أبريل 19, 2024 - 19:48
أمريكا في الشرق الاوسط'تهديد للأمن القومي العربي والاسلامي'


عرب جورنال / خالد الأشموري - 
يعتبر الوجود العسكري الأمريكي في منطقه الشرق الوسط أهم وأخطر تحد تواجهه دول المنطقه، وبحسب المراقبين و الاستراتيجيين العسكريين ومنهم السياسيين :فإن خطورته تكمن في السيطرة وقهر لشعوب المنطقه حيث يشكل بصوره وأشكاله المتعددة المتمثله بالأفراد والخبراء والمستشارين العسكريين والقواعد العسكرية وغير ذلك من الاشكال والصور  دلالات سلبية على دول المنطقه وبخاصه الدول المستقبلة.. فلقد كان وما يزال هذا الوجود أحد العوامل الرئيسية المؤدية إلى التوتر في المنطقة التي يتواجد فيها سواء بما يمارسه من تأثير مباشر، ومن خلافات وتوترات في العلاقات بين الدول المستقبلة وتلك المرسلة.. وعلى الرغم من خطورته إلا أن المنطقة العربية على وجه العموم ومنطقة الخليج على وجه الخصوص لا تخلو منه، ولو أنه لم يكن بهذه الكثافة والشمولية برا وبحرا وجوا إلا بعد أزمة الخليج..
ومن المفارقات أن هذا الوجود أصبح مستساغا لدى بعض  دول المجلس الخليجي بصورة خاصه وان كان يختلف نوعه وحجمة ومدته وشروطه من دولة إلى أخرى.. ورغم ما يمثله هذا الوجود من تحد خطير ذو دلالات سياسية فهو يعد شكلاً آخر للاستعمار الجديد تعددت صورة وإشكاله في عهد القطبية الثنائية وخاصة الوجود العسكري البحري الذي بدأت تظهر ملامحة بداية الثمانينات وأصبح هدفا أساسيا في الإستراتيجية الغربية نظراً لوقوع عدد من المتغيرات الدولية كغزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان عام ۱۹۷۹م والتحركات السوفيتية في إثيوبيا وجنوب اليمن والإقليمية منها ، إضافة إلى الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت في ٢٢ سبتمبر ۱۹۸۰م وقدمت ذرائع الدول الإمبريالية بقيادة الولايات المتحده الامريكية لإرسال القطع البحرية الحربية إلى الخليج بحجة الدفاع عن حرية الملاحة وضمان سلامة مضيق هرمز وتأمين الإمدادات النفطية المطلوبة للدول الصناعية.
وقد سعت الولايات المتحدة حينها إلى تعزيز روابطها مع الدول الخليجية والتشجيع على قيام نظام أمني خليجي ذو علاقة بخططها الأمنية والدفاعية ، واتخاذ المزيد من المرتكزات في عدد من دول الخليج،
كما أكد ذلك  الأدميرال جون أدمز قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط آنذاك :أن القوات الأمريكية قد استأجرت بعض العنابر التجارية بغرض تخزين المعدات في المملكة السعودية وغيرها من دول المجلس الخليجي التي وافقت بوجود عسكري في الأماكن التي للولايات المتحدة وجود عسكري فيها.
هذا وقد أفادت بعض التقارير حينها :بأن للولايات المتحدة عشرات الآلاف من الجنود والبحارة في منطقة الخليج ، وفي بحر العرب ومنهم مدنيين عاملين بعقود مع وزارة الدفاع السعودية منتشرون في مواقع أجهزة الرادار وطائرات الأواكس.
وفي ظل تلك التطورات شهدت المنطقة العديد من المناورات العسكرية بين قوات من الولايات المتحدة ودول عربية وخليجية  بدأت. اولى المناورات عام ۱۹۸۳ و في الأعوام ١٩٨٥ م ١٩٨٦م، ۱۹۸۷م.
وفي سبتمبر ۱۹۸۸ م سعت الولايات المتحدة نحو دول الخليج لتطوير علاقاتها العسكرية فجاء تحركها متمثلا بزيارة وزير الدفاع الأمريكي إلى عدد من دول الخليج بهدف تطوير العلاقات العسكرية مع هذه الدول، لكن تلك الزيارة تزامنت مع ظهور العراق كقوة إقليمية تتمتع بقدرات عسكرية كبيرة ومحاولاته الرامية إلى حشد تحالف عربي ضد الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، الأمر الذي ولد الإحساس والقلق لدى الإدارة الأمريكية ودفعها إلى السعي لإيقاف تلك المحاولات والتفكير في إيجاد المبرر لتعزيز وجودها وضرب تلك المقومات العراقية، لذلك كانت أزمة الخليج هي المبرر القانوني لإثبات مكانتها وإظهار ملامح سياسة الانفراد وإيجاد شرعية إقليمية لوجودها.
ومن هنا وبحسب المحللين السياسيين: أن الأزمة هيأت البيئة الإقليمية لدى بعض دول الخليج للقبول بالسياسة الأمريكية والاستنجاد بها لطلب الحماية.
وبهذا الصدد أوضح وزير الدفاع الأمريكي ريتشارد تشيني آنذاك بأن دول الخليج كانت سابقا ترفض أي وجود أمريكي وأن الوضع قد تغير بوضوح بعد الثاني من أغسطس ۱۹۹۰م ولهذا وقفت منذ بداية الأحداث حائلا أمام أية حلول سلمية وسارعت إلى اخراج المشكلة من إطارها العربي إلى حيز التدويل لتنفيذ أهدافها، كما تمكنت من حشد تحالف دولي داعم لتوجهاتها، وهذا التحالف كان من مخرجاته تكثيف الوجود. الامريكي بشتى صورة وأشكاله رغم أن الوجود يشكل مع إسرائيل فكي كماشة يحيق بالوطن العربي من أجل مقاومة وردع أي محاولة تهدف إلى تعزيز الأمن القومي العربي، خاصة في ظل الانفراد الأمريكي وعلاقاتها مع إسرائيل وأهدافها الرامية إلى إحكام سيطرتها على منابع النفط، وحماية أمن إسرائيل.
فيما أحدثت أزمة الخليج الثانية في ٢ أغسطس ۱۹۹۰م تغييرا حقيقيا في البنية الأمنية لمنطقة الخليج العربي، وأكدت على أن الاتجاه العام الذي ساد حول مسؤولية أمن الخليج يقضي بالمسؤولية الجماعية نتيجة اعتماد دول مجلس التعاون الخليجي على القوى الخارجية في حماية أمنها واستقرارها.. فعلى أثر اندلاع الأزمة حشدت الولايات المتحدة الأمريكية أعدادا كبيرة من قواتها العسكرية قدرت حينها بخمسمائة وثلاثون ألف ما بين جندي وضابط وقيادات عسكرية، بالإضافة إلى العديد من السفن البحرية العسكرية وحاملات الطائرات التي بلغ عددها ٦حاملات طائرات وبارجتين وعشر غواصات ذرية بعيدة المدى بالإضافة إلىالآف الدبابات المتنوعة والطائرة المقاتلةو العمودية المسلحة والمدمرات والفرقاطات، ومساهمات بشرية لبعض قوى التحالف الأجنبية تمثلت بعدد اكثر من 50 ألف جندي بريطاني و فرنسي.. وإذا كان يعد الوجود العسكري الأمريكي حينها دعماً لأمن واستقرار دول مجلس التعاون الخليجي وسببا في تحرير الكويت من الاحتلال العراقي في فبراير ۱۹۹۱م فإنه ومع مرور الأعوام حمل في طياته تهديدا حقيقيا للأمن القومي العربي والإسلامي على حد سواء دون استثناء أي دولة أو تجمع إقليمي.
وعلى الرغم من التناقص الذي طرأ على هذا التواجد بعد حرب الخليج الثانية وتحرير الكويت عام ۱۹۹۱ م إلا أنه أرتفع مجددا مع قرب العمليات العسكرية الأمريكية لاحتلال العراق، حيث شاركت قوات التحالف بمختلف الاسلحة والعتاد العسكري الفتاك
  ، حظيت الولايات المتحدة الأمريكية بالنصيب الأكبر ، وتلتها بريطانيا  والباقي موزع على دول أجنبية أخرى كاستراليا واسبانيا واليابان وتشيكو سلوفاكيا. . ومن العتاد الحربي طائرة من طراز  (تورنيدو  و  جاموار) وحاملات طائرات نووية وقاذفات بعيدة المدى من طراز (ب - ٥٢) (ب- ١) (ب٢) بالإضافة إلى  قطع بحرية ما بين مدمرات وغواصات وفرقاطات وطرادات. 
ويشير الباحثون: أن عدم ذكر الإحصائيات يرجع لصعوبة معرفة الحجم الحقيقي للتواجد العسكري الأجنبي نظراً لديناميكية الحركة التي يتسم بها، بالإضافة إلى السرية الأستخباراتية في الكشف عن معلومات دقيقة عن حجم هذا التواجد العسكري وبخاصة الأمريكي، البريطاني، الفرنسي الذي زاد حجم قواته وعتاده في العام 1996م من قواعد وتسهيلات جوية وبحرية في بعض دول مجلس التعاون الخليجي. 
جدير بالذكر أن هذه القواعد والتسهيلات الجوية والبحرية زادت بشكل لم يسبق له مثيل عن العام بعد العام 1994م ، وبحسب المصادر البحثية فقد أعلن البنتاغون في 1994م : أن عدد القوات المسلحة الامريكية سيظل يتزايد في منطقة الخلبج وهو ما أكده تقرير لمكتب شئون الأمن القومي التابع لوزارة الدفاع الأمريكية في آيار / مايو ١٩٩٥م: إلى أن الولايات المتحدة ترغب في ذلك


  لتحقيق أهداف أمريكية في المنطقة حتى ان ذلك لم يكن معنيا بالمشكلة الكويتية، ولما تشكله هذه المنطقة من أهمية كبرى حيث يوجد الممر المائي المهم مضيق هرمز، الذي يتم عن طريقه نقل البترول ، ومن ثم يشكل خطورة كبيرة على مصالح الغرب، في حالة ما إذا تعرض لغلق أو أعاقة المرور فيه خاصة بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية والزحف السوفيتي تجاه المنطقة - حصلت الولايات المتحدة على تسهيلات من دول خليجيه .وبحسب المصادر البحثيه فقد توصلت الإدارة الأمريكية مع دولة  الامارات العربيةإلى اتفاق لمنح الأسطول الأمريكي التسهيلات البحرية لحماية المضيق،وبحسب المصادر فقد تمكنت كل من عمان والولايات المتحدة من التوصل إلى إتفاق يسمح للولايات المتحدة باستخدام عدد من المنشآت العسكرية لعمان . كما إنشئت قاعدة عسكرية جوية أمريكية في تبوك بالسعودية، وبني بالقاعدة مطار متطور جداً يستهدف وفقا لحديث الأمريكيين - الدفاع عن حقول البترول من أي هجوم متوقع من العراق ولا يستهدف إسرائيل ، رغم أنه لا يبعد عنها خاصة إيلات بحوالي ۲۰۰ ك م وقد تم إنشاء هذه القاعدة بين بحسب المعلومات عامي ۱۹۷۷ - ۱۹۷۸م،
وبحسب الامريكان ً: فإن الولايات المتحدة بحصولها على مثل هذه التسهيلات قد استطاعت تأمين مصالحها ومصالح حلفائها بالمنطقة وعلاوة على حصول الولايات المتحدة على تسهيلات في دبي وعمان تمكنت من الحصول على تسهيلات في ميناء الأحمدي بالكويت وتسهيلات في " قاعدة القاسمية بإمارة الشارقة" وذلك خلافا لما حصلت عليه أيضاً من تسهيلات كبيرة في " البحرين " بهدف تعزيز الوجود والنفوذ الأمريكي بالخليج. 
وعوده على بدء يمكن القول: أن التحركات الأمريكية في المنطقة العربية عموماً ومنطقة الخليج خصوصاً- قديمة، فلم تكن وليدة أزمة الخليج لكنها لم تكن بصورة مباشرة لاعتمادها على حلفائها  في المنطقة، ومنذ حقبة الثمانينات بدأت بالتعامل مع المنطقة بصورة مباشرة، لكن حقبة التسعينات شهدت العديد من المتغيرات على الساحتين الإقليمية والدولية، حملت الكثير من المدلولات السياسية لدى صانع القرار الأمريكي أوحت بخلو الساحة للقيام بدور لإثبات الانفراد الأمريكي على الساحتين
بعد أن حققت نصرا سياسياً على الاتحاد السوفيتي، وهو ما عبر عنه الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب بالقول : عندما أتفق الاتحاد السوفيتي مع الكثير منا هنا في الأمم المتحدة على إدانة عدوان العراق لم يعد هناك شك في إننا وضعنا أربعة عقود من التاريخ وراء ظهورنا.. ومن هذا المنظور جاء تحركها إزاء أزمة الخليج لتحقيق أهدافها في المنطقة لأن المستقبل قد لا يكون في صالحها، وتتضح هذه الأهداف في تصريحات المسئولين الأمريكيين بداية بخطاب الرئيس الأمريكي بوش في ١٢ سبتمبر ۱۹۹۰م الذي أوضح فيه أن مصالح وجود الولايات المتحدة في الخليج ليست أمراً عابراً فهي تسبق عدوان صدام حسين، وستبقى من بعده وسيبقى هناك دور مهم للولايات المتحدة في مساعدة دول الخليج،إن دورنا مع الآخرين هو ردع العدوان في المستقبل ومنع انتشار التكنولوجيا الكيماوية والبيولوجية والنووية والصواريخ البالستية، كما أوضح وزير الخارجية السابق جيمس بيكر في حديثه أمام الكونجرس في ٤-٥ سبتمبر ۱۹۹۰م، مركزاً على ضرورة إقامة بنية أمن جديد في المنطقة لردع أي عدوان في المستقبل على غرار العدوان العراقي، حتى انه أشار إلى أن القوات الأمريكية قد تبقى في الخليج لبعض الوقت حتى بعد انتهاء الأزمة كجزء من نظام أمني جديد في المنطقة، ولهذا سعت بعد انتهاء أزمة الخليج إلى اتخاذ العديد من الوسائل لتبرير شرعية استمرار وجودها منها اتخاذها سياسة الاحتواء المزدوج لكل من إيران والعراق هدفت من ورائها تحقيق ثلاثة خيارات.
1- عقد اتفاقيات ثنائية مع دول المنطقة.
2-  وجود أمريكي عسكري مباشر في الخليج.
3- تشكيل حلف يجتمع فيه الخليجيون ودول إعلان دمشق وإسرائيل وباكستان وتركيا وهذه الخيارات يعني بها تعويم البيئة الإقليمية للخليج باتجاه يقضي ربطها ببيئة أوسع في بيئة الشرق أوسطية للإبقاء على وجودها لضرب أي قوة إقليمية تهدد أمن إسرائيل ومصالحها في المنطقة، وتهيئة البيئة العربية للتطبيع مع إسرائيل، كما حدد أيضاً وليم بيري في خطابه أمام مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك في ۱۸ مايو ١٩٩٥م سياسة الاحتواء بثلاثة أهداف رئيسية هي:
١ - دعم القدرات الدفاعية الفردية لدول الخليج كل على حده من خلال تدعيم العلاقات الثنائية بواشنطن.
2- دعم القدرات الدفاعية لمجلس التعاون الخليجي بشكل جماعي من خلال المجلس.
3- الحفاظ على قدرة دفاعية أمريكية في المنطقة.
ووفقاً لهذا المنظور لجأت إلى اقتطاع أجزاء من العراق كمناطق حظر بدعوى حماية الأكراد في الشمال، والشيعة في الجنوب وتكرار الضربات الجوية المتكررة على العراق بين الحين والآخر ، .. في حين فعلت  الإدارة الأمريكية من المناورات العسكرية بينها وبين بعضا من دول المنطقة ليكون مبرراً لتكثيف وتمديد الوجود العسكري في منطقة الخليج وكلها  إجراءات وتحركات تعد غطاءاً لشرعية بقاء وجودها في المنطقة واستمراره بل وتزايده، وهو الطموح والحديث الامريكي الذي طالما ردد ، قولهم:يجب ان يستمر هذا التواجد إلى أجل غير قريب نظراً لعدم وجود أي بوادر ومؤشرات لتخفيضه، وذلك ما أوضحه وزير الدفاع الأمريكي السابق وليام كوهين عند زيارته للكويت للمشاركة في احتفالاتها للعيد العاشر لتحرير الكويت، في حديث مع 'صحيفة الحياة' حيث قال: لن نخفض وسنحافظ على مستوى الوجود في المنطقة وتلك الأنباء التي أفادت أننا سنسحب قواتنا من بيئة الشرق أوسطية زائفة.