سبتمبر 30, 2021 - 23:24
انسحاب العار وعودة الإرهاب !؟
عرب جورنال


الكونجرس الأمريكي وقف، خلال اليومين الماضيين، أمام جلسة استماع لأبرز ثلاثة من القادة العسكريين المعنيين بانسحاب القوات من أفغانستان. وجه إليهم أعضاء في الكونجرس أسئلة بالغة الأهمية حول أسباب الانسحاب المتعجل ومبررات الارتباك الذي رافق مراحل الانسحاب.

ربما كان لدى المتسائلين بعض الغموض، عن القرار وعن عملية الانسحاب، فأرادوا استيضاحها، لكن المؤكد أن لديهم الكفاية من المعلومات، التي تجعل الهدف من جلسة الاستماع مجرد إجراء روتيني متَّبع في مثل هكذا مناسبات !

إجمالًا يمكن اعتبار إجابات كلٍّ من وزير الدفاع (أوستن)ورئيس هيئة أركان القوات المشتركة الجنرال (ميلي) وقائد قيادة المنطقة الوسطى الجنرال ( ماكينزي)، مجرد تكرار لما سبق أن قالوه أو قاله الرئيس بايدن ووزير خارجيته، ماعدا معلومات قليلة عليها طابع الجِدَّة. إلَّا أن جميع المعلومات السابقة واللاحقة لايمكنها تبرير القرار الخاطئ ولا إعفاء أركان الإدارة الأمريكية من تحمل مسؤولياتهم، بل إن كل إجابة للرجال الثلاثة قد تضيف إليهم مزيدًا من التهم والإدانات القانونية !

فأبرز جديد جاء به وزير الدفاع هو إرشاد أعضاء الكونجرس أو تعريفهم بما يجب عليهم عمله، بدلًا من مساءلته هو وزميليه، إذ قال لهم بأن عليهم النظر في قرار الحرب، أولًا، الذي تم اتخاذه منذ عشرين عاما !؟

سخرية واضحة وتهرُّب لافت ودفاع مؤكد عن قرار الانسحاب.

وعندما أجاب على السؤال كرر مقولة إدارة بايدن القائلة بوجود تهديدات لقواته وأن تمديد بقائها في أفغانستان كان سيعرضها لخطر شديد. وفي توضيحه لذلك الخطر قال إنه يتمثل في هجمات لطالبان !؟

أإلى هذه الدرجة تهدد عصابات بشتونية دولة عظمى بحجم الولايات المتحدة الأمريكية ؟!

حاول وزير الدفاع تتويه الحاضرين عن الاعتراف الصَّريح بالخطأ بأن قال إن طالبان وإن كانت قد التزمت بشرط عدم مهاجمة القوات حال انسحابها إلا أنها لم تلتزم ببقية التعهدات في اتفاق الدوحة. كما برَّر فشل قواته في إعداد قوات أفغانية مقتدرة بقوله لم نكن ندرك حجم الفساد في حكومة أشرف غني ، كما لم نكن نتوقع سيطرة طالبان بتلك السرعة !؟ فأين كان الأمريكيون من ذلك الفساد ؟! وأين كانت المخابرات المركزية والاستخبارات العسكرية ؟!

أما الجديد اللافت في إجابات قادة القوات المسلحة الأمريكية الثلاثة فقولهم بأن طالبان لاتزال مجموعة إرهابية وإن علاقتها مع تنظيم الدولة لاتزال قائمة وإن الحرب في أفغانستان لم تنته، بعد، بل إنها ستستمر.

وإذن ما جدوى الغزو الذي دام عشرين عامًا وكلف الأمريكيين وحلف النيتو خسائر بشرية ومادية كبيرة ؟!

في فرنسا أطلق الرئيس ( ماكرون) تصريحًا قد فات أوانه ! إذ دعا القوى العالمية إلى أن تظل متحدة في المحادثات مع إيران، داعيًا الصين إلى التصرُّف بطريقة واضحة !

في هذا التصريح حاول الرئيس الفرنسي، كما نظن، التكفير عن صمت بلاده الطويل تجاه الصراع السياسي ـ الدبلوماسي المضني بين الإيرانيين من جهة وبين الولايات المتحدة ومناصريها من جهة ثانية، حول الملف النووي.

وهو الصمت الذي اتصفت به السياسة الأوروبية؛عمومًا والسياسة الفرنسية، بصفة خاصة، طوال مراحل الصراع، الذي تخللته تواطؤات أوروبية بدافع الحفاظ على المصالح مع إيران. وذلك ما لم يكن مرضيًا للإدارات الأمريكية جميعها.

وزاد الرئيس الفرنسي من الإعلان عن توجهه لمصالحة ومراضاة الأمريكيين أن انتقد الصين على تعاونها الاقتصادي وتعاملها التجاري والنفطي مع إيران، حينما دعاها إلى التصرف بطريقة واضحة !

إن كل ما أراد الرئيس الفرنسي قوله، بالضبط، لنظيره الأمريكي هو: قد عرفنا خطأ تقصيرنا بحقكم كحلفاء. وهو التقصير الذي حمَلكم على ردة الفعل القاسية ضدنا في صفقة الغواصات، وها نحن ذا نعمل على تلافي تقصيرنا. وعلينا أن نعيد سفيرنا إلى واشنطن في أقرب سانحة. وذلك ما تناقلته الأخبار، فعلًا، عن احتمال عودة السفير خلال يوم أمس الأربعاء.

كان الأمريكيون قد وجهوا صفعة قوية استباقية للفرنسيين من خلال الاستئثار بالمليارات الاسترالية ثمن الغواصات الفرنسية كضربة تأديبية للفرنسيين، الذين كانوا قد بدأوا باستغلال الخلاف الأوروبي ـ الإمريكي، بسبب سحب القوات من دون مشاورتهم.. سعيًا من الفرنسيبن لتزعم الدول الأوروبية، بعيدًا عن تسلُّط الولايات المتحدة وقيادتها للحلف الأطلسي، فكانت ضربة مدوية وموجعة للفرنسيين !

في أفغانستان ماتزال أحداث التفجيرات في شرق البلاد تقتل وتصيب العديدين، مزعزعة الأمن وواضعة سلطة طالبان أمام اختبارات أمنية صعبة، لا أصعب منها سوى وقوع قادة الحركة أمام إحراجات دولية كبيرة.

فلا تزال الحركة تصم أذنيها عن الرسائل، التي تحملها التفحيرات، بإيعاز من دول الجواروتتعلق بضرورة إعادة النظر بتشكيلة حكومتها البشتونية الخالصة، الحالية وضرورة جعلها حكومة شاملة، تستوعب كافة العرقيات.

الحركة وهي تتعمد إنكار أن تكون التفجيرات ذات طابع عرقي، لاتجد أمامها مبرِّرًا غير استصدار بيانات مكذوبة باسم (تنظيم الدولة)، يدَّعي فيها مسؤوليته. مع أنه حليفها، الذي أطلقت سراح مقاتليه من سجون حكومة أشرف غني، لينضموا إلى مقاتليها عند اجتياح البلاد.


المؤسف أن تصرفات حركة طالبان توحي بأنها عازمة على تطبيق سياستها القديمة في حكم البلاد، بل وفي العلاقات المضطربة مع الخارج.

في حديث الابتزازغير المسؤول لنائب رئيس وزراء طالبان (حنفي) لقناة الجزيرة ما يصورها كعصابة مافيا إذا قال: ( على العالم الاعتراف بالحكومة، التي شكلتها الحركة إذا أراد القضاء على المخدرات والإرهاب)!

والحركة بذلك كله لاتعلن تخليها عن تعهداتها في الدوحة، وحسب، وإنما تؤكد صحة ما أكده القادة الأمريكيون في جلسة استماع الكونجرس بأنها لاتزال جماعة إرهابية، كما أنها تصادق على صحة ما اتهمتها به صحيفة الواشنطن بوست، مؤخرًا، التي قالت: ( مقاتلوطالبان يغالبهم الحنين إلى أيام الحرب) .