نوفمبر 4, 2025 - 18:13
صحف عالمية.. بعد غزة: تحولات الموقف الغربي بين ضغط إنساني ومخاوف من فراغ سياسي في الشرق الأوسط

ترجمة وتحرير / نسيم أحمد - عرب جورنال 


تشهد الصحف الغربية اليوم، تحول واضح في طريقة تناولها لقضايا المنطقة العربية، إذ بدأت لهجة التحليلات تميل من التركيز على العمليات العسكرية إلى البحث في سيناريوهات ما بعد الحرب في غزة، تزامن ذلك مع تصاعد التحذيرات الإنسانية من تفاقم الكارثة في القطاع، وقلق أوروبي متزايد من أن يؤدي استمرار الحرب إلى فراغ سياسي وأمني خطير يفتح الباب أمام موجة جديدة من الفوضى الإقليمية.

نشرت صحيفة Financial Times البريطانية تقريرًا كشفت فيه عن مساعٍ أوروبية بقيادة فرنسا وبريطانيا وألمانيا لإقناع واشنطن بوضع خطة واضحة لإدارة غزة بعد الحرب.
تتضمن المقترحات الأوروبية – بحسب الصحيفة – تشكيل قوة دولية لحفظ الأمن تحت مظلة الأمم المتحدة، مع إدارة مدنية مؤقتة تدعمها دول عربية معتدلة. كما شددت العواصم الأوروبية على ضرورة منع عودة حركة حماس إلى الحكم، مع التحذير من أن ترك فراغ سياسي.


وترى «فايننشال تايمز» أن أوروبا تحاول من خلال هذه التحركات استعادة دورها التقليدي كوسيط إنساني وسياسي في الشرق الأوسط، بعد أن هيمنت واشنطن وتل أبيب على مشهد الحرب منذ بدايتها. 

أما صحيفة The Guardian البريطانية وموقع الجزيرة الانجليزية فقد ركزا على المشهد الإنساني الكارثي داخل غزة. وذكرت «ذا غارديان» أن أكثر من مليون فلسطيني نزحوا نحو مناطق الجنوب، وأن مخيمات الإيواء في رفح ودير البلح وصلت إلى «حدّ الانفجار السكاني»، في ظل نقص المياه الصالحة للشرب وانهيار الخدمات الطبية.

وفي تقرير آخر، أشارت «الجزيرة» إلى أن المستشفيات تعمل بأقل من 30% من طاقتها، فيما حذّرت منظمات الإغاثة الدولية من «انزلاق غزة إلى مجاعة شاملة» إن لم يُفتح ممر إنساني دائم.
هذا التدهور الإنساني، بحسب التحليلات، بدأ يضغط بشدة على العواصم الغربية التي تواجه انتقادات داخلية حادة بسبب دعمها غير المشروط لإسرائيل

بحسب تقارير Reuters وWashington Post، فإن الإدارة الأمريكية تعيش حالة من التوازن الحذر.
فالبيت الأبيض – برئاسة جو بايدن – ما زال متمسكًا بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، لكن وزارة الخارجية وأعضاء من الكونغرس يطالبون بـ توسيع المساعدات الإنسانية وإحياء المسار الدبلوماسي.
ونقلت «رويترز» عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن «الولايات المتحدة لا يمكن أن تسمح بانهيار إداري في غزة بعد الحرب»، وإنها تبحث في خيار إدارة انتقالية بمشاركة عربية، في إطار تفاهمات مع الاتحاد الأوروبي ومصر والأردن.

إلى جانب الملف الفلسطيني، برزت تقارير عديدة تتناول دور إيران كعامل رئيس في موازين المنطقة، وأكدت Reuters أن المرشد الأعلى علي خامنئي أعلن أن «أي تعاون مع الولايات المتحدة غير ممكن ما دامت تدعم إسرائيل»، ما يعكس تصعيد دبلوماسي.

يُظهر الاتجاه العام في الإعلام الغربي اليوم أن الملف الإنساني والسياسي في غزة أصبح مركز الاهتمام الدولي بعد شهور من التركيز على الجانب العسكري.
وفي المقابل، تتقاطع خيوط هذا الاهتمام مع الملف الإيراني، إذ ترى واشنطن ولندن وباريس أن أي تسوية في غزة أو استقرار في المنطقة لن يتحقق دون إعادة ضبط المنطقة، لكن هذا الطرح، كما يراه محللون، يواجه معضلة حقيقية: كيف يمكن تحقيق الاستقرار دون إشراك القوى المحلية والإقليمية في صياغة مستقبل غزة والمنطقة.

 
بين الحصار الإنساني في غزة، والتجاذب السياسي بين واشنطن وأوروبا، وتنامي المخاوف من عودة التوتر في المنطقة، تقول فايننشال تايمز يبدو أن الشرق الأوسط يقف اليوم على مفترق طرق حاسم، فإما أن تنجح القوى الدولية في بلورة رؤية واقعية لإعادة بناء غزة وإطلاق مسار سياسي شامل، وإما أن يتحوّل الصراع إلى فراغ جديد يولّد دورات متكررة من العنف والمعاناة الإنسانية.  كما حذرت الصحيفة في ختام تقريرها:  «المنطقة لا تحتاج إلى هدنة مؤقتة، بل إلى مشروع سياسي يعيد تعريف السلام نفسه».