أبريل 28, 2024 - 16:18
أبريل 28, 2024 - 18:18
الصراع الإيراني- الاسرائيلي نقطة تحول في قواعد الاشتباك 

عرب جورنال / توفيق سلاّم - 

 تدخل منطقة الشرق الأوسط مرحلة جديدة من الصراع عقب شن إيران هجوماً عسكرياً مباشراً على إسرائيل، في 13 إبريل/ نيسان الحالي، ردّاً على الهجوم الإسرائيلي الذي شنته على القنصلية الإيرانية في دمشق، وراح ضحيته عدد لا يستهان به من كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني.

 وبصرف النظر عن الجدل بشأن حجم الخسائر الإسرائيلية التي نجمت عن هذا الهجوم، الذي استخدمت فيه إيران عشرات الطائرات المُسيرة والصواريخ الباليستية والمُجنحة، سيكون من الصعب على إسرائيل ابتلاعه أو السكوت عنه، وقد عمدت فجر 19 أبريل الجاري إلى ضرب مدينة اصفهان بمسيرات. وهي رسالة بمدى قدرة إسرائيل على الوصول إلى المنشآت النووية الإيرانية، لكن بدون استخدام طائرات أو صواريخ باليستية أو قصف أي مواقع استراتيجية، أو التسبب في أضرار كبيرة وفقا لرويترز.

وقالت إيران إن أنظمتها الدفاعية أسقطت ثلاث طائرات مسيرة فوق قاعدة بالقرب من أصفهان، ولم تذكر إسرائيل شيئًا عن الواقعة. وقال مسؤول إيراني لرويترز إن هناك دلائل على أن الطائرات المسيرة أطلقت من داخل إيران، وأن من أطلقها "متسللون" وهو ما قد ينفي الحاجة إلى الرد.
وكانت الإدارة الأمريكية قد أعلنت على لسان وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن إن الولايات المتحدة لن تشارك في أي عمليات هجومية على إيران.

تداعيات التصعيد 

 التصعيد الإيراني الاسرائيلي، تداعياته شديدة الخطورة على المنطقة بأسرها، لاسيما مع فتح ثلاث جبهات في المنطقة، وهذا يعني أننا دخلنا مرحلة الاستهداف المباشر العابر للحدود، لتصبح المنطقة كلها أمام مشهد مفتوح للانتقال والتوسع إلى جبهات صراع متعددة. فبعد أيام من الهجمات الإيرانية على إسرائيل، جاءت الضربة الإسرائيلية على إيران محدودة، ومصممة بعناية على ما يبدو للحد من مخاطر اندلاع حرب كبرى في المنطقة.

وتشير تقارير وتقييمات أولية إلى أن كلا الجانبين ربما يسعيان إلى خفض تصعيد التوتر المتصاعد، وفق تحليل نشرته مجلة فورين أفيرز، يوضح أنه رغم محدودية تأثير هذه الضربات، إلا أن سلسلة الأفعال وردود الفعل الأخيرة، تمثل مرحلة أكثر إثارة للقلق في الشرق الأوسط، فصواريخ إيران ومسيراتها التي أطلقت على إسرائيل لم يكن الهدف منها تحقيق الضرر بشكل أساسي بقدر ما هي استعراض للقوة الإيرانية، وبأن طهران تظهر قدرًا في ضبط النفس، وأنها تواجه إسرائيل وجهًا لوجه، إذا لزم الأمر. فالرد الذي حصل في إيران وتنسبه المصادر إلى إسرائيل، إذا ما اكتفى بهذا القدر من التصعيد المباشر، قد ينجح في تجنب تبادل أعمال عدائية، ولو لبعض الوقت بين الطرفين بحسب التحليل ويشرح أنه إذا استمرت "ديناميكية" التوتر بين إسرائيل وإيران بالدخول في موجهة مباشرة، أو حتى من خلال حلفاء الطرفين، ستشتعل المنطقة "بحرب مفتوحة" يشارك فيها أطراف متعددة من الجانبين".

ويرى مايكل هوروويتز المحلل في مؤسسة "لو بيك" للاستشارات والمخاطر الجيوسياسية، لفرانس برس، :"إن الرد الإسرائيلي، رد محسوب يهدف إلى إظهار قدرة إسرائيل على ضرب الأراضي الإيرانية من دون إثارة أي تصعيد".

فيما يعتقد جوليان بارنيس-دايسي من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية " بأننا في وقت يسعى الجانبان إلى الخروج من دائرة التصعيد الحالية، إذ نفذت إسرائيل هجومًا محدودًا للغاية لإظهار الرد على الضربات الإيرانية، بينما سرعان ما قللت طهران من أهمية الحادث حتى لا تضطر إلى الرد عليه". وعلى العكس من ذلك هناك من يرى أن إسرائيل تنتهج منطق التصعيد، وليس منطق خفض التصعيد على الأطلاق" وهي تسعى لجر امريكا والغرب إلى هذا المنزلق في مواجهة إيران. ويؤكد هؤلاء أن مهاجمة إسرائيل لإيران هي وسيلة للحصول على دعم دولي أكبر بكثير مما حصلت عليه في الحرب على غزة، في إشارة إلى أن بعض الدول العربية تعتقد أن طهران وبرنامجها النووي يشكلان في ذاتهما عاملاً لزعزعة الاستقرار الإقليمي.

رد انتقامي

منذ الهجمات الإيرانية حذر حلفاء إسرائيل حكومة نتنياهو، من الرد بطريقة تؤدي إلى حرب إقليمية، وهو ما رفضه نتنياهو في تصريحاته، وقال "إن بلاده ستفعل كل ما هو ضروري للدفاع عن نفسها" بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز.

وقال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان الجمعة بعد الانفجارات التي وقعت في أصفهان، إن إيران سترد على الفور وعلى "أقصى مستوى" إذا تصرفت إسرائيل ضد مصالحها. وقال في مقابلة أجرتها معه شبكة "إن. بي .سي نيوز"، إذا "أرادت إسرائيل القيام بمغامرة أخرى وعملت ضد مصالح إيران، فإن ردنا التالي سيكون فوريًا وعلى أقصى مستوى".

إسرائيل اختارت الرد على هجوم طهران، من منطلق عدم الرد هو ضعف، من دون الالتفات إلى تحذيرات واشنطن، ويشير ذلك إلى العقلية الانتقامية لرئيس الوزراء نتنياهو الذي لم يتأثر  بالضغوط الدولية، للقيام بهذا الرد الانتقامي لا أكثر. وتعتبر الولايات المتحدة المخاطر كبيرة للغاية على المنطقة.. فما الذي يمكن للولايات المتحدة فعله؟
تؤكد تحليلات نشرتها صحف واشنطن بوست ووول ستريت جورنال ونيويورك تايمز أن الضربات التي تنسب لإسرائيل في إيران، كانت أصغر من المتوقع، وهذا ما يقلل فرص التصعيد الفوري بين البلدين.

ودان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش "أي عمل انتقامي" في الشرق الأوسط، حسب ما أكد المتحدث باسمه الجمعة بعد الانفجارات في وسط إيران. فيما يرى المحلل العسكري "وايتز" أن الولايات المتحدة تحاول بأدوات دبلوماسية وعسكرية لمنع التصعيد في الشرق الأوسط، إذ أنها أرسلت رسائل للإسرائيليين دعتهم إلى "استجابة معتدلة" في ردهم على هجمات طهران، والتي قد تكون في نطاق هجمات سيبرانية. وأضاف أن "واشنطن تعمل أيضًا على حشد الدعم الدولي لإسرائيل".

أما على الصعيد العسكري، يشير وايتز إلى أن واشنطن تستخدم أدوات عسكرية "بتواجدها في المنطقة وصد الهجمات التي ينفذها الحوثيون، وتوفير الدعم لإسرائيل، وهو ما يوجه رسائل ردع إلى إيران، بأن أفعالها بالنهاية سيكون لها عواقب".

أهداف إسرائيلية 

الصراع المحتدم بين إيران وإسرائيل، منذ فترة طويلة وتراكماته كثيرة ومتشعبة بشأن ثلاث قضايا أساسية: برنامج إيران النووي، وبرنامج التسلّح الصاروخي، ونفوذ إيران الإقليمي الذي تستمده من علاقاتها المتميّزة بفصائل المقاومة المسلحة في فلسطين، وبحزب الله في لبنان، وبجماعة أنصار الله في اليمن، وبأحزاب وتيارات موالية لها في العراق.

 ولأن برنامج إيران النووي هو أكثر ما يثير قلق إسرائيل، ترى الأخيرة أنه يشكل تهديداً وجودياً بالنسبة إليها، ومن ثم يستحيل التسامح معه أو غض الطرف عنه.

لذا سعت إسرائيل دومًا، لاسيما عقب تولي بنيامين نتنياهو مقاليد الحكم، إلى عرقلة هذا البرنامج وتحجيمه، ومحاولة وقفه كلّياً، بل وتدميره إن أمكن، وهو ما يُفسر اعتراض نتنياهو بشدة على الاتفاق الذي أبرمته مجموعة 1+5 في عام 2015 مع إيران. 

بل ذهب نتنياهو إلى حد مهاجمة الرئيس باراك أوباما علنًا، في خطاب ألقاه في اجتماع مشترك للكونغرس، وراح يواصل ضغوطه إلى أن نجح في إقناع الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب الأحادي منه عام 2018. 

على صعيد آخر، لم يكن نتنياهو سعيداً قط بالسياسة التي تبناها الرئيس جو بايدن تجاه إيران، لإعادة الولايات المتّحدة إلى الالتزام باتفاق 2015، والدخول معها في مفاوضات لهذا الغرض.

 ولم يكن من المستبعد أن تكون الضغوط التي مارسها نتنياهو على إدارة بايدن، عبر اللوبي الصهيوني القوي في الولايات المتّحدة، هي من الأسباب الأكثر أهمية التي أدت إلى تعثر وجمود المفاوضات النووية، وحالت دون عودة الولايات المتحدة للاتفاق.

غير أن القول بمحورية ملف إيران النووي، في سياق توتير مناخ الصراع بين إيران وإسرائيل، لا يعني أبداً التقليل من أهمية الملفين الآخرين، أي الملف الخاص ببرناج إيران للتسلح الصاروخي والملف الخاص بنفوذ إيران الإقليمي، وكلها ملفات مترابطة ومتداخلة، بدليل أن إدارة بايدن حاولت إدخالهما في مفاوضات العودة الأمريكية إلى اتفاق 2015، وهو ما رفضته إيران رفضاً قاطعاً، واشترطت رفع العقوبات عنها.

تبنت إسرائيل في مواجهة إيران سياسة ذات بعدين رئيسين: يستهدف الأول، تغيير النظام في إيران بالقوة، بالتعاون مع الولايات المتحدة، إن أمكن، أو بمفردها إذا لزم الأمر، من خلال توجيه ضربة عسكرية شاملة لجميع المنشآت النووية الإيرانية.

ويستهدف الثاني، العمل على تقويض ومحاربة النفوذ الإيراني المتغلغل في جوارها المباشر، خاصة في لبنان وسورية وفلسطين، وذلك من خلال توجيه ضربات إجهاضية مستمرة، ليس إلى حلفاء إيران في المنطقة فقط، وإنما أيضاً لاستهداف عناصر الحرس الثوري الإيراني.

وقد فعل نتنياهو كل ما في وسعه لإقناع الإدارات الأمريكية المتعاقبة بالمشاركة مع إسرائيل في توجيه ضربة قاصمة تؤدي إلى تغيير النظام في إيران، ورغم فشله في تحقيق هذا الهدف حتى الآن، إلا أنه لم يكف مطلقاً عن القيام بعمليات تخريب داخل إيران نفسها، شملت تعقب وقتل العلماء النوويين، وشن هجمات سيبرانية، والعمل على إثارة الاضطرابات الداخلية في إيران.

هذا فضلاً عن شنها مواجهات عسكرية على حلفاء إيران في المنطقة، لاسيما مع حزب الله في لبنان، وكل من حركتي حماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة. 

الصبر الاستراتيجي

في مواجهة السياسة الإسرائيلية، اعتمدت إيران سياسة "الصبر الاستراتيجي"، وهي سياسة تقوم على محاولة تحجيم الصراع مع إسرائيل عند مستويات يمكن التحكم فيها، ولا مانع من القيام بعمليات تكتيكية للرد على الاستفزازات الإسرائيلية في المنطقة، لكن من دون السماح لإسرائيل باستدراجها نحو مواجهة عسكرية مباشرة.

 ويعود السبب في تبني إيران هذه السياسة إلى اعتقادها أن الوقت يعمل لصالحها، وأن مصالحها الاستراتيجية تتطلب العمل بأناة وصبر لاستكمال مقومات البناء الداخلي، خصوصاً ما يتصل منه بالبرنامجين النووي والصاروخي، مع التصدي، في الوقت نفسه، للعقوبات الأمريكية.

وقد استمر الحال على هذا المنوال إلى أن ارتكب نتنياهو حماقة ضرب القنصلية الإيرانية في دمشق. ومن هنا أدركت إيران أن إسرائيل ترى في سياسة "الصبر الاستراتيجي" علامة ضعف ترجح أن تدفع إسرائيل إلى التمادي والاستمرار في التصعيد، ومن ثم عليها أن ترد لتثبيت قواعد الاشتباك السابقة أو حتى لتغييرها وإرساء قواعد جديدة تقوم على الردع.

دخول إيران مباشرة على خط المواجهة المسلحة مع إسرائيل، لأول مرة، ستكون لها تداعيات هائلة على مسار الصراعات المتداخلة في المنطقة. والأرجح أن إيران أرادت من هذه الضربة إيصال رسائل مفادها، أنها قادرة على الوصول إلى كل مكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعلى إلحاق الأذى بإسرائيل، وبأنها لا تخشى الحرب والمواجهة الشاملة، وتحرص على تجنبها، لكنها ستخوضها بكل عزم وإصرار إن فرضت عليها، خصوصًا أنها وجهت ضربتها في وقت تواجه فيه إسرائيل مأزقًا يعكس هشاشتها الاستراتيجية.

 فإسرائيل فشلت قبل ذلك في منع "طوفان الأقصى"، وعجزت على مدى أكثر من ستة أشهر عن تدمير "حماس" أو استعادة الأسرى، أو إجبار الفلسطينيين على مغادرة أرضهم. وها هي تعجز اليوم عن التصدي وحدها لهجوم إيراني محدود، نجح رغم كل شيء في الوصول إلى قواعدها العسكرية، في قلب الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالرغم من استنفار كل أجهزة الدفاع الغربية وأنظمتها الموجودة في المنطقة لصده، بما في ذلك الأنظمة الأمريكية والبريطانية والفرنسية، وأسهمت دول عربية في حماية إسرائيل، وكلها عوامل تزيد من استحكام المأزق الاستراتيجي الذي تواجهه إسرائيل على مختلف الصُعُد.

فإذا أضفنا إلى ما تقدم أن المجتمع الإسرائيلي، بما فيه نخبته السياسية، منقسم على نفسه في زمن حرب، لأول مرة في تاريخ الحروب الإسرائيلية، لأدركنا أن كل الخيارات المتاحة أمام إسرائيل في اللحظة الراهنة تبدو سيئة.

فهي، من ناحية، لا تستطيع تجاهل الضربة الإيرانية، لأن من شأن هذا التجاهل تعميق أزمتها الداخلية إلى درجة قد تهدد بسقوط حكومتها الحالية، وبدء مرحلة المحاسبة التي قد تطال الجميع. وهي لا تستطيع، من ناحية أخرى، أن ترد بقوة، ومباشرة في الأراضي الإيرانية، لأن ذلك قد يؤدي إلى توسيع نطاق المواجهة وتحولها إلى حرب إقليمية شاملة، وهو ما ينعكس سلبًا على الإدارة الأمريكية، التي تستعد لانتخابات رئاسية شديدة الصعوبة والحساسية، إلى تفادي فجوة الصراع بكل الطرق الممكنة.

نزع سلاح إيران 

الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية تعتمد عدة أسس لنزع سلاح إيران بالوسائل السلمية، ثم الحروب الخاطفة المدمرة المحدودة في الزمان  والمكان، وتجنب الحروب المفتوحة والمواجهة.

ومثل هذه الاستراتيجية تدرك حقيقتها العديد من جيوش العالم. ومنذ وقت مبكر نجحت إيران في تشتيت ميدان الحرب إلى عدة ميادين في المنطقة، ولجأت إلى تطوير الصواريخ والمسيرات، لتشكل تهديدًا حقيقيًا على القواعد الأمريكية في المنطقة، وجعلها أهداف للصواريخ والمسيرات الإيرانية بدلاً من أن تكون قواعد لتهديد إيران والهجوم عليها. وبهذه الخطوة تخطت إيران الحروب الكلاسيكية إلى المواجهة السيبرانية التي تعتمد التقنية في الحروب الحديثة.

 والأدهى من ذلك أنها استطاعت كسر الحاجز في التطور العلمي والتقني في بناء قدراتها العسكرية، وعملت على إنشاء المفاعل النووي للاغراض السلمية، ودخلت في المفاوضات حول اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية والتي وقعتها في العام 2015.

مخاوف إسرائيل 

تبدو مخاوف إسرائيل وأمريكا حقيقية من وصول إيران إلى إمتلاك القنبلة النووية بالرغم من الإعلانات والفتاوى المتكررة من جهة إيران، بأنها لا تخطط، ولا تفكر بإمتلاك القنبلة النووية، ولذلك كانت استفزازات إسرائيل المتكررة لإيران بتدمير مفاعلها النووي، وكان آخر هذه الإستفزازات قصف القنصلية الإيرانية في سوريا.

هذه الاستفزازات هي جس نبض، لمعرفة حجم الرد الإيراني، هل يخفي الرد خلفه قنبلة نووية جاهزة للإعلان عنها، أو تفجيرها على الطريقة التي تعاملت بها باكستان مع الهند عندما بدأت الهند وهي دولة نووية بتحريك جيوشها لاجتياح باكستان ففاجأتها باكستان بتفجير قنبلتها النووية فأحدثت توازن الرعب النووي، وتوقفت الهند عن الحرب فوراً.

سيناريوهات التصعيد

لكن هناك من يرى بأن سيناريوهات التصعيد التي قد تنتهي بحرب إقليمية في الشرق الأوسط تبدو أقل احتمالاً، وفق ما يؤكد المحلل السياسي العسكري الأمريكي في معهد هدسون، ريتشارد وايتز، ويرى أن معرفة سيناريوهات التصعيد بدقة "يعتمد على مدى الرد الإسرائيلي الذي قد تنفذه على طهران، وعلى كيفية رد إيران على هذا الرد"، ويضيف بأن "إيران وإسرائيل كلا منهما لا يريدان الدخول في قتال مباشر مع الآخر، ولكن من الصعب التكهن بالأفعال وردودها على المدى القريب والمتوسط، إذ قد نرى حربًا بالنهاية حتى لو كان الطرفان لا يريدانها".

ويعتقد وايتز أن ما يؤرق بشكل كبير قد لا تكون المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران، وإنما فيما "يحصل بالاشتباكات مع حزب الله، أو حتى بتأثير الهجمات التي ينفذها الحوثيون في البحر الأحمر".

ويرى بأنه في الوقت الذي يمكن فيه رصد الصواريخ القادمة من إيران، إلا أن "مواجهة الصواريخ القادمة من حزب الله قد تشكل تحديًا، خاصة وأنها تطلق من مناطق قريبة جدًا على إسرائيل، وفي حال وصلت الأمور إلى نقطة اللاعودة قد نرى غزوًا بريًا إسرائيليًا لجنوب لبنان لدفع حزب الله للداخل اللبناني".

خلاصة القول إن الرد الإيراني هي رسالة أرادت إيران توجيهها لإسرائيل وأمريكا والغرب، وأن تقول لتل أبيب، نحن هنا قادرون على الوصول إليكم في أي وقت، ولدينا من الأسلحة ما يكفي، خطوطنا الحمر يجب أن لا تتعدوها، وما عدا ذلك فلكم ما شئتم قواعد اللعبة بيننا يجب أن تختلف من الآن فصاعداً، هذه الرسالة المهمة التي أرادت أن تفهمها إسرائيل وأمريكا والغرب قاطبة، بأن التعامل مع إيران لن يكون كما كان عليه قبل هذه الأحداث.