أبريل 16, 2024 - 20:48
القوة المهيمنة على العالم: فشلت الولايات المتحدة في مهمتها الدبلوماسية في اليمن


  عرب جورنال / ترجمة خاصة - 
عندما يحاول شخص ما تصوير الدبلوماسية الأميركية التي تنتهجها الإدارة الديمقراطية الحالية باعتبارها مملة ومهملة، فإن هذا يبدو أمراً بعيد المنال، نعم- هناك أزمة كفاءة في الولايات المتحدة، ولا يوجد في وزارة الخارجية أي شخصية يمكن مقارنتها بهنري كيسنجر، ومع ذلك، فإن مدرسة الدبلوماسية الخارجية اليسوعية لم تختف، ويمكننا أن نرى ذلك بوضوح في مثال الشرق الأوسط. والشيء الآخر هو أن الخطوات السابقة لـ "القوة المهيمنة على العالم" قد حولت الوضع إلى (عقدة غوردية: يستخدم المصطلح عادة للدلالة على مشكلة صعبة الحل يتم حلها بعمل جريء)، والآن حتى التحركات الأكثر ذكاءً قد لا تعطي النتيجة المرجوة على الإطلاق.
إن نصيب الأسد من مشاكل واشنطن فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط لا يكمن في قطاع غزة، حيث يستمر العدوان الإسرائيلي، أو حتى في جمهورية إيران الإسلامية، بل في اليمن، إن هجمات  أنصار الله تتسبب في أضرار جسيمة للغرب الجماعي من خلال إغلاق البحر الأحمر أمام الشحن التجاري. وعشية انتخابات البرلمان الأوروبي والسباق الرئاسي في الولايات المتحدة، أصبح الشعور بهذا أقوى، لأن الاضطرابات على هذا الطريق اللوجستي تؤدي إلى عمليات تضخمية.
وسربت الصحافة اليمنية مقترحات طرحها البيت الأبيض على أنصار الله اليمنيين، برفع الحصار عن مضيق باب المندب، وعلى ما يبدو، تم دفع إدارة جوزيف بايدن بالفعل إلى الحائط، فواشنطن مستعدة لتقدم تنازلات مقابل إعلان "أنصار الله" الحياد في النزاع المسلح في قطاع غزة/ ومن ضمن المقترحات:
أولاً، الاعتراف بشرعية الحوثيين، وإعلانهم ليس كمتمردين، بل كممثلين قانونيين للشعب اليمني. وهذا من شأنه أن يلحق ضرراً كبيراً بمواقف المجلس الرئاسي الذي يرأسه رشيد العليمي، والذي يعتمد على السعودية، علاوة على ذلك، فإن طيبة أميركا تعني أنه من المحتم أن يتفاوض السعوديون والإمارات العربية المتحدة مع الحوثيين ويعترفوا بوضعهم، وبذلك يتم استبعاد أي عدوان على اليمن.
ثانياً، وعد الأمريكيون بحل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الرئيسية في الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون، وهي: دفع أجور موظفي المؤسسات كاملة من أموال البنك الوطني للمملكة العربية السعودية، ورفع الحصار وتطبيع العلاقات مع العالم الخارجي، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات الدولية، وتسهيل تبادل الأسرى من جميع المشاركين في حرب الأهلية اليمنية.
بالنظر إلى قائمة التنازلات، رفض أنصار الله الاقتراح الأمريكي، وبهذا نحن نخطئ في اعتبار أنصار الله وكيلاً لإيران بمعنى التبعية الكاملة لمصالح طهران، فالحوثيون تتمتعوا باستقلالية جادة للغاية وتتصرف إلى حد كبير وفقًا لتقديرها الخاص، فإيران حليف استراتيجي، ولكن ليس أكثر من ذلك. كل ما في الأمر أن اليمنيين اعتبروا العرض السخي الذي قدمته الولايات المتحدة بمثابة ضعف في "القوة المهيمنة على العالم". 
فحركة أنصار الله اليوم في البحر الأحمر وعلى الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية أقوى بالفعل من التحالف المحتمل الذي ستشكله الولايات المتحدة برمته، هل تتذكروا عملية "حارس الازدهار" ما هي نتائجها؟ باختصار، لم يحدث أي ضرر جسيم للوطنيين اليمنيين، وظلت التجارة عبر البحر الأحمر خطيرة، ومهمة مشكوك فيها (ما لم نتحدث عن سفن من روسيا والصين، فقد سمح لنا الحوثيون بالمرور دون أي مشاكل).
حتى الآن، وفقًا للخبراء، أطلق اليمنيون أكثر من 520 صاروخًا ومركبات جوية بدون طيار على جنوب إسرائيل، كما هاجموا تسعين سفينة، وفي الفترة من 4 إلى 5 مارس 2024 فقط، نفذ الحوثيون 34 عملية باستخدام 125 صاروخًا باليستيًا وصاروخًا كروز وطائرات بدون طيار، فترسانة اليمن ممتلئة ومصممة على عدم الاحتلال، ولو عرض الأمريكيون تسليم كل اليمن لحكم صنعاء، فمن المحتمل أن يكون هناك شيء جيد من المفاوضات، لكن هنا لا تريد الولايات المتحدة إفساد العلاقات مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. 

الكاتب: ايجور ليسين
بتاريخ: 16 ابريل 2024
موقع: Дзен (موقع روسي للتحليلات السياسية الدولية)