أبريل 13, 2024 - 19:19
انطواء مقترح (بايدن) على ما يحتاجه (نتنياهو) من ضوء أخضر لاستكمال تدمير القطاع المحاصر بعد إبعاد الأسرى عن الخطر

عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي - 

من المؤكد أنَّ المفاوضات المتعثرة -على امتداد الـ3 الشهور المتأخرة- بين حركة المقاومة الإسلامية «حماس» و«الكيان الصهيوني» في جمهورية مصر الشقيقة التي يعمل نظامها -ليل نهار وبسبق الإصرار- على تشديد ما تفرضه السلطات الصهيونية حول «قطاع غزة» من حصار تخاض -من قبل «بايدن» و«نتنياهو»- على سبيل الاضطرار، بعد أن تجاوز العدوان على القطاع شهره السادس دون أن تحقق القوات الصهيونية التي ما تزال تحظى بكافة أشكال الدعم من المتصهين «بايدن» أيَّ تقدمٍ في القضاء على المقاومة بشكلٍّ كلي وفي القضاء على خطرها المستقبلي وفي تحرير الرهائن، فلم يسع سيد «البيت الأبيض» -بعد إذ عجز حليفه عن تحقيق أهدافهما الشديدة التناقض- سوى السعي صوب تحقيقها عن طريق التفاوض.

انحياز توسُّط «بايدن» لحليفه الـ«نتن»

الإدارة الأمريكية التي انحازت -منذ الساعات الأولى لتفجُّر «طوفان الأقصى»- إلى جانب الكيان الصهيوني في حربه الوحشية على «قطاع غزة» -لأكثر من 6 أشهر- بشكل جنوني، وأمدته -بحسب ما كشفت صحيفة «واشنطن بوست» بتأريخ 7 مارس الفائت- بأكثر من 100 صفقة منذ بداية حربه المدمرة على قطاع غزة في السابع من أكتوبر، لا يمكن أن تكون -بأية حال- وسيطًا نزيها بين حركة «حماس» وحكومة المجرم الصهيوني «بنيامين نتنياهو» الدائرة في فلك متطرفيها، ولسيت أهلًا لصفة الوساطة التي تدعيها.
فعلى الرغم ممَّا يتصنعه المجرمان «بايدن» و«نتنياهو» -من وقتٍ إلى آخر- من اختلاف في وجهات النظر، فإنَّ التأمل في الخطوات التي يتخذها «بايدن»، بما فيها المقترح الأمريكي الأخير الهادف إلى إنجاح صفقة بين حركة «حماس» ودولة «الكيان» يترتب عليها إطلاق بقية أسرى «طوفان الأقصى» يؤكد توافق أيقونتي الوحشية والإجرام التام -بخلاف ما يتصنعانه من خصام تروجه وسائل الإعلام- على تواصل العدوان الوحشي الهدام مؤملين أن يلحقا بالمقاومة الفلسطينية -بالتنسيق مع أنظمة عربية مسلمة هي في حقيقتها عارٌ على العروبة والإسلام- صورةً ممَّا يحلمانِ به من صور الانهزام، أو يجبراها على الاستسلام، فيعودان إلى استيطان «القطاع» على صهوات الحكام الأعراب الأقزام.

استعظام «بايدن» جزئية إطلاق الرهائن

منذ تدخل رمز التصهين «بايدن» في الحرب الصهيونية الوحشية على قطاع غزة -عشية الـ8 من أكتوبر من العام المنصرم، وجهده يتمحور أكثر فأكثر حول قضية إطلاق الأسرى أو الرهائن الصهاينة الذين تعتبر قضيتهم -في حقيقة الأمر- جزئية صغيرة من الإشكالية الفلسطينية-الصهيونية المزمنة، وما يزال المقترح الأمريكي الأخير يؤكد انحصار تفكير «بايدن» في الإفراج عن الرهائن، ويمكن التأكد من منح «بايدن» هذه الجزئية أهمية قصوى استهلال خبر موقع راديو «مونت كارلو الدولية» المعنون [بعد اتصال بايدن بنتانياهو.. مساعٍ أمريكية لتحريك ملف مفاوضات غزة] الذي نشر في الـ5 من أبريل الحالي الاستهلال التالي: (ذكرت وسائل إعلام أمريكية الجمعة أنَّ مدير وكالة الاستخبارات المركزية "CIA" بيل بيرنز سيتوجه إلى القاهرة نهاية الأسبوع المقبل لإجراء محادثات حول الإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
وحسب مسؤول أمريكي، فإن موقف بايدن يتمثل بوقفٍ لإطلاق النار كجزء من صفقة الرهائن، "ويجب أن يتمّ ذلك على الفور").
بل إنَّ الأكثر دلالةً على ذلك الاستعظام أو التركيز بل التركز الذي ينمُّ عن تحيُّز مقزز اشتمال تقرير «محمد دراغمة» التحليلي المعنون [مقترح أميركي" بشأن عيد الفطر في مفاوضات غزة.. و"حماس": إسرائيل لم تتجاوب مع مطالبنا] الذي نشره في «الشرق نيوز» بتأريخ 8 أبريل الحالي على ما يلي: (وتشكل عودة النازحين إلى شمال القطاع، النقطة الجوهرية في المفاوضات الدائرة في القاهرة).

تبييت الإصرار على استمرار إطلاق النار

لم يغب عن بال أيِّ مراقب وقوف «بايدن» ضد صدور كل قرار من القرارات التي كانت تدعو إلى وقف إطلاق النار في «قطاع غزة» الذي يصلى ناري الحرب والحصار، فهو فقط مع الهدن والمساومة اللتين من شأنهما تخليص الأسرى الصهاينة من أيدي فصائل المقاومة، وها هو المقترح الأمريكي الأخير ينصُّ -كسابقاته- على وقف إطلاق النار -بحسب معظم وسائل الإعلام- لمدة 6 أسابيع يتم خلالها -باعتبارها أسابيع هدنة- الإفراج عن جميع من تبقى من الأسرى الصهاينة الذين يعتبرون أهم ورقة رابحة بأيدي المقاومة.
ولا يمكن أن يُفهم تحدَّدُ وقف العدوان -في كافة المقترحات التي طرحها «بايدن»- بزمن إلَّا إطار تبييت النية -تلبيةً لرغبة «نتنياهو» ورموز حكومته الأشرار- على استئناف واستمرار إطلاق النار وشنِّ أكبر هجومٍ تدميريٍّ على «رفح» التي يزعم «النتن ياهو» أنها آخر معاقل المقاومة.
وممَّا يجعل كل ما ورد في حكم المؤكد إشارة وزير المال في سلطة الاحتلال «بتسلئيل سموتريتش» -بحسب ما أورد الصحفي «نظير مجلي» في سياق تقريره التحليلي المعنون [نتنياهو ينصح رفاقه في اليمين المتطرف بالصبر حتى يأتي رفض الصفقة من «حماس»] الذي نشره في صحيفة «الشرق الأوسط» بتأريخ 30 رمضان 1445هـ الموافق 9 أبريل 2024- إلى أنه (وضع شرطًا أمام «نتنياهو» هو التوجه إلى إدارة الرئيس جو «بايدن» ومطالبتها بتعهدٍ رسمي بأنه سيكون باستطاعة إسرائيل اجتياح رفح واستئناف حربها على قطاع غزة، حال انتهاء الهدنة المؤقتة التي يحددها اتفاق وقف النار، بعد 42 يومًا من سريانه).

 تلاعب مفضوح في حلّ مشكلة النزوح

لا أستبعد -شخصيًّا- أنَّ مقترح «بايدن» المذكور لم يرَ النور -شأنه شأن سابقاته من المقترحات الأمريكية المفعمة بالصهينة- إلَّا بعد قبوله من جانب حكومة التطرف الصهيوني التي يعاملها «بايدن» -كما هو ديدنه- بمنتهى الملاطفة والملاينة، فها هو في ما يتعلق بالبند الذي نتحدث في هذه الفقرة بشأنه يتمثل استراتيجية متطرفي المسؤولين الصهاينة الهادفة -بصورةٍ معلنة- إلى إفراغ «قطاع غزة» الفلسطيني من معظم سكانه، ففي مقابل دعوة وزير المالية الصهيوني في 31 ديسمبر 2023 -بحسب ما بثته فضائية «الجزيرة»- إلى تشجيع سكان غزة الفلسطينيين على الهجرة إلى دول أخرى والعمل على إيجاد دول مستعدة لاستقبالهم، ودعوته -مرةً أخرى- في 1 يناير 2024 إلى تشجيع هجرة مليون و800 ألف فلسطيني من قطاع غزة، نصَّ المقترح الأمريكي -بحسب ما ورد في مستهل تقرير «محمود الشورى» الإخباري التفصيلي المعنون [عودة 150 ألف نازح وإطلاق سراح 900 أسير.. تفاصيل مقترح التسوية الأمريكي في غزة]  الذي نشرته «البوابة نيوز» يوم الثلاثاء الـ9 من أبريل الجاري- على ما يلي: (كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" اليوم الثلاثاء أنَّ الاقتراح الأمريكي يتضمن وقف إطلاق النار في غزة لمدة 6 أسابيع وعوة 150 ألف من سكان غزة النازحين في الجنوب إلى شمال القطاع).
ولأنَّ اقتراح «بايدن» الذي اقتصر -وبتلاعبٍ مفضوح بحلِّ مشكلة النزوح- على منح النازحين فرصًا محدودة في العودة إلى مساكنهم المهدودة قد صِيغَ -دون شكٍّ- مع حكومة الكيان بمضامين تتناسب مع الاستراتيجيات المرسومة لتوسيع مشاريع الاستيطان، فقد تلقَّفته أشدُّ الحكومات الصهيونية تطرفًا وعنصريةً بنوعٍ من القبول بل من الاستحسان، ففي مقابل ما افترض أحد بنود المقترح -في ضوء ما ورد في سياق الخبر الصحفي المعنون [حماس: مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة "لا تسير على ما يرام"] الذي نشره موقع «مصراوي» الإخباري عصر الثلاثاء الـ9 من أبريل الجاري- (على إسرائيل أن تسمح لما يصل إلى 150 ألف فلسطيني نازح بالعودة إلى شمال القطاع الساحلي)، قال مسؤولان إسرائيليان مطلعان على المحادثات -بحسب ما اشتمل عليه سياق تقرير «جيمس ماكنزي» الإخباري المعنون [مسؤولان: إسرائيل ستسمح لنحو 150 ألفا من سكان غزة بالعودة إلى الشمال في هدنة محتملة] الذي نشر في «SWI swissinfo.ch» في الـ10 من أبريل الحالي: (بموجب اقتراح أمريكي بشأن الهدنة، ستسمح إسرائيل بعودة 150 ألف فلسطيني إلى شمال غزة دون فحوصات أمنية).
 
غموض إجراءات تبادل الأسرى والأسيرات
 
بالرغم من أنَّ معظم الأسرى الفلسطينيين الذين تحرروا في هدنة نوفمبر الماضي أعيد اعتقالهم تترى بذريعةٍ أو بأخرى، فإنَّ مقترح «بايدن» قد استكثر على أكثرية الأسرى الفلسطينيين حتى التحرر المؤقت الذي لا يستبعد أنَّه سيتبع -لا محالةَ- بإجراءٍ اعتقاليٍّ تعسفيٍّ مسنودٍ إلى سوء نيَّةٍ مبيَّت، ففي الوقت الذي نصَّت بعض بنود المقترح الأمريكي -وفق ما ورد في نص خبر الصُّحفيَّة «دنيا البغدادي» المعنون [مصر تنفي وجود مقترح أمريكي يقضي بتفتيشها النازحين العائدين إلى شمال غزة] الذي نشرته في موقع «بالمصري» الإخباري يوم الأربعاء الـ10 من أبريل الجاري- على: (إفراج إسرائيل عن 900 أسيرٍ فلسطينيٍّ، بينهم 100 من ذوي الأحكام المؤبدة ضمن المرحلة الأولى، وإطلاق حماس سراح 40 أسيرًا إسرائيليًّا حيًّا من كل الفئات)، نصَّت المرحلة الثانية -وفق المصدر ذاته- على: (إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين)، ولم تتضمن بنود المقترح ذاتها أدنى إشارة -بحسب مضمون الخبر الصحفي المعنون [تفاصيل المقترح الجديد لصفقة التبادل.. "عودة النازحين وإفراج عن 900 أسير"  الذي نشره موقع «صحيفة المنار» في الـ10 من أبريل الحالي إلى: (عدد الأسرى المعتقلين الفلسطينيين المفرج عنهم في المرحلة ذاتها)، وذلك ما جعلنا نؤكد بيقينيَّةٍ لا تحتمل المراء انطواء ذلك المقترح على غموضٍ مقصود يتيح التلاعب -بطريقةٍ أو بأخرى- في إجراء تبادل الأسرى.