يناير 26, 2024 - 18:58
أهم الطرق المائية الإستراتيجية ..  البحر الأحمر وخليج عدن أنموذجاً


عرب جورنال / خالد الأشموري - 
ترجع أهمية البحار والمحيطات إلى اعتبارات اقتصادية وسياسية لا تخفى ، حيث تشكل مساحات البحار والمحيطات حوالي 73% من مجموع مساحات الكرة الأرضية، وتمثل الثروات المعدنية الكامنة في باطن المحيطات نسبة ذات شأن ، وقد أشارت بعض التقديرات إلى أن نسبة 21% من احتياطي النفط العالمي تكمن في أعماق البحار والمحيطات وهي نسبة لا يستهان بها، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار أن تلك النسبة قابلة للزيادة حيث تؤدي التطورات العلمية والفنية إلى تقدم أساليب وفنون الكشف عن ثروات أعماق البحار والمحيطات لاستغلالها.. وكثيرة هي الكتابات التي تحدثت عن أهمية البحار والمحيطات الحيوية في العالم، وعن البحر الأحمر وخليج عدن على وجه الخصوص – اللذان جذبا أهتمامات الباحثين والمؤرخين في مجالات السياسة الدولية والأمن والدراسات البحرية والهندسية والجغرافيا والجيولولجيا والطرقات والقواعد العسكرية.. الخ، ومنهم الباحث والأكاديمي الدكتور عبد الله علي بورجي – أحد أبناء اليمن – فهو قد نال أطروحة الدكتوراة في مجال علوم البحار وأصدر كتابه الأول عن جزء من علوم البحار.. وحسبنا في هذا المقال " الدراسة " أن نشير إلى الكتاب المعنون بـ " الجزر اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن " للدكتور بورجي – الطبعة الثانية 1996م ، والذي من خلاله يكون "الباحث / المؤلف" قد حاول الخوض في موضوع البحر الأحمر وأهميته بالنسبة لليمن والدول البحرية ، وإسهاماً متواضعاً منه لإثراء المكتبات العربية – عموماً والمكتبة اليمنية خاصة – ببعض المعلومات عن البحر الأحمر وخليج عدن.
البحر الأحمر: 
يقول الدكتور / عبدالله بورجي : لقد كان البحر الأحمر - وما يزال - من أهم الطرق المائية الاستراتيجية الحيوية في العالم فهو يربط بين العديد من البحار والمحيطات والقارات ويعد حجر الزاوية وهمزة الوصل بين ثلاث قارات وهو أيضاً يصل الشرق بالغرب من اقصر الطرق.. طريق قناة السويس ، وبه أربعة ممرات مائية "مضيق باب المندب في الجنوب، وقناة السويس، ومضيق جبيل، ومضيق تيران في الشمال". 
كما تكمن أهمية البحر الأحمر في الوقت الحالي في أنه أهم ممر استراتيجي لأهم سلعة استراتيجية في العالم "النفط" وهو بلا جدال أهم أجزاء السلسلة الفقرية في عالم القوة البحرية والتي تتكون من المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي. 
فالبحر الأحمر كان ولا يزال عامل جذب للتنافس والتدخل الخارجي والصراعات المختلفة وصنوف الاحتلال على مر العصور التاريخية كما أن خصائصه الجيوبوليتكية والاستراتيجية تغري كثيراً الدول القوية التي تملك أسباب الكشف وأدوات ووسائل الانتفاع، وقد جعلت منه هذه الخصائص موقعاً للتنافس والنزاعات والصراعات الاقليمية والدولية القديمة والحديثة، مما جعل الصراعات داخله متعددة الأبعاد وذات متضمنات خطيرة جذبت كثيراً من الدول للسيطرة عليه.. وقد اكتسب البحر الأحمر أهمية دولية خاصة منذ افتتاح قناة السويس في ١٨٦٩م والتي دفعت الدول الاستعمارية بريطانيا وفرنسا وإيطاليا إلى احتلال المنطقة والتحكم في مصائر شعوبها والتأثير عليها ، كما قامت هذه الدول الاستعمارية بخلق صراعات جديدة " مثل الصراعات الحدودية وتداخلها"  ووسعت إطار الصراعات القائمة بل أضافت اليها كثيراً من العناصر العرقية والاقليمية. 
وكانت الصراعات فيما بين هذه الدول الاستعمارية كثيرة للسيطرة على البحر الأحمر ومضائقه وممراته.. ومثال على هذا التطاحن المقولة الشهيرة للدكتاتور الايطالي موسوليني: "اذا كان البحر الأحمر هو مجرد طريق لبريطانيا فهو شريان الحياة بالنسبة لإيطاليا "، وكما قال: الأستاذ حسين علي الحبيشي في کتابه. "قضايا قانونية.. لقد رحل موسوليني الى الأبد منذ الحرب العالمية الثانية، كما رحلت بعده بريطانيا ثم فرنسا ولكن البحر الأحمر لم يعرف السلام إلا لفترات متقطعة أوغير مستقرة وذلك انه بدأ يعرف صراعات من نوع جديد من معالمها النفط ومن ظواهرها صراع القوتين العظميين والصراع العربي الاسرائيلي".
واليوم وفي عصرنا الراهن لم تبق إلا قوة واحدة والتي هي الولايات المتحدة الأمريكية بعد انهيار ماكان يسمى بالاتحاد السوفيتي مما أكسب الصراع العربي الاسرائيلي في البحر الأحمر بعداً جديداً.
۱ - دول البحر الأحمر
تتكون منطقة البحر الأحمر من الجمهورية اليمنية، والمملكة الأردنية الهاشمية، والمملكة العربية السعودية، والصومال، وأرتيريا، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية السودان، وجمهورية جيبوتي، وفلسطين المحتلة... ويقوم تصرف هذه الدول بالنسبة الى البحر الأحمر على أساس مصالحها الجيوبوليتيكة في الدرجة الأولى بل أن سلوك واحدة أو أكثر من دول هذه المنطقة يمكن أن يحكمه الصراع بين مصالحها وبين مصالح دول البحر الأحمر الأخرى، وبما أن البحر الأحمر مهم بالنسبة للدول الخارجة عن منطقته فإن تفاعل الصراع بين مصالح الأطراف قد يشمل أيضاً أطرافاً دولية الأمر الذي يضفي على صراعات البحر الأحمر طابعاً داخلياً وخارجياً على حد سواء.
۲- نبذة عن اسماء البحر الأحمر وجغرافيته :
لقد أشار المؤرخون والجغرافيون الى البحر الأحمر في كتاباتهم بأسماء مختلفة، ذكره الهمداني بأنه البحر الكبير الذي كان يمتد بالنسبة له من القلزم "مدينة قديمة كانت ميناء لمصر" وحتى الهند ثم عاد فأشار إليه باسم بحر الفرما، "والفرما ميناء مصري قديم"، أما الأصطخري فقد أشار اليه على أنه بحر فارس وكان في نظره يمتد من القلزم حتى اليمن، أما الجغرافيون القدماء من الأغريق والرومان فقد عرفوا البحر الأحمر باسمين عربيين هما بحر الحجاز والخليج العربي، ويقول عطية القوصي في كتابه "تجارة مصر في البحر الأحمر منذ فجر الإسلام حتى سقوط الخلافة العباسية" إن تسميته "البحر الأحمر، هي صيغة مختصرة عن اسمه القديم "بحر الملك الأحمر" وفي هذا الخصوص يشير المؤرخ الاغريقي أغاثار خيدس: الى ان كلمة اريثريان، ارتيريا الحالية التي كانت يومها اسماً للبحر الأحمر تعني في اللغة الفارسية "بحر الملك الاحمر" كما ورد ذكر البحر الأحمر في التوراة باسم "يم سوف" ومعناه بحر النباتات القصبية، وسماه العرب "بحر اليمن أوبحر الجنوب"، وسماه الأتراك "وبحر المرجان ".
اما في عصرنا الحاضر، يعرفه الجغرافيون والمؤرخون باسم "البحرالأحمر" نظراً للونه البني المائل للحمرة، والذي يكسبه هذا اللون هي الطحالب المائية والأعشاب والشعاب المرجانية التي تزيد أنواعها على المائة نوع في البحر الأحمر والتي تضفي على البحر لوناً أحمر قانياً كلون الدم. 
تلك هي بعض أسماء البحر الأحمر، أما عن أبعاد البحر الأحمر وطبوغرافيته فيقدر سطحه بنحو 480,458 " كيلو متراً مربعاً، بالنسبة للموقع فالبعض يقيس البحر الأحمر من مسافة ١٤٠ كيلو متراً شمال جزيرة ميون، ورأي اخر يبدأ من الخط الموازي لحصن مراد في الساحل اليمني ورأس سيان في أفريقيا، وذلك يضم باب المندب أو جزءا منه الى البحر الأحمر، ويمتد البحر الأحمر طولياً بين السويس وباب المندب الى نحو " ۲۰۰۰ کیلو متر (۱۳۸۰) ميلاً بحرياً، ومتوسط عمقه ٤٩٠ متراً، وأعمق أغواره تصل الى " ٢٥٠٠ " متر كما أن عرض البحر الأحمر في المتوسط " ٢٤٠ كيلومتراً، وأعرض المناطق فيه تصل الى) ٣٠٤(  كيلو متراً وتقع في المقطع المستعرض العمودي على محور البحر ماراً بمصوع، كما أن أضيقها يقع عند مضيق باب المندب الذي يبلغ عرض البحر من الشاطىء الشرقي الى الغربي فيه نحو ٢٣ كيلومتراً. 
وتتميز سواحل البحر الاحمر بصفة عامة بعدم وجود البحيرات أو المستنقعات الساحلية، وبارتفاع مدى المد والجزر، وارتفاع درجة الحرارة، وتعتبر درجات الحرارة في البحر الأحمر وخليج عدن من أعلى الدرجات في العالم.. ففي الجنوب عند ميناء بربرة تبلغ أقصى الدرجات بين شهري يونيو ويوليو (۱۱۷) فرنهيت أو ٤٨ سنتجريد" وفي الشمال عند الطور تبلغ " ٨٦ فرنهيت أو ٣٠ سنتجريد " ويمتاز البحر الأحمر بأن ملوحته عالية وأمطاره قليلة ومياهه صافية.
ومن المعروف أن البحر الأحمر من حيث طريقة تكوينه الجيولوجي الفريد أنه تكون على طول خط عميق إنفلقت فيه القشرة الأرضية وانفصل شرقها عن غربها فإذا به بحراً أخدودياً عميقاً ليس له جرف قاري بالمعنى العلمي والقانوني والمدلول الجيولوجي المعروف أو بالمعنى الدولي حسب ما تشير اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهذه التكوينة الجيولوجية جعلت منه بحراً غنياً بكثير من الموارد، ففي البحر الأحمر يعيش ما يزيد عن ) ٣٠٠ (نوع من الأسماك المختلفة أغلبها صالح للاستعمال البشري، الحيواني، أيضاً تكثر فيه أسماك القرش وهي أسماك غضروفية ويوجد منها في هذا البحر أكثر من ٠ ٢ نوعاً مختلفاً.
وأشهر الأسماك الاقتصادية في البحر الأحمر هي البوري "العربي" والبريوني أو العنبر، والديراك، والهامور والسليخ، والقرم والقاصة والمرجان ، وجحش، وعفش وبعض الأسماك الزرقاء الكبيرة كالتونة والبلاميطة. 
والبحر الأحمر غني أيضاً بثروته من الأصداف وذوات المحار وبعضها صالح للأكل مثل  البصر، والملخ.. وتصنع من الأصداف الزراير والحلي، كما توجد محار اللؤلؤ جنوب الطور وقبالة سواحل مدينة اللحية وفي أماكن أخرى، أيضاً الحيوانات المرجانية منتشرة بكثرة على شكل شطوط وحواجز تنمو قريبة من الساحل حتى أعماق تزيد على مائة متر.. ويوجد نوع منها يعيش على أعماق كبيرة . هو "اليسر" وتصنع ، منه حبات المسابح ولونه أسود . 
وتنتشر الحيوانات اللافقارية الأخرى بكثرة في القاع ومنها خيار البحر الذي يصلح للتجفيف والتصدير للخارج، كما يوجد نوع من الاسفنج أقل درجة من أسفنج البحر المتوسط.
ومن الحيوانات القشرية الشهيرة في البحر الأحمر الجمبري، والأستاكوزا كما أنه يوجد في البحر الأحمر بعض أنواع من الأسماك السامة والتي يكمن في لحمها وجلدها أوفي احشائها الداخلية كالكبد والكلى ومن هذه الأنواع السامة أبو حمارة الضعيمية، أبو صندوق، والقراض والبهق.
3- مضايق البحر الاحمر:
 أ- المضايق الجنوبية: "باب المندب".
وهو نقطة الاختناق الرئيسة ومفتاح المدخل الجنوبي للبحر الأحمر وكلمة باب المندب" تعني بوابة الحزن أو الحداد وذلك لأن الملاحة خلال ممراته محفوفة بشيء من المخاطر .. وتسيطر الجمهورية اليمنية على هذا الممر المائي الهام حيث تتحكم في مدخل هذا المضيق جزيرة "ميون" اليمنية كما يسميها المؤرخون العرب ويسميها المؤرخون الأجانب "بريم" وهي تقسم مضيق باب المندب الى ممرين شرقي ويسمى "باب الاسكندر" وغربي ويسمى ممرميون".. وعلى هذا فمضيق باب المندب يتكون من قناتين منفصلتين احداهما هي الصغرى وعرضها "۳" كم وعمقها نحو ٢٦ متراً، والأخرى وهي القناة الرئيسة ويبلغ اتساعها " ٢٠ " كيلو متراً أو " ۱۱ " ميلاً وعمقها نحو "۳۰۰ متر .. وطول مضيق باب المندب 55,5كيلو متراً أو) ۳۰ ( ميلاً وقد حددته البحرية البريطانية شمالاً من جزيرة ذباب في الساحل الشرقي ورأس باهانا في الساحل الغربي وجنوباً يحدد برأس سي أني SI-ANE في الغرب.. كما أن المنظمة البحرية الدولية "إيمو " حاولت تحديد ممر لعبور السفن من الشمال والجنوب وحددتها بمسافة " ٤ أميال أو 4’7 كم وعمقها " ١٠٠ " فاثوم )وهو مقياس بحري للقامة ( وإضافة الى ما تقدم فان باب المندب قد اكسب كثيراً من الجزر اليمنية أهمية خاصة بالنسبة للملاحة الدولية وقد ورد اسمه كواحد من )۳۸(مضيقاً في العالم تعتبر أكثر المضائق استخداماً لأغراض التجارة الدولية وذلك في عام ١٩٧٣م.
ومضيق باب المندب يخضع لنظام المرور البرىء مع تحفظ بعض الدول بالنسبة للسفن الحربية والغواصات والسفن التي تسير بالطاقة النووية أو هي محملة بمواد خطرة ولكننا اذا استأنسنا باتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار سنة ۱۹۸۲م فإن المرور في هذا المضيق سيصبح " مروراً عابراً"بمعنى غير معوق مع الاحتفاظ بحقوق الدول التي على شاطئه ومن هذه الحقوق اصدار قوانين ونظم مثل الصيد والجمارك والهجرة والنقد ومنع تلوث مياه المضيق حسب القواعد الدولية.
وموقف اليمن من حرية الملاحة الدولية في المضيق محدد وواضح وهو تشجيع الملاحة الدولية عبر المضيق شريطة عدم الاضرار بسيادة أو وحدة أو أمن أو استقلال الجمهورية اليمنية، كما أن اليمن قد صرحت في ٢٣ يوليو عام ١٩٧٤م أنه من الضروري للسفن الحربية والطائرات الحربية أن تحصل على إذن مسبق للمرور في المياه الاقليمية اليمنية واذا تأكد لها أن السفينة أو الطائرة الحربية لا تشكل خطراً على أمن البلاد وسلامته فإن الإذن بالمرور سيمنح فوراً.
ب المضايق الشمالية:
 تتغلغل شبه جزيرة سيناء في البحر الأحمر من الشمال الى الجنوب ولها ذراعان في الماء خليج العقبة من الشمال الشرقي وخليج السويس من الشمال الغربي، وخليج العقبة هو استمرار لصدع البحر الأحمر ويبلغ طوله ۱۱۰ ميلاً بحرياً فيما يتراوح عرضه بين (۸) أميال و 17 ميلاً وبمتوسط   ( ۱۰ ) أميال عرضاً .. كذلك يتباين عمق الخليج فهو ضحل عند طوله الرأس ثم يزداد عمقاً الى حوالي ٢٤٠٠، مترأ والمدخل الوحيد لخليج العقبة من البحر الصالح للملاحة هو ما يسمى بمضيق تيران وهو واقع بين جزيرة تيران وشبه جزيرة سيناء، ويبلغ عرضه " 3,7" متراً أما الممران الآخران فيتميزان بالضحالة وتحيط بخليج العقبة كل من العربية السعودية بخط ساحلي يبلغ ( ٩٤ ) ميلاً والأردن وخطها الساحلي " ٥ " أميال وفلسطين المحتلة )٦(   أميال ثم مصر والتي يبلغ خطها الساحلي " ١٢٥ " ميلاً، وتعترض مدخل خليج العقبة جزيرتا "تيران وصنافير" وجزيرة تيران فيها جبال أقصى علو لها "۱۷۱۹"قدماً في منتصف الجهة الجنوبية من الجزيرة، أما باقي الجزر فتتكون من سهول ورمال يتخللها بعض التلال. 
أما جزيرة صنافير فتقع على بعد ميل ونصف الى الشرق من جزيرة تيران والجزء الغربي منها يشكل شبه جزيرة وهي محاطة بصخور مرجانية من أكثر جهاتها .
وخليج السويس هو الذراع الشمالية الغربية ويمتد الخليج داخل الأرض" ۲۸۰ " كم ويبلغ عرض خليج السويس "۲۰" ميلاً في المتوسط وهو يضيق عند مدخله الى حوالى (۱۸) " ميلاً ومن ناحية العمق يبلغ الخليج في المتوسط (۲۰۰) الى "۳۰۰"  قدم وعند مدخله يقع مضيق جوبال الذي يشمل عدداً من الجزر أهمها أم قمر، وشدوان، وجوبال وتتصل قناة السويس التي أفتتحت عام ١٨٦٩م بخليج السويس وهي عبارة عن عنق زجاجة يتراوح عرضها بين " ٥٠٠ " و " ۷۰۰" قدم ولا يزيد عمقها على (۳۸) قدماً.
4 -  إسرائيل وباب المندب :
لقد شهد البحر الاحمر وبوابة الدموع "باب المندب "  فصولاً هامة من الصراع العربي الاسرائيلي فاسرائيل بالنسبة للغرب تعتبر كحاملة طائرات احد جناحيها على البحر الابيض المتوسط والآخر على الطرف الشمالي للبحر الاحمر على خليج العقبة كان الفصل الاول عندما هاجم الفدائيون في يونيو عام ١٩٧١م ناقلة نفط متجهة لميناء ايلات وهي تحمل ٦٥ الف طن من النفط الايراني، وقد استخدم الفدائيون في هجومهم زورقاً تجارياً سريعاً. 
وخلال حرب اكتوبر عام ۱۹۷۳م، اغلقت القوات  البحرية المصرية بالتعاون مع اليمن مضيق باب المندب في وجه الملاحة الاسرائيلية واستمر المضيق مغلقاً خلال شهري اكتوبر ونوفمبر. وقد تحرك الاسطول السابع الامريكي مقترباً من المضيق ووضعت اسرائيل وحدات كوماندوز على جزر أثيوبيه قريبة من باب المندب ولكنه لم يقع أي صدام، واغلاق باب المندب لم يكن وليد الصدفة بقدر ماكان نتيجة تنسيق عربي طويل، كما ان الحصار العربي في باب المندب قد نشأ عن خطة كانت قد اقترحتها مصر واليمن في عام ١٩٦٧م وحازت قبولاً عربياً علماً بأن هذا الحصار قد لفت انتباه كثير من القوى الاقليمية والدولية الى الاهمية الاستراتيجية لباب المندب في المستقبل وقد تعلمت اسرائيل دروساً كثيرة من هذا الحصار، كما اننا لا ننسى ما بذلته القوى الغربية من محاولات تهدف من ورائها الى وضع المضيق وجزيرة بريم اليمنية تحت السيادة الدولية، ولكن كل هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح.
ه - خليج عدن:
يتكون خليج عدن من امتداد سفوح حرف سبأ " نتؤ تضاريس في قاع البحر" ويكون امتداداً لحرف المحيط الهندي والذي يكون وادياً تحت الماء بأعماق مختلفة منها خندق (الولافراتق) وفي هذا الخندق يقع عمق الخليج الذي يصل الى " ٥٣٦٠ "
متراً ويبلغ طول سواحل الخليج (۱۲۷۸) ميلاً بحرياً، وخليج عدن ليس انبعاجاً عن الساحل لأنه منفتح من الجانبين وبالإمكان وصف خليج عدن بالبحر شبه المغلق حسب تعريف "اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار الأخيرة " المادة " ۱۲۲ " والتي نصت على مایلی:
لأغراض هذه الاتفاقية يعني "البحر المغلق أو شبه المغلق"خليجاً أو حوضاً أو بحراً تحيط به دولتان أو أكثر ويتصل ببحر آخر او بالمحيط بواسطة منفذ ضيق أو يتألف كلياً أو أساساً من البحار الأقليمية والمناطق الاقتصادية الخالصة لدولتينن ساحليتين أو أكثر.
وخليج عدن تطل عليه ثلاث دول هي اليمن، جيبوتي ، الصومال ولخليج عدن أهمية خاصة كونه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمضيق باب المندب من حيث مرور السفن والملاحة الدولية.. والتي تحرص الجمهورية اليمنية على التوفيق بين مصالحها السيادية ومصالح العالم بالنسبة لهذا الجانب. كما أنه يوجد بخليج عدن مجموعة من الجزر والتي لها أهميتها الاستراتيجية بالنسبة لليمن وأهم هذه الجزر جزيرة سقطرى، كما يوجد بخليج عدن الكثير من الاسماك مثل الديراك والتونة والجحش والبلاميطة والهامور ومن الحيوانات القشرية الجمبري والاستاكوزا والشروخ.
وخلاصة القول في هذه الجزئية من الدراسة البحثية التي يليها الكثير من المباحث لم نشير إليها – عن أهمية الجزر اليمنية واتفاقية البحر الإقليمي وحدوده والنظام القانوني للجزر وحق المرور البرىء والقواعد المطبقة على السفن التجارية وغير ذلك من الموضوعات والدراسات البحثية التي تثري القارئ .. حيث يختم الباحث  حبة لموطنه اليمن وتناوله لمثل هذه المواضيع وتذكيره لكل محبي اليمن بأن اليمن يسعى دائماً إلى خلق المناخ الودي الملائم لعلاقات حميمة مع جميع الدول المجاورة والمقابلة في البحر الأحمر وخليج عدن ولما فيه مصلحة شعوب المنطقة.
مستطرداً بالقول: أن البحر الأحمر وخليج عدن بما لهما من أهمية يمكن ربطهما بكثير من القضايا الأمنية والاستراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي وكما ظهر في الماضي فأنه بسبب هذه الخصائص الفريدة للبحر الأحمر وخليج عدن فأنهما سوف يبقيان مصدراً محتملاً لضمنيات ودلالات مهمة ولصراعات إقليمية ودولية ، كما سيظلان مصدراً محتملاً لصراعات ومواجهة في المنطقة.