محاور نُشر

إفلاس البنوك الأمريكية مؤشر الإنهيار نحو الهاوية

عرب جورنال / أروى حنيش -

بدأ النظام الرأسمالي تهتز أركانه، وبدأت اشتداد الأزمة تدق مفاصل المؤسسات المالية التي تشكل عمود الاقتصاد الأمريكي، حيث تشكل البنوك الأمريكية المصرفية الكتلة المالية الضخمة، وما يحدث أشبه بهزات زلزال مخيف للاقتصاد الامريكي والاقتصاد العالمي بشكل عام وللشركات ورؤوس الأموال المودعين والمتعاملين لدى هذه البنوك بمليارات الدولارات. ففي واحد من أكبر البنوك التجارية الأمريكية، بنك سيليكون فالي الذي يحتل المرتبة السادسة عشر بين البنوك الأمريكية  يعلن إفلاسه. هذا مؤشر خطير لحجم التضخم الذي وصلت إليه أمريكا، نتيجة الانهيارات المتتالية في النظام المصرفي المهدّد بانهيارات لا يستطيع أحد التنبؤ بها، وإلى أين تنتهي...!

إفلاس البنوك الأمريكية مؤشر الإنهيار نحو الهاوية

 بات الأمر واضحا عن حجم التضخم الذي وصل إلى مستويات قياسية كبيرة تؤول مؤشراته إلى انهيارات مخيفة، إذ لم تجد رفع أسعار الفائدة في   معالجة المشكلة، بل بالعكس ارتداداتها  تسببت بانهيارات للمؤسسات المالية. يقول خبير اقتصادي  تعليقاً على إفلاس مصرف سيليكون فالي الأمريكي، أن القضية ليست في عيوب تتصل بأداء المصرف يمكن تجنب انعكاساتها على النظام المصرفي، بمجرد قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بسداد الودائع ومطلوبات المصرف المنهار، إنما في الفساد المصرفي الذين يحاولون تبرئة النظام المصرفي والدعوة للوثوق به، هو جزء من النظام الذي يعاني الاضطراب".

 

مخاوف واسعة 

بعد إعلان البنك انهياره أغلقت الجهات الرقابية الأمريكية البنك، وسيطروا على ودائع العملاء في أكبر انهيار لبنك أمريكي منذ عام 2008، وأدى ذلك إلى موجة انخفاضات ضربت أسهم قطاع البنوك في الولايات المتحدة وامتدت إلى أسواق آسيا وأوروبا أيضا. وتعرضت البنوك الأمريكية  لخسائر فادحة  شهدتها منذ انهيار بنك سيليكون فالي، حيث انخفض مؤشر الأسهم الرئيس بنسبة 2.1 في المائة. وكان المستثمرون قلقون من تعرض البنوك الأخرى لمشاكل مماثلة.

 الحكومة البريطانية لجأت إلى التدخل لحماية شركات التكنولوجيا بعد إفلاس البنك.

ورغم ذلك، فإن قرار الاستثمار في الأصول مثل السندات الحكومية عندما كانت أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة قياسية، ترك البنك معرضا لخسائر فادحة عندما بدأت البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة. ما تسبب في

هبوط حاد في أسهم بنوك حول العالم بعد أزمة سيليكون فالي. السؤال : لماذا أغلقت الجهات الرقابية الأمريكية بنك سيليكون فالي ؟

 

ساد قلق من أن البنوك الأخرى يمكن أن تنهار بالطريقة نفسها.

وقال روس مولد مدير الاستثمار في شركة إيه جيه بيل البريطانية: أعتقد أن " إس في بي" يعاني من إدارة سيئة ويتحمل الكثير من المخاطر في قطاع واحد، وتعرّض لأسعار فائدة أعلى 0.75، ولو أديرت بشكل صحيح لما كانت لتحدث،

لكن أسعار الفائدة المرتفعة ستجلب المزيد من التحديات للبنوك والاقتصاد والشركات الناشئة بالتأكيد". وفي الولايات المتحدة، تراجعت الأسهم في عدد من البنوك المحلية، بسبب مخاوف بشأن مشاكل أوسع، ولكن مع بدء التداول، قفز سعر سهم بنك "فيرست ريبوبلك"، بنسبة 50 في المائة بعد أن شهد انخفاضا بنسبة 62 في المائة يوم الاثنين الماضي.

في وقت سابق في اليابان، شهد المقرضون الرئيسون مثل ميتسوبيشي يو إف جيه المالية القابضة، أكبر بنك في البلاد، انخفاض أسعار أسهمهم بأكثر من 8 في المائة، وانخفض مؤشر أسهم البنوك اليابانية، المعروف باسم مؤشر توبيكس بنكس، بنسبة 7.4 في المائة، على الرغم من تطمينات بنك اليابان "بي أو جاي". وقال مسؤول في بنك اليابان "إن تعرض المؤسسات المالية اليابانية المباشر لبنك سيليكون فالي صغير، وبالتالي من المحتمل أن يكون التأثير محدود".. واستحوذ المنظمون الأمريكيون على بنك سيليكون فالي في عطلة نهاية الأسبوع، بعد أن أدى بيع مفاجئ لبعض السندات يوم الأربعاء الماضي إلى تداعي البنك. وبحلول نهاية يوم الخميس الماضي، حاول عملاء البنك، وخاصة في قطاع التكنولوجيا، سحب 48 مليار دولار، ولم يسمح للمودعين إلا بسحب 250 ألف دولار فقط.

وبالتزامن مع ذلك انهار بنك سغنتشور، في نيويورك الذي يركز على صناعة العملات الرقمية. وهناك الآن تكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي، البنك المركزي الأمريكي، سوف يحد من ارتفاع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل لتهدئة الاضطرابات في القطاع المصرفي. وكان الاحتياطي الفيدرالي يرفع أسعار الفائدة لتهدئة وتيرة ارتفاع الأسعار، وهو ما يعرف بالتضخم.

 

وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد رفع سعر الفائدة الرئيس بما يصل إلى 0.75 نقطة مئوية، على الرغم من أن واضعي أسعار الفائدة صوتوا في فبراير/شباط على زيادة أقل بمقدار 0.25 نقطة مئوية.

 

تداعيات تنتقل بالعدوى

الأزمة التي ظهرت على مصرف سيليكون فالي تهدد عددا من البنوك في أمريكا، وهناك خمسة بنوك على طريق الانهيار خلال الأسابيع أو الشهور القادمة. هذه التداعيات التي أصابت الاقتصاد العالمي هي  بفعل العقوبات الأمريكية والغربية على روسيا والصين، وحرب أوكرانيا، الدعم بالاسلحة والاموال التي بلغت حتى الآن 150 مليار دولار.

ولا شك أن هذه التداعيات  أصابت قطاعي الطاقة والتكنولوجيا، كانت أول نتائج العقوبات على روسيا إنهاء الثقة بحياد النظام المصرفي عن السياسة. وفي النظام المصرفي الرأسمالي يشكل القلق من تدخل السياسة في المؤسسات المالية، هذا في الحقيقة  سبباً كافياً للذعر، لأن السلطات السياسية، عندما تطال البنوك تعرض حسابات العملاء إلى المصادرة، أو تجميد الأموال أو استخدامها بطرق غير مشروعة.

 

رفع أسعار الفائدة

 تلك كانت  بذرة الاهتزاز الأول، والمصيبة هي أنه بدلاً من أن يؤدي إلى ترجمة الشعور الوطني الأمريكي، وفي كل دولة غربية بالزهو بالنصر، وترجمته برؤية الانهيار الاقتصادي والمالي الروسي ومقابله الانتعاش الاقتصادي والمالي في دول الغرب، بما يتكفل بطمس التلاعب والعبث بصدقية النظام المصرفي، جاءت النتائج تقول إن روسيا نجحت بتجاوز  واحتواء العقوبات، وقامت بإعادة تصديرها إلى الغرب بصورة أزمة طاقة خانقة، وصلت الى جيوب المستهلكين بصيغة ارتفاع في أسعار الاستهلاك انطلاقاً من المحروقات، وصولاً إلى كل السلع التي يدخل النقل في تركيب أسعارها، وتدخل الطاقة في تسعير تكلفة إنتاجها، وتبع ذلك ارتفاع تكاليف الطاقة المنزلية والتدفئة قبل فصل الشتاء، وبدأ الحديث عن التضخم، فردت المصارف المركزية الغربية بالإجماع بوصفة واحدة، رفع أسعار الفائدة، لكبح جماح التضخم، بينما ردت الحكومات بمزيد من الاستدانة لتعويض تراجع مواردها بفعل الركود، وبدأت سلسلة تصاعدية عنوانها المزيد من الدين والمزيد من رفع أسعار الفوائد، حتى تجاوز المعدلات القياسية، وبلوغ مراحل غير مسبوقة. والنتيجة مزيد من الركود وتراجع الاستثمار وعجز الدائنين عن السداد، وبدء تسييل الأصول والأسهم لتغطية النفقات التشغيلية منعاً للإفلاس، وصولاً لسحب الودائع المجمّدة. وهو ما تجمع كل التقارير المالية التي قاربت إفلاس مصرف سيليكون فالي، وبعده مصرف سيلفر جيت المتخصص بالعملات المشفرة، والفارق الوحيد الذي ميز هذين المصرفين عن سواهما وجعلهما في مقدمة الانهيار، هو انهما يتصلان بقطاع التكنولوجيا الذي أصيب أيضاً بالعقوبات على الصين، لكن هذا جعل منهما البداية فقط، لكن الأزمة عامة وشاملة والباقي غير محصن، وقد أصابته شظايا الزلزال والمسألة مسألة وقت حتى يتكرر المشهد الكارثي في عشرات المصارف، بمجرد وقوع الزلزال الكبير، ويبدأ الذعر المالي في التوجه لطلب الودائع.

ما يجري في بريطانيا والهند وكيان الاحتلال مع شركات التكنولوجيا بداية مشهد زلازل جديدة سوف تجتاح قطاعات جديدة، ومصارف جديدة، ولن يتوقف الأمر عند ذلك، لأن التضخم لا يمكن معالجته، لذلك حتما سلسلة الانهيارات سوف تستمر، ومهما حاول

الرئيس بايدن، طمأنة المودعين والشركات، وأن العملة بخير والنظام المصرفي متين، إلا أن ذلك لا يحل المشكلة أمام طلبات المودعين لتشغيل أموالهم، تلك مغالطات، والقادم هو أفضع، إذا لم يتمكن هؤلاء المودعون من سحب أموالهم، أو تحويلها إلى مصارف أخرى. الحقيقة الماثلة أن الولايات المتحدة تزداد فيها نسب التضخم الاقتصادي بشكل حاد، والبلد غارقة في الديون تجاوز سقف مديونيتها 31.4 تريليون دولار، ومهما حاولت إخفاء أزمتها، ستظهر على الملأ وكأنها زلازال ارتدادية، تصيب الاقتصادات العالمية المرتبطة  بالبنوك الامريكية والغربية التي أصبحت مسيسة، وفقدت ثقتها بعملائها، وهذه هي البداية في الانهيار نحو الهاوية....!

 

 

 

 

 

تابعونا الآن على :


 

مواضيع ذات صلة :

حليب الهناء