أجندة نُشر

المعارك الطاحنة في الكونغو.. ما علاقتها بالثروات المعدنية للبلاد ؟

كينشاسا _ عرب جورنال 

المعارك الطاحنة في الكونغو.. ما علاقتها بالثروات المعدنية للبلاد ؟

تزامناً مع إحتدام المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية الكونغولية المدعومة من الأمم المتحدة، وجماعة "أم 23"، يبدو أن الصراع القائم في الكونغو الذي تغذيه قوى خارجية، كما جرت العادة في دول القارة السمراء التي تخضع معظمها للإستعمار الغربي، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأجندات السيطرة على الثروات المعدنية الغنية في البلاد.

وذكرت صحيفة " وول ستريت جورنال " في تقرير، أن "التوترات العرقية المستمرة منذ فترة طويلة في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي يغذّيها جيرانها في بعض الأحيان، أثارت أعنف الاشتباكات خلال عقد من الزمن، حيث تقاتل الميليشيات المتحاربة للسيطرة على المنطقة وثرواتها المعدنية".

وأشارت الصحيفة إلى أنّه "في الأيام الأخيرة، تقدّمت جماعة إم 23 المتمردة إلى مسافة 12 ميلاً من مدينة غوما، مما دفع قوات الحكومية الكونغولية المدعومة من الأمم المتحدة الخروج من عدة بلدات مجاورة، لافتةً إلى أنّ "أكثر من مليوني شخص بات يعاني من نقص في الغذاء والوقود نتيجة القتال".

وأوضح التقرير أنّ جماعة "إم 23"، التي يقدر عدد أفرادها المسلحين بـ 2000 رجل، وتدعمها رواندا وأوغندا المجاورة، "تسعى إلى الوصول إلى أكبر مخزون من التنتالوم في العالم، والذي يستخدم في الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية".

وبيّن التقرير أنّ هذا التقدم "يُثير احتمالية سيطرة حركة إم 23 وحلفائها الأجانب على منطقة تنتج أيضاً القصدير والذهب والكولتان، واحتمال تفاقم الوضع الإنساني في بلد يستضيف بالفعل عدداً كبيراً من النازحين، أكثر من أي بلد آخر في أفريقيا".

ولفتت الصحيفة، إلى أنّ حركة  "إم 23" تبرّر أفعالها بقولها إنّها "تقاتل للدفاع عن التوتسي الكونغوليين، المجموعة العرقية المهيمنة في رواندا، ضد ميليشيات الهوتو العرقية".

وبينما تتهم الكونغو الرئيس الرواندي بول كاغامي، وهو من التوتسي، باستخدام الجماعة للسيطرة على معادن المنطقة، يقول كاغامي إنّ "حركة إم 23 هي مجموعة كونغولية تقاتل من أجل الحقوق السياسية المشروعة".

وفي السياق، أشار باحثون ومحققون تابعون للأمم المتحدة، إلى أنّ صعود حركة  "إم 23" ساعد في تحويل رواندا، التي تنتج القليل من التنتالوم، إلى ثاني أكبر مصدر في العالم للمعدن الأزرق الرمادي النادر، لأنّها تتحكم في سلاسل التوريد غير الرسمية التي تنقل المعادن المستخرجة من الكونغو عبر الحدود.

وأوضح التقرير أنّه "بعد احتلال غوما لفترة وجيزة في عام 2012، توصّل متمردو حركة 23 مارس إلى اتفاق سلام مع الحكومة، وتم دمجهم في الجيش الكونغولي في عام 2013".

وأضاف أنّه "بعد مرور عام، برزت رواندا كمنتج رئيسي للقصدير والتنغستن والتنتالوم - وهي المعادن المستخدمة في صناعة الطيران والإلكترونيات التي يتم استخراجها بشكل أساسي بواسطة عمال المناجم الذين يحفرون الحفر عبر سفوح التلال الكونغولية وضفاف الأنهار".

رواندا التي تقول إنّ المعادن تأتي من مناجم رواندية وفقاً للمتطلبات التنظيمية، زودت حوالي 39% من التنتالوم العالمي من 2015 إلى 2018، مقارنةً بـ 10% من الكونغو، وفقاً لهيئة المسح الجيولوجي الأمريكية.

وبحسب بيانات الحكومة الرواندية، فقد زادت عائدات صادرات المعادن السنوية في رواندا بأكثر من الضعف العام الماضي لتصل إلى 732 مليون دولار.

وفي أوغندا، ارتفعت صادرات الذهب أيضاً في العقد الماضي، متجاوزةً البن كسلعة تصدير رائدة في البلاد لأول مرة، فيما تقدّر الأمم المتحدة أن أكثر من 90% من المعادن من الكونغو يتم تهريبها إلى أوغندا ورواندا وبوروندي.

وفي هذا الشأن، قال زعيم المعارضة الكونغولية مارتن فايولو في مقابلة حديثة مع محطة التليفزيون الألمانية "DW" إنّ "حركة 23 مارس ليست متمردة، لقد أرسلهم الرئيس الرواندي بول كاغامي إلى الكونغو بهدف الحصول على المعادن الكونغولية، مضيفاً أنّ "أوغندا لا تريد البقاء في الخلف، إنّها تريد أيضاً جزءاً من الموارد الكونغولية".

وتشارك قوى خارجية في تغذية الصراع القائم في الكونغو الديموقراطية، وعلى رأسها بلجيكا، التي احتلت البلاد لسنوات طويلة، قبل استقلالها في عام 1960م، وماتزال تحتفظ بقوات عسكرية حتى اليوم، إضافة إلى دول أوروبية أخرى.

وخلال قمة في نيروبي في حزيران/يونيو الماضي، أعلن قادة الدول السبع الأعضاء في مجموعة شرق افريقيا (بوروندي وكينيا ورواندا وتنزانيا وجنوب السودان وأوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية) رسمياً إنشاء هذه القوة التي تخضع لقيادة عسكرية كينية.

ووصلت خلال الأيام الماضية، مجموعتين من الجنود الكينيين من القوة الإقليمية لشرق أفريقيا، إلى غوما في شرقي جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيما واصل متمردو حركة "23 مارس" هجومهم على المنطقة.

وقال الجنرال الكيني، جيف نياغه، لوكالة "فرانس برس" بعيد وصوله: "لن يستولي أحد على غوما. نحن هنا لحماية المدينة والمطار".

ويقود نياغه القوة التي ستضم أيضاً جنوداً من بوروندي وأوغندا وجنوب السودان.

وأنزلت طائرتان للجيش الكيني نحو 60 عسكرياً في غوما بعد أربعة أيام من وصول الوحدة الأولى المكونة من نحو 100 عسكري كيني، وفق ما أفاد مراسلو "فرانس برس".

وكان البرلمان الكيني قد أجاز في 10 تشرين الثاني/نوفمبر نشر نحو 900 عسكري في إطار هذه القوة الإقليمية.

وعند سؤاله عن الفرق بين هذه القوة وقوة الأمم المتحدة (مونوسكو)، قال نياغه خلال مؤتمر صحافي إنّ "قوة شرق أفريقيا هي قوة تدخل وليست قوة حفظ سلام".

وينتقد العديد من الكونغوليين قوة الأمم المتحدة لعدم فعاليتها في القتال ضد نحو 120 جماعة مسلحة تنشط في شرق البلاد.

وحملت حركة 23 مارس (إم23) السلاح مجدداً في نهاية العام الماضي متذرعة بعدم تطبيق الحكومة بنود اتفاق مبرم معها ينص على دمج عناصرها في الجيش. وتتهم كينشاسا رواندا المجاورة بتقديم الدعم للمتمردين، وهو أمر أكده خبراء من الأمم المتحدة ومسؤولون أميركيون في الأشهر الأخيرة.

في المقابل، تتهم كيغالي الكونغو الديمقراطية بدعم القوات الديمقراطية لتحرير رواندا المشكّلة من متمردين هوتو روانديين شارك بعضهم في الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.

على كلا، فإن التطورات التي تشهدها الكونغو، تنذر بإتساع رقعة المعارك الطاحنة مع إستمرار كل الأطراف تحشيدات العسكرية، في ظل تصاعد التدخلات الغربية في شؤون البلاد.

تابعونا الآن على :