مستجدات نُشر

هل تسهم التطورات الدولية والإقليمية في إنجاح الاتفاق بين السعودية وإيران؟

 

عبدالرزاق علي ـ عرب جورنال
يتفق المحللون على أن رعاية الصين لاتفاق بين المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران الإسلامية، يأتي كنتيجة طبيعية لانحسار النفوذ السياسي والاقتصادي للولايات المتحدة الأمريكية، والغرب عموما، خصوصا في الشرق الأوسط.
وعلى رغم أن هذا الأمر كان ملاحظا خلال السنوات الماضية، إلا أن التحول الأكبر والسريع حدث بعد الجولة الثانية من المواجهة الروسية مع حلف الناتو في وسط شرق أوروبا، والتي ولجت عامها الثاني دون أن يتمكن خصوم موسكو من تحقيق أي من أهدافهم.
ومن المفارقات، أن الخطوة الصينية الهامة، جاءت أيضا بالتزامن مع الإعلان في واشنطن عن إفلاس بنك (سيليكون فالي) الذي يعد في المرتبة 16 من حيث الأهمية بين البنوك الأمريكية، الأمر الذي ولد ذعرا من كارثة وشيكة تضرب ليس الاقتصاد الأمريكي وحده بل الغرب كافة.
ونتيجة لهذا الانحسار في النفوذ السياسي والاقتصادي للغرب، سارعت كثير من بلدان العالم إلى تعزيز علاقاتها، وعلى أكثر من مستوى، مع الصين وروسيا ومع قوى أخرى، وكانت المملكة العربية السعودية من بين الدول التي بدأت بمد جسور العلاقة مع موسكو والصين، وقد تجلى ذلك في الاتفاق الأخير مع إيران.
وبالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فقد مثل اتفاق أهم حليف لها في الشرق الأوسط مع إيران برعاية صينية، صفعة غير مسبوقة، سيما في ظل عدم استقرار علاقتها مع الأطراف الثلاثة للاتفاق. خلال السنوات الماضية، شهدت العلاقات بين الرياض وواشنطن الكثير من الاضطراب، لأسباب كثيرة ليس هذا مجال الحديث عنها.
وحول ما تفصح عنه خطوة كهذه، تقول توفيا غيرنغ، الباحثة في المجلس الأطلسي والتي كتبت كثيرا عن الدور الإقليمي المتنامي لبكين: "كان الأمر أن الولايات المتحدة كانت القوة التي لا غنى عنها.. الآن الصين قوة لا غنى عنها في الشرق الأوسط – هذه حقيقة".
من جهته، يقول وانغ كبير المبعوثين الدوليين للرئيس الصيني ، إن "الوساطة الصينية بين السعودية وإيران تشكل نموذجا لحل النزاعات والخلافات بين الدول من خلال الحوار والتشاور".

ـ إمكانية نجاح الاتفاق:
وبرغم ذلك، يطرح الكثير من المتابعين تساؤلات عن مدى إمكانية نجاح الاتفاق الذي رعته الصين بين السعودية وإيران.
التساؤلات التي حمل بعضها طابع التشكيك في صمود الاتفاق السعودي الإيراني، استندت إلى حقائق تاريخية، أبرزها فشل أكثر من اتفاق على عودة العلاقة بين البلدين.
ومع أن هذا صحيح، إلا أن المختلف هذه المرة هو أن الاتفاق جاء في ظل معطيات دولية وإقليمية مختلفة تماما. وهنا يمكن القول إن هذه المعطيات التي ساعدن على إبرام اتفاق تاريخي بين السعودية وإيران، ستساعد أيضا على استمراره وصموده.
ومع أن الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تستطع إخفاء عدم حماسها للاتفاق، قد تضع في طريقه الكثير من العراقيل، إضافة إلى الكيان الصهيوني الذي ربما يرى أن هذه الخطوة حالت دون تشكيله حلفا حربيا ضد إيران، إلا أن جديدة الرياض وطهران، كما تؤكد ذلك تصريحات مسئولي البلدين، ستصب في صالح تماسكه، إضافة حرص الصين على ذلك أيضا.
كما أن وجود الصين كراعي للمصالحة بين البلدين يأتي في ظل صعودها كقوة اقتصادية كبرى، وفي ظل تمرد روسيا على الغرب، وأيضا خفوت نجم أمريكا كقطب أوحد، وكل هذه مؤشرات على صمود الاتفاق. بمعنى أن دور الصين ومكانته في منطقة الشرق الأوسط من العوامل المهمة التي ترجح نجاح واستمرار الاتفاق بين البلدين.
إلى جانب رغبة البلدين ودور الصين ومكانتها، لا بد من الإشارة هنا إلى أن بكين تستورد جل حاجتها النفطية من منطقة الخليج، وقد وقعت مع إيران والسعودية على اتفاقات استراتيجية بمبالغ كبيرة لسنوات طويلة، ما يجعلها وسياطا ناجحا يمتلك أيضا أدوات ضغط على البلدين. على سبيل المثال، تعهّدت بكين باستثمار 400 مليار دولار في إيران على مدى 25 عاماً، سيذهب 280 مليار دولار منها نحو تطوير قطاع النفط والغاز. كما تعد الصين الشريك التجاري الأكبر لإيران. إلى جانب ذلك، تستور الصين من السعودية أكثر من 1,7 مليون برميل نفط إلى الصين يومياً.
ومن المهم الإشارة في الأخير إلى أن السعودية قد تكون حريصة على الخروج من مأزق اليمن بعد ثمان سنوات من الحرب التي استعصت على الحلول في ظل الاستثمار الغربي لها.

هل تسهم التطورات الدولية والإقليمية في إنجاح الاتفاق بين السعودية وإيران؟

تابعونا الآن على :


 

مواضيع ذات صلة :

حليب الهناء