توفيق سلاّم
تشهدُ جغرافيا العالم في هذه المرحلة حالة ارتباك استراتيجي يجسده تزايد القلق والشعور بالخوف وانعدام الأمن وعدم الاستقرار، وإتساع رقعة الحروب، والإفراط في استعمال العنف والقوة خارج أطر الشرعية الدولية من طرف القوى المهيمنة لفرض أدوات استعمارية جديدة من خلال فرض مفاهيم وأدبيات وممارسات وقوانين واتفاقيات دولية تناقض موروثات الأمم والشعوب التاريخية والأخلاقية والدينية والمجتمعية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تزايد تنامي وتيرة الأخطار اللاتماثلية بشكل مخيف ومرعب، وهي في أغلب الأحيان غير مرصودة لأجهزة الوقاية من الأخطار. وبنفس الحدة تتنامى مخاطر أخرى غير خاضعة للرقابة، ولا للتقييد، ولا القدرة على التحصن منها، أو المعاقبة لمروجيها، لاسيما ما يتعلق منها بالمخاطر السيبرانية والذكاء الاصطناعي ووسائل التواصل الاجتماعي، التي جعلت السلطات التقليدية للدول عاجزة أمامها، مما جعل عدد من الدول تعيد النظر في سياساتها وتحالفاتها وأولوياتها، أحيانا بشكل تكتيكي، وأحيانا كثيرة بشكل استراتيجي بحثًا عن توفير الضمانات الدائمة لمصالحها الحيوية والتأمينات الحصينة لأمنها القومي. هذه الحالة الجديدة مست بيئات، وقوى، ومشاريع ومحاور ودول، أما بشكل مباشر أو غير مباشر، وبصفة مؤثرة أو متأثرة أو بالاثنين معاً.
تدمير الشعبين
الحرب الروسية الأوكرانية واحدة من هذه الحروب الخطرة التي يتنامى ويتسع مسرحها، والأطراف الداخلة فيها، مما يجعل منها أكثر الحروب خطورة على الأمن والسلم الدوليين، بين دولتين متجاورتين كانتا إلى عهد قريب شقيقتين، هي خسارة كبيرة للشعبين في المقام الأول، بصرف النظر عن المنتصر في الحرب، وما ستسفر عنه من نتائج، لكنها لن تخلو من آثارها المستقبلية، وندوبها الغائرة لن تندمل بسهولة، ستُخلف من دون أدنى شك عداء طويل الأمد بين الشعبين الروسي والأوكراني. ولعل خطط أمريكا هو استهداف روسيا، وهو مشروع قديم، إزدادت وتيرته، بعد الحرب العالمية الثانية، وانقسام العالم إلى كتلتين شرقية وغربية. تبدو اليوم على الطاولة الأمريكية خطتان عسكريتان مصغرة، ومطولة تبحث في كيفية العمل فيما يخص القوقاز، ودول البلطيق، وكذا أوكرانيا. ومن هنا تسعى الولايات المتحدة إلى ضرب الروابط العرقية والدينية والثقافية والاجتماعية بين الشعبين الروسي والأوكراني، وهما في الأصل شعب واحد.
لقد سعى الغرب إلى استمالة القوميين المتطرفين الأوكران إلى جانبهم، ووجدوا في هؤلاء ضالتهم في إيجاد خلافات بين الروس والأوكرانيين، ومن هنا بدأت لعبة الاستخبارات الغربية، وضخ الأموال لشراء الذمم، وارتبط هؤلاء المعارضون لحكومة كييف الموالية لروسيا، بتنفيذ أجندة غربية في عملية الصراع الداخلي، وتحريض الشارع، ونشر الدعاية المضللة والمغرضة ضد كل ما يتعلق بإرث الاتحاد السوفيتي، والكراهية والعداء للقوميات الروسية المقيمة في مختلف الأقاليم الأوكرانية.. وتشكلت تنظيمات شبابية جرى استقطابها فيما بعد في معسكرات تدريبية، حيث أصبحت الأدبيات الثقافية تتبنى منهج الفكر النازي بصورة علنية، واعتبار بانديرا زعيمًا روحيًا، وسارت الدعوات مفتوحة لإحياء النازية والفكر العنصري المتطرف في الوسط المجتمعي. وإذا ما عدنا إلى السنوات الماضية، سنجد أن إطلالة المفكر ومستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق للرئيس الأمريكي جيمي كارتر "زبيغنيو بريجينسكي"، الذي قدم توصيفًا عن روسيا للإدارة الأمريكية بقوله: "إن أوكرانيا دولة حيوية لروسيا، فروسيا مع أوكرانيا هي "إمبراطورية" خطيرة استراتيجيًا، أما من دونها فهي دولة عادية". وهذا يعني أن الولايات المتحدة، كانت تسعى من بعد استقلال أوكرانيا في العام 1991 إلى ضرب الروس بالأوكران، ولا يهم من سينتصر المهم أن يتم تدمير هذه الامبراطورية التي لو بقت على حالة توافق سيكون تأثيرهما قويًا بالذات على أوروبا، نظرا لما تتمتع بهما الدولتان من مقومات صناعية واقتصادية وتقنية قوية، يرى الغرب أنها ستشكل أخطارًا على مصالحه الاقتصادية، وعلى قارات عدة. وما هو واضح الآن أن الاستراتيجية الأمريكية حيال روسيا تتبني الرؤية ذاتها التي قدمها وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن عندما تحدث بعد أشهر على بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا وقال: "نريد أن نرى روسيا ضعيفة إلى درجة لا تستطيع بعدها أن تفعل الأشياء التي فعلتها في غزو أوكرانيا"، داعيًا إلى بذل المزيد من الجهود اللازمة لتقويض قدرة الجيش الروسي، على نحو يعجز معه سنوات طويلة عن غزو أي دولة أخرى".
لقد أصبح من الواضح أن هدف الولايات المتحدة الأمريكية الأول، هو إنهاك روسيا اقتصاديًا وعسكريًا، وهذا ما تكشف عنه حُزم العقوبات، واستمرار الدعم الغربي لكييف بالأسلحة الحديثة، والخبراء والمرتزقة الأجانب، ومحاولة تحقيق انتصارات على الأرض، بالإضافة إلى تهديد العمق الروسي وضرب الإمدادات، في محاولة لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها القوات الروسية، واستمرار هذا الصراع إلى مالا نهاية. لقد فشلت الولايات المتحدة في احتواء روسيا، وفي إنتاج نموذج تريد رؤيته في روسيا شبيهًا ب"غورباتشوف"، أو "يلتسن"، كما فشل مسعاها الذي بدأته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث لا "فيتو" يمكن لروسيا استخدامه، لتجريد روسيا من عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، وذلك بتصويرها خطرًا على السلم والأمن الدوليين، ووضعها تحت وصاية الأمم المتحدة بهدف نزع سلاحها النووي، أو وضع اليد عليها، وايجاد رئيس مفترض بمواصفات "يلتسن" لخلافة بوتين، وذلك لن يحدث أبدا، حتى لو غرقت إدارة بايدن في الذهان مرات ومرات، أو ترأى لها ذلك...! هذا يعيد للأذهان قصة الطائرة المسيرة التي حلقت فوق سماء الكرملين قبل أيام قاصدة اغتيال بوتين، ولم تخطئ أصابع الاتهام التي أشارت نحو المدبر الرئيس القابع "خلف الستار" من له مصلحة قصوى في ذلك، وكانت موسكو قد صرحت بأن الولايات المتحدة وراء ذلك. وبالرغم من النفي الأمريكي، إلاّ أن الأدلة تشير إلى التفكير الهستيري الأمريكي لعزل بوتين الذي أصبح كابوسًا، وقد بذلوا النفيس والغالي لتدمير روسيا، حتى المعارضة خفت صوتها، بعد أن أدركت أن دول الناتو تلعب بالنار لتدمير روسيا، فخاب رجاؤها في تنحية بوتين بتأجيج الشارع الروسي بثورة ملونة لاسقاط النظام، كما فعلت في أوكرانيا، ويوغسلافيا وفي البلدان العربية، أو حتى تنحيته بصورة قسرية بواسطة الأوليغارشية الروسية، الذين فروا بأموالهم دون عودة أيًا منهم، أو اغتيال، أو انقلاب داخلي، أو أي سبب آخر قد يذهب بروسيا أدراج الرياح.
نجاحات روسيا
النجاحات التي حققتها وتحققها روسيا في ميادين القتال في أوكرانيا لم تكتسبها بطريقة سهلة، وإنما
بالصمود والجهد والثبات و بطعم الدماء والتضحيات التي تسببت بها سياسة الولايات المتحدة والغرب في تسليح القوات الأوكرانية، وهي التي صرحت علنًا أنها وحلفاءها سيزودون أوكرانيا بكل ما تحتاجه من سلاح كمًا ونوعًا إلى حد تستطيع معه الأخيرة إفشال القوات الروسية، واستنزافها، وتكبيدها أقسى خسارة يمكن أن يتعرض لها الجيش الروسي، أو حتى إغراق روسيا في مستنقع أوكرانيا لن تخرج منها إلاّ منهارة. وفي الواقع ما كنا لنشهد هذا الاصطفاف الحاد لأوروبا بشقيها الغربي والشرقي خلف الولايات المتحدة ضد روسيا، لو أن القوات الروسية بالفعل تمكنت من دخول كييف وخاركوف خلال الأيام الأولى للهجوم في عمليتها العسكرية، أي لو أن القوات الروسية تمكنت من إحراز نصر سريع في عملية خاطفة، كما فعلت في جورجيا عام 2008، لكن الأداء غير المقنع للقوات الروسية، لا سيما في بداية العملية الخاصة، ما منح الدعم الأمريكي- الغربي مساحة كبيرة لتدفق الأسلحة والمرتزقة في التصدي للهجوم الروسي، وهذا ماجعل الدول الأوروبية، لاسيما الشرقية منها، تجاهر بمواقفها علانية ضد العملية الروسية، وتصطف خلف الموقف الأمريكي.
عرقلة مبادرات السلام
تأسيسا على ما تقدم، ومن خلال متابعة المواقف الغربية من الحرب الروسية الأوكرانية، فإن السياسة الأمريكية، يبدو أنها ستعتمد خلال الفترة القادمة على استراتيجية، الوقوف ضد أي مبادرة للسلام في أوكرانيا، سواء كانت صينية، أو تركية، أو أفريقية، إذ أن الولايات المتحدة، وأوكرانيا والغرب المقاديَن تحت لوائها، لن توافق على أي شروط روسية تضمن لروسيا الاحتفاظ بأي من الأراضي التي سيطرت عليها، أو تحفظ للرئيس الروسي بعضًا من ماء الوجه، وكيف للولايات المتحدة وهي التي تعتمد على خطط تدمير وفكفكة روسيا، وصولاً لنهب ثرواتها أن تبدي حسن نية في تسوية الملف الروسي- الأوكراني، وفوق ذلك تراهن على إنهاك روسيا بواسطة دعم الوكيل الأوكراني، أن تقر السلام بين الدولتين وبين الشعبين؟ وكيف لها وهي ترى في بوتين عدوًا رئيسًا ومجرمًا وقاتلاً ومطلوبًا لمحكمة الجنايات الدولية أن تمكنه من الخروج من الحرب منتصرًا، وهي قادرة على حياكة مختلف ملفات الإدانة الشخصية له ؟ وكيف لها وهي ترى في الجيش الروسي الخطر الأول في وجه الناتو، دون استنزاف قدراته وموارده ؟
الاستمرار في تسليح القوات الأوكرانية، يهدف إلى استنزاف الجيش الروسي، وعدم تقدمه داخل الأراضي الأوكرانية، أو يُمَكِّن الروس على أبعد تقدير بتحقيق تقدم بطيء مكلف للغاية من حيث العدة والعتاد. لذلك يصر الغرب بدعم وإسناد الهجوم الأوكراني المضاد القائم على أحدث العتاد الغربي مثل دبابات أبرامز وتشالينجر وليوبارد وصواريخ ستورم شادو بعيدة المدى وطائرات الجيل الرابع إف-16، وأكثر من ستمائة نوع من الأسلحة الغربية، وفقاً لما صرحت به القيادة العسكرية الروسية، بما يُمكّن الأوكرانيين من شن هجوم مضاد ضد المواقع التي سبق للقوات الروسية الاستيلاء عليها، مع عدم قدرة القوات الروسية على تثبيت وحدات عسكرية كافية كفيلة بالدفاع عنها. هذا فضلاً عن أن الاستراتيجية الأمريكية تسعى للتركيز بدرجة كبيرة على منطقة البحر الأسود، للسيطرة عليها، وقد سمحت للقوات الأوكرانية أكثر من مرة بضرب جزيرة القرم، وهي مازالت اليوم تؤكد على ذلك في عملية هجوم مضاد بدأت عملياته قبل أيام، وعندما يعطي الغرب مثل هذا الكم الهائل من الأسلحة، ولا تجري المعركة الرئيسة، يصعب عليهم تفسير الأمر لناخبيهم، رغم أنهم يدركون أن الأسلحة الغربية في معظمها قد تم سحقها وتدميرها ...!
سيناريوهات محتملة
كتب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف، عن ذلك في قناته على تيليغرام "لا تزال حقيقة شبه جزيرة القرم جزءاً لا يتجزأ من روسيا، أمر لا يقبل النقاش، ويجب أن لا يساور الغرب أدنى شك في أن محاولة استعادة شبه الجزيرة تشكل أساسًا لاستخدام جميع وسائل الدفاع، بما في ذلك الأسلحة النووية التكتيكية".
تجدر الإشارة إلى أن الهجوم الأوكراني المضاد قد بدأ فعلاً، ولكن ليس مركزاً على اتجاه بعينه، وإنما في العديد من المناطق على طول خط الجبهة الذي يمتد إلى حوالى 1500 كم، وبالتالي سيختلف عن الهجوم الذي شنته القوات الأوكرانية في أواخر صيف العام الماضي. ببساطة لقد حولت الولايات المتحدة القوات الأوكرانية إلى جيش مكتمل الأركان، لاسيما مع زيادة القدرات الكبيرة في الأسلحة الحديثة، والقدوم القريب المحتمل لطائرات “إف-16” إلى الأجواء الأوكرانية، التي ستشكل أخطارًا فعلية على العمق الروسي، والدليل على ذلك رد الفعل الروسي على هذه الخطوة، الذي تمثل في نقل الأسلحة النووية التكتيكية إلى بيلاروسيا، مع التهديد الذي لم يكن يومًاأكثر جديًا باستخدامها .
وكشف ميدفيديف عن خطوات "اختفاء" أوكرانيا من الوجود، إذ حدد السيناريوهات الواردة لمراحل أفول هذه الدولة. وكتب عبر قناته على "تلغرام": "لقد كتبت في الآونة الأخيرة لماذا تختفي أوكرانيا حان الوقت الآن لنقول كيف ستختفي أوكرانيا، وكذلك ما هو خطر تجدد الصراع في أوروبا وفي العالم"، وأردف ميدفيديف: "سيعتمد هذا على المسار الذي ستتبعه عملية تفكك هذه الدولة المحتضرة نتيجة الصراع العسكري الخاسر بالنسبة لأوكرانيا"، وأوضح ميدفيديف: "هناك مساران، إما مسار التآكل البطيء نسبيًا للدولة الأوكرانية مع الفقدان التدريجي للعناصر المتبقية من سيادة الدولة"، أو مسار الانهيار الفوري مع الإبادة المتزامنة لكل مظاهر الدولة، على أي حال، بعد هذا الانهيار، هناك ثلاثة سيناريوهات مرجحة.
وحدد ميدفيديف السيناريو الأول، أن تخضع المناطق الغربية من أوكرانيا لسيطرة عدد من دول الاتحاد الأوروبي مع الضم اللاحق لهذه الأراضي من قبل الدول المستقبلة، في الوقت نفسه ستبقى منطقة أوكرانيا "محايدة"، محصورة بين روسيا والأراضي التي أصبحت تحت سيادة عدد من الدول الأوروبية، تعلن الأراضي الحيادية المتبقية خلافتها لأوكرانيا السابقة، وشخصيتها القانونية الدولية، وعزمها على إعادة الأراضي المفقودة بكل الوسائل، وأشار إلى أنه "بطبيعة الحال، تعني تلك المطالبة فقط بتلك الأراضي التي أصبحت جزءًا من روسيا في الوقت نفسه، تعلن أوكرانيا "الجديدة" على الفور عن رغبتها في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وهو ما يحدث على المدى المتوسط، ويستأنف النزاع المسلح بعد فترة قصيرة، ويتحول إلى نزاع دائم، ولكن مع خطر امتداده السريع إلى حرب عالمية ثالثة كاملة".
السيناريو الثاني: تختفي أوكرانيا، حسب ميدفيديف بعد الانتهاء من العملية العسكرية الخاصة في عملية تقسيمها بين روسيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، حيث يتم تشكيل حكومة أوكرانيا في المنفى، في إحدى الدول الأوروبية، وينتهي الصراع بضمانات معقولة بعدم استئنافه في المستقبل القريب، ولكن مع الحفاظ على النشاط الإرهابي للنازيين الأوكران الذين سيتشتتون على أراضي دول الاتحاد الأوروبي التي حصلت على أراضي غربي أوكرانيا، ويمكن اعتبار خطر استئناف صراع كامل، أو تصعيده إلى حرب عالمية في هذه الحالة معتدلاً.
السيناريو الثالث: يحدث الشيء نفسه كما في الحالة الأولى، ولكن مع حبكة معاكسة، فالأراضي الغربية لأوكرانيا تنضم مباشرة إلى عدد من دول الاتحاد الأوروبي، وأضاف ميدفيديف: "سكان المناطق المركزية، وبعض المناطق الأخرى الحيادية في أوكرانيا في إطار المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة تعلن على الفور حقها في تقرير المصير بالانضمام إلى روسيا"، يتم قبول طلبها، وينتهي النزاع بضمانات كافية بعدم تكراره على المدى الطويل، وختم ميدفيديف: "ببساطة لا توجد خيارات أخرى، وهذا واضح بالفعل للجميع، حتى لو كان من غير السار للبعض في الغرب أن يعترف بذلك، قد نكون راضين مؤقتًا عن الخيار الثاني، لكننا نحتاج إلى الخيار الثالث".
أخيراً يمكننا القول إن الولايات المتحدة إذا ما استمرت على الوقوف في وجه الحل السياسي الذي ترتضيه روسيا، وزادت من وتيرة التصعيد، ونوعية السلاح المقدم إلى أوكرانيا، بما يمكنها من إيقاف تقدم الروس، ومن استعادة بعض المدن التي سبق للروس أن سيطروا عليها، وكثفت من ضغوطها الاقتصادية على روسيا، وزادت من عزلتها السياسية والمالية والاقتصادية، والاستهداف بشكل مباشر أو غير مباشر المزيد من الرموز الحربية الروسية (كالطراد مَسكفا)، أو منشآت اقتصادية، فقد ينفد الصبر الاستراتيجي الروسي، ليجري تخفيض حاد لعتبة استخدام السلاح النووي التكتيكي.
طالما والغرب نفسه عازم على إمداد أوكرانيا بالأسلحة النووية التكتيكية ذاتها، وسواء كان ذلك حقيقة أم مجرد تهديد، لكن هناك إصرار غربي على تدمير روسيا، ولو باستخدام الأسلحة الحديثة ما دون المستوى النووي، وإذا ما شعرت روسيا بأي خطر لتهديد أمنها القومي، فإنها بلا شك، وحسب العقيدة العسكرية الروسية، سوف تلجأ إلى استخدام السلاح النووي، وهذا ما يؤكد عليه المسؤولون الروس.