الوان نُشر

الغجر .. عشرة قرون من الترحال ..

عرب جورنال / خالد الأشموري -
الأصل والحكاية :
إنهم الجماعة أو الطائفة التي نعرفها باسم الغجر ـ يعرفها البعض باسم الروما ووفقاً لتقرير "حالة اللاجئين في العالم " والذي أصدرته مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين ـ ثمانية ملايين ينتشرون في وسط وشرق أوربا .

الغجر .. عشرة قرون من الترحال ..

ليسوا لاجئين بمعنى الكلمة فقصتهم في الترحال تمتد لأكثر من عشرة قرون ,وقصتهم في الاستقرار تختلف من مكان إلى مكان يعترف بهم البعض فيمنحهم الجنسية , وينكرهم البعض فيحرمهم من الجنسية وحق المواطنة !
وطبقا لتقرير مفوضية اللاجئين فإنه في الفترة ما بين" 1445ـ 1856" تم الإبقاء على الغجر "الروما " في رومانيا التي كان يطلق عليها حينذاك
" ترانسيلفانيا " ..وكانوا محرومين من المواطنة التي اعتمدت على ملكية الأرض .. وكان الوصف القانوني لهم أنهم من الرقيق .وهكذا كان اللقاء الأول منذ خمسة قرون أو يزيد , لكن التاريخ أعاد نفسه.
لقد بدأو كبدو رحل ,ومازالوا يحملون بعض سمات هذا الوضع حتى أن 40% من المهاجرين من رومانيا لألمانيا مطالع التسعينيات كانوا من بين الغجر ,وكانت صعوبة إعادتهم إلى رومانيا أنهم بلا وثائق سفر أو جوازات ..جنسياتهم غير واضحة ,واتفاق ألمانيا ورومانيا عام 1992م على إعادة رعايا كل من البلدين إلى موطنه لن يحل مشكلة الغجر !
في القرن العشرين حين حاول النظام النازي إبادة الغجر قالوا إنهم منحرفون اجتماعيا ..ومن ثم " ينبغي تعقيمهم قسرياً"! ومن المحظور أن يتزوجوا من المواطنين الألمان !
وفي وقت لاحق كانت ألمانيا تسجنهم في معسكرات الاعتقال بزعم إنهم ينشرون الجريمة ..ولم يكن رفضهم داخل المجتمع الألماني على أساس اجتماعي فقط , بل كان على أساس عرقي أيضا, وهو ما ادى لإعدام عدد منهم , من المعتقد أنه نصف مليون شخص !
وتمضي رحلة التاريخ
حاولت النظم الشيوعية في وسط أوروبا وشرقها ان تستوعب سكانها من الغجر "الروما " بدلا من أن تستبعدهم أو تقضي عليهم ..مثلت بلدان مثل بلغاريا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا ورومانيا إدماج الغجر في المجتمع عن طريق الاستيطان الجبري وبرامج العمالة ..وتحسنت أحوالهم نسيبا , ولكن وفي وقت لاحق إبان السبعينيات والثمانينيات اتخذت حكومة بلغاريا خطوات من أجل إلغاء الهوية الخاصة والثقافة الخاصة بالغجر ..فطلبت منهم تغيير أسمائهم ومنعتهم من التكلم بلغتهم ..كانت تلك ضربة جديدة ,وإن تمتع "الروما" في البلدان الشيوعية بمركز المواطنة الكاملة والحقوق المدنية كسائر الأقليات .
ضربات متوالية !
اشتهروا بالترحال ..وبالحياة البدوية وكان ترحالهم بحثا عن الرزق ,أو بحثا عن الأمن ..أستقر بهم الحال في وسط أوربا وشرقها ..لكنهم كانوا يتحركون غربا في مناسبات عديدة كانت أولاها عندما حط بهم الرحال في أوربا , وكانت المرة الثانية في القرن التاسع عشر بعد إلغاء اعتبارهم رقيقا ..أما المرة الثالثة فكانت في الآونة الأخيرة بعد انهيار الشيوعية ,فقد بحثت الدول الجديدة عن شعوبها من جديد ..وبحث "الروما " عن هويتهم وعن دولة تقبلهم !
حاول البعض إدماجهم في المجتمعات الأوربية فكانت هناك عقبة الانعزال وحرص الغجر على أن يحموا هويتهم الاجتماعية والثقافية ..وحاول البعض إقصاءهم على اعتبار أنهم من الغرباء فلم تنجح المحاولة في كثير من الأحيان, لانهم مغروسون داخل الأرض.
وإن اكتفوا منها بالترحال.. قصتهم تبدأ فيما بين القرنين السابع والعاشر الميلاديين, حيث يقال بأن أصولهم هندية رغم أن ملامحهم الآن تبتعد كثيرا عن الملامح الهندية.
غادروا الهند في ذلك الزمن البعيد واتجهوا غربا عبر بلاد فارس, لكنهم لم يصلوا إلى البلقان إلا في وقت متأخر ما بين القرنين الثالث عشر والخامس عشر في ما
يسجل التاريخ أن زحف الغجر كان يتم دائما من الشرق إلى الغرب ..من الهند إلى بلاد فارس ,ومن بلاد فارس إلى البلقان, ومن دول أوربا الشرقية والوسطى ـ بعد انهيار الدول الشيوعية ـ إلى أوربا الغربية .
ولم ينجح الزحف إلى دول غرب أوربا التي تقاوم أي مهاجرين جدد , ولم بتم الاستقرار في بلدان الشرق .. ولكن بات التركز شرقا , فبين ثمانية الملايين غجري في أوربا يوجد عدد يتراوح بين " 1,8"مليون و"2,5" مليون في رومانيا .. ويوجد عدد يزيد قليلا على نصف المليون في هنغاريا ,وعدد يقترب من ذلك في كل من يوغوسلافيا وسلوفاكيا .. كما يوجد عدد يتراوح بين " 700ـ800"ألف في بلغاريا وأقل من ذلك في كل من تركيا والجمهورية التشيكية وروسيا إنهم ينتشرون في " 18- 20" بلد أوربيا .. والبعض منهم خارج أوربا .
وفي الداخل الأوربي يقولون أنهم أكبر الأقليات وأسوأها حالاً.. قرون مضت ولم يستقر بهم الحال لهم مجتمعاتهم الخاصة، غير القابلة للاندماج أو الذوبان لها جذور آسيوية ، ومواطن أوربية ، ومهن هامشية.. والبعض منهم جاء إلى البلاد العربية ولم تتغير احواله " غجري بالموالد، والمواطن" حسب المصدر.
إذاً التاريخ أمتد بهم لكن أبرز محطاته " أضطهاد ورق وحرب وبخاصة من الدول الأوربية.

 

تابعونا الآن على :


 

مواضيع ذات صلة :