مارس 29, 2024 - 23:14
ما لم ينجح بفرضه على المقاومة عبر الوسطاء يخفق بايدن في تمريره عبر مجلس الأمن


عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي -
منذ الساعات الأولى لشنَّ الكيان الصهيوني في الـ8 من أكتوبر الماضي -بدعمٍ صهيوصيليبي غربي سخي- هجومه العدواني الوحشي على «قطاع عزة» الفلسطيني، لم تتوانَ إدارة الرئيس الأمريكي المتصهين «جو بايدن» عن دعم حكومة «بنيامين النتن» بكل ما من شأنه تمكينه من تحقيق أهداف حربه الإبادية واللاإنسانية المتمثلة -بعد إفراغ القطاع من كثافته السكانية- في استئصال شأفة المقاومة الفلسطينية، ووأد حلم الشعب العربي الفلسطيني في التحرر وفي المستقبل المستقر والآمن، وتحرير ما بين أيدي الفصائل من الرهائن الذين يستخدم الـ«بايدن» المجرم -في سبيل استخراجهم بأقلِّ ما يمكن من المقابل- مختلف الوسائل بما فيها الوساطة ذات البعد العربي الإسلامي، ومحاولة استصدار قرارٍ أممي، بيد أنَّ مساعي «بايدن» الضالّ المضلّ الرامية إلى الإفراج عن بقية الرهائن -في ظل استمرار دعمه لحرب الإبادة بلا خجل- تتكلَّل -أولًا بأول- بالفشل.

مشروع قرار أمريكي بمضمونٍ غير تكتيكي 

ما من شكّ أنَّ الهدف ممَّا اتخذته إدارة «بايدن» من «فيتو» ثلاث مرات متوالية ضد صدور أيِّ قرار يفضي إلى وقف إطلاق النار في «قطاع غزة» منح «نتنياهو» فرصة لتحقيق أهم أهداف «نتنياهو-بايدن» المتمثل في تحرير الرهائن، ولمَّا لم ينجحا في تحيقيق ذلك الهدف، لجأ «بايدن» إلى محاولة استخراجهم من خلال التفاوض الذي لا يؤدي إلى وقف إطلاق النار إلَّا بمقدار ما يكفي لاستخراج الرهائن، ثم تُستأنف الحرب على مدنيي غزة على أوسع إطار، وذلك نوعٌ من المساومة التي لم تنطلِ على المقاومة التي تتمتع بالكثير من الكياسة، بل ردَّ عليها «إسماعيل هنية» رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» -في سياق كلمة له بثتها قناة الجزيرة في الـ28 من فبراير الفائت- بقوله: (ما عجزت إسرائيل وأميركا عن فرضه في الميدان لن يُؤخذ بمكائد السياسة)، وحين يئس «بايدن» من نجاح ذلك المسعى الاحتيالي، عمد إلى التقدم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن يحاول أن يمرر من خلاله ما لم يتمكن من تمريره -لسوء حظه- عبر المفاوضة، وفي هذا المعنى استهل موقع «الجزيرة نت» تقريره الإخباري المعنون [واشنطن تعرض مشروع قرار معدلا يدعو لوقف إطلاق النار 6 أسابيع في غزة] الذي نشره في الـ6 من مارس الحالي على النحو التالي: (قالت مصادر دبلوماسية للجزيرة إن الولايات المتحدة وزعت مشروع قرار معدلا للمرة الثالثة على أعضاء مجلس الأمن الدولي يؤيد الجهود الدبلوماسية لإبرام اتفاق سريع وعاجل لوقف إطلاق النار الفوري لمدة 6 أسابيع في قطاع غزة، إلى جانب إطلاق سراح جميع "الرهائن"بمجرد موافقة الأطراف).
وقد حاولت إدارة «بايدن» التعاطي مع هذا الداء العضال بنوع من الاستغفال والاستخفاف بالعقول من خلال قول «بايدن» نفسه: (إنَّ مقترح وقف إطلاق النار بات بيد حركة المقاومة الإسلامية «حماس» الآن بعد أن وافق الإسرائيليون على مقترح وصفه بالمعقول)، ومن خلال قول مستشاره للأمن القومي «جون كيربي» -بأسلوب المتغابي-: (إنَّ إسرائيل تفاوضت «بحسن نية» من أجل التوصل لاتفاق أدعو حركة حماس إلى قبوله).

تركُّز هَمِّ «بايدن» في جزئية استخراج الرهائن

لأنَّ الرئيس الأمريكي «جو بايدن» صهيونيٌّ -بحسب ما نطقه بفمه-، فلا غرابة أن يتركَّز كلُّ همِّه -بصورةٍ دائمة- في استخراج الرهائن، إذْ لا يخلو خطابٌ له أو كلمة من التركيز على إنجاز هذه المهمة، غير مكترث بما يحدث -على مدى 6 شهور- من إزهاق أرواح أكثر من 130 ألف غزيٍّ مسالمٍ وغزيةٍ مسالمة  بأحدث الأسلحة الأمريكية المتقدمة وغير آبهٍ بما تبثُّه وسائل الإعلام من كافة أنحاء «قطاع غزة» -على مدار الساعة- من مشاهد مؤلمة، وليس أدلّ على انحصار اهتمام «بايدن» في استخراج الرهائن من احتواء التقرير التحليلي المعنون [فيتو روسي-صيني يُفشل مشروع قرار أمريكي لوقف إطلاق النار بغزة] الذي نشرته شبكة «DW» الألمانية في الـ22 من مارس الحالي على ما يلي: (ويربط مشروع القرار الأمريكي وقف إطلاق النار بالمحادثات الجارية التي تقودها قطر بدعم من الولايات المتحدة ومصر لوقف الحرب مقابل إفراج حماس عن الرهائن)، وكذا احتواء تقرير موقع «الجزيرة» السالف ذكره على: (وقالت وكالة رويترز "إنَّ الإدارة الأميركية تريد ربط وقف إطلاق النار بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين المتبقين في غزة، الذين تقدر إسرائيل عددهم بنحو 130 أسيرًا").
وقد أشير -أيضًا- إلى اقتصار هدف «بايدن» -من مشروع القرار- على إطلاق الأسرى الصهاينة في سياق مقال الصحفي التركي «يوسف علي أوغلو» التحليلي المعنون ["حماس": مشروع القرار الأمريكي مضلل ومتواطئ مع إسرائيل] الذي نشرته وكالة أنباء «الأناضول» في الـ22 من مارس الحالي بما يلي: (وأيد مشروع القرار -تحقيقًا لهذا الغرض- الجهود الدبلوماسية الدولية الجارية للإفراج عن جميع الرهائن {الأسرى الإسرائيليين} المتبقين).
كما أُلمح إلى تركيز مشروع القرار على تلك الغاية الهامشية على لسان سياسي روسي عرَّض بمضمونه بنوعٍ من السخرية -في سياق التقرير التحليلي المعنون [حماس والجهاد تعلقان على إسقاط مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة بـفيتو روسي صيني] الذي نشره موقع «عربية نيوز 24» في الـ23 من مارس الحالي- على النحو التالي: (وكان نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة «دميتري بوليانسكي» أكد في وقت سابق الجمعة، أنَّ مشروع القرار الأمريكي بشأن الوضع في قطاع غزة لا يتضمن أية دعوة لوقف إطلاق النار، وقال: مثلما لم تتضمنه المشاريع السابقة، بل ظهرت هناك فقط عبارة فلسفية حول أهميته، وذلك مع ربطه بالإفراج عن الأسرى).

«فيتو» روسي-صيني جريء واعتراض جزائري 

للمرة الأولى منذ حدوث عملية «طوفان الأقصى» الفلسطينية التي ما تزال تُقابل -منذ  6 أشهر- بهجومٍ عسكريٍّ صهيوأمريكيٍّ على «قطاع غزة» المحاصر لا يُبقي ولا يذر، اعترضت الإدارة الأمريكية على مشروع كل قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار، لكنها تقدمت الأسبوع الماضي إلى مجلس الأمن بمشروع قرار ذي صيغةٍ قانونية هجينة تهدف من وراء تقديمه إلى استلال الأسرى الصهاينة، باعتبارهم أهم ورقةٍ في يد المقاومة الفلسطينية، بيد أنَّ «روسيا» و«الصين» سارعا -بصفتهما عضوين دائمين- إلى إجهاضه بـ«فيتو» مزدوج، الأمر الذي أوقع «بايدن» في حالةٍ غير مسبوقةٍ من الحرج، وذلك ما أشارت إليه شبكة «DW» في مستهل تقريرها الذي استشهد ببعض محتواه على النحو التالي: (استخدمت روسيا والصين حق النقض «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار أمريكي كان يدعو الى وقف إطلاق نار فوري في غزة في شكلٍ مرتبط بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في القطاع. وصوتت ثلاث دول ضد المشروع من ضمنها الجزائر).
وقد علل «فاسيلي نيبينزيا» سفير «روسيا» لدى الأمم المتحدة موقف بلاده الرافض لصدور القرار -بحسب المصدر السابق- بقوله: (إنَّ المنتج الأمريكي {مشروع القرار} مُسيَّس بشكل مبالغ فيه ويتضمن فعليًّا منح الضوء الأخضر لإسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية في رفح، وإنَّ هدفه الوحيد هو استرضاء الناخبين ورمي طعم لهم عبر الإشارة الى نوع من وقف إطلاق النار في غزة، بينما يتضمن مشروع القرار الحصانة لإسرائيل).
ومن جانبه علل «تشانغ جيون» مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة موقف بلاده الرافض لمشروع القرار بشدة -بحسب ما ورد في سياق المقالة الخاصة المعنونة [رفض مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة بشأن وقف إطلاق النار في غزة يسلط الضوء على "تزايد عزلتها الدولية"] التي نشرتها وكالة «شينخوا» الصينية في الـ25 من الشهر الجاري- بقوله: (إنَّ مشروع القرار تملص وتهرب من القضية الجوهرية، وهي وقف إطلاق النار).
أما الجُمهُورِيَّة الجَزائِرِيَّة الدِّيمُقرَاطِيَّة الشَّعبِيَّة -وهي صاحبة ثالث مشروعي قرارين قُدِّما إلى مجلس الأمن، وحالت دون صدور ثلاثتهما «فيتوَّات واشنطن»- فقد أكد مندوبها لدى الأمم المتحدة «عمار بن جامع» -بحسب تقرير «عربية نيوز 24»- (معارضة بلاده بشدة لمشروع القرار، لأنه لا يطلب بشكل صريح وقفًا لإطلاق النار).