سبتمبر 29, 2021 - 20:36
دعمُ (أمريكا) للإرهاب مثيرٌ للاستغراب
عرب جورنال

كما أن لـ"أمريكا" أكبر إسهام في تأسيس ودعم التنظيمات التي تقترف من الجرائم -بشكل دائم- ما يعكس صورة سيئة ومقززة عن دين الإسلام وعن شخص نبيهِ -عليه أفضل الصلات والسلام- الذي بُعث رحمة للأنام.

مظاهر الدعم الأمريكي لـ"إرهاب الدولة" الصهيوني

"الصهيونية" فكرة شيطانية تخلقت بين ظهراني الساسة البريطانيين، وكانت ولادتها -برعايتهم- في أرض "فلسطين"، فنمت وترعرعت هناك بالاعتماد شبه الكلي على عدد من مظاهر الدعم الأمريكي المتمثل أهمها في ما يلي:

1 - الدعم اليساسي:

وقد تمثل هذا الدعم في مجمل المواقف الأمريكية القديمة المتجددة المساندة لـ"لكيان" في أروقة الأمم المتحدة التي صدر عنها ما بين عامي "1948 و 2017" عددًا من القرارات والتوصيات المتعددة الغايات منها تلك المتعلقة بحقوق اللاجئين في العودة من الشتات وتسلُّم ما كان قد سلب منهم من ممتلكات، ومنها تلك المتعلقة بحق الشعب الفلسطيني بإكمله في إقامة دولته المستقلة وتقرير مصيره بعيدًا عن أية وصاية تمارس عليه من غيره، فلم يجنِ الفلسطينيون من تلك القرارات المنطقية أية ثمار حقيقية، بسبب ما كان يتخذ لإسقاطها -بشكل متتالٍ- من "فيتو" أمريكي مساندةً من "أمريكا" لإرهاب العدو الصهيوني.

2 - الدعم العسكري:

ويتمثل هذا النوع من الدعم في ما ألزمت به "واشنطن" نفسها وحلفاءها من رفد هذا الكيان الاحتلالي الدخيل -منذ الإعلان عن تأسيسه قبل أكثر من ثلاثة عقود- بترسانة تسليحية ضخمة وتحديثها باستمرار وبما يضمن لها ديمومة التفوق على دول الجوار، ولم يقف الدعم الأمريكي ومعه الأنظمة الغربية الصهيوصليبية للدولة الصهيونية عند تزويدها بأحدث الأسلحة التقليدية، بل لقد تجاوز ذلك إلى جعلها -وبتحدٍّ صارخٍ للإرادة الدولية- قوة نووية.

3 - الدعم المالي:

ويأتي هذا الدعم بصور مباشرة وأخرى غير مباشرة.

ومن أهم صور الدعم غير المباشر ما تمارسه الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الأنظمة المنقادة لها في المنطقة العربية من ضغوط مستمرة لفتح أسواقها أمام منتجات مصانع الكيان الصهيوني التى تنسب في منشئها -تفاديٌا لما قد يواجهها من رفض جماهيري شعبي- إلى أي بلد غربي.

أما الدعم المباشر فيتمثل في ما يُخصَص في الموازنة المالية الأمريكية السنوية من نسبة مئوية ثابتة للدولة العبرية، باعتبارها شرطي الإدارة الأمريكية والأنظمة الغربية الصهيوصليبية الضامن عدم استقرار المنطقة العربية.

بالإضافة إلى ما يتلقاه هذا الكيان -بين الآن والآن- من إعانات مالية استثنائية كان آخرها ما تناقلته وسائل الإعلام قبل أيام منها موقع "TRT عربي" التركي الذي ذكر في طيات خبر نشر في 24 سبتمبر أن (مجلس النواب الأمريكي صوت أمس الخميس الـ3 من سبتمبر بأغلبية ساحقة، لصالح تشريعٍ لتقديم مليار دولار لإسرائيل من أجل تحديث منظومة "القبة الحديدية").

دعم تنظيم القاعدة لغايات متعددة

إذا افترضنا -انطلاقٌا ممَّا يقتضيه حسن الظن- أن تنظيم القاعدة قد انطلق من منطلق جهادي، فسرعان ما اخترقته الاستخبارات الأمريكية إبَّان نشأته اختراقًا مكنها من التحكم بوجهته، ثم لم تلبث أن دفعت به -في ذروة الحرب الباردة- لقتال عدوها الاتحاد السوفياتي بجانب المقاومة الإسلامية الأفغانية كقوة مجاهدة، فاستطاعت بواسطة مقاتليه العقائديين من إخراجه بل وهزيمتة.

نستشف ممَّا مضى أن الغاية الأولى من دعم ذلك التنظيم تتمثل في ما كان من استغلال تحمُّس مقاتليه الجهادي للفتِّ من عضُد عدوها التقليدي واستنزاف قواه، فقد احتوت ورقة بحثية للدكتور "محمد مجاهد الزيات" حول علاقة أمريكا بهذا النوع من التنظيمات نشرت في 7 سبتمبر 2016 على ما يلي: (ما أكدته بعض المصادر الإعلامية الأمريكية وتسريبات لعناصر استخبارية أمريكية حول علاقة المخابرات المركزية بتنظيم القاعدة أكثر وضوحاً فيما يتعلق بعملية المخابرات المركزية الأمريكية في أفغانستان والتي سميت بعملية "اصطياد الدب السوفيتي").

وبعد أن حقق جهاد هذا التنظيم وجهوده للولايات المحتدة الأمريكية ضد الاتحاد السوفياتي ما كانت تريده، بدأت الأخيرة بالإيعاز لمن في صفوفه من عناصر الاختراق بالانطلاق -على الدوام- لارتكاب ما أمكن من الجرائم الوحشية البشعة المستنكرة حتى من شرائح العوام والعمل على ذيوعها وانتشارها في وسائل الإعلام منسوبة إلى أكثر الجماعات تشددًا لدين الإسلام، وبما يمهد السبل أمام الممعنين في عداوته لإلصاق تلك الجرائم اللاإنسانية -زورٌا وبهتانًا- بشريعته.

فتمكنت الإدارات الأمريكية -عن طريق استسلام تلك العناصر لذلك التوجه الدموي الهدام- من تكريس صورة سيئة عن دين الإسلام إلى درجة أن مجرد ذكره في أي مجتمع صار يثير الرعب والهلع.

الدعم على أصوله لـ"تنظيم الدولة"

ما من شك أنَّ نجم "تنظيم القاعدة" -بعد ما ألصِقت به أحداث 11 سبتمبر- بدأ -برعبةٍ أمريكية- يئول إلى أفول، ليحل محله -بتركيبة مختلة تغلب عليها العناصر المدسوسة أمريكيٌّا- "تنظيم الدولة" الذي خرج -بحسب ورقة الدكتور محمد مجاهد الزيات السالفة الذكر- (من رحم تنظيم التوحيد والجهاد ومجلس شورى المجاهدين بزعامة أبو مصعب الزرقاوي).

وبالرغم ممَّا كان منه ومن أمريكا -من ناحية أخرى- من إعلان تبادُل العداء، فقد اتخِذ التظاهر بالعدا مبررًا للقوات الأمريكية لارتكاب مجازرها اللاأخلاقية ضد جموع المقاومة الوطنية العراقية التي وصمها إعلامها وإعلام حلفائها بالإرهاب، بينما ترعرع التنظيم -هناك- برعاية وإشراف أمريكيين كاملين، بدليل أن قواتها -بحسب الدكتور "الزيات"- (لم تقم بمواجهات حاسمة مع التنظيم خلال فترة الاحتلال)، بقدر ما وفرت لهم في المعتقلات الظروف المناسبة للتشاور وترتيب الأوراق والتهيؤ لمرحلة متقدمة من الانطلاق، فقد مهدت أمريكا -بحسب التحليل الذي سبقت الإشارة إليه- (من خلال إنشائها سجن "بوكا" -وهو معسكر اعتقال أنشأته الولايات المتحدة في محيط مدينة أم قصر جنوب العراق- لالتقاء قيادات التنظيم بهدف ترتيب الصف، وكان يتواجد بهذا السجن أهم قيادات التنظيم الحاليين وعلى رأسهم "إبراهيم بن عواد البدري السامرائي" "أبو بكر البغدادي"، وتشير مصادر متعددة إلى أن الولايات المتحدة كانت ألقت القبض على "البغدادي" في "الفلوجة" عام 2004 م، بعد ما ساعد في تشكيل الميليشيات المسماة بـ"جيش أهل السنة والجماعة"، ومكث في هذا السجن 10 شهور قبل أن يتم الإفراج عنه في نهاية عام 2004م. ووفر سجن "بوكا" فرصة للبغدادي للاجتماع والتنسيق للقيادات المتطرفة وباقي السجناء الذين بلغ عددهم 24 ألف سجين موزعين على 24 معسكرًا).

ولعل الأكثر دلالة على التواطؤ الأمريكي مع هذا التنظيم أنَّ بداية نشأته في العراق كانت تحت سمعها وبصرها، وبدلا من أن تعمل القوات الأمريكية التي كانت هناك على استئصاله أو الوصول به إلى حالة من الإنهاك، اتسعت رقعة تواجده، وامتلك -طيلة سنوات بقائها- قدرات عسكرية متواجدة، ليعلن نفسه لجميع الأنام -بالتزامن مع إعلان انسحابها التام- "دولة الإسلام في العراق والشام" بكل ما تدل عليه التسمية من تمدد نطاق سيطرته من العراق إلى سوريا.

ومن اللافت للانتباه أن الإدارة الأمريكية بعد وصول التنظيم إلى هذه الحالة من التمادي والتطاول (تركته طيلة عامٍ كامل دون أية مواجهة الأمر الذي أدى إلى تنامي قوته ومكنه من الاستيلاء على مساحات واسعة من الأرض وإخضاع أهلها لسلطته).

"ترامب": "أوباما" و"كلينتون" مؤسسا "داعش"

لقد تزامنت نشأة تنظيم "الدولة الإسلامية" المشهور بـ"داعش" في العراق الشقيق مع خضوع البلاد للاحتلال الأمريكي في فترة رئاسة "جورج دبليو بوش"، ودل كل ما رافق تلك النشأة من ملابسة على أن التنظيم "من ساسه إلى رأسه" صناعة أمريكية خالصة، كما أوحت علاقة أمريكا برموز التنظيم والتنظيم -بصفة عامة- بأنها تعدُّه الاضطلاع بمهام إرهابية قادمة بدأت ملامحها تظهر نوعًا ما إبان رئاسة خلفه "بارك أوباما" الذي شكل -في سبتمبر 2014- تحالُفًا دوليًا قوامه 60 دولة موهمًا الأطراف الإقليمية الممولة أنه سيجدُّ لاستئصاله، لكن جيوبه لم تزل باقية إلى الآن، لأنه -من وجهة نظر "أوباما"- لا يعتبر خطرًا على مصالح الأمريكان، فقد جاء في طيات بحث "الزيات" ما هو آت: (وخلاصة رؤية الإدارة الأمريكية "الأوبامية" أن "داعش" لا يشكل خطرًا وجوديًّا على الولايات المتحدة).

ولعل تبني "باراك أوباما" ووزيرة خارجيته "هيلاري كلينتون" هذه الرؤية تجاه التنظيم الإرهابي قد سوغ لخصمهما المرشح عن الحزب الجمهوري لانتخابات عام 2016 "دونالد ترامب" اتهامهما بتأسيسه، فقد ورد في موقع "BBC عربي" في 11 أغسطس 2016 -تحت عنوان -ترامب: أوباما "مؤسس" تنظيم "الدولة الإسلامية"- الفقرات التالية: (وصف "دونالد ترامب" المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية الرئيس "باراك أوباما" بأنه "مؤسس" تنظيم "الدولة الإسلامية".

وقال "ترامب" أمام حشد من أنصاره الأربعاء في فلوريدا: "إنهم يقدرون إن الرئيس أوباما مؤسس تنظيم داعش".

كما هاجم "ترامب" أيضًا منافسته الديمقراطية "هيلاري كلينتون" ووصفها بأنها "شريكة في تأسيس" التنظيم.

وأصر "ترامب" على تعليقاته قائلاً: إن أوباما وكلينتون هما "أكثر اللاعبين قيمة" بالنسبة لتنظيم "الدولة الإسلامية".

وقد دأب "ترامب" على اتهام الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" بالسماح للمتشددين بالانتشار، متهمٌا إياه بأنه متعاطف بالفعل مع التنظيم).

"أمريكا" في قفص اتهام "روسيا" و"تركيا"

ولأن كلاً من "روسيا" و"تركيا" كانا من أبرز أعضاء التحالف الدولي الذي تشكل عام 2014 بقيادة "أمريكا" للقضاء على تنظيم "داعش" بعد أن تفشى من "العراق" إلى "سوريا"، بالإضافة إلى تشاركهما مع "أمريكا" التواجد العسكري في المسرح السوري، فهما أقدر من غيرهما على مراقبة السلوك الأمريكى غير السوي والأشد إلمامًا بحقيقة علاقة "واشنطن" بتنظيم "داعش" الإرهابي، وقد وصلت "موسكو" و"أنقرة" إلى قناعة مستندة إلى الأدلة المادية الملموسة إلى أن "البيت الأبيض الأمريكي" هو الراعي الحصري الحديث والقديم لهذا التنظيم.

فها هي "روسيا" تشكف للملإ ما يحظى به تنظيم "داعش" من الإدارات الأمريكية -بما فيها إدارة الرئيس الراهن "جوزيف بايدُن" من احتواء وتضامن وتوفير ملاذٍ آمن، فقد نشرت "وكالة الصحافة الفرنسية" في مايو الماضي خبرًا مقتضبًا هذا نصه: (اعتبر "ألكسندر فومين" نائب وزير الدفاع الروسي أن الولايات المتحدة تستخدم منطقة "التنف" التي تسيطر عليها جنوب شرقي سوريا غطاء للجماعات الإرهابية هناك. وقال فومين في حديث لقناة “روسيا-24” أمس الجمعة: “لا يمكن ألا يقلقنا وجود “المنطقة الآمنة” بقطر 55 كيلومترا قرب بلدة "التنف" الواقعة على الحدود السورية العراقية، حيث سيّجت عمليًّا هناك محمية للإرهابيين”).

وها هي "تركيا" -من جانبها- توجه لـ"أمريكا" إصبع الاتهام بتزويد "داعش" بالأموال والأسلحة والعتاد العسكري بشكل عام، فقد نقل موقع "العربي الجديد" في الـ24 من سبتمبر عن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" -بعد عودته على عجل من زيارة لـ"واشنطن" تكللت بالفشل- قوله: (أميركا تمنح التنظيمات الإرهابية فوق ما هو متوقع من الدعم، وبدل مكافحتها تقوم بتوفير الأسلحة والمعدات لها. و"تركيا" مضطرة إلى إطلاع الرأي العام العالمي على هذه التفاصيل عندما تُقدم دولة "أميركا" العضو في حلف "الناتو" على اتخاذ هذا الموقف المخالف").