نوفمبر 2, 2025 - 21:53
الوضع السياسي الأمريكي بين الفراغ والفوضى والحكم الكيفي..هل هي البداية للسقوط !!


عرب جورنال/ هلال جزيلان - 
الولايات المتحدة التي كانت جدرانها من رخام الديمقراطية، وأبراجها من زجاج الحرية، وساحاتها تعج بحراس الجمهورية الذين كانوا يحرسون حلمها، باتت تخيم عليها ظلالاً ثلاثية بدأت تتسلل إلى أروقة القلعة فشبح الفراغ الذي يدب في الممرات، وعفريت الفوضى الذي يعبث بالأسس، وساحر الحكم الكيفي الذي ينقش تعاويذه على السلطة.
لم تعد القلعة كما كانت إذا... لقد توقف نبض الحياة في شرايينها، تجمدت أنهارت الرواتب في جداولها، وسكن الصمت قاعات الكونغرس التي كانت يوماً مسرحاً لأعظم الخطابات حتى الحراس على الأسوار بدأوا يتساءلون.. أين ذهب سحر هذه المملكة؟ وأين اختفت بركة الدستور الذي كان يحميها من شياطين الفتنة؟
وفي الأبراج العالية، يجلس التنينان العظيمان الجمهوري و الديمقراطي، يتنافسان على عرش يشرف على الانهيار كل منهما يزعم أنه الوريث الشرعي، وكل منهما يطلق نيران الاتهامات على الآخر بينما الشعب في الأسفل يحملق في السماء منتظراً معجزة تنقذ ما تبقى من الحلم الأمريكي.
تؤكد المشاهد السياسية في واشنطن أن العاصمة الأمريكية تعيش حالة استثنائية من الشلل الداخلي والارتباك الخارجي، حيث لم يسبق أن تزامنت تعبيرات ثلاثي الفراغ والفوضى والحكم المفلوت، بهذا الشكل الحاد وأكد باحثون في الشأن الأمريكي أن هذه الحالة تمثل ظاهرة غير مسبوقة في التاريخ السياسي الأمريكي الحديث.
ازمة مؤسساتية عميقة
وأوضح مهتمون بالشؤون الأمريكية أن الماكينة الإدارية تمر بمرحلة عصيبة، حيث تشهد تعطلاً غير مسبوق وأشارت التحليلات إلى أن رواتب موظفي معظم المؤسسات الفيدرالية متوقفة، كما توقفت مخصصات عمل المؤسسات الرسمية وبعض البرامج الاجتماعية واعتبر محللون أن الكونغرس أصبح نصفه مقفلاً والنصف الآخر عاجزاً عن فك العقدة المالية، مما ينذر بأزمة مؤسساتية عميقة.
سمة غالبة
وفي إطار التحليل السياسي، قال مراقبون إن تحديات السياسة الخارجية لا تقل إرباكاً عن الأوضاع الداخلية وأكد باحثون متخصصون أن الغياب الواضح في التشخيص والمعالجة يمثل السمة الغالبة على التعامل مع الملفات الدولية من غزة إلى أوكرانيا مروراً بلبنان والسودان وأوضح مهتمون بالشؤون الدولية أن هذا الغياب في الوضوح ينطبق أيضاً على المعالجات المحلية التي تتعمق خلافاتها باتجاه فرز أميركيتين متصارعتين يمثلان الحزبين الجمهوري والديمقراطي أي "الترامبية ونقيضها" المتمثلة في إدارته وحزبه والديمقراطيين.
مواجهة غير مسبوقة
واعتبر محللون سياسيون أن المعركة بين الأمريكيتين - الترامبية ونقيضها - مرشحة للتفاقم في عام انتخابي حاسم وقال مراقبون إن الاستعدادات للانتخابات بدأت مبكراً بما ينذر بمواجهة سياسية غير مسبوقة وأكد باحثون في العلوم السياسية أن الخطاب السياسي الأمريكي شهد تحولاً خطيراً باتجاه العدائية المباشرة، حيث تجاوز الحدود التقليدية للمنافسة السياسية.
عض على الاصابع
وفي تحليل الأزمة المالية، أوضح مهتمون بالشؤون الاقتصادية أن الخلاف في الكونغرس على تمرير شريحة الموازنة قضى بالإغلاق الحكومي وأشارت الدراسات إلى أن هذا الإغلاق استمر طويلا، فيما يعتبر ثالث أطول إغلاق في التاريخ الأمريكي واعتبر محللون ماليون أن العملية تحولت من خلاف حول الأرقام إلى لعبة عض على الأصابع.
وقال باحثون في الشؤون الإدارية إن تداعيات الإغلاق بدأت تنعكس على قطاعات اقتصادية تعتمد على الإنفاق الحكومي وأكد مهتمون بالشؤون الاجتماعية أن آلاف الموظفين تضرروا من توقف الرواتب، واضطر بعضهم إلى الوقوف في صفوف توزيع الوجبات المجانية.
تساؤلات دستورية
وفي إطار التطورات المقلقة، اعتبر محللون أمنيون أن مسألة الاستعانة بقوات الحرس الوطني لضبط الجريمة تثير تساؤلات دستورية وأكد باحثون قانونيون أن هذا التوجه غير مسبوق ويثير مخاوف من استخدام القوات المسلحة في الداخل وقال مراقبون إن هذه الخطوة ترافقت مع إجراءات أخرى غير معهودة مثل فرض رقابة على مراسلي البنتاغون.
مخاوف على الديمقراطية
وأوضح مهتمون بالشأن الديمقراطي أن هذه التطورات أثارت مخاوف جدية حول مستقبل الديمقراطية الأمريكية وأشارت استطلاعات الرأي إلى أن 58% من الأمريكيين أصبحوا يشككون في متانة النظام الديمقراطي واعتبر محللون سياسيون أن تحذيرات النخب من خطر الانزلاق نحو الفردية في السلطة أصبحت أكثر إلحاحاً.
وقال باحثون إن ممارسات كيفية مثل هدم الجناح الشرقي للبيت الأبيض دون استشارة الكونغرس، وقرار رئيس مجلس النواب بإيقاف عمل المجلس لأكثر من شهر، تمثل سوابق خطيرة في النظام السياسي الأمريكي.
وفي الجانب الاقتصادي، أشار محللون اقتصاديون إلى أن الرسوم الجمركية تشهد تذبذباً كبيراً يحكمه قرار كيفي وأكد مهتمون بالأسواق المالية أن هذا التقلب تسبب في اضطرابات كبيرة في أسواق المال والاستثمارات. وقال باحثون إن هذا التذبذب طاول حتى الشركاء المقربين مثل كندا والصين، مما أثر على الاستقرار الاقتصادي العالمي.
ملفات خارجية معلقة
وفي تحليل السياسة الخارجية، اعتبر محللون دوليون أن ملفات عدة تبقى معلقة بانتظار معالجات واضحة وأكد باحثون في الشؤون الدولية أن غياب الاستراتيجية الواضحة في ملفات غزة وأوكرانيا يزيد من تعقيد المشهد الدولي وقال مراقبون إن الإدارة الأمريكية تتعامل مع هذه الملفات بمفاجآت متتالية تربك التوقعات الدولية.
ختاماً، يشير المحللون إلى أن المشهد الأمريكي يمر بمرحلة حرجة تتداخل فيها العوامل الداخلية والخارجية، مما يستدعي متابعة دقيقة لتطورات الأوضاع في الفترة القادمة.
من يدري أنه ربما عجلة الزمن في مملكة العم سام بدأت تدور، حيث يتحول الحلم الأمريكي إلى كابوس يطارد أهله لقد أصبحت القلعة العظيمة أشبه بسفينة أشباح تتهادى في بحر من الضباب، قبطانان يتنازعان على الدفة، وطاقم مشتت، وشراع ممزق، وبوصلة تائهة بين أمواج المتاعب.
تبقى النهاية مجهولة... كتلك الخرافات القديمة التي تنتظر بطلاً ينقذ المملكة لكن من يدري ربما الصخب الحالي بداية النهاية.