هوية نُشر

مدينة شفشاون .. سحر مغربي وعبق أندلسي

عرب جورنال / أروى حنيش -
مدينة شفشاون في شمال المغرب العربي، واحدة من المدن الجميلة بفسيفساء ألوانها الزاهية، تضفي على المكان سحرا بديعا بامتدادها على سفح جبلين، تضرب بهما حمرة داكنة، توازي زرقة سماقة المنازل المرتفعة التي تناغي الجوزاء في علوها، لهذا عرفت باللؤلؤة الزرقاء.

مدينة شفشاون .. سحر مغربي وعبق أندلسي

الهدوء يضفي على النفس البهجة والراحة والطمأنينة، فالحياة هنا تقليدية وبسيطة وبعيدة عن الضوضأ والصخب. أجواء المدينة تشعرك بالقرب منها، والاندماج في طقوسها، ومن العادات السنوية للسكان أنهم في كل عام يهتمون بإعادة طلاء البيوت باللون الأزرق. فالمدينة نظيفة وطرقها مرصوفة بالحجارة، وهي تشبه المتاهة، في التنقل بين أحيائها الداخلية، ومن الصعب أن تجد المسلك دون أن تسأل السكان الأصليين عن المكان الذي تريد الوصول إليه بين تشعبات وتفرعات الطرق، بالاضافة إلى العديد من الأسواق، التجوال في أسواق المدينة تمكن الزائر من معرفة، ومشاهدة أماكن ومحلات الصناعات اليدوية وأصحاب الحرف التقليدية، مثل نسج الأقداح، والسجاد والمفروشات، وصناعة الفخار والأدوات النحاسية الملونة، مما يجعل التسوق ممتعًا وسهلًا لوجود كل شيء معروض دون الحاجة إلى البحث كثيرًا.
لكن ما هو ملفت، ويدهش المرء أن طرق وجدران المنازل مزينة بالورود الملونة في أواني تشبك على جدران المنازل الزرقاء والطرقات، ويتم وضعها أمام عتبة المنازل، فتظهر للعين كحديقة مليئة بالزهور. بالاضافة إلى ذاك فإن منازل المدينة مصبوغة بالجير الأبيض والأزرق. ووسط المدينة العتيقة مبلطة بالأحجار الملساء.
هذه المدينة صنفت من المدن الجميلة، واحتلت المركز السادس ضمن أجمل مدن العالم.
وتقدمت على فرنسا في ذلك، حيث أعلنت عن ذلك بوابة "كوندي ناست ترافلر" بأمريكا، والتي تم اختيارها بناءً لعدة معايير وخصائص، كفنون العمارة، وعمرها وتاريخها الزمني، وما تحتويه من معالم وتراث فني وثقافي وأدبي، وصلاتها بالحضارات السابقة ودورها التاريخي، وموقعها الطبيعي، بالإضافة إلى أهمية موقعها الاستراتيجي.

الموقع
تقع مدينة شفشاون شمال غرب المغرب،
ويطلق عليها سكان المنطقة الشمالية تسمية "الشاون".
ترتفع المدينة حوالى 600 متر فوق مستوى سطح البحر ، عند سفح جبل "القلعة" في الجزء الغربي من جبال الريف (شمال غرب المغرب). وهي من بين أكبر أقاليم المغرب بمساحة تقدر بنحو 3443 كم2،

تاريخ المدينة
تأسست مدينة شفشاون في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي عام 876 هـ / 1471 م على يد "علي بن راشد العلمي" أحد أحفاد "عبد السلام بن مشيش" المعروف بـ "أمير الجهاد "ضد الصليبيين (البرتغاليين والأسبان). تأسست المدينة لغرض عسكري لوقف الاستعمار البرتغالي بعد احتلاله لعدد من المدن الساحلية الشمالية. ولهذه الغاية، بنى علي بن راشد قلعة "القصبة" الصغيرة، بمساعدة قبائل "غمارة" لتكون بمثابة قلعة "للمجاهدين" ضد الغزاة والمحتلين الأجانب.

نواة المدينة
بناء قلعة "القصبة" تعتبر نواة مدينة شفشاون، لاستضافة اللاجئين المسلمين من الأندلس بعد طردهم من قبل الصليبيين الأسبان، فضلا عن دورها التاريخي كحارس أمين في الدفاع عن المدينة التي بنيت من حولها.

معالم المدينة
توجد بالمدينة الكثير من المعالم السياحية من أهمها:

القصبة
هي قلعة تاريخية تقع في الغرب من مدينة شفشاون، وهي محاطة بسور يتوسط هذا السور عشر أبراج. تم بنائه على أشكال المعمار الأندلسي، وساحة القلعة من الداخل بها حديقة واسعة. بالإضافة إلى حوضين لخزن المياه، وصممت القصبة مثل منازل المغرب، لكنها مبنى قائم بحد ذاته، ويوجد بها نافورة ماء في الطابق السفلي.

ساحة وطاء الحمام

هي من أكبر ساحات المدينة، حيث تصل مساحتها إلى 3000 م، تعتبر متنفسا جميلا للسياح. فهناك يوجد سوق شعبي يأتي إليه أهل القرى والمدن من كل أسبوع، فضلا عن وجود المقاهي والمحلات التجارية.

المسجد الأعظم
مساحة هذا المسجد واسعة وتتسع لأكبر عدد من المصلين، ويوجد به ثريا من الخشب مزخرفة في وسط المحراب.

التسوق في المدينة
تشتهر بها مدينة شفشاون المغربية بأسواقها التقليدية الجميلة، وهي من مناطق الجذب السياحي، فهناك المشغولات اليدوية، مثل الملابس المغربية، الرجالية والنسائية والقبعات، والصناعات اليدوية، والتحف والهدايا، والعطور، والأحذية. وهذه الأسواق كثيرة ومتعددة تنتشر في أحياء المدينة القديمة.

شلالات أقشور
توجد العديد من الشلالات خلف المدينة، وهي أماكن جميلة، ومن أهمها شلالات أقشور الرائعة، لاستجمام السياح والزوار.

جبال الريف المغربية

تعتبر جبال الريف المغربية من أهم المقومات السياحية في المغرب، وهي أماكن تستهوي عشاق الطبيعة، وهواة التسلق على المرتفعات، يمكن الصعود إليها ومشاهدة مجموعة من المناظر البانورامية الرائعة، وبالرغم من كون هذه الجبال ذات شهرة أقل من جبال الأطلس، إلا أنها تتمتع بنفس الجمال.

متحف القصبة
في وسط المدينة تقع الحدائق الأندلسية الجذابة، وهي عبارة عن واحة ذات لون أخضر هادئ، يختلط هذا اللون باللون الأزرق الذي يميز المدينة بشكل كبير.
وداخل هذه الحدائق يوجد المتحف الإثنوغرافي وهو يُعرف باسم متحف القصب .

المسجد الكبير

للمساجد بشكل عام أهمية روحية كبيرة في نفوس المجتمع، فهي دور العبادة، وأماكن لتهذيب النفس بالقيم الدينية الحميدة، ويتمتع المسجد الكبير في مدينة شفشاون بشهرة شعبية كبيرة، نظرا لعمارته الفريدة، وجمال مئذنته الفريدة من نوعها، وأصوات الأذان، وما يتركه من أثر على المحيط السكاني من حوله. ويمثل مبنى المسجد الكبير الهندسة المعمارية الرائعة التي تعود إلى القرن الخامس عشر.

رأس الماء
منطقة رأس الماء، تعتبر هذه المنطقة هي المنبع التي تتدفق منها المياه العذبة التي تصل إلى ارجاء المدينة بالكامل.
وتعتبر هذه المنطقة من أكبر مناطق التجمعات الشعبية للسكان المحليين، نظرا لوجود الشلالات المتساقطة من مرتفعات الجبال، وإلى هذه المنطقة يأتي الكثيرون من الناس هربًا من قيض حرارة الصيف، بالاضافة إلى مشاهدة المناظر الخلابة، الاستمتاع ببرودة المياه وغسل الملابس، وقضاء الاوقات مع العائلة والأصدقاء.

حي الأندلس
بني هذا الحي على أساس إيواء الفوج الثاني من المهاجرين الأندلسيين الذين قدموا إلى مدينة شفشاون سنة 897 هـ/1492م.

حي العنصر
يعتبر باب العنصر الحد الشمالي الغربي لسور المدينة الذي عرف عدة إصلاحات في بنائه، سيرا مع التوسع العمراني للمدينة. وهكذا فالمهاجرون القادمون من الأندلس لم يحافظوا على المعايير الأصيلة في بنائهم لهذا الحي، سيما في برج المراقبة الذي يختلف في بنائه عن حي السويقة. أضف إلى هذا أن برج المراقبة الحالي الذي يتوسطه سور الحي ليس سوى ترميم عصري للبرج القديم الذي بني على نمط مثيله الواقع بحي باب العين، والذي يذكرنا هو الآخر في عمارته بأبراج غرناطة.

 

تابعونا الآن على :


 

مواضيع ذات صلة :

حليب الهناء