مايو 9, 2024 - 15:36
مايو 11, 2024 - 14:21
المسيحية الصهيونية تحت عباءة "المسيح " فهل سنشهد ولادة مصطلح الاسلام الصهيوني تحت عباءة " إبراهام"


عرب جورنال / كامل المعمري  - 

بإسم اليسوع المسيح تمكنت اليهودية من اذابة الديانة المسيحية وتشكيلها وفقا لأجنداتها وربطها بالنبوءات التوراتية فظهر مفهوم الصهيونية المسيحية كمفهوم برز بوضوح في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث دعم العديد من المسيحيين الإنجيليين الحركة الصهيونية. ويعتقد هؤلاء المسيحيون أن دعم إسرائيل هو جزء من النبوءات الكتابية.

 لقد كانت المسيحية في اروبا تحمل الكراهية لليهود بشكل مطلق علئ اعتبار ان اليهود هم من قاموا بقتل اليسوع لذلك عانى اليهود اضطهادا وتعذيبا وقتل في العصور الوسطى اضطر بعض رجالات الدين اليهود الدخول في المسيحية وبدأو السيطرة والتبشير واذابة المسيحية تحت مسمئ الصهيونية المسيحية  ان هذا المفهوم يستند إلى تحالف فكري وروحي يربط بعض المسيحيين بالأيديولوجيا الصهيونية، ويرتبط عادة بالدعم المسيحي لذلك استخدمت اسرائيل هذه الديناميكية لصالحها بهدف الدعم السياسي والمالي فمن المعروف أن الصهيونية المسيحية تدفع باتجاه دعم سياسي ومالي قوي لإسرائيل من الولايات المتحدة بشكل خاص. هذا الدعم يأتي في صورة مساعدات مالية، دعم عسكري، ومواقف دبلوماسية تؤيد مواقف إسرائيل في المحافل الدولية.التفسيرات الدينية: يعتقد الكثير من المسيحيين الإنجيليين أن دعم إسرائيل هو جزء من الوفاء بالنبوءات الكتابية التي تتحدث عن عودة اليهود إلى أرض إسرائيل كمقدمة للأحداث الأخيرة وعودة المسيح.

وباسم نبي الله ابراهيم تنفذ اسرائيل مخططها في الوطن العربي وبنفس الطريقة التي نفذت بها اجنداتها في اروبا ولعل مايعزز ذلك التشابه مابين الإبراهيمية والصهيونية المسيحية من حيث الأهداف الإستراتيجية والتأثير السياسي والديني 

و تشمل:الأهداف السياسية: كلتا الحركتين تستخدمان الدين كأداة لتحقيق أهداف سياسية. 

الصهيونية المسيحية تدعم إسرائيل بناءً على معتقدات نهاية الزمان التي تتضمن عودة المسيح، وهذا يتطلب وجود دولة إسرائيل قوية ومستقرة.

 من ناحية أخرى، تستخدم الديانة الإبراهيمية مفهوم الوحدة بين الأديان الإبراهيمية لتعزيز التطبيع مع إسرائيل وتحقيق السلام الإقليمي الذي يخدم أجندة سياسية إسرائيلية.


تعديل النظرة الدينية: الصهيونية المسيحية تعيد تفسير بعض النصوص الدينية لدعم وجهة نظرها السياسية والإيديولوجية. بشكل مماثل، تقوم الديانة الإبراهيمية بتعزيز فكرة أن جميع الديانات الإبراهيمية يمكن أن تجتمع حول قيم ومعتقدات مشتركة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تخفيف التوترات الدينية ولكن أيضًا يخدم الأهداف السياسية لإسرائيل 


النهج العالمي: كلا المفهومين يعكسان رغبة في نشر نفوذهما عالميًا فالصهيونية المسيحية تنشط بشكل خاص في الولايات المتحدة وتؤثر على سياساتها الخارجية تجاه إسرائيل بينما الديانة الإبراهيمية، على الرغم من أنها نشأت في الشرق الأوسط، تحظى بدعم من قوى عالمية وتروج للتفاهم والسلام العالميين، مما يعكس تأثيرها المحتمل على السياسة الدولية

استخدام المؤسسات الدينية: الصهيونية المسيحية والديانة الإبراهيمية كلاهما يستخدم المؤسسات الدينية لتعزيز أهدافهما. هذا يتضمن بناء دور عبادة ومراكز دينية تعزز الحوار والتفاهم بين الأديان.التركيز على الأساس الديني المشترك: كلتا الحركتين تستندان إلى الإشارة إلى التقاليد الدينية الأساسية كأساس للوحدة والسلام

ظهور المفهوم

مصطلح "الإبراهيمية"، الذي يُستخدم اليوم على نطاق واسع لوصف الديانات التوحيدية الثلاث—اليهودية، المسيحية، والإسلام—التي تشترك في الاعتراف بالنبي إبراهيم كشخصية مؤسسة، له جذوره التي تعود إلى عدة عقود مضت، ولكن استخدامه في السياق الحديث يحمل دلالات أوسع وأعمق.الاستخدام التاريخي للمصطلح مصطلح "الإبراهيمية" ليس جديدًا بمعناه الأدبي، حيث كان يُستخدم تاريخيًا للإشارة إلى الخصائص المشتركة بين الديانات الثلاث التي تعود جذورها إلى النبي إبراهيم. 

ولذلك ظهر مصطلح الدين الإبراهيمي في عقد الخمسينيات من القرن العشرين عندما قام اللاهوتي يواكيم مبارك، تلميذ ماسينيون بنشر أعمال تتحدث عن الإسلام كدين إبراهيمي ومع مرور الوقت، بين عامي 1930 و1970، تطور استخدام المصطلح ليشمل الأديان السماوية الثلاثة، مستندًا إلى شخصية إبراهيم كرائد للتوحيد، والذي أدرك وجود الله دون وحي مباشر، قبل أن يتلقى رؤيا تأمره بتقديم ابنه قربانًا، ثم يُوجه ليستبدله بكبش اليوم، يُستخدم المصطلح لأهداف براغماتية أكثر منها تاريخية، لتعزيز العلاقات بين الأديان الثلاثة، وكذلك في سياق الحوار الديني. كما أصبح يحمل أبعادًا جيوسياسية خاصة بعد توظيفه في الاتفاقيات الإسرائيلية العربية التي ترعاها الولايات المتحدة.
هذه الاتفاقيات تضم إسرائيل، والولايات المتحدة، وعددًا من الدول العربية، وقد أسهمت في تبني الهندسة الجيوستراتيجية والرؤى الجيوبوليتيكية بالشرق الأوسط.لتحقيق هذه الأهداف، أُنشئت مراكز ومؤسسات تعنى بـ"الدبلوماسية الروحية"، مثل الجمعيتين التي يقودهما طوني بلير في أفريقيا والشرق الأوسط، إضافة إلى برامج تعليمية في جامعات أميركية مثل فرجينيا وبنسلفانيا. وفي الجانب الحكومي، أسست الإدارة الأميركية تحت إشراف هيلاري كلينتون إدارة خاصة تحت عنوان "الحوار الاستراتيجي مع المجتمع المدني" لتعزيز هذه المبادرات.


ان اتفاقات إبراهام تُمثّل تحولاً جذرياً في الفهم التقليدي للقانون والعرف الدولي، حيث جُري استخدام شخصية دينية مقدسة كوسيلة في تسوية سياسية. 

هذا الاستخدام ليس عشوائياً بل هو جزء من استراتيجية زمنية طويلة الأمد تستهدف الشعوب مباشرةً، وليس فقط الحكومات التي يُتوقع تفككها وزوالها وفق هذه المخططات ان المسعى الأساسي هو خلق هوية "إبراهيمية" جديدة تُحل محل الهويات الوطنية والدينية والعرقية، بهدف تعزيز نظرة الأخوة الإنسانية والانتماء لأسرة إبراهيمية واحدة.

اتفاقات إبراهام، حسب ما نُصّ عليها، تدفع نحو تطبيع ثقافي وسياحي على مستوى الشعوب، وهو ما يختلف  في حالة الصهيونية المسيحية، يُنظر إلى إسرائيل كتحقيق للنبوءات البيبلية، مما يعزز التأييد الديني للدولة اليهودية من قبل المسيحيين الإنجيليين من جانبها، تبرز الديانة الإبراهيمية النبي إبراهيم كشخصية مركزية توحد الأديان الإبراهيمية الثلاث (الإسلام، اليهودية، والمسيحية)، وتستخدم هذه الوحدة كأساس لبناء السلام والتعايش المزعوم الأهداف الإقليمية والتأثير على الصراعات: كلا المفهومين يسعيان إلى التأثير على الصراعات الإقليمية، خاصة في الشرق الأوسط. الصهيونية المسيحية ترى في دعم إسرائيل طريقاً لتأمين المصالح الجيوسياسية الغربية وتحقيق الاستقرار الذي ينسجم مع النظرة الإنجيلية لنهاية الزمان. في المقابل، تُعرض الديانة الإبراهيمية كأداة للسلام وتهدئة التوترات في المنطقة من خلال الترويج للتفاهم والمواطنة المشتركة بين شعوب تلك الديانات.

الاستفادة من الدعم الدولي والدبلوماسية: كلتا الحركتين تستفيدان من الدعم الدولي. الصهيونية المسيحية مدعومة بشكل كبير من قبل بعض الأوساط السياسية والدينية في الولايات المتحدة، بينما تحظى الديانة الإبراهيمية بتأييد من مختلف القوى العالمية التي ترى فيها وسيلة لتعزيز الاستقرار والسلام الإقليمي

إعادة تشكيل الهويات الدينية والثقافية: وأخيرًا، كلا الحركتين تسعيان إلى إعادة تشكيل الهويات الدينية والثقافية بطرق تدعم أجنداتهما السياسية والدينية. سواء كان ذلك من خلال إعادة تفسير النصوص الدينية أو تعزيز مفاهيم جديدة مثل الأخوة والسلام بين الأديان.بهذه الطرق، تمتد تأثيرات كل من الصهيونية المسيحية والديانة الإبراهيمية إلى ما هو أبعد من الجوانب الدينية والروحية، لتشمل الجوانب السياسية والاجتماعية على مستوى العالم.

منذ ظهور فكرة الحركة الصهيونية التي تهدف إلى تأسيس "إسرائيل الكبرى"، كان التصور الأولي يهدف إلى إنشاء وطن يمتد إلى الحدود الموصوفة في النصوص التوراتية إلا أن التحديات السياسية في الأراضي التاريخية لفلسطين جعلت من الصعب الإعلان الواضح عن هذه الأهداف  وبالتالي، ظلت الحدود التي تعلنها الدولة الإسرائيلية مبهمة، وصورت الأيديولوجية الصهيونية كنهج استعماري يسعى للتمدد بلا حدود محددة في أي اتفاقيات مستقبلية مع الدول المجاورة. لقد تطور مفهوم "إسرائيل الكبرى" ليشمل أكثر من مجرد الأبعاد التقليدية، إذ تحول إلى استراتيجية تعتمد على الدعائم الاقتصادية والتكنولوجية للدولة، والتي بدورها ساهمت في ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية كبرى تستخدم مزاياها لدفع الدول للتطبيع معها بدعم من الولايات المتحدة

في الآونة الأخيرة، ظهرت "الدبلوماسية الروحية" كأسلوب جديد يستخدم العقائد الإبراهيمية كآلية للتفاوض وتسوية الخلافات
 هذه العملية تجري ضمن إطار دبلوماسي يجمع بين المؤثرين الدينيين والسياسيين لتعزيز الأسس المشتركة في الحوار السياسي. يكشف هذا المنهج عن فرص لإعادة الحقوق الدينية للمجتمعات الأصلية في المناطق المتأثرة بالصراعات  تُعد شخصية النبي إبراهيم محورية في هذه الاستراتيجية، حيث تُسلط الضوء على رحلاته التي يُعتقد أنها عززت الروابط الروحية بين المواقع المقدسة والتي تُعتبر جزءاً من مبادرة دبلوماسية يدعمها مكتب الحرية الدينية بوزارة الخارجية الأمريكية. مثل هذا المنهج يُعزز الاعتقاد بأن العقائد المشتركة قد توفر أساساً متيناً لإنهاء الصراعات الطائفية في المنطقة، خاصة النزاع الفلسطيني.
الباحثة المصرية "هبة جمال الدين" استطاعت أن تكشف النقاب عن "المسار الإبراهيمي"، وهو مشروع ذو تأثيرات استعمارية معاصرة على المنطقة من خلال كتابها "الدبلوماسية الروحية والمشترك الإبراهيمي: المخطط الاستعماري للقرن الجديد".

في هذا الكتاب، تقدم "جمال الدين" تحليلًا شاملًا للمسار التنفيذي لهذه المشروعات الروحية التي تم تصميمها لتبدو كأنها تشمل بالأساس المناطق العربية مثل فلسطين المحتلة، العراق، لبنان، سوريا، وصولاً إلى تركيا وإيران. تطرح الباحثة تساؤلات مهمة حول مدى تطبيق هذا الاتحاد الإبراهيمي عالميًا ولماذا يظل محدودًا وغير شامل لدول أوروبا والغرب.تستشهد الباحثة في كتابها بالمفكر الفرنسي "مارسيل غوشيه" الذي عالج مفهوم "انحسار الدين" في المجتمعات الغربية، مشيرة إلى كيفية تفاعل هذه المجتمعات مع الدين في سياق السياسة والحياة

تقول الباحثة المصرية هبة جمال الدين ان فكرة "الإبراهيمية" تنطوي على عدد من التداعيات والمخاطر المهمّة، أبرزها تحويل دور العبادة الخاصة بالأديان الثلاثة إلى مراكز للدبلوماسية الروحية، مما قد يؤدي إلى فقدان هذه الأماكن لقداستها. بالإضافة إلى ذلك، فإن إعادة تفسير النصوص الدينية لتبرير السياسات يعتبر تطورًا خطيرًا. مثال على ذلك، الجهود التي تبذلها "جمعية المؤرخين للسياسة الخارجية الأمريكية" التي تُعيد قراءة التاريخ الأمريكي من منظور ديني يبرر جميع القرارات السياسية كأوامر إلهية مقدسة، وهو ما يفتح الباب لتبرير الماضي بمجازره ومآسيه ويعطي الضوء الأخضر لارتكاب أي فعل في المستقبل  ايضا فان التأثيرات المحتملة لانتشار "الإبراهيمية" على القضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين يمكن أن تكون كارثية، إذ قد يؤدي إلى إزالة اسم فلسطين من الوعي العالمي هذا ما لوحظ عندما قامت الأونروا، بعد تولي "دونالد ترامب" الرئاسة، بحذف عبارة "القدس عاصمة فلسطين" من المناهج الدراسية، واستبدلتها بـ"القدس المدينة الإبراهيمية"، في محاولة لتغيير هوية الأطفال الفلسطينيين.إضافة إلى ذلك، يعد "الحوار الخدمي"، الذي يشمل أنشطة مثل تطهير غور الأردن من الألغام لتعزيز السياحة الدينية الإبراهيمية المشتركة، من الأمثلة الواضحة على تجليات هذه السياسة. الجانب الأكثر خطورة هو النقاش حول "مفهوم أصحاب الحق الأصلي" الذي يفتح الباب أمام ادعاءات إسرائيلية بحقوق تاريخية في الدول العربية، خاصة في شبه الجزيرة العربية.تعي الصهيونية العالمية  أن بقاء الكيان الإسرائيلي صعب في ظل ثقافة تعاديه، ولذلك تركز على تغيير هذه الثقافة من خلال الديانة والموروث الثقافي. يستهدف مشروع "الديانة الإبراهيمية" تغيير الواقع الثقافي الشعبي في المنطقة، ويركز بشكل أساسي في الأماكن ذات العمق الديني المقدس.


مخطط ابراهام في الدول العربية 

ما يُعرف بـ"اتفاقيات أبراهام" بين بعض الدول العربية وإسرائيل لم يكن سوى الواجهة الأولى لمخطط طويل الأمد يهدف إلى إضعاف الهوية الإسلامية في المنطقة وإخضاعها للنفوذ الإسرائيلي-الأمريكي، استعدادًا للسيطرة على المنطقة تدريجيًا. 

بعد مرور اربعه اعوام على توقيع دول الخليج والسودان والمغرب لهذه الاتفاقيات، ظهرت مرحلة جديدة تمثلت في تأسيس تحالف "صهيو-عربي" ضد القوى التي لا تزال تحافظ على الهوية الإسلامية، مثل تركيا وإيران وجماعة الإخوان المسلمين وحركات المقاومة وفقًا ليائير لبيد، وزير الخارجية الإسرائيلي، فإن هذا التحالف، الذي يضم دولًا مطبعة إضافة إلى اليونان وقبرص، يهدف إلى مواجهة تلك القوى لبيد ذكر أن هذا التحالف يشكل جزءًا من رؤية أوسع تمتد من الخليج العربي إلى المحيط الأطلسي، وقد نوقش هذا المحور في لقاءات متعددة، منها لقاء مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ومع مسؤولين من اليونان وقبرص وصف لبيد هذا التحالف بأنه يمثل "تحالفًا معتدلًا وعمليًا طموحًا" يجمع بين مجموعة من البلدان برؤية مشتركة تتراوح من الإمارات والبحرين في الخليج إلى المغرب في شمال إفريقيا، ومصر والأردن في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى قبرص واليونان.يُظهر هذا التطور أن "الإبراهيمية الجديدة" تتجاوز مفهوم "الدبلوماسية الروحية" لتشكل شكلاً جديدًا من الاستعمار يهدد بتحويل النظام الدولي الحديث إلى أداة تخدم مصالح أمريكا وإسرائيل في المنطقة
يقول الشيخ والفقية الفلسطيني الدكتور حسام الدين موسى عفانة بأن إحدى الطرق التي تم من خلالها ترويج "الديانة الإبراهيمية" هي إنشاء مراكز دينية موحدة تجمع بين المسلمين واليهود والمسيحيين، مثل "بيت العائلة الإبراهيمية" في الإمارات الذي يضم مسجداً وكنيساً يهودياً وكنيسة.
تم تسمية المسجد باسم "مسجد فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب"، رغم انسحابه لاحقًا من دعم الديانة الإبراهيمية، والكنيسة سميت "كنيسة قداسة البابا فرانسيس"، والكنيس باسم "كنيس موسى بن ميمون".المسؤولون في الإمارات يروجون لبيت العائلة الإبراهيمية كمنصة للحوار الحضاري والسلام بين الأديان. يمثل هذا المشروع تطبيقاً عملياً لمفاهيم وثيقة "الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" التي وقعها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر أحمد الطيب في أبوظبي عام 2019، حيث تنادي بتعزيز الحوار بين الأديان ونشر الفضائل الأخلاقية لمعالجة مختلف المشكلات العالمية.من جانب آخر، تُعتبر خطوة الإمارات في إنشاء "بيت العائلة الإبراهيمية" غير مسبوقة في التاريخ الإسلامي، حيث بدأ علماء الدين المرتبطون بالحكومة بتسويق هذه الفكرة الجديدة بطريقة تخالف النصوص الدينية التقليدية تزعم الأوساط الدينية المؤيدة لهذا المفهوم أن اندماج الديانات السماوية الثلاث تحت مظلة الديانة الإبراهيمية سيؤدي إلى إنهاء النزاعات ونشر السلام والتعايش بين أتباعها، على الرغم من أن هذه الشعارات قد تكون سطحية ولا تعالج الجذور العميقة للصراعات.الديانة الإبراهيمية ليست مجرد تعبير ديني بل هي جزء من استراتيجية سياسية تعكس اتفاقيات التطبيع مثل "الاتفاق الإبراهيمي" بين الإمارات وإسرائيل، الذي يحمل اسم إبراهيم كرمز للوحدة بين الديانات. تروج هذه الديانة للدبلوماسية الروحية التي تجمع بين الدين والسياسة لتحقيق أهداف سياسية معينة


السياسات الأمريكية تدعم الابراهيمية

في عام 2017، تولى دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية كممثل للحزب الجمهوري وتيار المحافظين الجدد الذي يناصر المسيحية الصهيونية، حيث تنطوي عقيدتهم على دعم إسرائيل استعدادًا لمجيء المسيح تبع ذلك مساعي برعاية أمريكية ضمن برنامج الأونروا لتعديل المناهج التعليمية بالمدارس الفلسطينية بحذف تعبير "القدس عاصمة فلسطين" واستبداله بوصف القدس كمدينة مقدسة لكل "الديانات الإبراهيمية"، إشارة لفلسفة جديدة تهدف لتشكيل وعي جديد لدى الأجيال القادمة في أغسطس 2013، اعترف جون كيري، الذي شغل منصب وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، بالأسس المشتركة بين الديانات الإبراهيمية وأهمية "الدين العالمي" في مواجهة التحديات الدولية، معلنًا عن تأسيس مكتب للمبادرات المجتمعية الدينية لدمج القيادات الروحية في دبلوماسية الولايات المتحدة  ، خلال فترة هيلاري كلينتون كوزيرة للخارجية، تم إنشاء مجموعة عمل حول الدين والسياسة الخارجية تضمنت عدة فرق تحت مظلة "الحوار الاستراتيجي مع المجتمع المدني"، مستشارين يقدمون توجيهاتهم مباشرة لوزارة الخارجية.على الرغم من التغيرات الإدارية من ديمقراطيين إلى جمهوريين وبالعكس، استمرت هذه الإدارات والمكاتب في عملها، ما يعكس استمرارية النهج الذي بدأ منذ جورج بوش الأب وتم الإعلان عنه رسميًا في عهد كلينتون. 


الاتفاق الإبراهيمي ومخاطره على القضية الفلسطينية

تمثل الاتفاقيات الإبراهيمية، الموقعة في سبتمبر 2020، نقطة تحول مثيرة للجدل في تاريخ العلاقات العربية-الإسرائيلية. وقد أثار هذا الاتفاق العديد من الأسئلة حول تأثيراته المحتملة على القضية الفلسطينية، خصوصًا في ظل تجاوزه للمبادئ التي كانت أساسًا للتعاطي العربي مع إسرائيل ابرز مخاطر الاتفاق الإبراهيمي تكمن في تجاهله للقضية الفلسطينية، الأمر الذي يُعد تحولاً جذريًا عن مبادرة السلام العربية لعام 2002. هذه المبادرة كانت تشترط الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة كأساس لأي تطبيع عربي مع إسرائيل.


 تقويض موقف الفلسطينيين 

الاتفاق الإبراهيمي يُقوض بشكل كبير الموقف التفاوضي للفلسطينيين بتحويل مسار الصراع من قضية مركزية إلى هامشية بالنسبة لبعض الدول العربية. هذا يُمكن أن يؤدي إلى ضعف الدعم العربي للفلسطينيين في المحافل الدولية ويقلل من الضغط الإقليمي على إسرائيل للوصول إلى حل يُراعي الحقوق الفلسطينية اضافة لذلك يُعمق هذا الاتفاق الانقسامات بين الدول العربية، حيث تُظهر بعض الدول ترحيبًا بالتطبيع مع إسرائيل بينما تُدين أخرى هذا التوجه. هذا الانقسام يُمكن أن يُضعف الجبهة العربية التقليدية التي كانت تُشكل ضغطًا موحدًا في مواجهة إسرائيل وتُعقد مساعي التضامن العربي تجاه فلسطين  على المدى الطويل، يُمكن أن يُسهم الاتفاق الإبراهيمي في إعادة تشكيل المنطقة بطرق قد تُزيد من التحديات التي تواجه الفلسطينيين على سبيل المثال، يمكن أن تعزز الاتفاقات الاستثمارات والتعاون التكنولوجي والأمني بين إسرائيل والدول العربية الموقعة، مما يجعل الأخيرة أقل استعدادًا لممارسة الضغط السياسي أو الاقتصادي على إسرائيل لتحقيق تقدم في المفاوضات الفلسطينية.

كما أن هذا التقارب قد يُؤدي إلى تطبيع الوجود الإسرائيلي في المنطقة بشكل يُهمش الحقوق الفلسطينية والتأثير على الشارع الفلسطيني والعربي والشعور بالإحباط والخيانة قد يتزايد بين الفلسطينيين والشعوب العربية التي ترى في الاتفاق الإبراهيمي تخليًا عن القضية الفلسطينية. 
 
هذا الإحباط يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوترات الداخلية والاحتجاجات، مما يؤدي إلى استقرار سياسي واجتماعي هش في بعض الدول العربية واجمالا فان الاتفاق الإبراهيمي يعيد تعريف معايير السلام في الشرق الأوسط بما يتعارض مع المبادرات السابقة التي كانت تضع حل الدولتين ووقف الاستيطان كشروط أساسية. بالتالي، يمكن أن يؤدي إلى تقليص فرص إقامة دولة فلسطينية مستقلة وفقًا للحدود المعترف بها دوليًا ، الخلاصة في ظل هذه التطورات، يظهر الاتفاق الإبراهيمي كعامل قد يعيد تشكيل الديناميكيات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، لكنه يحمل معه مخاطر جسيمة قد تؤثر سلبًا على القضية الفلسطينية وعلى التماسك العربي العام   الاتفاق الإبراهيمي وتأثيره على الهوية الدينية في الدول المطبعة سيشكل الاتفاق الإبراهيمي، الذي وُقع في سبتمبر 2020، نقطة تحول كبيرة وخطيرة ليس فقط في السياسات الخارجية للدول المطبعة مع إسرائيل ولكن أيضًا في البنية الثقافية والتعليمية لهذه الدول أحد الجوانب المثيرة للقلق في هذا السياق هو التغيير المحتمل في المناهج الدراسية، حيث يُتوقع أن تتضمن تعاليم تتعلق بما يُسمى "الديانة الإبراهيمية المبتدعه"، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى نسف الهوية الدينية التقليدية للدول المعنية فالتغييرات في المناهج الدراسيةفي ضوء الاتفاق الإبراهيمي، من المتوقع أن تشهد المناهج الدراسية في الدول المطبعة تعديلات جذرية تعكس الروح الجديدة لهذا الاتفاق. قد تشمل هذه التعديلات إدخال مفاهيم وتعاليم تروج لفكرة التعايش والتفاهم المشترك بين الأديان الإبراهيمية الثلاثة: الإسلام، المسيحية، واليهودية. وهذا يعني تقديم نسخة مبسطة وموحدة من العقائد الدينية التي قد تتجاهل أو تُضعف الخصوصيات العقائدية والثقافية لكل دين تعارض مع المعتقدات: يمكن أن يُنظر إلى التغييرات في المناهج الدراسية على أنها محاولة لإعادة تشكيل المفاهيم الدينية وفقًا لأجندة سياسية محددة، ما قد يثير المقاومة والرفض في المجتمعات المحافظة التأثير على التنشئة الاجتماعية: المناهج الدراسية تلعب دورًا محوريًا في تنشئة الأجيال الجديدة. تغييرات جذرية في هذه المناهج قد تغير طريقة فهم النشء لتاريخهم، ثقافتهم، ودينهم.

المقاومة الخيار الامثل

تشهد المنطقة العربية تغييرات جيوسياسية معقدة، خاصة بعد توقيع الاتفاق الإبراهيمي، الذي يشمل تطبيع العلاقات بين عدة دول عربية وإسرائيل ويرى العديد من المحللين والفاعلين الإقليميين، خاصة في دول محور المقاومة مثل اليمن، العراق، لبنان، وإيران، أن هذا الاتفاق يمثل تهديدًا للقضية الفلسطينية ويعزز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة. وفي ضوء هذه التطورات، يُنظر إلى المقاومة بمختلف أشكالها كاستراتيجية ضرورية للرد على هذه التحالمسيح لمواجهة المشروع الإبراهيمي الذي يُنظر إليه على أنه يهدد بنسف القضية الفلسطينية، يمكن لحركات المقاومة في اليمن، لبنان، العراق، وإيران اتباع عدة استراتيجيات لتعزيز موقفها والحفاظ على القضية الفلسطينية ضمن أولويات العالم العربي والإسلامي
المقاومة العسكرية ودعم حركات المقاومة في فلسطين واسنادها بمختلف انواع الدعم وتبادل الخبرات بين دول المحور في مجال التصنيع العسكري ومختلف المجالات العسكرية وتطوير الاساليب القتالية توحيد الجهود والرؤى: تعزيز التعاون والتنسيق بين حركات المقاومة والأحزاب السياسية التي تشاركها نفس الموقف تجاه القضية الفلسطينية. 

التوحد حول استراتيجية مشتركة يمكن أن يزيد من فعالية الردود على التحديات المترتبة على المشروع الإبراهيمي تعزيز الدعم الشعبي: العمل على تعزيز الوعي الشعبي حول أهمية القضية الفلسطينية وتأثيرات المشروع الإبراهيمي عليها. يمكن تحقيق ذلك من خلال الإعلام، الندوات التوعوية، والحملات العامة التي تبرز البُعد القومي والديني للقضية الدبلوماسية الفعّالة: تعزيز الجهود الدبلوماسية لحشد الدعم الدولي والإقليمي ضد التطبيع مع إسرائيل في ظل تجاهل الحقوق الفلسطينية.

 استخدام المنابر الدولية للتأكيد على عدالة القضية الفلسطينية وتأثيرات التطبيع على السلام الإقليمي المقاومة الثقافية والإعلامية: تأسيس مراكز أبحاث وإعلام تركز على تقديم تحليلات وبيانات دقيقة حول المشروع الإبراهيمي ونتائجه المحتملة.

والاستثمار في الإعلام الذي يمكنه توجيه الرأي العام وتشكيل وعي مجتمعي ناقد .