكيل السياسات الخارجية. هذا التاريخ يبرز تفاعلًا معقدًا بين العوامل الدينية والسياسية والاقتصادية التي شكلت تحالفات وتحركات تاريخية قوية في العلاقة بين الصهيونية المسيحية والتفوق الأبيض ولكن سرعان ماتلاشت هذه العلاقة المتشابكة وتحولت الى الصهيونية المسيحية الى عقيده راسخة في اذهان قادة الراي في بريطانيا وذلك بفعل الدور الكبير الذي لعبته المنظمات والمؤسسات الدينية الداعمة للصهيونية المسيحية.

انتشرت الصهيونية المسيحية في أمريكا والغرب بشكل رئيسي من خلال عوامل عدة، بما في ذلك العوامل الدينية والثقافية والسياسية ولعل اهم  العوامل  التي ساهمت في انتشارها:

التأثير الديني واللاهوتي: لعبت العقيدة المسيحية دورًا كبيرًا في انتشار الصهيونية المسيحية، حيث يعتبر الكثيرون من النصارى أن إحياء دولة إسرائيل وعودة اليهود إلى أرضهم يعتبرونها تحقيقًا لنبوءات في الكتاب المقدس. يرى العديد من المسيحيين أن دعم إسرائيل جزء لا يتجزأ من واجبهم الديني.

التأثير الثقافي والإعلامي: شهدت الصهيونية المسيحية نموًا في الولايات المتحدة والغرب بسبب تأثير وسائل الإعلام والثقافة الشعبية، مثل الأفلام والكتب والبرامج التلفزيونية، التي عرضت قضايا الشرق الأوسط وإسرائيل بشكل إيجابي وداعم لها.

النشاط الدعوي والبعثات الدينية: عمل العديد من القادة الدينيين والمبشرين على نشر الفكر الصهيوني المسيحي من خلال البعثات الدينية والنشاطات الدعوية، وهذا ساهم في تعزيز الوعي بالصهيونية المسيحية وقضايا إسرائيل بين الجماهير.

التأثير السياسي واللوبي اليهودي: لعبت العلاقات السياسية والاقتصادية بين الولايات المتحدة وإسرائيل دورًا هامًا في تشجيع الدعم الصهيوني المسيحي. كما أن لوبيات اليهود في الغرب تعمل على تعزيز الدعم لإسرائيل والصهيونية المسيحية من خلال النشاطات السياسية والإعلامية.

التأثير الاجتماعي والثقافي: يمكن أن يكون الدعم لإسرائيل والصهيونية المسيحية ناتجًا عن العوامل الاجتماعية والثقافية في المجتمعات الغربية، مثل الانتماء الوطني والعقائد الدينية والانفتاح على الثقافات الأخرى.


نقطة تحول 

في الثمانينات، بدأ نفوذ الصهيونية المسيحية يظهر بشكل واضح في الولايات المتحدة، وذلك مع انطلاق المؤتمر الصهيوني السنوي للسفارة المسيحية الدولية في القدس. 

هذا الحدث أصبح نقطة تجمع للقادة والشخصيات الدينية والسياسية البارزة في الولايات المتحدة وأوروبا، وقدم فرصة لتعزيز الدعم لإسرائيل والصهيونية من خلال منصة دينية

شخصيات بارزة مثل جيري فالويل وبات روبرتسون، اللذان كانا قسين معمدين محافظين ومبشرين تلفزيونيين، كان لهما دور بارز في تعزيز الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة خلال تلك الفترة. كانوا يستخدمون شعبيتهم ونفوذهم في الوسائط الإعلامية لتعزيز الدعم لإسرائيل وتسليط الضوء على القضايا الصهيونية.
بات روبرتسون، الذي كان أيضًا رئيس شبكة البث المسيحية، كان له تأثير كبير في توجيه قضايا الشرق الأوسط ودعم إسرائيل عبر برنامجه التلفزيوني الشهير وتصريحاته العامة.

 وكان يشجع بانتظام على دعم إسرائيل كجزء من معتقداته الدينية ورؤيته السياسية.

جيري فالويل، الذي كان معروفًا بمواقفه المحافظة والمتشددة، كان يلقب بـ "المبشر السياسي"، وقد كان له دور كبير في تعزيز الدعم لإسرائيل والصهيونية بين القواعد الدينية المحافظة في الولايات المتحدة. كان يستخدم برامجه التلفزيونية ومواقفه العامة لتأكيد أهمية دعم إسرائيل كجزء من معتقداته الدينية وتعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

بشكل عام، كان لهؤلاء القادة الدينيين البارزين دور مهم في تشكيل الرأي العام وتوجيه السياسات الأمريكية نحو دعم إسرائيل، وأضفوا صوتًا قويًا إلى الصهيونية المسيحية في الثمانينات وما بعدها وذلك عبر تشكيل العديد من المنظمات التبشيرية مثل 

منظمة الأغلبية الأخلاقية، التي أسسها جيري فالويل في عام 1979، كانت هيئة تنظيمية سياسية للمذهب الإنجيلي في الولايات المتحدة، وقد جمعت الآلاف من الكنائس والملايين من الناخبين المسجلين تحت اسم "اليمين المسيحي". تأسست المنظمة بهدف تعزيز المبادئ الدينية والأخلاقية في الحياة السياسية والعامة، وكان لها تأثير كبير على السياسة الأمريكية خلال العقود التي تلت تأسيسها.

بحلول العام 2003، أصبحت منظمة الأغلبية الأخلاقية أكبر كتلة مصوتة داخل الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة. كانت تمثل قوة سياسية هائلة وكانت لها تأثير قوي على السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، وبشكل خاص على العلاقات مع إسرائيل.

تطورت منظمة الأغلبية الأخلاقية لتصبح حركة اجتماعية رئيسية ترتبط بعلاقات مباشرة مع الحكومة الإسرائيلية، وكانت لها دور بارز في تشجيع سياسات دعم إسرائيل في الولايات المتحدة.


 كانت تواصل العمل مع الساسة وتقديم الدعم المالي والدعم السياسي للسياسيين الذين يدعمون إسرائيل ويروجون للصهيونية المسيحية.

في 1979، حصل جيري فالويل على تكريم من مناحيم بيغن نفسه، الذي كان حينها رئيس الوزراء الإسرائيلي، وهو تكريم يعكس العلاقات الوثيقة التي كانت تربط فالويل ومنظمته بالحكومة الإسرائيلية والمؤسسات الإسرائيلية. تلك العلاقات القوية أسهمت في تعزيز الدعم الصهيوني المسيحي في الولايات المتحدة وتعزيز العلاقات بين البلدين.


منظمة "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل" تُعد اليوم أكبر مجموعة مناصرة لإسرائيل في الولايات المتحدة. 

تهدف هذه المنظمة إلى تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ودعم السياسات الإسرائيلية، وتلعب دورًا هامًا في تشكيل الرأي العام والسياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، تقوم منظمة السفارة المسيحية الدولية في القدس بدور مماثل في تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وتؤكد على أهمية دعم الأمريكيين للدولة اليهودية.

بالإضافة إلى ذلك، تظهر المؤسسات الأخرى مثل الزمالة الدولية للمسيحيين واليهود تأثيرًا قويًا في دعم إسرائيل وتعزيز العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وإسرائيل.كما تُعتبر منظمات مثل برنامج معابر (باسيجيز) ومكابيين الجامعات جزءًا من هذا النظام الشبكي لدعم إسرائيل داخل الجامعات وتعزيز الصهيونية المسيحية بين الشباب الجامعيين.


تزايد النفوذ السياسي خلال فتره بوش

النفوذ السياسي للصهيونية المسيحية خلال فترة إدارة جورج بوش الابن في الولايات المتحدة قد شهد تحولًا ملحوظًا، حيث تجلى ذلك من خلال تبني الإدارة لسياسات متطرفة تدعم توجهات إسرائيل في بناء المستوطنات الإسرائيلية 

تميزت فترة إدارة جورج بوش الابن بتوجه واضح نحو الاصطفاف مع اليمين المتطرف في إسرائيل، وهذا يمكن أن يعزى جزئيًا إلى العلاقات الوثيقة بين الصهيونية المسيحية وبعض الجماعات الدينية اليمينية في إسرائيل. وقد تجلى هذا بوضوح في الدعم القوي الذي قدمته الإدارة الأمريكية لسياسات إسرائيل، بما في ذلك دعم المستوطنات، ورفض الضغط الدولي لإجراء مفاوضات سلام شاملة.

تجسدت قوة الصهيونية المسيحية في عدة مظاهر، بما في ذلك تأثيرها على السياسة الخارجية الأمريكية، حيث كان للمجموعات الصهيونية المسيحية دور هام في تشكيل وجهات النظر واتخاذ القرارات فيما يتعلق بالشؤون الشرق أوسطية، وبخاصة القضية الفلسطينية.

على سبيل المثال، شهدت فترة إدارة بوش تعزيزًا للعلاقات مع الحكومة الإسرائيلية وتقديم دعم قوي لسياساتها، مما أثار مخاوف بشأن التحيز الأمريكي المفرط لإسرائيل على حساب العدالة والسلام في المنطقة. 

وتجلى هذا التحيز بوضوح في رفض الإدارة الأمريكية لمبادرات السلام التي قدمتها الجامعة العربية والأمم المتحدة، وفي تقديم الدعم القوي للمستوطنات الإسرائيلية على الرغم من الانتقادات الدولية المتزايدة ضدها.
تحمل الصهيونية المسيحية مسؤولية كبيرة في تعزيز هذا التوجه السياسي، حيث قدمت الدعم القوي لإسرائيل ولسياساتها، بما في ذلك دعم المستوطنات، وشكلت قاعدة داعمة للإدارة الأمريكية خلال فترة حكم بوش الابن. 

ومع ذلك، فإن هذا التحالف لم يخلو من الانتقادات والجدل، حيث اعتبر البعض أن السياسات الأمريكية خلال هذه الفترة لم تكن متوازنة ولم تسعى لتحقيق العدالة والسلام في المنطقة، بل تميل إلى تحقيق مصالح إسرائيل دون مراعاة للأطراف الفلسطينية والعربية الأخرى.

اهم الأفكار التي نشأت عليها الصهيونية المسيحية

تغلغلت النبوءات التواراتية في امريكا واروبا  عبر التفسيرات المسيحية البروتستانتية للكتاب المقدس، والتي ترى في دعم إسرائيل وعودتها إلى الأرض المقدسة جزءًا من خطة الله لنهاية العالم وعودة يسوع المسيح. 

وعلى هذا الأساس، تُروَّج بعض الجماعات والمؤسسات لدعم إسرائيل وتبرير السياسات الإسرائيلية بمثابة أداة لتحقيق الأهداف الدينية.

عند مناقشة موضوع العلامات المرتبطة بعودة يسوع في آخر الزمان، لا يمكن تجاهل دور التفسيرات المسيحية البروتستانتية، وتحديداً التفسيرات التي تمتد إلى القرن السادس عشر وتتأثر بالصهيونية المسيحية

 إن فهم هذه التفسيرات يلقي الضوء على كيفية تشكل وتطور الفكر المسيحي البروتستانتي والتأثير الذي يمارسه على التفكير والتصورات الدينية الحالية بشأن العودة المحتملة ليسوع

في القرن السادس عشر، شهد العالم الغربي تحولات هائلة في الفكر الديني والثقافي، وكانت هذه الفترة هامة لتشكيل التفسيرات المسيحية البروتستانتية حول نهاية العالم وعودة يسوع. 

واحدة من الأفكار المهمة التي نشأت في هذا السياق هي الصهيونية المسيحية، وهي الفكرة التي تؤمن بأن عودة يسوع لن تتم إلا بعد تحقيق الشروط البيبلية، بما في ذلك إحياء دولة إسرائيل القديمة وتجميع شعب الله اليهودي في أرضهم التاريخية.

من اللافت للنظر أن الصهيونية المسيحية نشأت من الفكر الديني اليهودي، والتفسيرات المسيحية البروتستانتية التي تأثرت بالتفكير الصهيوني والاستعمار الإنجيلي. واعتمدت هذه التفسيرات على النصوص الكتابية التي وردت في العهد القديم والعهد الجديد لدعم اعتقادها في ضرورة تحقيق أحداث محددة قبل عودة يسوع.

من بين العلامات التي يتم التركيز عليها في هذه التفسيرات تشمل:

إحياء إسرائيل القديمة: يؤمن الصهيونيون المسيحيون بأن إحياء دولة إسرائيل كان خطوة أساسية نحو عودة يسوع، حيث تعتبر إقامة دولة إسرائيل في العام 1948 مؤشراً على قرب نهاية العالم.

تجميع شعب الله اليهودي: وفقًا لهذه التفسيرات، يجب أن يتجمع شعب الله اليهودي في أرضهم التاريخية قبل عودة المسيح، وهذا ما يعتبره الصهيونيون المسيحيون حدثًا هامًا ومبشرًا.

ظهور الأحداث العالمية: تفسيرات مختلفة تقدم وجهات نظر حول الأحداث العالمية المرتبطة بعودة يسوع، مثل الحروب والكوارث الطبيعية والظهور المزعوم للمسيح الدجال.

تشكل دولة العالم الواحدة: بعض التفسيرات تربط عودة يسوع بتشكل دولة عالمية واحدة أو نظام سياسي عالمي يسيطر عليه الزعيم الأخلاقي أو الديني.