أدوار محددة:
يتراوح عدد أفراد المستعمرة أو الخلية بين عشرة الآلاف وستين ألفا مؤلفة من " ملكة النحل أو اليعسوب والنحلات المؤنثة العاملة, وذكور النحل واليرقات وإن لكل فئة من هذه الفئات وظائف خاصة بها يجب آلا تتعداها.
فملكة النحل هي الأنثى الوحيدة المخصبة في الخلاية أو المستعمرة، فهي التي تضع البويضات بعد تلقيحها من قبل الذكر, ويبلغ عدد بويضاتها 2500بويضة في اليوم , وتستمر في تأدية هذه الوظيفة طيلة عمرها الذي يمتد إلى بضع سنين , وباعتبارها مسئولة عن "تحديد النسل " فإنها تفرز من غددها اللعابية مادة كيميائية من شأنها شل التطور الجنسي لدى النحلات العاملات لكي تحول دون ظهور ملكات آخرى من بين صفوف العاملات تنافسها في الهيمنة على الخلية .
أما ذكور النحل التي يتراوح عددها في الخلية الواحدة بين 100و200فإن مهمتها هي تلقيح الملكة فقط حتى تضع بويضات مخصبة, لكي يفقس عنها بالتالي إناث النحل العاملات ,لأن البويضات غير الملقحة لا يفقس عنها سوى الذكور التي تموت بمجرد أن تلقح الملكة .
إن دور أنثى النحل هو من أهم أدوار مجموعة النحل في الخلية , لأن برنامج عملها يبدأ منذ أن تتحول من يرقة إلى نحلة بالغة عاملة.. ففي الأيام الثلاثة الأولى من حياتها تهتم بتنظيف الخلية، وفي اليوم الرابع تبدأ بإطعام اليرقات من العسل المخزون وغبار الطلع , ومتى حل اليوم السادس فإنها تقوم بتحضير العسل المجمد المخصص لتغذية اليرقات الحديثة الولادة, ثم تنتقل بعدها إلى إعداد قوالب الشمع وحراسة مدخل الخلية لتمنع دخول الغرباء عن الخلية.. وان أطول مدة تقضيها والتي تستمر في أدائها حتى موتها, هي جني العسل من الأزهار بمعدل يتراوح 1000و1500 زهرة يومياً طيلة ستة أسابيع .
حركات سرية :
ويقول العلماء المتخصصون في دراسة النحل:إن النحلة العاملة هي في الأصل آنثى تتمتع بجميع خواصها الجنسية, لأنها فقست عن بويضة ملقحة مماثلة تماما للبويضة التي فقست عنها ملكة النحل, ولكنها تصبح عقيما لعدة أسباب :أولها أن غذاءها وهي يرقة لا يحتوى على الفيتامينات والهرمونات التي تطور الأعضاء التناسلية لدى ملكة النحل والذي تجهزه النحلات العاملة خصيصا لتغذيتها , وثاني الأسباب هو أن الملكة تفرز من غددها اللعابية مادة كيميائية من شأنها شل الجهاز التناسلي لدى النحلة العاملة لتضمن عدم ظهور ملكة أخرى تنافسها في الخلية من بين صفوف النحلات العاملات, وثالث الأسباب هو أن النحلة العاملة تكرس كل وقتها لتأدية وظائفها المتعددة فتعيش وتموت عقيما.
هذا ما يحدث في الأصل في عالم النحل, غير أن عددا من الباحثين الأستراليين لاحظ أن بعض النحلات العاملات قد تشذ أحيانا عن سلوكها المعتاد فتنجو من عملية التعقيم التي تمارسها الملكة على العاملات فتضع بويضاتها وتخفيها عن أعين الرقباء المكلفة فرض النظام في الخلية, وذلك عندما وجد هؤلاء الباحثون عدداً مرتفعا للذكور النحل في إحدى الخلايا وأن عدداً من اليرقات التي فقست عنها بويضات الملكة كان موجوداً في خارج حجرتها فلما حللوا الحمض الأميني لهذه اليرقات تبين لهم أنها ليست من إنتاج الملكة وأنها فقست عن بويضة غير ملقحة, فتساءلوا عن السبب الذي جعل النحلات تقوم بالاحتفاظ بالبويضات الملقحة وإتلاف غير الملقحة واستنتجوا من ذلك أن عدداً من النحلات العاملات لابد قد عمد إلى وضع البويضات, ولكي ينجيها من خطر إتلافها من قبل الرقيب فقد أحاطها بمادة كيميائية مماثلة للمادة التي تفرزها الملكة وهذا يدل على إمكان ظهور عوامل التمرد لدى عدد من إناث النحل العاملات .
عواقب:
إن مثل هذا التمرد ,إذا صحت استنتاجات الباحثين الاستراليين, يشكل خطراً قد يهدد بانقراض النوع ,لأن البويضات التي تضعها النحلات المتمردات لا يمكن أن ينتج بيضها إلا الذكور، لأنها غير ملقحة وأن الخطر في ذلك يكمن في أن هذه الذكور سوف تنقل، عن طريق تلقيحها للملكة , مورث التمرد إلى نسلها من النحلات العاملات فينتشر التمرد والشذوذ في عالم النحل مما قد يهدد بانقراض النوع .
• النت – هشام كيالي.