أجندة نُشر

حافظ الميرازي | حين يصبح استجواب المعتقلين سبقا إعلامياً

أجندة – عرب جورنال

حافظ الميرازي | حين يصبح استجواب المعتقلين سبقا إعلامياً

حافظ الميرازي – إعلامي مصري

كتبت من قبل عن عدم أخلاقية إجراء مقابلات إعلامية مع أي شخص مسلوب الحرية، وتحت إشراف المتحكمين في مصير المتحدث، سواء كان   معتقلا (ولو كان اميرا في فندق ريتز كارلتون بالرياض) أو مسجونا  أو رهينة، أو أسيرا ولو كان  اسرائيليا او فلسطينيا، طالما انه اعطاها غالبا دون رغبته وقد يعاقب على تصريحاته الصريحة لو كانت على غير هوى السجّان الذي دعا للمقابلة ورتبها وليس الشخص المتحدث.

لفت انتباهي، بموقع قناة تابعة لشركة المتحدة السيادية، قناة جديدة اسمها الوثائقية AlWathaeqya بعض افلام اسموها "وثائقية" مثل فيلم دعائي عن "العاصمة الإدارية" ومشروع "حياة كريمة" وآخر عن أدهم الشرقاوي لم اسمعه بعد..

لكن اللافت، كان مقابلة على ثلاثة أجزاء، اعتبروها عملا وثائقيا وسبقا صحفيا لان الأجهزة الأمنية قررت ان يستجوب "المذيع بنفسه" احد المعتقلين لديهم باعتباره صيدا كبيرا بتقديمه على انه من زعماء وامراء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروف اختصارا ب"داعش" وكان على الحدود السورية مع دولة سلمته اجهزتها الإخبارية للسلطات المصرية.

ويبدأ الحوار مع هيثم او رشيد المصري (اسمه الحركي) خريج كلية اقتصاد وعلوم سياسية، بتأكيد المذيع (وخلفه موسيقى ترقب) على حرية الضيف:- 

س- رشيد، هل أنت مجبر على الإدلاء بهذا الحوار؟

ج=  لا أعرف حقيقة إجابة على هذا السؤال، ولكن ليس إجبارا..(يلتفت حوله) ولكن حديثا يهم الناس، وطالما الأمر يهم المتابعين ويهم اللي تابعوا ، خصوصا الأمر اللي اشتغلت به بشكل مطول، اللي هو الثورة السورية، فأنا معنديش مانع اتكلم عن حقائق حصلت، يعتبر حق من حقوقهم.. حق الناس انها تعرف اشياء كانت غائبة عنها، وهي الثورة السورية.

المذيع لم تعجبه طريق إجابة المسجون، فعلق قائلا ومازالت موسيقى اشبه ب"من يربح المليون" مرتفعة بخلفية الحوار وسط خلفية السواد:

س- نص إجابتك الثاني يَجُب  نصه الأولاني.  هسأل السؤال مرة ثانية (بدأ المذيع يحرك رأسه بعصبية تعني نفاد صبره) وأريد إجابة واضحة فهذا من حق الناس: هل أنت مجبر على إجراء هذا الحوار  أو هذه الإفادة أو هذه الشهادة التاريخية؟ وتستعرضها وتحللها؟

ج= لأ.. لأ

س- عندك الرغبة الكاملة في انك تحكي هذه التجربة؟

ج=  آه.. نستعرضها ونحللها

س- جيد (وقد انبسطت أسارير المذيع وحصل على اول معلومة بذكائه كمستحوب)!

هنا بدأ المذيع يخاطب السجين باسمه الحقيقي هيثم، لأننا دخلنا في الحقائق، بدلا من رشيد!

هل هذا عمل وثائقي او سبق صحفي؟ ناهيك عن ان الضيف الصيد تم تسليمه ولا توجد مطاردة مثيرة بل مفاوضات وتعاون!

المقابلة لا تقدم أو تكشف جديدا بل تظهر اختلاط المفاهيم ليس فقط بين الإعلام والأخبار وبين الاستجواب والتخابر، بل وبين مفهوم جهة سيادية وتصرفات بعض مذيعينا السادية.

تابعونا الآن على :


 
حليب الهناء