فبراير 9, 2024 - 22:06
الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي الأردني لـ(عرب جورنال): إصرار اليمن على مواصلة دعم غزة رغم التهديدات والعدوان موقف شجاع وأصيل لا يمكن نسيانه

في حوار خاص تستضيف "عرب جورنال" الأمين العام لحزب الشعب الديمقراطي الأردني، عبلة أبو علبة، للوقوف عند أبرز وآخر المستجدات الراهنة وعلى رأسها الحراك السياسي القائم لوقف إطلاق النار في غزة مع اقتراب المقاومة الفلسطينية من تسجيل انتصار تاريخي بعد ملحمة صمود أسطورية امتدت لأكثر من 120 يوماً. ويناقش الحوار عدد من الملفات الإقليمية المتعلقة بمعركة طوفان الأقصى، بدءاً من اليمن إلى العراق وسوريا، في ظل استمرار التصعيد الأمريكي ضد دول وشعوب المقاومة؛ وانعاكسات هذا التصعيد على مستقبل المنطقة والإقليم.

عرب جورنال/ حوار / حلمي الكمالي _

المقاومة انتصرت في غزة والشعب الفلسطيني يخوض اليوم حرباً حاسمة ومختلفة كليا عن الحروب السابقة 

التدخل اليمني نصرةً لغزة إضافة نوعية نظراً لأثره البالغ والمباشر على الاقتصاد الإسرائيلي وتجارة الدول الغربية الاستعمارية التي تقف مع العدوان على غزة 

المجد لشعب اليمن الأصيل الذي حضر عندما غاب معظم الأشقاء وانتصر للشعب الفلسطيني الذي تخلت عنه أنظمة الغاز والبترول وكل من يملك وسائل ضغط على الاحتلال وحلفائه 

مواقف المقاومة العربية في اليمن وجنوب لبنان والعراق الداعمة للشعب الفلسطيني تُخل بالمشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد 

7 أكتوبر أفشل مساعٍ أمريكية لتشكيل حلف عربي _ إسرائيلي يضمن همينتها على الوطن العربي والإقليم 

لا سبيل لمواجهة الغطرسة الأمريكية والانتهاك المتواصل للسيادة الوطنية للدول العربية إلا بالمقاومة وتعزيز دور الشعوب وتنظيمها وإلغاء وجود القواعد الأمريكية في بلادنا 

ما قامت وتقوم به المقاومة الباسلة في غزة هو خط دفاع متقدم عن الأمة العربية جمعاء والحياد في هذه الحرب غير مفهوم أبداً

صمود الشعب الفلسطيني في غزة أفشل المرحلة الأولى لمخطط التهجير والحكومة الفاشية للاحتلال تعمل على ضم الضفة الغربية قانونيا "لإسرائيل" وإحلال إدارات مدنية مرتبطة مع الكيان 

التبعية السياسية والاقتصادية لمعظم الأنظمة العربية للولايات المتحدة أحدثت خرابا شاملا في الواقع التنموي والأحزاب والحركات الوطنية معنية بتقديم برنامج وخطاب بديلين لتحقيق الاستقلال 

_ في ظل الحراك السياسي القائم لوقف اطلاق النار في غزة بعد اكثر من 120 يوماً على الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية في وجه الوحش الصهيوني الغربي هل تعتقدون ان غزة تقترب من انتصار تاريخي؟ وماذا يعني انتصار غزة اليوم بالنسبة لفلسطين ولكل الدول والشعوب العربية والإسلامية وهل يمكن القول ان معركة طوفان الأقصى قد شهدت الطريق لمرحلة زوال إسرائيل؟

يستحق الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في غزة اساساً وفي الضفة الغربية الفوز والنصر على العدو، وعلينا أن نعتبر أن المقاومة قد انتصرت على جيش العدو المدجج بكل أنواع الأسلحة، في معركة غير متكافئة من حيث العدّة والعتاد، فالصمود واستمرار القتال ضمن هذه الظروف هو بحد ذاته انتصار مشرف. صحيح أن المقاومة الفلسطينية مستمرة منذ وقوع النكبة الوطنية والقومية الكبرى قبل 75 عاما، ولكن هذه المرة الأولى منذ عام 1948 التي يقاتل فيها الشعب الفلسطيني عدوه وهو على أرض وطنه، ولعل هذا سبب رئيسي من أسباب الصمود حيث الأرض التي يعرفها والحاضنة الشعبية التي لا تتخلى أبداً عن المقاومة حتى في ظل حرب الإبادة. 

أعتقد أن الشعب الفلسطيني الآن يخوض حرباً في مرحلة جديدة حاسمة ومختلفة كليا في معطياتها عن الحروب السابقة من حيث النقاط التي احرزها في خانة النصر من جهة، ومن حيث الخسارات التي أوقعها في جيش ومجتمع العدو واقتصاده وأمنه من جهة أخرى، إضافة إلى ما أحدثه من تغيرات في موازين القوى الفلسطينية – الإسرائيلية – وإعادة فرض حضور القضية الوطنية الفلسطينية على الأجندة الدولية وتوجيه صفعات متتالية لأهل التطبيع والمراهنين على الحلول الامريكية والإسرائيلية. في ذات الوقت،فإن هيمنة القطب الواحد والمنظومة الإمبريالية قد تراجعت ولكنها لا تزال تحتفظ بمراكز قوة كثيرة لها على الأصعدة العسكرية والاقتصادية والأمنية لذلك تقول إذا كان زوال دولة عنصرية مثل "إسرائيل" فرضت فرضاً على أرض ليست لها وعلى حساب شعب آخر، فإن طريقاً طويلاً لا زال أمامنا من أجل توفير شروط عديدة ضرورية موضوعية وذاتية للوصول إلى هذا الهدف، مثل تحقيق الوحدة الداخلية الفلسطينية على أساس برنامج كفاحي شامل ضد العدو الصهيوني.. ووقف التطبيع العربي الصهيوني، يما يؤمن غطاءً قومياً لنضالات الشعب الفلسطيني.. وهذا كله يأخذ وقتا في المسار الطويل لتحقيق النصر التام وزوال الاحتلال.

_ ما تعليقكم على تدخل اليمن المباشر لمناصرة غزة بالرغم مما يعانيه من أزمات وحروب؟ وما هو موقفكم من العدوان الأمريكي – البريطاني الذي يتعرض له اليمن بسبب هذا التدخل ؟ وما هي رسالتكم للشعب اليمني وقيادته؟ 

جاء تدخل اليمن في تهديد السفن الإسرائيلية، والغربية الأخرى المتوجهة إلى دولة الاحتلال، ليشكل إضافة نوعية وسنداً عربيا وقوميا مخلصا للشعب الفلسطيني، نظراً لأثره البالغ والمباشر على الاقتصاد الإسرائيلي وتجارة الدول الغربية الاستعمارية التي تقف مع الحرب على غزة دون خجل، وهكذا بادرت فوراً الإدارة الامريكية لتشكيل تحالف دولي للتصدي لهذه الهجمات، واستكملت بشن غارات مع حليفتها بريطانيا على اليمن.

هكذا هي الولايات المتحدة لا تعرف سوى لغة البطش والقتل في الوقت الذي أعلن فيه اليمنيون أن اعتراضهم السفن مرتبط بتوقف الحرب على غزة، ومع ذلك لم تكترث دول الغرب الاستعماري وقامت بشن هجمات على اليمن ودول عربية أخرى، يمكن أن تفتح على توسيع رقعة الحرب وتمددها في الإقليم.

موقف اليمن عروبي وقومي أصيل، لا يُنسى للمقاومة اليمنية وقيادتها الشجاعة التي ردت على التهديدات السياسية والعسكرية بالإصرار على مواصلة المقاومة حتى تتوقف الحرب على غزة. لكم المجد يا شعب اليمن الأصيل فقد حضرتم عندما غاب معظم الأشقاء وانتصرتم للشعب الفلسطيني الذي تخلت عنه أنظمة الغاز والبترول وكل من يملك وسائل ضغط على الاحتلال وحلفائه.

_ هناك تصعيد أمريكي كبير في المنطقة ضد اليمن _ العراق _ وسوريا، ناهيك عن استمرار الدعم المطلق لواشنطن للمجازر الصهيونية في غزة ؟ وما هي التبعات الخطيرة لهذا التصعيد على الوضع الإقليمي والدولي ؟ وكيف يمكن مواجهة الغطرسة الامريكية الغربية بحق شعوبنا العربية والإسلامية؟ 

التصعيد العسكري وحرب الاغتيالات واستخدام منظمات الإرهاب ضد الدول العربية الشقيقة: اليمن، العراق، سوريا، يأتي في سياق دفاع الولايات المتحدة وبريطانيا والمنظومة الاستعمارية، عن هيبة ومكانة القطب الواحد التي بدأت تتراجع دولياً واقليمياً والآن – فلسطينياً منذ السابع من أكتوبر_ كانت الولايات المتحدة تسير بخطى ثابتة وسريعة نحو تشكيل حلف عربي – إسرائيلي – أمريكي، تضمن فيه الهيمنة على وطننا العربي الكبير وعلى دول الإقليم أيضا، وقد سبق وحققت اتفاقات ابراهام أي التطبيع العربي الإسرائيلي الذي أدخل الحالة العربية في وضع لا تحسد عليه واخل بموازين القوى بصورة حادة لصالح دولة الاحتلال ومشروعها الاحلالي العنصري. 

الإدارة الامريكية تعتبر أن مواقف المقاومة العربية في اليمن وجنوب لبنان والعراق إلى جانب الشعب الفلسطيني من شأنه أن يخل بالموازين التي فرضتها والمعادلة السياسية والأمنية التي تحتاجها من أجل استكمال مشروع الشرق الأوسط الجديد!!! 

لا سبيل لمواجهة هذه الغطرسة والانتهاك المتواصل للسيادة الوطنية للدول العربية إلا بالمقاومة وتعزيز دور الشعوب وتنظيمها، وإلغاء وجود القواعد الأمريكية في بلادنا. 

_ تتواصل التصريحات والتلميحات الإسرائيلية علنا بخصوص مخطط تهجير أبناء غزة خاصة مع بدء الاحتلال قصف مدينة رفح الحدودية.. أي انعكاسات خطيرة لهذا المخطط على فلسطين وعلى الدول الحدودية لفلسطين وعلى رأسها الأردن ومصر؟ وهل تعتقدون أن ما يجري من استهداف "إسرائيل" للوجود الفلسطيني بشكل عام هو خطر وجودي للأردن؟ كيف ذلك؟ 

تعمل دولة الاحتلال على توفير كل الشروط بالقوة القتالية من أجل ارغام الشعب الفلسطيني على الهجرة من غزة والضفة الغربية، ويتبنى سياسة برنامجية تعتمدها الحكومة الفاشية الحالية للاحتلال من أجل تهجير الشعب الفلسطيني. وقد أدى الصمود الهائل للشعب الفلسطيني لإفشال المرحلة الأولى لهذا المخطط في غزة، من خلال الرفض القاطع للهجرة، وكذلك موقف الأردن ومصر الرافض تماما لعرض التهجير إلى سيناء والأردن. مع ذلك يعمل الآن مجرمو الاحتلال وقادته على استهداف الشعب الفلسطيني المطرود من مدن وبلدات غزة إلى رفح والتخطيط لتهجيره بأي وسيلة على الرغم من صدور قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وفي الضفة الغربية، تعمل الحكومة الفاشية للاحتلال على ضم الضفة الغربية قانونيا "لدولة إسرائيل" واحلال إدارات مدنية مرتبطة مع الاحتلال محل الجيش تمهيداً أيضا لطرد الشعب الفلسطيني وإرغامه على الهجرة في ظروف حياتية قاسية جداً وحتى الإجراء الأخير المتعلق بوقف تمويل موازنة الاونروا وكالة الغوث بحجة ما يُسمى تورط موظفين في عملية 7 أكتوبر إنما يدخل في حرب التجويع والإبادة والتهجير القسري. 

سياسة التهجير تحتل حيزاً رئيسيا في الايدولوجيا الصهيونية منذ قامت دولة الاحتلال بدليل ارتكاب 72 مجزرة أعوام 47 – 48 في مختلف قرى وبلدات فلسطين لإشاعة مناخات الرعب ودفع الناس إلى الهجرة ومغادرة البلاد. بالتأكيد فإن مصر والأردن متضرران تماماً من هذه السياسات، ولذلك فقد أعلنت كل منهما موقفا حازما ضد مخطط التهجير نظراً لما يشكله من انتهاك للسيادة الوطنية لكل من البلدين، ومخالفة صريحة للاتفاقات المعقودة بين البلدين: كامب ديفيد ووادي عربة، حيث توجد نصوص صريحة تمنع العمل على التهجير القسري.

يجب أن تواجه الدول العربية دولة الاحتلال بمطلب حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وديارهم وفق القرار الأممي 194، وعلى العكس فالذي يجب أن يغادر أرض فلسطين المحتلة هم اليهود الذي جاءوا من شتات أوروبا والعالم ليحلوا محل شعب آخر قهراً وظلماً. 

_ برأيكم ما هي المشاكل والتحديات التي تواجه الشعوب العربية لتوحيد الموقف العربي للدفاع عن وجودها ومصالحها والانتصار لفلسطين وإنهاء الوجود الأجنبي المنتشر على إمتداد الخارطة العربية في ظل الموقف الضعيف لمعظم أنظمتها المرتهنة للقوى الغربية؟ وأي دور يفترض أن تقوم به الحركات والأحزاب السياسية لتغيير الواقع العربي وتعزيز هذا الموقف؟ وما هي ضريبة أي تقاعس أو خذلان لغزة في هذه اللحظة الحرجة التي تشهدها الأمة؟ 

أبرز التحديات هي واقع التبعية السياسية والاقتصادية لمعظم الأنظمة العربية للولايات المتحدة ومؤسساتها المالية الكبرى، فقد أحدثت هذه التبعية خرابا شاملاً في الواقع التنموي، بل غاب المشروع النهضوي والتنموي على المستويات الوطنية والقومية، وغابت عنه الحريات العامة والمشاركة الشعبية في صنع القرار الوطني وحلت الدولة الأمنية محل مشاريع التنمية والتطوير.

الأحزاب الوطنية والحركة الجماهيرية في كل بلد عربي معنية بتقديم برنامج وخطاب بديلين لمعالجة هذا الوضع ومن أجل تحقيق الاستقلال الوطني بكل ابعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وانتهاج سياسات تنموية اقتصادية إنتاجية مشغلة للطاقات البشرية وملايين الشباب العربي العاطل عن العمل، ثم لا بد من رفع مستوى العمل المشترك بين الأحزاب والقوى العربية في مواجهة المشروع الاستعماري الذي يستهدف الهيمنة على المقدرات الهائلة لوطننا العربي الكبير. 

هنا نتوقف لنقول إن ما قامت وتقوم به المقاومة الباسلة في غزة الصمود هو خط دفاع متقدم عن الأمة العربية جمعاء: نصرها هو الضوء الذي ينير النفق العربي المظلم باتفاقيات التطبيع، لذلك فإن الحياد والانتظار في حالة الحرب التي نعيشها غير مفهوم ابداً ولا يمكن إيجاد تفسير منطقي له إذا أخذنا بالاعتبار المصالح القومية العربية المتداخلة مع المصالح الوطنية الفلسطينية.