أغسطس 18, 2023 - 00:57
عودة إلى الثقافة القرآنية.. درس الموت
عرب جورنال

توفي صديق عزيز علي فحزنت لوفاته ، وأكثرت زيارة قبره والجلوس عنده والدعاء له.

وبعد فترة من الزمن حضرت تشييع جنازة في نفس المقبرة ، فنظرت داخلها .. فإذا بصديقي راقدا في مكانه ، هامدا في موضعه ، مستسلما للدود والهوام التي تنهش بدنه.

وﻻحظت أن كفنه قد تلطخ بالدم والصديد - كعادة الموتى فقلت : والله ﻷشترين له كفنا جديدا نظيفا وألفه فيه ، وفعلت .. وعاهدت ربي على أن آتيه بكفن جديد عند فتح القبر ﻻستقبال وافد جديد على عالم الموتى ..

وبعد فترة : فتح القبر ، وعلى يدي كفن جديد ، وهممت بلفه فيه ، لكن لم أجد منه إﻻ كومة من تراب كالرماد المحروق !!

فقلت في نفسي : أين صديقي ؟ أين من جالسته وجالسني ! وقرأت عليه القرآن وقرأ علي ! أين من كانت ضحكاتنا تملا الدنيا ! أين من كان حضنه أشعر فيه بحرارة المحبة ودفء اﻷخوة !!

فقلت لي نفسي : هو ذاك ، كومة التراب ...

ونظرت خارج القبر : فإذا بين الداخل والخارج مسافة قصيرة ، وحياة قصيرة ، وأنفاس تدخل فلا تخرج ... فقلت : هل تستحق هذه الحياة القصيرة وإن طالت ، والمريرة وإن حلت ، والحزينة وإن سعدت .. هل تستحق كل هذا التناحر والتخاصم والتقاتل !!! ؟؟؟

كثيرا ما تلوت قول الله تعالى ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ) ولم أستوعب حقيقتها إﻻ حينما رأيت صديقي ... التراب .. !

فيا كل صديق وحبيب : اخذه الموت ، وصار ترابا : رحمك الله وأسكنك فسيح جناته !!

ويا كل صديق وحبيب : في طريقك للتراب .. ﻻ تغرنك الحياة الدنيا وﻻ يغرنك بالله الغرور !!!

اللهم احسن خاتمتنا بخاتمة حسنة واكتب لنا سعادة الدارين.

"د ـ مصطفى محمود ـ رحمه الله"