عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي -
صفقة الغاز الموقعة بين ليبيا وإيطاليا جزء من النهب الممنهج لثرواتها وتخضع لاملاءات "القوي على الضعيف"
التعديل ال_ 13 للإعلان الدستوري قاصر وبائس ولن يحقق شيئاً على أرض الواقع
مجلسي النواب والدولة فاقدين للشرعية ومعرقلين لأي تقدم حقيقي نحو حل الأزمة في ليبيا
تسليم أبو عجيلة لأمريكا سقطة أخلاقية وقانونية وتمس جوهر القضاء والسيادة الليبية
الشعب الليبي غارق بأزمات داخلية ويواجه قوى خارجية شرسة بوكلائها المحليين ومافيات البشر والسلاح
القوات الأجنبية مسؤولة عن تفكيك وتدمير الجيش الليبي وتوفر غطاءً للقوى والمليشيات المحلية
الإتحاد الأوروبي مدان بانتهاكات وجرائم في ليبيا.. ونفاق أوروبي في التعامل مع الأزمات الليبية
_ يلاحظ تصاعد في الصراع الأمريكي الأوروبي على الغاز الليبي خلال الآونة الأخيرة.. برأيكم إلى أين يمكن أن يفضي هذا الصراع؟ وما مصير الثروات الليبية المنهوبة بشكل عام ؟
هشاشة الدولة الليبية جعلتها فريسة ومطمع لكل القوى الدولية لكي تنهب من ثرواتها ما تشاء، ولا يمنعها من استنزاف كل شي فيها، هو تعاند تلك القوى الدولية وصراعاتها للاستحواذ على هذه الثروات.
ستبقى الثروات الليبية من نفط وغاز ومعادن ثمينة نهباً لكل الغزاة الطامعين مالم يتدارك الليبيون الخطر الحقيقي الذي يتهددنا كيانا ووجوداً.
_ مؤخراً وقع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، مرسوماً لترسيم الحدود البحرية مع ليبيا من جانب واحد.. أي دوافع لهذه الخطوة؟ وما علاقتها بالصراع على غاز المتوسط؟
مصر تدرك تماما الحالة البائسة التي تعيشها الدولة الليبية، وتعي جيداً حجم المطامع الدولية في الثروات والإمكانيات الليبية، وحتى لا تقع هي الأخرى فريسة في دائرة الإستيلاء على ما يخصها من ثروات بحرية قامت بهذه المبادرة، في إشارة واضحة وحازمة وإن كانت من طرف واحد بعدم الإقتراب من الثروات المصرية.
وكان على الخارجية الليبية ومعها الجهاز الحكومي الليبي أن يفتحوا قنوات للتواصل مع الجانب المصري لترسيم الحدود البحرية المشتركة بالتوافق ووفقا للقوانين الدولية.
_ يرى الكثير من الليبين أن صفقة الغاز التي وقعتها إيطاليا مع ليبيا، بقيمة 8 مليار دولار لمدة 25 عاماً؛ ليست في مصلحة ليبيا.. ما رأيكم بذلك؟ ولماذا وافقت المؤسسات الـ5 الليبية الشريكة في العملية السياسيّة على الاتفاقية ؟
هذه الصفقة أفاض الخبراء في شرح عيوبها ومضارها على الإقتصاد الليبي، وأعتقد أنها تخضع لآملاءات القوي على الضعيف، وهي جزء ممنهج لنهب الثروات الليبية من نفط وغاز بحجة الشراكة والاستثمار والتعاون.
وفي تصوري أن مثل هذه الاتفاقيات والشراكات الإستراتيجية يجب تأجيلها إلى حين تعافي الدولة الليبية، وبناء مؤسساتها القوية القادرة على إملاء شروطها والمحافظة على مصالحها وحماية ثرواتها.
_ حادثة اليورانيوم الذي وجد في ليبيا قبل أن يتم الإعلان عن سرقته مؤخراً وإعادته مرة أخرى في ظروف غامضة.. ماذا في تفاصيلها؟ ولماذا عاد الحديث عن المشروع النووي للرئيس الراحل معمر القذافي، إلى سطح المشهد في هذا التوقيت بالذات ؟
بغض النظر عن هذه الحادثة وما لفها من غموض وتشويش وتضارب وتفسيرات، إلا أن الحقيقة الثابتة التي تتأكد كل يوم أن ليبيا لم يعد لها حرمة ولا قوة ولا احترام ولا هيبة، وليس هناك من يحسب لها أي حساب في الموازين الدولية.
_ ما فحوى التعديل الدستوري 13 الذي جرى مؤخراً..؟ وأي انعاكسات متوقعة على الأرض؟ وكيف يمكن فهم التوافق بين مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة على إجراء هذا التعديل في ظل الخلافات القائمة؟
التعديل ال_ 13 للإعلان الدستوري المرشح للمزيد من التعديلات، تعديل قاصر وبائس، مثله مثل الإعلان نفسه والتعديلات اللاحقة له.
هذا التعديل لن ينتج شيئاً على أرض الواقع، إلا إطالة أمد الأزمة الليبية سياسياً ودستورياً.. والتوافقات الخجولة بين مجلسي النواب والدولة فقط لرفع الحرج عنهما محليا ودوليا، وإبعاد شبهة أو حقيقة كونهما مجلسين فاقدين للشرعية ومعرقلين لأي تقدم حقيقي نحو حل الأزمة في ليبيا.
وكما يتفق كثير من الليبيين على أن الإشكالية التي تكمن في ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للانتخابات
الرئاسية، لازالت هي العائق الرئيسي أمام أي توافق وطني حول الدستور وكذلك القاعدة الدستورية المؤقتة والبديلة عن الدستور الدائم.
وإن إحالة هذه الإشكالية إلى لجان قانونية مشتركة وإلى القوانين الانتخابية، وعدم البث فيها في القاعدة الدستورية، هو في الواقع ترحيل للمشكلة التي تشكل العائق الحقيقي نحو الإستقرار، فضلاً عن اتفاق المجلسين ومن يدعمهم على إقصاء أحد المرشحين الذين يتمتعون بحظ وافر في الفوز، وهو سيف الاسلام القذافي، يجعلنا نعتقد بأن النوايا السليمة والصادقة لإخراج ليبيا من أزمتها غير واردة على الإطلاق.
_ تسليم حكومة الدبيبة، أبوعجيلة، للولايات المتحدة أليس مخالفا للقانون الليبي خصوصاً أن هذه القضية كانت قد أقفلت رسمياً .. ما تعليقكم؟ ولماذا تم إثارة القضية من جديد في هذا التوقيت بالذات؟
بلا شك أن هذه القضية (قضية لوكربي)حسمت واقفل ملفها نهائيا منذ العام 2008، بما تم التوقيع عليه من الدولتين الليبية والأمريكية، وصارت الدولة الليبية في حل من إلتزام تجاهها، وإن قيام حكومة الوحدة الوطنية بتسليم المواطن الليبي أبو عجيلة المريمي للسلطات الأمريكية، هي سقطة أخلاقية وقانونية وتمس جوهر السيادة الليبية والقضاء الليبي، وهي محاولة من رئيس حكومة الوحدة الوطنية أن يتقرب بها للحكومة الأمريكية حتى تدعم بقاءه في السلطة لأطول فترة ممكنة.
_ زيارة مدير الـ“CIA” الأمريكية، برنز إلى ليبيا.. ما دوافعها؟ وما أسباب تصاعد التحركات الأمريكية في البلد خلال الآونة الأخيرة؟
الصراع الأمريكي الروسي في أوكرانيا فتح أبواب جهنم على الغرب فذهب الأمريكان يتلمسون وسائط وأدوات يقطعون بها الطريق على الروس، لاحكام طوق الحصار والخناق والتضييق عليها في مختلف الساحات التي قد تشكل متنفسا للروس بما فيها ليبيا... هذا ما يفسر الجولات المكوكية المحمومة للقيادات الأمريكية السياسية والأمنية والعسكرية لليبيا والمنطقة وأفريقيا.
_ كثير من المراقبين والمحللين يؤكدون أن كل الأطراف والحكومات القائمة في ليبيا تعمل وفق أجندات خارجية ولا تخدم شعبها .. ما تعليقكم؟ وكيف تم تغييب صوت الشعب الليبي وسط زحام الصراعات الضيقة بين المكونات والجماعات المسلحة؟
الشعب الليبي تم ارباكه بأزمات داخلية كثيرة عصفت به وباستقراره الأمني والإقتصادي والإجتماعي، ومازال الليبيون يحاولون تضميد جراحاتهم قدر المتاح والإمكان، وهم يعلمون أنهم يواجهون قوة شرسة بعضها ظاهر وبعضها مستتر، فضلاً عن وكلاء محليين باعوا ضمائرهم ووطنهم للقوى الأجنبية ومافيات البشر والهجرة غير الشرعية ومافيات السلاح وناهبي الثروات الوطنية..
لكن الصوت الليبي الحر وقواه الوطنية مازالت حاضرة بقوة في المشهد الليبي ومازالت تعمل بجهد للحيلولة دون وقوع ليبيا أو تورطها أكثر في المصائد المدبرة لها.
_ استمرار التواجد الأجنبي في ليبيا كيف يؤثر على سير العملية السياسية وكذلك تدهور الأوضاع الأمنية في البلاد؟ ومن المسؤول عن تفكيك الجيش الليبي والمؤسسات الأمنية والعسكرية خلال العقد الماضي؟ وما تعليقكم على التقرير الصادر عن الأمم المتحدة، والذي يتهم فيه الاتحاد الأوروبي بانتهاك حقوق المهاجرين في ليبيا؟ وكيف يعكس الدور الإجرامي للغرب تجاه هذا البلد العربي؟
للأمانة فإن التواجد العسكري الأجنبي سواء كان في شكل قوات نظامية أو مرتزقة لا يؤثر مباشرة على العملية السياسية ولكنه يوفر غطاءً ويمنح قوة وميزة نسبية للقوى السياسية المحلية، وهنا تكمن خطورتها، والقوة المسلحة المحلية الليبية من ميليشيات وقوات نظامية إذا لم يتم تحييدها وإبعادها عن التدخل السلبي في العملية السياسية من انتخابات وغيرها، هي الخطر الحقيقي على وحدة ليبيا واستقرارها السياسي.
أما المسئول عن تفكيك وتدمير المؤسسة العسكرية والأمنية الليبية فهي القوات الأجنبية التي تدخلت بتفويض من الأمم المتحدة عام 2011، ولم تسمح بعد ذلك بإعادة بناء القوات المسلحة على النحو الذي يضمن وحدة ليبيا واستقرارها.
وبخصوص التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة بخصوص مسئولية الإتحاد الأوروبي عن انتهاكات وجرائم تتعلق بحقوق المهاجرين من ليبيا إليها، فإن ذلك لم يعد خافياً على أحد وكثير من أصوات النواب في البرلمان الأوروبي صارت ترتفع مُدينة ومنددة بالنفاق الأوروبي في التعامل مع الأزمات المختلفة التي تعاني منها ليبيا، بما فيها قضية المهاجرين غير الشرعيين وحقوقهم.
_ بصفتكم رئيس حزب التجمع الوطني الليبي- فرع العاصمة طرابلس.. لماذا غابت الأحزاب السياسية الليبية عن مشهد الدفاع عن البلد ؟ وكيف هو واقع الحياة السياسية اليوم في البلاد؟ وماذا عن الإنتخابات وأسباب تأجيلها إلى اليوم؟ ومتى يمكن الحديث عن انفراجه حقيقة للأزمة الليبية؟
الأحزاب السياسية في ليبيا حديثة النشأة ومازالت تواجه كثيراً من الصعوبات وهناك تضييق عليها، ومازالت ثقافة الشارع الليبي تتحسس من دور الأحزاب، ونحن ندرك ذلك تماما ونعمل بجد على الإقتراب من نبض الشارع وهمومه ومشكلاته ونحاول تقديم المعالجات الحقيقية التي قد تساعد في الخروج من أزماتنا الراهنة.
نعلم أن الشعب الليبي يحتاج إلى قيادة واعية ومنظمة ومخلصة، والأحزاب والقوى الوطنية مؤهلة للقيام بهذا الدور.
تنظيم الانتخابات الحقيقية التي ستسفر عن واقع جديد ينقذ ليبيا من حالات الفوضى والتشرذم والضعف سيتم عندما تختفي الأسباب التي تعرقل تنفيذها، وأهم تلك الأسباب تتمثل في القوى المحلية والدولية المستفيدة من حالة التفكك والهوان التي تعيشها ليبيا اليوم.
هناك أمل كبير، ونحن نتقدم بثقة وتفاؤل وثبات وأقدام راسخة، ونؤمن بقدرات شعبنا على الصمود وتحقيق الإنجاز وإعادة توجيه البوصلة نحو المسار الصحيح.