مارس 16, 2024 - 21:18
إنشاء الميناء أحدث مؤشرات تورط بايدن في رسم مخطط نهب ومصادرة الثروة الفلسطينية في أعماق المتوسط

عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي

لقد كانت سيطرة «الولايات المتحدة الأمريكية» على أقطار العالم طيلة سني الحرب الباردة -بسبب توزُّع النفوذ أو التنفُّذ الدولي بينها وبين «الاتحاد السوفييتي» - سيطرة منقوصة، أما بعد انتهاء الحرب الباردة فقد صارت لها سيطرة شبه كاملة وما تزال متزايدة، ومنذ أن سطع نجم هذه القوة الدولية الغاشمة سخرت جزءًا من سيطرتها ونفوذها ودعمها لـ«الكيان الصهيوني» بصورة دائمة، ومن أبرز مظاهر ذلك التسخير والدعم الجائرين انحياز الإدارة الأمريكية ممثلةً بالرئيس «بايدن» -منذ الأيام بل الساعات الأولى لحدوث «طوفان الأقصى»- إلى جانب أشدِّ الحكومات الصهيونية تطرُّفا ومشاركتها -من خلال إمدادها بأحدث أسلحة ووسائل التدمير- في نسف كل مظاهر الحياة في «قطاع غزة» وفي قتل عشرات الآلاف من الأطفال والشيوخ والنساء في مجازر وحشية ما تزال رحاها تدور إلى هذه الأثناء.
 وبالرغم من أنَّ «واشنطن» -كما أسلفنا- شريك فاعل في ما يرتكب في «قطاع غزة» من حرب إبادة جماعية، ها هو «بايدن» يتبنى فكرة إرساء ميناء عائم على مقربة من ساحل القطاع المدمر والمحاصر مدعيًا الحرص على إنقاذ أرواح مئات آلاف الجياع مخفيًا وراء ذلك التصنع أهدافًا هدامة يوشك أن يماط عنها القناع.

هوس أمريكي في السيطرة على مصادر الطاقة في المنطقة

منذ ظهور النفط ومن بعده الغاز في المنطقة العربية فرضت «أمريكا» وصايتها على معظم الأنظمة المتربعة على عروش الأقطار التي تتوافر على احتياطيات كبيرة من هذه الثروة المهمة، وحتى تجني من ريعها أضعاف ما تجنيه أقطارها استخدمت سطوتها للتحكم بأسعارها، مبقيةً إياها -من خلال تكبيل الأنظمة الحاكمة بصكوك خضوع تحت مسمى «عقود»- في أدنى الحدود، فتسنى لها -في ضوء ذلك التنفذ المحكم- الاستمرار في النهب المنظم، وقد بلغ بـ«أمريكا» هوسها في الاستيلاء على نفط وغاز أقطار عربية استخدام القوة العسكرية، وقد أشير إلى هذا المعنى بشكل إجمالي -في سياق مقال «راسم عبيدات» التحليلي المعنون [الميناء المؤقت ظاهره إنساني وباطنه استعماري]  الذي نشره في «رأي اليوم» في الـ12 من مارس الحالي- بما يلي: (وحروب أمريكا في المنطقة حكمتها السيطرة على نفط وغاز المنطقة والتحكم في ممراتها البحرية وموقعها الجغرافي الجيواستراتيجي، ولهذا جرى غزو العراق واحتلاله عام 2003، والسيطرة على نفطه، وفرضت أمريكا على العراقيين، عندما اضطرت للانسحاب منه معادلة “النفط مقابل الغذاء” ، وهي كذلك تحتل شرق سوريا الغنية بالنفط والغاز، لكي تستمر في سرقة النفط السوري، وما جرى في ليبيا من غزو وتغذية لصراعاتها الداخلية عبر طرفين إقليميين  ولتستمر تلك الصراعات على السلطة، في حين تسيطر أمريكا على النفط والغاز الليبيين).

إنشاء ميناءٍ لخدمة مصالح {هندغربية} بأموالٍ عربية

مع أنَّ مسارعة إدارة «بايدن» ومعه عدد من الأنظمة الأوروبية إلى دعم «نتنياهو» في شنِّ حربه الوحشية ضد مدنيي «قطاع غزة» المستندة إلى دوافع انتقامية والتي تعكس -بوحشيتها المبالغ فيها- تخلي «نتنياهو» وداعميه عن الحدِّ الأدنى من الصفات الآدمية تندرج في سياق الالتزام الأوروبي ومن بعده الأمريكي الذي عرف -على المدى الطويل- بالمبدئي بأمن الكيان الصهيوني المسمى «إسرائيل»، فإنَّ دوافع ذلك التدخل اللاإنساني المخجل ينطوي على أهداف تجارية {شرق غربية} منها تهيئة شمال «غزة» لإنجاح الممر الهندي الذي من شأنه -بالإضافة إلى ما سيحقق من ريعٍ اقتصادي للأنظمة الأوروبية وحليفها الهندي- الإسهام في النيل من أهمية مشروع «طريق الحرير» أو «الحزام والطريق» الصيني إضرارًا بـ«الصين» التي تعتبرها أمريكا طليعة المحور المعادي، وذلك ما يفهم من احتواء مقال «هبا علي أحمد» المعنون [ميناء غزة الأمريكي طريق جديد إلى الموت.. غاز غزة و«بن غوريون» والممر الهندي إلى الواجهة] الذي نشرته صحيفة «تشرين» يوم الإثنين الـ11 من مارس الجاري على ما يلي: (هناك مكاسب اقتصادية بأبعاد جيو سياسية لم تتحقق بعد، وحرب غزة هي الطريق، ويعود إلى الواجهة الحديث عن غاز غزة وقناة «بن غوريون» و«الممر الهندي» والذي هو ممر أمريكي لمنافسة «الحزام والطريق» الصيني بطبيعة الحال، من هنا كان لزامًا على واشنطن أن تقدم فكرة الميناء المؤقت على سواحل غزة والذريعة إنسانية تماماً كما جرت العادة).
وبالرغم من أنَّ دوافع إنشاء الميناء {صهيوأمريكية هندية غربية}، فسوف يمول -وفق خطة إنشائه- بأموال عربية، وقد أشير إلى ذلك أيضًا في طيات مقال «راسم عبيدات» على النحو التالي: (هذا الميناء الذي يجري التجهيز لبنيته التحتية بمشاركة أوروبية غربية وموافقة ” إسرائيلية”، على أن يجري تمويل تكاليفه البالغة 35 مليون دولار، عبر ثلاثة دول عربية خليجية).

احتياطيات نفط وغاز كبرى باعثة على الإغراء

ما حصل -خلال السنوات الأخيرة- من احتكاكات بين عدد من الدول المطلة على شرق المتوسط مرده إلى ضخامة الثروات النفطية والغازية الكامنة في قعره وبالقرب من شواطئ دوله المطله بما فيها شواطئ «غرة» الذي يحتوي -بالرغم من محدودية مساحته الصغرى- على احتياطيات كبرى تبعث على الإغراء، ويتضح ذلك بشكلٍ جلي من احتواء التقرير التحليلي المعنون ["ثروة غزة".. هل تسعى إسرائيل للسيطرة عليها بدعم غربي؟] الذي نشره موقع «روسيا اليوم» في الـ13 من مارس الحالي على ما يلي: (يمتلك قطاع غزة ثروات وموارد طبيعية بمليارات الدولارات قد تكون السبب وراء تهافت قوى عظمى، أولها الولايات المتحدة، على دعم إسرائيل في تدمير غزة وتهجير سكانها.
وتقدر احتياطيات النفط والغاز في الأراضي الفلسطينية بنحو 1.5 مليار برميل من الخام و1.4 تريليون قدم مكعب من الوقود الأزرق، حسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
ويعد حقل "غزة مارين"، الواقع على بعد نحو 30 كيلومترًا من ساحل غزة بين حقلي الغاز العملاقين "لوثيان" و"ظهر"، من حقول الطاقة الهامة في منطقة شرق المتوسط.
ويحتوي الحقل على أكثر من تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي).
وفي ضوء ضخامة هذه الكميات تحرك ضمير «بايدن» بعد طول موات وإذا بذهنه يتفتق عن إنشاء ميناء عائم في مياه المتوسط على بعد 600 متر من شاطئ غزة بذريعة إدخال المساعدات، لكنه يرمي من وراء إرساء هذا الميناء ذي المبرر الإنساني إلى تحقيق هدفٍ أناني يتمثل في التوصل إلى مخزونات الطاقة المغمورة قبالة شواطئ «قطاع غزة» الفلسطيني، ومن ثمَّ تقاسمه مع «الكيان الصهيوني»، وقد أشير إلى سوء ذلك المغزى -في سياق التقرير المختصر المعنون [ميناء على ساحل غزة..لأجل المساعدات؟ أم لأجل الغاز؟] الذي نشره موقع «يورونيوز عربي» يوم الجمعة الـ8 من مارس الحالي- بما يلي: (ومع إعلان الولايات المتحدة نبأ إنشاء ميناء مؤقت، شكك إعلاميون بالهدف المعلن للمشروع {وهو إيصال المساعدات} ذاهبين إلى أنَّ الهدف هو السيطرة على حقل «مارين» النفطي الذي يبعد نحو 30 كيلومترًا قبالة غزة.
وقالت الناشطة الإعلامية الكندية «شيريل بينسون» على صفحتها في موقع أكس، "إنَّ توجيه «بايدن» الجيش من أجل تشييد ميناء على شاطئ غزة لا علاقة له -البتة- بالمساعدات الإنسانية التي يحتاجها الفلسطينيون في القطاع المحاصر، "وإنما له علاقة وطيدة ببناء ميناء أكبر لإسرائيل، وسرقة غاز «غزة»، وبناء قناة بن غوريون التي أرادتها إسرائيل أن تمر عبر غزة").