مارس 26, 2024 - 21:53
طوفان الأقصى المقدس  نبض العالم


خالد الأشموري
الجرائم البشعة المرتكبة من قبل الكيان الصهيوني الإسرائيلي بحق الآهالي الفلسطينيين في قطاع غزة الذي أستهدف الأرض والإنسان لما يقرب من ستة أشهر ..عدوان همجي غير أخلاقي وغير إنساني، قابله سخط عالمي ضد كل تلك الجرائم المروعة بحق المواطن الفلسطيني المجرد من أي سلاح أو سكن يقية من هول أسلحة العدو الفتاكة الأطلسية الأوربية - والأمريكية منها والتي تعد الأكثر عتاداً قدمتها واشنطن لتل أبيب، بمعاونة علنية وخفية من معظم حكومات الدول الخليجية والعربية المتصهينة. 
لا شك أن هذا الجرم البشع أيقظ وعي وضمير العالم ، أكد ذلك المراقبون والمحللون السياسيون وخبراء الحروب وكذلك الإنسان العادي.. وقد أظهرت التقارير الإعلامية المعلنة كم أن العالم يقظ من خلال سعة الاحتجاج والسخط العالمي ضد كل تلك الجرائم التي لا تختلف عن جرائم النازية والفاشية في الحرب العالمية الثانية.
اليمن ومن خلال موقفها المشرف وتحت شعار " لنكن مع فلسطين" جسدت الموقف المسؤول الذي تعاملت به القيادة اليمنية مع معطيات الواقع القائم والمتمثل بالدعم والتحرك الجاد لنصرة الشعب الفلسطيني.. وفي نطاق ما يفرض على المسلمين من مسئولية إنسانية ودينية إنتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني.
ومما يشار إليه في هذا الجهاد المقدس ذلك الزخم الشعبي المليوني الأسبوعي الموازي للمستوى والموقف العسكري اليمني الذي يستهدف العدو الإسرائيلي من خلال العمليات البحرية اليمنية حتى يقف العدوان على أبناء غزة ورفع الحصار عن القطاع.
ومن الحكمة اليمانية أن تحلى وأستشعر اليمنيون رجالاً ونساءً ومنهم الكُتاب والمفكرين والأدباء والشعراء ورجال الإعلام والسياسة والقضاء بتحمل المسئولية مجسدين بذلك الانتماء للقيم العظيمة وللإيمان.
الأستاذ الدكتور. عبد العزيز صالح بن حبتور رئيس حكومة صنعاء لتصريف الأعمال – جسد هذا المعنى الجهادي العظيم في سياق المقال المعنون " طوفان الأقصى المقدس وجرائم العدو الصهيوني أيقظ وعي وضمير العالم" نشر في صحيفة 26 سبتمبر الأسبوعية في الـ 18 من مارس 2024م نورد منه ما يلي:
تجليات بارزة ظاهره لإيقاظ الوعي الجمعي للشعوب والأمم حول الكرة الأرضية جراء ما يحدث من زلزال أخلاقي وإنساني مفجع نتيجة عدوان الكيان الصهيوني الإسرائيلي / الأمريكي / الأوروبي الاستعماري القذر على شعبنا وأهلنا في قطاع غزة من فلسطين . 
أولاً: لقد شاهد العالم كل العالم تلك المسيرات الشعبية في عواصم ومدن العالم، وتحديدا أميركا وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا، وعبر كل وسائل الإعلام، شاهدوا حجم الغضب والألم الظاهرة على وجوه وتصرفات وشعارات المسيرات الإحتجاجية من حول العالم، وهي حشود بشرية هائلة رفعت شعاراً موحداً، الحرية لفلسطين ومعاقبة جيش العدو الإسرائيلي واللعنة الأبدية على زعماء دول حلف شمال الأطلسي الداعمة لعنصرية الكيان الصهيوني.
ثانياً: إن الجرائم الوحشية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ذكرت إفريقيا السوداء الحرة وشعوب أمريكا اللاتينية الثائرة بتلك الجرائم التي ارتكبها الأجداد المستعمرون الأوربيون البيض قبل قرون من الزمان ، فالمستعمر الأوروبي العنصري الأبيض منذ أن شرع باحتلال الأمريكيتين وأفريقيا السوداء الحرة، قاموا ونفذوا الإبادات الجماعية والقتل الممنهج لتلك الشعوب في مستعمراتها، وهي دروس مؤلمة ومرة حاول المستعمر الأوروبي طمسها كي تنسى الشعوب ما حصل لأجدادها الأوائل في تلك البلدان المستعمرة من تنكيل وقتل وسحل وتجويع حدّ الموت، ووصل عدد الضحايا إلى مئات الملايين، وأكرر نعم مئات الملايين من السكان الأصليين للأمريكيتين وأفريقيا وبقية البلدان النامية التي اكتوت بنار الاستعمار البغيض، ومن جراء تلك الإبادات الجماعية غير الأخلاقية والإنسانية بحق الإنسان. 
ثالثاً: استيقظ الضمير الجمعي الإنساني لعدد من قادة وشعوب أمريكا اللاتينية ، وقررت قطع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية والسياسية مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي شعوراً منها بالخزي والعار الذي ألحقته سلوكيات وممارسات الكيان الصهيوني القذرة وغير الاخلاقية وغير الإنسانية تجاه الإنسان الفلسطيني الأعزل، وتقدمت دولة نيكاراجوا بقيادة الرئيس / دانييل أورتيجا بدعوى قضائية قانونية ضد الكيان الصهيوني لسلوكها المنحرف تجاه الإنسانية .
 رابعاً : قدمت دولة جنوب أفريقيا الحرة ملفاً قانونياً إجرائياً مدعماً بكل الأدلة والبراهين التي تدين دولة الكيان الصهيوني بأنها دولة مارقة على القانون الدولي، وأنها مارست التصفية الجسدية الإجرامية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وقدمتها لمحكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا ولازالت الإجراءات القضائية قيد العمل الإجرائي القانوني، مع أن الأدلة القانونية ضد الكيان كانت ثابتة ونهائية. 
جنوب أفريقيا قدمت الدعوى القضائية ضد الكيان انطلاقاً من تراثها النضالي والكفاحي المعادي للعنصرية البيضاء التي رزحت على كاهل الأفارقة ردحاً طويلاً من الزمن العنصري الأوروبي للإنسان الأبيض، ولذلك قام القائد الوطني العالمي الحر / نيلسون مانديلا بقيادة الأحرار من جنوب أفريقيا، بل وكل الأحرار في القارة الأفريقية وناضلوا بالدماء والدموع والأرواح حتى تحقق النصر المؤزر بإزالة نظام الفصل العنصري ، "الابارتهايد" عن جنوب أفريقيا.
خامساً: ظاهرتان لفتت انتباهي الشخصي كمتابع للأحداث، وتلك الظاهرتان قادمتان من أميركا USA ومن بريطانيا العجوز "العظمى"، بالإضافة إلى زخم الاحتجاجات الشعبية في مدن تلك الدولتين الاستعماريتين التي تسببتا في أحداث كوارث مأساوية دموية كبيرة جدا بحق شعوب الكرة الأرضية قاطبة. 
الحادثة الأولى : وهي قيام الطيار الأمريكي الابيض "آرون بوشنل" بالاحتجاج القاسي العنيف أمام سفارة الكيان الصهيوني في العاصمة واشنطن، قام بصب مادة مشتعلة حارقة على جسده الحي وهو منتصب القامة بشموخ وكبرياء وأشعل النار بها مردداً وهاتفاً بشعار "لتبقى فلسطين حرة" ولن أشارك بعد اليوم في الإبادة الجماعية بحق  الشعب الفلسطيني وبقيت النار مشتعلة في جسده ثم لفظ أنفاسه الأخيرة في اليوم التالي للحادثة. 
إنه موقف احتجاجي إنساني عظيم من شاب أمريكي أبيض لا نعرف ديانته ولكنه بوعيه وضميره الإنساني الحي تضامن تضامناً إنسانياً معنوياً هائلاً مع أطفال ونساء وشيوخ فلسطين، في الوقت الذي نشاهد فيه بعضاً من حكام "العرب المنحطين" باستضافة بلدانهم لممثلي أفلام البورنو الأمريكي والجنس الساقط، أو بإقامتهم للحفلات الفنية والرياضية في مدنهم وعواصمهم العربية دونما حساب لمشاعر الأمة من المحيط إلى الخليج ، أو لنقل من جاكرتا شرقاً وحتى طنجة غرباً، هؤلاء القادة العرب المسلمون، من أي طينة صُنعوا ؟ وما هي بطون أمهاتهم اللاتي أنجبنهم؟! ومن أي ثدي تم إرضاعهم ؟ فلا ضمير يؤنبهم، ولا أخلاق تردعهم، ولا رجولة تشفع لهم. 
الحادثة الثانية: شاهد العالم أو جزء منه عبر منصة  التيك توك العالمية صورة لشابة بريطانية بيضاء محتجة على قادة بلادها، وهنا دعوني أؤكد على " بياض البشرة الأوروبية" شاهد العالم هذه الفتاة وهي تطلي وجه المدعو / بلفور، وتمزق بيمينها الطاهر صورة المجرم المرتشي / آرثر بلفور وزير خارجية بريطانيا الأسبق، وصاحب وعد بلفور المشؤوم، الذي منح وطنا لليهود في أرض فلسطين.
بريطانيا العجوز الشمطاء التي ليس لها الحق في الوعد والتصرف بأرض الأحرار المسلمين فلسطين كي تمنحها لشراذم المشردين اليهود والذين تم جمعهم من كل أنحاء العالم، هذا المدعو المرتشي بلفور أصدر كتابه المشؤوم "الوعد" مقابل رشوة مالية رخيصة قدمتها له عائلة روتشيلد اليهودية البريطانية .
وهنا أود تسجيل استغرابي الشديد من شجاعتها وبطولتها وفدائيتها تجاه تمزيق وتلطيخ صورة المجرم المرتشي / آرثر بلفور، في الوقت الذي لو احصينا فيه كم هو عدد القادة العرب والمسلمين والنشطاء والناشطات والمثقفين والمثقفات، وحتى من الفلسطينيين أنفسهم ، كم مر منهم أمام هذه اللوحة  المخزية المركونة في جامعة كامبردج، ولوحة أخرى له موضوعة بالطابق الثاني للبرلمان البريطاني الحالي؟ وأنا متيقن أنهم قاموا بالتقاط صوراً تذكارية من أمام بورتريه وصورة بلفور المرتشي.. أين وعي وضمير قادتنا العرب والمسلمين الغائب، وأين وعي وضمير قادة جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي الغائب،  وربما المغيب أو ربما النائم ؟ .
 سادساً : يقول المطران الفلسطيني المسيحي المجاهد عطالله حنا أن القضية الفلسطينية ومقاومتها المسلحة هي أنبل عمل تحرري ومقاوم على مدى كل تاريخ الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين، وأن المسيحيين الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والأردنيين والعراقيين والمصريين هم جزء أصيل من نسيج المجتمع العربي المقاوم للاحتلال، وأنهم لا يشعرون بأنهم غرباء على المنطقة، بل هم جزء. فاعل وأصيل في النسيج الاجتماعي العربي، وأنهم يشعرون بأنهم أهل الأرض وليس وافدين لا من الشرق ولا من الغرب ... إن هذا الشعور بالانتماء إلى القضية العربية الفلسطينية هو قمة صحوة الوعي والضمير الإنساني تجاه القضية المركزية الفلسطينية برمتها.
سابعاً: دماء وأرواح الفلسطينيين العزيزة والغالية قد وحدت صف المجاهدين المقاومين العرب والمسلمين، ووحدت قرار صف المقاومة العربية الإسلامية، وكذلك وحدت واختلطت دماء الشهداء الفلسطينيين بدماء اليمنيين الأحرار واللبنانيين الأبطال والسوريين الأماجد، والعراقيين العظماء، والإيرانيين المجاهدين.
نخلص إلى القول إلى أن: معركة طوفان الأقصى المبارك وتضحياته العظيمة قد أيقضت الضمير الجمعي لأحرار الأمتين العربية والإسلامية وأحرار العالم ومن خلال ما أريق من دماء شهداء المقاومة نستطيع الجزم بأن قضية الشعب الفلسطيني ستبقى حية خالدة طالما  وأحرار الأمة قد حملوها في أعناقهم ورفعوها على عاتقهم وثبتوها في حدقات عيونهم، ووطدوها في ضمائرهم الحية إلى يوم الدين ..