يناير 26, 2024 - 21:14
الأمين العام للحزب الإشتراكي المغربي لـ(عرب جورنال): اليمن فضل الخيار الأصعب لنصرة غزة وأذاق الاحتلال طعم الحصار الذي يفرضه على أهالي القطاع

في حوار خاص تستضيف "عرب جورنال" ، الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد المغربي، الدكتور جمال العسري، للوقوف عند أبرز المستجدات الطارئة في غزة وجبهات المقاومة. كما يناقش الحوار تطورات معركة طوفان الأقصى وانعكاساتها الإستراتيجية الإقليمية في ظل المتغيرات السياسية والعسكرية الجديدة التي تشهدها المنطقة، وعلى رأسها التدخل اليمني المباشر الداعم لغزة، والاندفاعة الأمريكية البريطانية لشن عدوان على اليمن رداً على موقفه الإنساني والأخلاقي نصرةً لإخوانه في فلسطين، وهو الموقف الذي يتوجب اليوم على كل العرب الالتفاف حوله باعتباره لحظة فارقة في مصير الأمة العربية والإسلامية.

عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي _ 

ندين العدوان الأمريكي الإنجليزي على اليمن شعبا وأرضا والذي يأتي استمراراً للسياسة الغربية الإستعمارية 

اليمن طبق بالحرف ميثاق جامعة الدول العربية الذي ينص على الدفاع المشترك بتدخله التاريخي لنصرة غزة 

اليمن فضل الخيار الأصعب لنصرة إخوانها في غزة استجابةً لقيمه ومبادئه الدينية والأخلاقية 

المقاومة اليمنية أذاقت الكيان الصهيوني طعم الحصار الذي يفرضه على الشعب الفلسطيني في غزة 

الموقف اليمني أعلن للعالم أن الإيمان والإرادة والرغبة يمكن أن تنتصر على الاستبداد والطغيان والظلم

بعض الدول الخليجية لم تتعلم من الدروس وأي تصعيد ضد اليمن سيشعل كل المنطقة 

كان هناك خطوات حثيثة لتصفية القضية وعلى الشعب الفلسطيني بإعلان التطبيع بين الكيان الصهيوني والسعودية

المقاومة الفلسطينية انتصرت في غزة وأعطت دروساً وعبراً للشعوب للمضي قدما نحو التحرر من سلطة الفساد والاستبداد 

الكيان الصهيوني يشن حرباً شرسة على الإعلام والصحافيين لأنه لا يريد شهود عيان على مجازره ومذابحه وجرائمه ضد الإنسانية 

يجب أن علينا شعوبا وتنظيمات وأحزاب أن نرسم خريطة جديدة لاستراتيجيتنا التواصلية والإعلامية لمواجهة لوبي الإعلام الغربي 

_ ماتزال أمريكا وبريطانيا تشن عدوانا عسكريا على اليمن بسبب موقفه الداعم لغزة.. ما موقفكم في الحزب الإشتراكي الموحد من هذا العدوان ؟ وكيف ترون التدخل اليمني المباشر لمناصرة للشعب الفلسطيني والضاغط لوقف المجازر الصهيونية بحقه، رغم ما يعانيه اليمن من حرب وحصار سابق، ناهيك عن توجيه اليمن ضربات للبوارج الأمريكية التي تحاول حماية سفن الاحتلال؟ أين وضع اليمن نفسه اليوم بعد هذا الموقف التاريخي على المستوى الإقليمي والدولي؟ 

انطلاقاً من مبادئ وقيم الحزب ومن أرضيته الفكرية ومن منطلقاته الإيديولوجية ومن خطه السياسي، لا يمكن إلا أن يصطف إلى جانب كل الحركات التحررية والشعوب المقهورة في وجه الاستبداد الإمپريالي ومحاولاته المتكررة من أجل الهيمنة على الأوطان وسلب الشعوب حريتها، وعليه لا يمكن إلا أن ندين العدوان الأمريكي الإنجليزي على اليمن شعبا وأرضا ، عدوان لا يمكن إلا أن يكون في خانة استمرار السياسة الاستعمارية للغرب الاستعماري ، الذي لم يفهم بعد أن الشعوب تناضل من أجل سيادتها الوطنية وفي سبيل ذلك هي مستعدة لمزيد من التضحية ، والشعب اليمني اليوم وقواه المقاومة اختارت أن تقف بجانب الشعب الفلسطيني، واختارت أن تطبق بالحرف ميثاق الجامعة العربية الذي ينص على الدفاع المشترك، في الوقت الذي تجاهلت جل الدول هذا الميثاق.

اليمن ومقاومته اختارت أن تساند بالمقاومة الفلسطينية بما تستطيعه واختارت الخيار الأصعب أن تذيق الكيان الصهيوني معنى الحصار ، الحصار الذي فرضه على قطاع غزة ومواطني القطاع، اليوم اليمن بقراره هذا دخل مرة أخرى للتاريخ عندما اختار وعن طواعية مواجهة قوى الاستعمار بما يملكه من أسلحة وأهمها سلاح الإيمان بالقضية والإيمان بالقدرة، والإيمان بالوقوف بجانب الأخ المظلوم ، الأخ الذي تجاهله باقي الإخوة.

المقاومة اليمنية وعت بما حباها إياه الله من موقع جغرافي استراتيجي وأبت إلا أن تستغل هذا الموقع لصالح الحق وهي تعلم علم اليقين ما يمكن أن يلحقها جراء وقوفها بحانب الحق. المقاومة اليمنية كان بإمكانها اختيار الحل الأسهل، الاكتفاء بالتنديد والاستنكار الشفوي وإصدار بيانات التضامن والإدانة، لكنها ذهبت أبعد من ذلك، ذهبت استجابة لقيمها ومبادئها الدينية والأخلاقية، وهي بموقفها هذا أعلنت للعالم أن الإيمان والإرادة والرغبة يمكن أن تنتصر على الاستبداد و الطغيان والظلم و من هنا جاء الاحترام لليمن وشعب اليمن ومقاومة اليمن. 

_ مؤخراً تحدثت وسائل إعلام أجنبية عن قيام دول عربية شاركت سابقا في الحرب على اليمن، بتحريض إدارة بايدن بمواصلة ضرب اليمن وبشكل واسع.. برأيكم ألم تتعلم هذه الدول من تجربة العدوان السابق على اليمن؟ وأي تبعات خطيرة لاستمرار العدوان الأمريكي على اليمن وما يقابله من تصعيد صهيوني مماثل في غزة؟ وهل تعتقدون أن هذا التصعيد قد يضر بمصالح كامل المنطقة وعلى رأسها الدول الخليجية المجاورة؟ كيف ذلك ؟ وما الحلول لتفادي كل هذه المخاطر؟ 

مع الأسف بعض الدول الخليجية لم تأخد الدرس ولم تستوعب درس ملحمة 7 أكتوبر التي أسقطت أسطورة الجيش الذي لا يقهر وأسقطت معها مقولة الحماية الخارجية لكراسي الحكم ، الحماية التي تطلبها هذه الأنظمة من الكيان الصهيوني، مع الأسف هذه الأنظمة لم تدرك بعد أن هذا الكيان لم يستطع حماية مستعمراته ولا جنوده ولا حتى مواطنيه يوم 7 أكتوبر، رغم كل ما يتوفر عليه من أسلحة وتكنولوجيا ومعلومات استخباراتية، كما لم تستوعب الدرس الذي قدمه الشعب اليمني وهو يواجه ما سمي بالتحالف العربي.

مع الأسف بعض الحكام آخر ما يشغل بالهم هو مصالح شعوبهم وأوطانهم ويغيب عن ذهنهم أن أي تصعيد في بحر العرب وفي البحر الأحمر بل وفي المنطقة لا يمكن إلا أن يجر الويلات على المنطقة، وعلى بلدانهم ، فأي استمرار للعدوان الأمريكي الإنجليزي على اليمن، لن يؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد من الجانب الآخر، تصعيد لن تكون نتيجته إلا إشعال البحر الأحمر وإغلاق كلي لهذه الطريق البحرية الهامة لدول المنطقة، هذه الدول التي اختارت كعادتها الطريق الخطأ بدل اختيار الطريق الصحيح هو الضغط على أمريكا وحلفائها بما تملكه من أوراق ضغط وما أكثرها، من أجل أن تتدخل لتفرض على الكيان الصهيوني وقف حرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني الأعزل والأبي.

_ للمرة الرابعة يؤكد بايدن أن أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت حماس للقيام بعملية طوفان الأقصى هو صفقة التطبيع بين السعودية و"إسرائيل" الذي أكد أنه كان وشيكا.. إذا كان الأمر كذلك هل يعني أن الصفقة كانت خطيرة على فلسطين وربما تقضي بتصفية القضية والوجود الفلسطيني؟ وهل تعتقدون أنه على دول التطبيع العربية والتي تسعى لإقامة علاقات مع الكيان، مراجعة حساباتها والتراجع عن مسار التطبيع بعد عملية طوفان الأقصى، والتطورات القائمة؟ ولماذا ذلك ؟ 

منذ توقيع ما سمي باتفاقيات أبراهام ونحن في الحزب الإشتراكي الموحد لا نكف عن القول بأن هذه الاتفاقيات باطلة وأن خطوات التطبيع التي مضت وتمضي فيه بعض الدول إنما هي خطوات نحو محو القضية الفلسطينية وقتل قضية شعب شقيق، وأن هذا التطبيع إنما هو ضوء أخضر للكيان الصهيوني للمضي قدما في مخططاته التوسعية ومخططات إنهاء مطلب الشعب الفلسطيني بقيام دولته المستقلة وعاصمتها القدس وعودة كافة اللاجئين وإطلاق سراح كافة الأسرى، وبالفعل كان هناك توجه بأنه قد تم فعلا الانتهاء من قضية فلسطين خاصة بعد أن تراجع الاهتمام بها عربيا ودوليا ، وتراجع الحديث عن قضية فلسطين في نشرات الأخبار لكبرى المحطات والقنوات والصحافة الدولية، وكانت خطوات حثيثة نحو قراءة الفاتحة على القضية وعلى الشعب الفلسطيني بإعلان التطبيع بين الكيان الصهيوني والسعودية، إلى أن جاءت ملحمة 7 أكتوبر 2023 التي لم تكتف بإسقاط أسطورة الجيش الذي لا يقهر بل أعادت القضية الفلسطينية للواجهة العالمية وصالحت شعوب العالم مع الكوفية الفلسطينية التي أصبحت رمزا للتحرر وللمقاومة وأعادت قضية الشعب الفلسطيني المقهور والمسلوب الحقوق للاهتمام العالمي، ودفعت مؤسسات المجتمع الدولي ومنظماته إلى إعادة حساباتها ومواقفها، بل ووصل الأمر إلى رفع قضية حرب الإبادة على الكيان الصهيوني لدى محكمة العدل الدولية بمبادرة جد محمودة من جنوب إفريقيا، وهي الدعوى التي أزالت عن شعوب العالم النظارات التي وضعها الغرب على عيونهم ليروا بها ما يراد لهم أن يروه اليوم.

كافة شعوب العالم أصبحت تنظر لقضية الشعب الفلسطيني من منظار آخر وأصبحت ترى حجم الظلم والقهر والقمع الذي تعرض ويتعرض له هذا الشعب واليوم فرض كذلك على أنظمة الدول المطبعة بل وحتى التي كانت تخطط لتوقيع معاهدات التطبيع أن تعيد قراءة الواقع الجديد وأن تنصت لصوت شعوبها وأن تتراجع عن مخططاتها في انتظار أن تمزق تلك المعاهدات التي وقعتها ذات يوم في غفلة عن شعوبها وهي تبحث عن من يحميها ويحمي مصالحها.

_ في ظل الفشل الذريع لجيش الاحتلال في غزة، وكذلك الخلافات والانقسامات حادة في كيان الاحتلال خاصة تلك في كابينت الحرب".. هل تعتقدون أننا نقترب من انتصار تاريخي للمقاومة في غزة؟ وكيف سينعكس هذا الانتصار على فلسطين ومستقبل الأمة بأسرها أو بالأصح كيف يمكن أن تستثمر الدول والشعوب العربية هذا النصر للبدء في مرحلة جديدة من التحرر والبناء ؟ 

بالنسبة لنا في الحزب الإشتراكي الموحد كما هو الأمر بالنسبة للشعب المغربي أن المقاومة الفلسطينية قد انتصرت فعلا وقد حققت الانتصار المبهر ، انتصرت وهي تقوم بملحمة 7 أكتوبر ، انتصرت وهي صامدة لأزيد من 3 أشهر ونصف في وجه أقوى آلة عسكرية في المنطقة، انتصرت وهي تصمد مدة لم تصمدها كل الجيوش العربية في كل حروبها مع الكيان الصهيوني، انتصرت وهي صامدة في رقعة جغرافية ضيقت تلقت من القنابل والقصف ما لم تتلقه أي بقعة في العالم في كل حروب العصر الحديث بما في ذلك الحربين العالميتين.

انتصرت وهي تمنع الكيان الإرهابي من تحقيق أي هدف من أهدافه الثلاثة المعلنة، انتصرت وهي تعيد القضية الفلسطينية للواجهة ، انتصرت وهي تكسب احترام وحب و تضامن شعوب العالم ، انتصرت وهي تكشف مدى ضعف هذا الكيان الإرهابط الذي لا يجيد إلا ارتكاب المجازر ، انتصرت وهي تعيد القضية لقلوب الشعوب العربية ، انتصرت بعد أن أصبح قادتها قدوة لأطفالنا وأسماءهم على لسان هؤلاء الأطفال.

كما انتصرت وهي تعطي العبر والدروس للشعوب العربية في إمكانية الانتصار وإمكانية النضال وإمكانية الكفاح، انتصرت وقد صالحت الشعوب العربية مع الشارع حيث نزلت هذه الشعوب في مسيرات واعتصامات ووقفات متحدية قمع أنظمتها ، انتصرت وهي تعطي الدرس تلو الدرس للشعوب العربية، وأكيد أن هذه الشعوب ستأخذ العبر من هذه الدروس لتمضي قدما نحو التحرر من سلطة الفساد والاستبداد. 

_ من الواضح أن الحقيقة اليوم تواجه حرب شرسة ضد إعلام الزيف والتضليل الغربي التي تسعى منذ عقود لاحتكار الكلمة وتمرير الاجندات الصهيونية المشوهة في منطقتنا.. كيف يمكن مواجهة هذا السلاح الخطير الذي يلمع قوى الاستكبار الأمريكي الغربي، وخلق وحدة إعلامية سياسية عربية على الأقل لمواجهتها ؟ وما هي مسؤولية الأحزاب السياسية العربية للعمل على مواجهة هذه الأجندات وتوحيد الأطر للانتصار لقضايا الأمة العادلة؟ 

الكيان الصهيوني ومعه الإمپريالية العالمية يشن حربا شرسة حربا في كل الميادين وأهمها ميدان الإعلام والصحافة، الكيان لا يريد شهود عيان على مجازره ومذابحه وجرائمه ضد الإنسانية، ولهذا ترى جنود عصابته يسارعون بإعدام الصحافيين حيث تجاوز عدد شهداء الصحافة المائة بكثير، هم يقتلون ويعدمون الصحافيين باعتبارهم شهداء العصر على إبادة العصر، هم يقدمون على جرائمهم هذه و هم متأكدين من مظلة الحماية التي توفرها لهم أمريكا و معها الدول الأوروپية الاستعمارية، بل إن هذه المظلة امتدت لداخل هذه الدول عبر محاصرة الصوت الآخر الصوت الذي يصدع بالحقيقة.

وهكذا سعت هذه الدول لتوفير المساعدة الإعلامية للكيان الإرهابي بجعل كبريات أجهزته الإعلامية، وكبريات منابره الصحافية في خدمة هذا الكيان، حتى لا يعلو صوت على صوته، وفي المقابل برز الصوت الحر صوت الشعوب وصوت أجهزة التواصل الحديث التي أصبحت تنقل الحقائق كما هي وقدمت نفسها بديلا لصحافة لوبيات المال والإعلام.

هذا الأمر يفرض علينا شعوبا وتنظيمات وأحزاب أن نعيد تقييم أدائنا وعملنا الإعلامي، وأن نرسم خطا جديدا لتوجهاتنا الإعلامية، وأن نضع خريطة جديدة لاستراتيجيتنا التواصلية والإعلامية لمواجهة لوبي الاعلام، وللوصول بسرعة للشعوب وللمجتمعات الأوروپية لنضع أمامها سرديتنا نحن بدل أن تبقى رهينة سردية الكيان المغتصب، وأكيد أن عمل مثل هذا يتطلب مجهود كبيرا ويتطلب انخراط الجميع وخاصة بنات وأبناء جالياتنا المنتشرة في كل دول الغرب حتى يصل للجميع صوت الحقيقة حقيقة أن هناك شعب سلب كل حقوقه، شعب يعاني منذ أزيد من قرن من الزمن، شعب في حاجة لإقامة دولته، الدولة الفلسطينية الحرة والمستقلة وعاصمتها القدس.