يناير 13, 2024 - 19:15
هل يطال التهجير سكان الضفة الغربية؟ فيتسبب باشتعال حرب صهيونية أردنية ؟


عرب جورنال/ عبدالسلام التويتي -
إنَّ كافة سلوكيات ومماراسات سلطات العدو الصهيوني التي تلت إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي الذي وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون يعكس سوء نوايا سلطات العدو تجاه اتفاقية «أوسلو» التي نصت على إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 (قطاع غزة + الضفة الغربية + القدس الشرقية)، ففي مقابل التزام السلطة الفلسطينية بما أناطته بها التنسيقات الأمنية شرعت سلطات الكيان في التهام أراضي الضفة -وهي الجزء الأكبر من الدولة المتعسرة ولادتها إلى الآن - بالكثير من مشاريع الاستيطان.
وكل المؤشرات تؤكد أنَّ ما عمدت إليه دولة الكيان من فك الارتباط مع «قطاع غزة» عام 2005، كان يهدف إلى التفرغ لتنفيذ ما وضع ضد «الضفة» من تدابير التهامية تتناسب وسعة جغرافيتها وامتلاءها بالآثار والمقدسات الإسلامية، على اعتبار أنَّ اقتلاع سكان «القطاع» -من وجهة نظر متطرفي «صهيون»- أقرب منالًا إذا حانت ساعة الاقتلاع من مختلف البقاع.

كمون المطمع الصهيوني بالتراب الأردني 

إذا كان الغرب الإمبريالي الصليبي قد توافق على زراعة الكيان الصهيوني الدخيل في هذه المنطقة الهامة من جسد الأمة لأهداف يتصدرها هدف إضعاف الأمة العربية المسلمة، فإنَّ العصابة الصهيونية تتخذ منذُ تموضعها في هذه الأرض المباركة -في ضوء ما جاء في محكم التنزيل- منطلقًا لتحقيق الحلم التوراتي القائل -بحسب بعض التآويل- {حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل}. 
ولعل إدراك السلطات الصهيونية استحالة تنفيذ هذه الفكرة دفعة واحدة وراء وضع تكتيكاتها باقتصار المرحلة الأولى على استكمال التراب الفلسطيني بكل ما يقتضيه ذلك من ضرورة ترحيل الأكثرية السكانية الفلسطينية المتواجدة في الضفة الغربية -بالتزامن مع تهجير سكان «القطاع» إلى شمال «سيناء المصرية- إلى الأراضي الأردنية، على اعتبار أنَّ الأردن -وفق طرح الصهاينة المتطرفين- هي فلسطين، ويجب أن تستوعب الفلسطينيين، علمًا أنَّ الصهاينة يروجون لهذه الفكرة منذ سنين، من ذلك الترويج العابر للحدود (ظهور الوزير الصهيوني «سموتريتش» -خلال كلمة له في باريس- معتليًا منصةً موجود عليها ما تسمى "خارطة أرض إسرائيل" مشتملةً كلًّا من فلسطين والأردن، زاعمًا إنه "لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني".
وقوله -خلال كلمته أمام المشاركين في أمسية لإحياء ذكرى «كوبفر»-: "لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني"، مضيفا أنَّ "هذا {الشعب الفلسطيني} ليس إلا اختراعًا يعود عمره إلى أقل من 100 سنة") بحسب ما ورد في سياق الخبر الصحفي المعنون [وزير المالية الإسرائيلي: الأردن جزء من إسرائيل ولا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني] الذي نشرت «رابطة برلمانيون لأجل القدس»في الـ21 من مارس من العام المنصرم، وهو تصرف اضطر «عمَّان» إلى استدعاء سفير «دولة الكيان» للتعبير عن امتعاضها ممَّا اعتبرته انتهاكًا لسيادة أرضها.

تصعيد الكيان في الضفة الآن يقلق عمَّان 

إذا كانت سلطات الكيان الصهيوني تحرص -منذُ أن بدأت في التنكر لمقررات «أوسلو»- على المزاوجة -في «الضفة الغربية» و«القدس الشرقية»- بين التوسع في بؤر الاستيطان والتصعيد ضد السكان واستهدافهم بما لا يحتمل من صنوف وأساليب الإيذاء والترهيب والتنكيل والدفع بهم لتخطي النهر في خطوة تضطرهم اتخاذ «الأردن» وطنًا بديلًا أو جزءًا من الوطن البديل، فقد ارتفعت وتيرة ذلك التصعيد  أيَّما ارتفاع، بالتزامن مع الهجوم الصهيوصليبي الوحشي -قبل 100 يومٍ- على سكان «القطاع»، فلم تكن السلطات المحتلة -قبل هذه المرحلة- تقصف أيَّ هدف بطائرة مسيرة أو طائرة أباتشي أو طائرة مقاتلة، ولم يكن القتل والاعتقال برنامجًا يوميًّا تلتزم به أجهزة أمن الاحتلال دون إخلال، حتى لقد بلغ عدد الشهداء والمعتقلين في الضفة الغربية -منذ حدوث «طوفان الأقصى» إلى هذه الأثناء- أكثر من 350 شهيدًا وأكثر من 5790 معتقلًا.
ولست بحاجةٍ إلى التأكيد على ارتباط تفاقم التصعيد في الضفة -تزامنًا مع استمرار مداهمة «القطاع» وقصفه- بإصرار السلطات الصهيونية على تهجير سكان «قطاع غزة» إلى الأراضي المصرية وتهجير سكان «الضفة» إلى الأراضي الأردنية، ومن هذا المنطلق انتاب الأردن وما يزال ينتابها الكثير من القلق، وقد أشير إلى الموقف الأردني الانفعالي -في مستهل الخبر الصحفي المعنون ["لا في الأردن ولا في مصر".. العاهل الأردني يعتبر أن استقبال اللاجئين الفلسطينيين "خط أحمر"] الذي نشره موقع «الحرة» في الـ17 من أكتوبر- على النحو التالي: (حذر العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الثلاثاء، من محاولة "تهجير" الفلسطينيين إلى مصر أو الأردن، مضيفًا أنه "يجب التعامل مع الوضع الإنساني داخل حدود قطاع غزة والضفة الغربية".
وقال الملك في مؤتمر صحفي بعد لقائه مع المستشار الألماني «أولاف شولتس» في برلين: "هذا خط أحمر، لأنني أعتقد أن الخطة لدى بعض المشتبه بهم المعتادين، هي محاولة خلق أمر واقع على الأرض".
وتابع: "لا لاجئين في الأردن، ولا لاجئين في مصر".
وكان العاهل الأردني قد حذر قبل بضعة أيام من "أية محاولة لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم"، مؤكدًا ضرورة "عدم ترحيل الأزمة إلى دول الجوار").

استباق الإرهاصات الصهيونية بتحركات أردنية

بالرغم من أنَّ الأردن الشقيق حذر الكيان الصهيوني -على لسان عاهله وعلى لسان بعض وزرائه- من مجرد التفكير بتهجير سكان «الضفة الغربية» الفلسطينية -بالتزامن مع إمطاره «قطاع غزة» المحاصر بعشرات الأطنان من النيران بهدف إفراغه من السكان- إلى الأراضي الأردنية، مؤكدًا أنَّ أيَّة ضغوطٍ صهيونيةٍ على سكان «الضفة الغربية» تضطرهم إلى اجتياز حدود بلاده سيعدُّها إعلان حربٍ وسيواجهها الأردنيون بلا هوادة، بالرغم من كل تلك التحذيرات المتواترة فإنَّه لم يرَ في تلك الخطابات التحذيرية ذات النبرة النارية ما يكفي لردع النوايا الصهيونية التوسعية ولم يرَها كافية لتبديد مخاوفه، الأمر الذي حمله على القيام بتحركات عسكرية مكثفة على طول الشريط الحدودي بين بلاده وبين «الضفة»، وذلك ما ألمح إليه الكاتب الأردني «محمد العودات» في سياق مقاله التحليلي المعنون [قراءة في الموقف الأردني من الحرب على غزة] الذي نشره موقع «الجزيرة»  في الـ17 من ديسمبر الفائت بما يلي: (وقد ترافق مع هذه التصريحات السياسية ذات النبرة القاسية تحريكُ الجيش الأردني دبابات وناقلات جند وتعزيزات عسكرية، وتمركز الجيش في مناطق الحدود الغربية بين الأردن والضفة الغربية المحتلة، وذلك بعد أن قام وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير بتوزيع السلاح على المستوطنين في مستوطنات الضفة الغربية، وكانت تلك التحركات العسكرية من الجانب الأردني بمثابة إعلان الاستعداد للحرب، في حال حدثت محاولة صهيونية لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية باتجاه الأردن).
وإلى أن يزول شبح تهجير الكيان الصهيوني سكان الضفة الغربية إلى ما وراء «نهر الأردن» الباعث على المزيد من التوتر والانفعال، ستظل الحرب الأردنية الصهيونية -في كل الأحوال- وشيكة الاشتعال، لكنها تتطلب -بحسب الدبلوماسي الأردني السابق «موسى بريزات» - حتى تأتي بما ينبغي لها من مردود إيجابي، (بناءَ موقفٍ عربي قوي وتحضير القوات الدفاعية على مستوى تعبوي).