مايو 5, 2024 - 19:48
الرصيف العائم على بحر المؤامرات الأمريكية الصهيونية


عرب جورنال / توفيق سلاّم - 
بدأت الولايات المتحدة بأعمال إنشاء رصيف بحري عائم قبالة شواطئ قطاع غزة، حيث تتواجد هناك سفن عسكرية تابعة للبحرية الأمريكية. وأكد بات رايدر المتحدث باسم البنتاغون، في 25 أبريل/نيسان المنصرم، أن السفن العسكرية الأمريكية المتمركزة قبالة شاطئ غزة بدأت في بناء الرصيف العائم في البحر. ومن اللافت أن خبر الرصيف قد تم الحديث عنه بدءًا من تاريخ 27 مارس/آذار الماضي، ثم عاد الحديث عنه مع عمليات الانتهاء من استكمال إنشائه ليصبح في طور الجاهزية في غضون أسبوع على الأرجح، يقوم بتنفيذه الجيش الأمريكي، وجيش الاحتلال الإسرائيلي. وتظهر صور الأقمار الصناعية سفينة "يو إس إن إس روي ب. بينافيدز" على بعد حوالى 11 كيلومترًا من الميناء على الشاطئ، حيث يتم بناء قاعدة عمليات المشروع من قبل الجيش الأمريكي. وقد تم تنفيذ الخطوة التالية لبناء الجسر الذي تم تثبيته بعد ذلك على الشاطئ الذي يبلغ طوله 550 متراً. ومن المتوقع أن يكون الرصيف العائم والجسر البحري المتصل بالشاطئ جاهزًا للعمل بحلول أوائل أيار/ مايو الجاري. 

مزاعم أمريكية 

 تزعم الإدارة الأمريكية بأن هذا الرصيف البحري، سيكون مخصصًا لنقل المساعدات الإنسانية من المواد الغذائية عبر ميناء قبرص في شرق المتوسط إلى غزة عبر هذا اللسان البحري، وستكون جزيرة قبرص الواقعة شرق المتوسط نقطة المساعدات، وهي أقرب دولة في الاتحاد الأوروبي إلى غزة الواقع على بعد حوالى 370 كيلومترًا، أي أن تصبح جزيرة قبرص مركزًا لنقل المساعدات الإنسانية إلى القطاع الذي يشهد عدوانًا إسرائيليًا منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت خلف أكثر من 112   ألف شهيد وجريح حتى الآن، ودفع بأهالي القطاع لشفا المجاعة وكارثة إنسانية فضيعة.

  جاهزية الرصيف 

 قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خلال زيارة له إلى الأردن، الثلاثاء الماضي، إن الرصيف سيكون جاهزًا في غضون أسبوع. وأوضح بلينكن لصحافيين: "لدينا ممر بحري نعمل عليه، وأنه في غضون أسبوع سيكون جاهزًا". وألمح وزير الخارجية الأمريكي، إلى أنه سيقدم إلى قادة إسرائيل، قائمة بالإجراءات التي ما زالوا بحاجة إلى اتخاذها لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وذلك قبل اجتماعات سيعقدها في إسرائيل.. فما هي حقيقة إنشاء هذا الرصيف العائم، وما هي الأهداف الخفية المرتبطة به سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل؟

يرى خبراء عسكريون ومحللون سياسيون، أن الرصيف البحري العائم الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة، له أهداف أخرى غير تلك المعلنة، لإدخال المساعدات الإنسانية، ذلك غطاء لأهداف خفية، ولعل  ترحيب سلطات الاحتلال بإقامة لسان بحري، أثار الشكوك بإنشاء الميناء المؤقت وتفعيل الممر البحري، وزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه صاحب فكرة الرصيف العائم. وبغض النظر عن استيحاء الفكرة، التي تحمل دوافع مبيتة، في الوقت الذي تغلق فيه إسرائيل معابرها البرية مع القطاع، وتعرقل دخول المساعدات عبر معبر رفح البري. فإنه من المتوقع أن يكون لواشنطن وإسرائيل معًا أهدافًا أخرى منه، لا تتعلق بإدخال المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع، مما يؤكد التنسيق الكامل بين الجانب الأمريكي وسلطات الاحتلال في مراحل بنائه، حيث يقوم الاحتلال بتأمين تلك العملية. ويرجح هؤلاء المحللون أن يكون إنشاء الرصيف، تحت غطاء المساعدات الإنسانية، بينما هو في حقيقة الأمر، لأغراض عسكرية، لايجاد منفذ لتهجير الفلسطينيين، من رفح، ومن قطاع غزة بشكل عام تجاه قبرص، ومن ثم إلى السواحل الأفريقية، أو بلدان أخرى.
وعلى ذات السياق يلفت خبراء اقتصاد، إلى أن ما هو معلوم من وجود حقول للغاز في تلك المنطقة، يدفع إلى ربط إقامة الرصيف بذلك، مما يثير تساؤلات كثيرة حول الأغراض الحقيقية للولايات المتحدة من وراء إنشاء هذا الرصيف..!
ومنذ إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن في السابع من مارس/آذار الماضي عزم بلاده إنشاء ميناء بحري قبالة ساحل غزة، أثيرت العديد من التساؤلات حول المسار البحري للمساعدات الإنسانية عبر الممر البحري من قبرص إلى غزة...!

  نيات مضمرة

الهدف المعلن الموهوم، هو إيصال المساعدات التي كانت تصل قبل الهجوم الإسرائيلي من خلال المعابر البرية شبه المغلقة، إلا أن الأقرب للحقيقة هو أن الرصيف، رصيف بحري تقوم من خلاله السفن التجارية، بإيصال المساعدات الرمزية، لكن الهدف الرئيس هو تهجير سكان القطاع تحت مسمى الهجرة الطوعية، وأيضاً استغلال حقول الغاز في المنطقة، ولا يستبعد إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في شرق المتوسط توازي القاعدة الروسية في طرطوس السورية، لا سيما وأن هناك بوارج أمريكية بالقرب من هذا الرصيف.

وفد مصري إلى إسرائيل
تلوح في الأفق مرة أخرى بوادر اجتياح رفح، الذي تم التصديق عليه من رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، وبانتظار اتخاذ القرار. وبالتزامن مع ذلك يقوم وفد مصري رفيع المستوى للتفاوض بشأن هدنة مؤقتة، وصل إلى إسرائيل يوم الجمعة الماضية، لمواصلة المساعي التفاوضية من أجل هدنة، إذ لدى القاهرة مخاوف كبيرة من نزوح جماعي للفلسطينيين نحو سيناء عبر معبر رفح. بالرغم من تحذيرات مصر لإسرائيل من الإقدام على تنفيذ هذه الخطوة، ويبدو ما تحت الطاولة، لا يظهر على السطح، ومفهوم أن مصر لم تستخدم أي من الأوراق الكثيرة لديها للضغط على إسرائيل، سواء ما يخص اتفاقيات السلام، أو التطبيع، وهذا ما يجعل مصر في موقف المتخاذل في تلقي الكارثة شاءت أم أبت، تحت دواعي إنسانية، وتهديد بالعقوبات إن لم تقبل المهجرين، وإن كان الرصيف العائم سيخفف عنها الوزر الأكبر، وبهذا  تكون قد غطت على وجهها  اللوم، وفق هذا السيناريو وطريقة التخادم من وراء الستار.
فرص نجاح هذه الجهود تبدو ضئيلة، حيث تركز الاستراتيجية المصرية للإفراج عن بعض الأسرى الإسرائيليين مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، وذلك في إطار المسعى الصهيوني. ويأمل أصحاب هذا المقترح أن يؤدي إلى تأخير اجتياح رفح. وهي بحسب محللين مناورة من طرف أمريكا وإسرائيل في اللعب على الوقت، حتى يتم الانتهاء من انجاز الرصيف العائم. وكانت إسرائيل -قبل ذلك-  قد  
 نصبت آلاف الخيام على بعد أميال من شمال رفح، بهدف إخلاء جزء من  سكان رفح. 
وما هو حاصل هو محادثات معدومة الأمل،
وموقف مصر مفهوم، فهي تحاول تجنب هجوم على رفح سيدفع بالمزيد من الفلسطينيين نحو حدودها.
ومنذ الهدنة الأولى التي شهدت إفراج حماس عن 105 من الأسرى، ظلت المحادثات مجرد مسرح سياسي، إذ أن كل طرف غير مستعد لتقديم ما يعتبره الطرف الآخر الحد الأدنى المقبول. وتستخدم إسرائيل ورقة الأسرى في خطابها الدعائي، ولكنها لم تكن مهتمة بإيقاف المجازر في غزة.

حركة حماس 

أما حركة حماس فهي غير مستعدة للقبول بأقل من وقف الحرب، والانسحاب الكلي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، مقابل الإفراج عن عدد محدود من الأسرى في إطار صفقة تبادل إذا كانت إسرائيل ستسمح للفلسطينيين بالعودة إلى منازلهم في شمال القطاع، وهي نقطة تتردد إسرائيل في القبول بها. وهناك من يعتقد أنه لا يوجد سبب منطقي يجعل حماس توافق على أي عرض أقل من إنهاء العمليات الإسرائيلية في غزة. ولكن كل ما عرضه الجانب الإسرائيلي حتى الآن هو تأخير بسيط في عملية الإبادة، حيث أن حكومة نتنياهو تعهدت بـ "القضاء على حماس"، وهو هدف كان ولا يزال قائمًا،
وهذا ما تتحدث عنه إسرائيل لتحرير الرهائن، ولكنهم غير مستعدين لدفع هذا الثمن، ودموع التماسيح التي يذرفونها على الأسرى فقدت مصداقيتها لدى عائلات الأسرى وشرائح واسعة من الرأي العام الإسرائيلي.
والواضح أن إسرائيل لا تريد اتفاقًا دائمًا مع حماس، لأن هذا يعني انتهاء الأعمال العسكرية بين الطرفين، ونتنياهو لا يهتم بتاتًا حتى لو مات بقية الأسرى، وأصبحت منطقة الشرق الأوسط بأكملها أكثر اضطرابًا، مع اتساع رقعة الصراع.

حملة الدعاية الإسرائيلية
 تسعى في الوقت الراهن لحشد الدعم العالمي لغزو رفح، حيث أن نتنياهو وداعميه في الكونجرس من كلا الحزبين تجندوا لدعم إسرائيل، ومؤخرًا أقر الكونجرس على الموافقة على 16 مليار دولار. وهذا رد على كل انتقاد للإبادة الجماعية الإسرائيلية، ومعاداة السامية. وضمن هذه الحملة أيضًا كان لافتًا اللجوء السريع لعنف الشرطة وقمع مظاهرات الجامعات الأمريكية، في تصرف أدى إلى تزايد إقبال الطلاب والرأي العام الأمريكي على الانضمام والتضامن مع سكان غزة.
فضلاً عن تبادل الهجمات بين إسرائيل وإيران، وهذه مقدمة لصراع أوسع ربما مؤجل لوقت آخر، لأن تدمير المشروع النووي الإيراني هو هدف مشترك لأمريكا وإسرائيل والأوروبيين. فنتنياهو يعمل على استعادة السردية التي تصور إسرائيل على أنها بلد صغير ومحاصر، واعتمد آخرون تكتيكات تصف المتظاهرين بأنهم عملاء حماس وإيران. ومع ذلك فإن هذه الحملة الدعائية الإسرائيلية تواجه عقبات ضخمة، حيث إن اكتشاف المزيد من الجثامين في مقابر جماعية في مناطق غزة التي انسحبت منها القوات الإسرائيلية، لا تزال تتصدر نشرات الأخبار، رغم محاولات إبعاد هذا الملف عن الواجهة، عبر توجيه الأنظار نحو مظاهرات الجامعات الأمريكية. ورغم أن إسرائيل اعتبرت المعلومات حول المقابر الجماعية "ادعاءات لا أساس لها"، فإن الوقائع تشير إلى غير ذلك.

رفح في مرمى إسرائيل

تحاول وسائل إعلام غربية، إلقاء التهم على الطلاب في الجامعات الأمريكية والأوروبية المعتصمين في باحات جامعاتهم للتضامن مع فلسطين، ومطالبتهم وقف الحرب على غزة، ووقف تعامل الجامعات مع هذا الكيان الغاشم الذي يرتكب مجازر جماعية بحق سكان غزة، ويتمرد على القانون الدولي، يحاول الإعلام   الإيهام بأن مظاهرات الجامعات الأمريكية معادية للسامية.
وتعتقد إسرائيل أن الأجواء كانت ملائمة لاجتياح رفح قبل هذه التظاهرات. لهذا تحاول الشرطة والأجهزة الأمنية في أمريكا وفي بلدان أخرى إسكاتها باستخدام وسائل العنف المفرط ضد المعتصمين وايداعهم السجون والفصل من الجامعات.  
إسرائيل من جانبها استدعت جنود الاحتياط، وأعلنت رسميًّا استعدادها للهجوم على رفح، وحذرت الجانب المصري من أن جولة المفاوضات الحالية هي الفرصة الأخيرة. وبالتزامن مع ذلك يقوم وزير الخارجية أنتوني بلينكن بجولة إلى المنطقة زار فيها عدد من الدول العربية، وإسرائيل.
 وقد أظهرت التجارب السابقة أن إسرائيل تتحرك مباشرة بعد زيارات بلينكن.
وهناك تحذيرات على أنه عندما تطلق إسرائيل هجومها على رفح، فإن أعداد الضحايا المدنيين ستتجاوز كل الإحصاءات السابقة.

اجتياح رفح 

يتوقع مراقبون أن البدء باجتياح رفح سيبدأ بعد الانتهاء من أعمال بناء وتشغيل الرصيف العائم، فلا ريب أن تأخير اجتياح رفح كان يرتبط ببناء الرصيف العائم، وفق تخطيط مشترك بين  الإسرائيليين والأمريكان،  يرمي إلى الأهداف التالية:
□ تسعى إسرائيل، لتحقيق أهدافها من خلال اجتياح رفح بالقوات البرية للقضاء على فصائل المقاومة في رفح، كمعقل أخير لتواجدها، وإعلان انتصارها.
□ يتمثل الهدف الرئيس من إنشاء الرصيف العائم هو لتهجير سكان غزة إلى بلدان أخرى.
□ قامت إسرائيل بنصب مخيم في شمال رفح لنقل جزء من سكان رفح إلى المخيم الذي يحتوي على  40 ألف خيمة.
□ مع بدء الهجوم يحتمل فتح معابر للمرور تسهل للفارين الوصول إلى الرصيف العائم، بهدف تشكيل رأي عام ضاغط لتهجير السكان تحت دواعي إنسانية، على ظهر السفن. 
□ هروب حكومة إسرائيل من التحقيقات والمحاكمات بعد الحرب، وهذا يعني فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها. 
□ التخلص من عقدة  الفشل الميداني أمام حماس، وعدم الاعتراف بالهزيمة، وما تأخير وعرقلة المفاوضات من جانب الاحتلال، إلا أداة وذريعة مماثلة لعدم إنهاء الحرب، فرفح هي المنطقة الوحيدة التي لم تدخلها قوات الاحتلال الإسرائيلي، ويندرج تأخير البدء باجتياحها الفصل الأخير من السيناريو، وإسدال ستارة، بمجزرة جديدة تفوق أضعاف المجزة السابقة. 
هذا المشهد لا يزال غامضًا، بالرغم من التفوق العسكري والقدرة على الردع واليد الاستخبارية الطويلة، وحتى الآن لا يزال الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات.
□ رفض مصر تهجير سكان القطاع إلى سيناء، بالرغم من ضغط الإدارة  الأمريكية على مصر بفتح الحدود نحو سيناء، وهذا يعني تكرار سيناريو جنوب لبنان آخر، تصبح فيه جيوب المقاومة ملتحمة مع سكان سيناء، وتضيف صداعاً على مصر، وحتى عندما تم نقاش توزيع سكان القطاع على مناطق جمهورية مصر المتباعدة، فلم يكن ذلك حلاً عملياً قابلاً للتطبيق.
لذلك فإن مشهد اجتياح رفح يبدو بدأ مع العد التنازلي مع قرب الانتهاء من تشغيل الرصيف البحري، ولا ريب أن المشهد المنتظَر للاجتياح سيبدأ بالهجوم مباشرة على السكان الآمنين في رفح بقضّهم وقضيضهم بدون أي تدابير حماية لهم، وسنرى دموع التماسيح الأمريكية تذرف على الآلاف الذين سيسقطون يومياً – لا سمح الله- أمام آلة العدوان الإسرائيلية، وسيبدو أن المخرج المتاح للهروب من حمم القصف هو السفن التجارية التي ستقوم بعد إنزال المساعدات، نقل الفارين من جحيم المعارك والقصف الإسرائيلي، ليصعد على متنها الناجون من الموت، وحينها سيتضح الهدف الحقيقي للحرب، والذي لا يتمثل أبداً بالقضاء على حماس التي استعصت على كل محاولات الدحر والإفناء، بل في تهجير سكان القطاع وإفراغه ديموغرافياً من كتلته البشرية الوازنة. وترى إسرائيل بأن ذلك سيكون التعويض عن مرارة الهزيمة العسكرية أمام حماس والبديل الاستراتيجي عن خزي الهزيمة أمامها.

الفرص المتاحة 

الحكومتان الأمريكية والإسرائيلية تسعيان إلى افشال أي تقارب في المفاوضات إلا وفق شروطها الذي يتعين على حماس قبولها، وهنا تكمن معضلة التفاوض التي تريد إسرائيل حسم انتصارها بالقوة العسكرية، لاسترداد هيبتها التي سقطت تحت اقدام المقاومة الوطنية.  ولذلك يبدو قبل عملية الاجتياح أن يتم البدء بتشغيل الرصيف العائم لوقت قصير، والترويج له إعلاميًا، وتصوير عمليات إنزال المساعدات الإنسانية من خلاله، وحينها سيصبح من الصعب مهاجمة الرصيف العائم من قبل أي جهة مقاومة رغم وضوح هدفه الحقيقي في التهجير، وستُتهم أي جهة تحاول إفشال هدفه الحقيقي بالمساهمة في عرقلة وصول المساعدات الإنسانية التي كان من الممكن أن تصل عن طريق البر لا عن طريق البحر، ولا عن طريق المظلات في الجو.
ولم تحدد وزارة الدفاع الأمريكية مكان الرصيف البحري في غزة بشكل رسمي بعد، إلا أن صور الأقمار الصناعية تكشف بدء العمليات في منطقة البيدر بمدينة غزة، إذ بدأت بإقامة لسان بحري بالتعاون مع "المطبخ العالمي".
ووفقاً لما أعلنه الجيش الأمريكي، فإن 5 سفن أمريكية تشارك في عمليات بناء الرصيف البحري في غزة، وهي من لواء النقل السابع في الجيش، انطلقت من قاعدة لانغلي- يوستيس المشتركة، وقاعدة كورونادو البحرية البرمائية، وكلاهما في فيرجينيا. ورغم كل ما سبق من دهاء ومكر، إلا أن فرص نجاح هذا الميناء تتضاءل أمام ما يلي:
-الوعي والثبات والصمود، وعدم الاستجابة لعملية التهجير، لسكان القطاع أمام كل محاولات التآمر والتهجير، بدءاً من دروس الماضي، حين ذاق جحيم التهجير كل من خرج من أرضه وداره، انتهاء بالمعنويات التي رفعها ثبات المقاومة، ولعل أهمها رفض البحارة من أهل القطاع استخدام قواربهم لنقل المساعدات لبناء الرصيف البحري. واحتمال  أن يكون التهجير إلى شواطئ أفريقية، لا يهم من يموت، ومن يتعرض للابتزاز، والأوبئة الفتاكة، فالمحصلة التخلص منهم.

-الرياح الدولية المعاكسة التي تجري بما لا تشتهي سفن التهجير، فمظاهرات الجامعات المندلعة في أمريكا وأوروبا مؤخراً والغليان الشعبي الذي لم يخمد، ربما يفرض على إسرائيل تحد للألف خطوة قبل مغامرة اجتياح رفح.

-إمكانية استغلال هذا الرصيف من قبل السفن التجارية والبوارج الحربية التي ستنطلق من عواصم العالم، وقد بدأت فعلياً سفينة الحرية استعداداتها للانطلاق من إسطنبول التركية والتي ستجد في الرصيف ملاذها الذي لن تستطيع إسرائيل منعه، وبالتالي سيصبح الرصيف أزمة لإسرائيل بدلاً من أن يكون طوق نجاة.
-المنطقة على شفاه غليان كبير، ستتفجر انتفاضات شعبية عارمة ضد الحكومات العربية، مستحيل السيطرة عليها ، أمام فوضى شاملة ستقلب بأوضاع الأنظمة الحاكمة التي تعد في موقع الإتهام من المؤامرة على الشعب الفلسطيني.
 -جبهات المقاومة هي الأخرى، تجيد توجيه رصاصاتها القاتلة نحو رأس الأفعى لتشهد المنطقة اشتعال حرب واسعة النطاق.