جنين ساحة أخرى أرقت الاحتلال الصهيوني

عرب جرونال/هلال جزيلان
جنين مقاومة أخرى ولدت من رحم المعاناة، التي يتكبدها الفلسطيني، وغزة أخرى يلقي الاحتلال الصهيوني، المتفجرات من طائراته، على الجميع نساء أطفال رجال دون اكتراث.
فمروحيات الأباتشي الصهيونية، في جنين تلقي المتفجرات على بيوت رجال ونساء وأطفال فلسطينيين في الضفة الغربية بعدما عجزت الأسلحة الميدانية الفتاكة عن ردع مقاومة، من أن يفتدوا شبابها، حرية بلادهم بأرواحهم. 
مخيم يساوي عمر النكبة
 فجنين في ساعة الفجر أوفي لحظة الغروب من حيث الدلالة المجازية للزمن المظلم سياسيا في هذه المدينة الصغيرة الواقعة على الحد الفاصل بين بعض فلسطين الذي ما زال يسمى فلسطين وبعضها الذي كان يسمى فلسطين، ثمة مخيم للاجئين عمره يساوي عمر النكبة أي 75 سنة ولا تزيد مساحته عن كيلو متر مربع واحد، لكنه اعتاد أن ينتزع أو يخترع الضوء كلما أدلهم الظلام ليستقطب أنظار العالم ومعها قلوب ملايين الفلسطينيين والعرب كما لا تفعلوا في أية بقعة أخرى في أي من أرجاء الدنيا.
مظلة اقمع اقتل
 جديد مخيم جنين كما قالت أنباء متوالية عن تقدمات وصفت بالنوعية على آليات عسكرية صهيونية، استخدم فيها المهاجمون الفلسطينيون عبوات مضادة للدروع ما أدى إلى إصابة عدد من الجنود بجروح وعادت قوات الاحتلال في أعقابه لتحاصر وتقصف وتقتل جريا على مظلة اقمع اقتل، منذ عشرات السنين بهدف إخراس هؤلاء وإلحاقهم بطوابير اليائسين من جدوى المقاومة أو حتى دفعهم للانضمام إلى فرق ساعيين لإحياء ما تسمى عملية السلام بعدما أيقن روادها الأوائل والمبشرون بها أنفسهم بأنها شبعت موتى.
مقاومة من كل المشارب
 يعج مخيم جنين بمقاتلين لم يمنعهم اختلاف انتماءاتهم السياسية ومشاربهم الأيديولوجية من أن يكونوا على زناد بندقية واحدة في حقبة الانقسام الفصائلي الفلسطيني الموصوف بالعبثي وتطبيع العربي الموسوم بالمجاني والتخلي العالمي المعروف بأنه ما بلغ هذه الذروة من الصمت أو التخاذل أمام نكبة شعب بأكمله إلا على أرضية الاطمئنان إلى أن سلوك الاحتلال والاستيطان والعنصرية والتطرف الذي تنتهجه دولة الاحتلال لن يؤدي إلى ردود فعل تزيد عن الإدانة والشجب والتنديد وسواها من المفردات التي لم تضر يوما بمصالح إسرائيل أو بمصالح حلفائها.
خذلان عربي
 وربما لا يخلو من الدلالة العميقة هنا أن الهجوم المتواصل، الذي شنه مقاومون فلسطينيون على دوريات للاحتلال الإسرائيلي قد جاء في سياق بيانات رسمية فلسطينية وعربية ودولية اكتفت بالتحذيرات المعتادة والمتكررة ردا على التطور الخطير الذي بلغته الهجمة الاستيطانية الإسرائيلية بتبني حكومة بنيامين نتنياهو خططا لضم الضفة الغربية وموافقتها أخيرا على اختصار إجراءات التصديق على بناء المستوطنات عبر منح وزير المالية سموتريتش الذي يترأس حزب الصهيونية الدينية المتطرف صلاحية اتخاذ القرارات في هذا الشأن .
خلل في موازين القوى
يدرك الذين يخوضون المعركة ضد قوات الاحتلال في جنين ومخيمها مقدار الخلل الذي يعتور ميزان القوى بين الجانبين عسكريا وسياسيا غير أنهم يواصلون التمسك بمقاومتهم لأن الطريق إلى التحرر الوطني في قناعتهم لم تكن يوما إلا كذلك وتدرك الدولة المحتلة في الوقت نفسه أن ما تصفه بعمليات الردع قد أخفقت منذ تجربة عام 2002 على الأقل في إجبار هؤلاء على رفع الراية البيضاء بيد أنها تواصل هجماتها لأن تلك في تجارب المحتلين هي لغتهم التي يتقنون.
 
انتظار سلام موعود
وثبتت المعادلة الصفرية أو بلا مخرج فإن دعاة التسوية السياسية ما زالوا يواصلون الدعوة لاستئنافها ولا ينتبهون أو لعلهم يتجاهلون أن المقاومين الفلسطينيين في هذه المنطقة كما في غيرها من مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة كانوا قد ولدوا وشبوا خلال ثلاثة عقود من انتظار السلام الموعود بعد ما كان آباؤهم وأجدادهم قد انتظروا طيلة أربعة عقود سابقة التفات العالم إلى مأساتهم لا بل إلى وصمة عار يرونها في جبينه ولها شكله التواطؤ مع آخر استعمار مباشر في التاريخ.