أغسطس 31, 2021 - 22:40
مؤتمر دول الجوار العراقي.. ماذا يفعل ماكرون في نهر دجلة؟
عرب جورنال

بعد التشاور مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وصل ماكرون إلى بغداد قبل المؤتمر بيوم واحد.عقد مؤتمرا صحفيا مع الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.وزار مع الأخير ضريح الكاظمية، الذي يخلد ذكرى الإمام موسى الكاظم.

في الصورة الجماعية للمشاركين في المؤتمر، ظهر ماكرون في الصف الأول بين رئيس الوزراء العراقي وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. كان ماكرون من أوائل الذين تحدثوا في المؤتمر، مؤكدا أن استقرار العراق مهم لـ"الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة"، وأن على العراق تهيئة الظروف الملائمة للشباب لمنعهم من الانزلاق إلى "التطرف والإرهاب".

فرنسا كقوة انتداب في المنطقة

في حين أن الانسحاب الأمريكي السريع من أفغانستان وضع مصداقية الولايات المتحدة مع شركائها في الشرق الأوسط موضع تساؤل، استخدم ماكرون المسرح في بغداد لتصوير بلاده على أنها "شريك حازم" في المنطقة. حيث أعلن أن فرنسا ستواصل "حربها ضد الإرهاب في العراق طالما استمرت الجماعات الإرهابية في أنشطتها وطالما طلبت منا الحكومة العراقية ذلك"،مشيراً إلى أن الفرنسيين يمتلكون القدرات العملياتية للقيام بذلك، بغض النظر عن القرارات التي يتخذها الأمريكيون.

وبحسب ماكرون، فإن لدى فرنسا حالياً نحو 800 جندي يتمركزون في العراق والأردن.

المهمة مواجهة إيران لا مكافحة الإرهاب

صنف المراقبون ظهور ماكرون في نهر دجلة على أنه تصريح غربي بعدم مغادرة العراق كدولة رئيسية في مواجهة إيران؛ بينما ينفي الغرب تلك المهمة، ويبرر تواجده في العراق بضرورة "مكافحة الإرهاب" وبضرورة الحفاظ على وجود عسكري غربي وفرنسي في البلاد حتى بعد انتهاء المهمة القتالية الأمريكية.

فرنسا تعترض على مشاركة سوريا في المؤتمر

انعقد المؤتمر ليوم واحد في "المنطقة الخضراء" ببغداد، بمشاركة 9 دول هي السعودية والكويت وقطر والإمارات ومصر والأردن وتركيا وإيران وفرنسا. أما الجارة الأهم (سوريا) فلم تشارك سوريا في المؤتمر، ولم تعرف أسباب ذلك.إلا أن وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان صرح أن ثمة معارضة فرنسية حول مشاركة سوريا. وفي كلمته بالمؤتمر، انتقد عبد اللهيان بشدة مسألة أن سوريا، باعتبارها جارا مهما للعراق، لم تتم دعوتها، مشيراً إلى أن إيران على اتصال بالقيادة السورية بشأن مسائل "الأمن والتنمية المستدامة في المنطقة.

وأضاف: "سنتشاور مع دمشق فور انتهاء قمة بغداد"، مؤكدا أن سورياتلعب دوراً مهماً في أي مبادرة إقليمية.

توطيد مصالح

بعد المؤتمر، قام ماكرون بزيارة القوات الخاصة الفرنسية في معسكر جرينير شمال العراق، كما التقى بمسيحيي الموصل.وكان في استقباله في أربيل الرئيس الكردي نيجيرفان بارزاني وسلفه مسعود بارزاني.

وعقب انسحاب الشركات الأمريكية والبريطانية، يبدو أن فرنسا تأمل في المزيد من العقود المربحة في العراق؛ حيث تمت المصادقة على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية، ومنها ما كانت توصلت إليه شركة النفط الفرنسية العملاقة توتال من اتفاقمع وزارة النفط العراقية بشأنبرنامج استثماري لأربعة مشاريع طاقة واسعة النطاق.وبناء عليه، ستقوم توتال بتوسيع إنتاج الغاز من خلال مشروع Artway Energy وتطوير حقل نفطي.تم التوقيع على مشروع آخر مع وزارة الطاقة العراقية، حيث سيتم إنشاء منظومة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميجاوات.

أما شركة تشغيل المطارات الفرنسية (ADP Ingénierie)فقد أطاحت، نهاية العام الماضي، بمنافس تركي،وتوصلتإلى اتفاقمع هيئةالطيران العراقية بشأن إعادة إعمار مطار الموصل.بالإضافة طبعاً إلى قيامها منذ 2010 بتجديد مطاري بغداد والبصرة. كما تم تكليف الشركة نفسها،جنبا إلى جنب مع شركة بريطانية، بتطوير مطار الفرات الأوسط، لنقل الزوار والمسافرين إلى النجف وكربلاء.

حضور سيء

تاريخياً، يعود الاهتمام الفرنسي بالمنطقة إلى زمن بعيد.حيث كانت فرنسا، إلى جانب بريطانيا، مسؤولة عن تقسيم المنطقة في اتفاقية سايكس بيكو السرية عام 1916.كانت اتفاقية سايكس بيكو وإعلان وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور عام 1917 لدعم "وطن لليهود في فلسطين" (وعد بلفور) خلافاً لإرادة السكان الحقيقية. ومنذها، إذا ما استثنينا فترات قصيرة، لم تعرف المنطقة هدوءا. كانت فرنسا قد أصبحت قوة انتداب في كل من سوريا ولبنان. وحتى يومنا هذا فإنها تستمد من تلك المسألة شرعية ما كما يبدو، ليكون لها دور في المنطقة.

ومثلما تستخدم ورقة مكافحة الإرهاب للبقاء في المنطقة، فإنها تستخدم كذلك ورقة أخرى ذات بعد أيديولوجي. تقوم باريس بتمويل المدارس الفرنسية، لاسيما في لبنان، حيث يعتبر بعض المسيحيين أن فرنسا حامية لهم.وفي زيارته الأخيرة، صرح ماكرون للصحفيين الذين كانوا يتنقلون معه بأن الالتزام الفرنسي تجاه المسيحيين في العراق كان "حضاريا، لكنه جيوسياسي أيضاً".وبحسبه، لن يكون هناك توازن في العراق "إذا لم يتم احترام هذه الطائفة"!