أكتوبر 6, 2025 - 18:47
الملف النووي الإيراني عوائق وإجراءات منطقية ودقيقة أمام الولايات المتحدة وشركائها الأوربيين

عرب جورنال / خالد الأشموري - 

طالما سعت إيران جاهدة لايجاد حل تفاوضي عادل ومتوازن لمسألة البرنامج النووي الإيراني.وقد أثبتت التجربة بحسب القادة الإيرانيين أن لا حل سوى الحل الدبلوماسي الذي رفضتة الدول الاوربية والغربية والولايات المتحدة التي بقيادتها أضعفت كافة المبادرات وعمليات التفاوض السابقة والجارية بين إيران  و دول الترويكا (فرنسا-المانيا-بريطانيا) كأداة صغط على طهران-مايعني أن التهديد" الامريكي -الاوروبي" وتفعيل آلية "سناب باك" لم يحقق أي نتائج إجابية ، رغم ما تقدمة إيران من إظهار حسن النية والتعاون المختلف لاستمرارية العملية الدبلوماسية، وكذلك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية سوى من خلال توقيع الاتفاقيات او من خلال تقديم المقترحات العادلة التي تؤكد مصداقية إيران في سعيها لإستحقاق حقوقها وصولاً إلى حل تفاوضي حالي إذا كانت النية صادقة.

وما يجدر ذكرة في هذا السياق رغبة كبار القادة الإيرانيين من  الإستفادة من البرنامج النووي كوسيلة ردع، حتى ان طهران ،وبحسب القائد العسكري المسؤول عن حماية المواقع النووية الإيرانية، سبق وان أعلن بأن طهران قد تعيد النظر في عقيدتها النووية إذا ما هاجمت اسرائيل هذه المواقع.  ويطرح بعض المراقبين والعسكريين الاستراتيجيبن بأن إيران بالفعل قد تصنع أسلحة نووية وقنابل في غضون أيام رداً على أي هجوم أو إستفزازات محددة، والذين يرون أيضاً 
ان إيران أصبحت مايسمى بدولة على العتبة النووية- أي" دولة على عتبة صناعة سلاح نووي" حيث أكتسبت تدريجياً في الأعوام الأخيرة عدداً من القدرات اللأزمة لبناء سلاح نووي، فلديها مايكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لصنع الأسلحة النووية . ورؤية طهران الأكثر وضوحاً بأن العالم لن يجد أية وسيلة لمعرفة ما إذا كانت  تعمل على تصنيع سلاح نووي أم لا ?  ويرى المحللون أن مدى الإستفادة هنا " ان هذه التهديدات الأمريكية الأوروبية كان لها التأثير المطلوب في حال أرادت إيران تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 90 في المائه  المستخدمة عادة في صنع الأسلحة ، وهو مايشير إلى ان القادة الإيرانيين أرادو إيصال رسائل مفادها ان إمكانية إيران عالية في إنتاج اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة ولكنهم يفضلون التفاوض والحوار على الطاولة .
 ولاشك أن اعادة الأمم المتحدة في 27سبتمبر 2025، فرض حظر الأسلحة وعقوبات أخرى على إيران بسبب برنامجها النووي بعد ما فَعلت ذلك قوى أوروبية عملية تحمل "سم آلية العودة السريعة للعقوبات" يُعد إجراء غير قانوني من قبل مجلس الأمن بحسب وزير خارجية إيران، أكدت  ذلك روسيا على لسان ماريا زاخاروفا      المتحدثة بأسم وزارة الخارجية الروسية على عدم قانونية هذه الإجراءات الأممية.
ومن التطورات الغير جادة والغير فاعلة
تأثر الدول الأوربية وبخاصة دول الترويكا( فرنسا وبريطانيا وفرنسا) بجهات فاعلة مثل الولأيات المتحدة ومجلس الأمن الدولي " يُعد نهج غير مسؤول وغير مستقل" ومن حق إيران أن تتخذ الإجراءات المنطقية والدقيقة اللأزمة تجاه هذه الدول ألتي تعمل على تعميق أزمة البرنامج النووي الإيراني .
وإذا كانت إيران تسعى إلى استخدام قدرتها النووية كرادع
في زمن تتهاوى فيه معاهدات الردع، فأن الرهان على الضربة الوقائية وأرد في حال أي هجوم عسكري ضد منشآت إيران النووية والذي قد يطلق بحسب المراقبين عسكريين وسياسيين "سباق تسلح نووي" خطر في الشرق الأوسط مما يسبب كارثة عميقة .
 ان ما تملكة إيران من مخزون اليورانيوم عالي التخصيب حق لإيران وحدها ولا يحق لأمريكا وشركاءها الأوروبيين تفعيل آلية الزناد ما لم توافق إيران على الحد من تخصيب اليورانيوم واستئناف التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية ..ومعلوم ان طهران لن تخشى أمريكا وأوروبا، فالشعب الإيراني متحد وسيواجة الأزمات، وفي حال قيام الأعداء بأية خطوات جزافية تجاه إيران فإن هذة الخطوة ستقابل برد قاس بحسب قادة إيران.

ومن أجل إيجاد حل للازمة، نعود إلى رؤية و تأكيد الأتحاد الأوروبي لمرات عديدة " أن إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران لا تعني نهاية الدبلوماسية مع إيران، وهذا اعتراف أوروبي بأن اعادة فرض العقوبات من جانب الأمم المتحدة تُعد أجراءات غير قانونية، وهذا الطرح أشارت الية "كايا كالاسا"  مسؤولة السياسة الخارجية في الأتحاد الأوروبي الأحد 28 سبتمبر 2025، في بيان : ان الأتحاد الأوروبي سيتابع في ما إذا فرض أية عقوبات على طهران بسبب برنامجها النووي، وبأن الاتحاد سيجد حلاً دائماً للمسألة النووية الإيرانية عبر التفاوض و الدبلوماسية، وهو رأي سياسي صائب
يؤيد رؤية القيادة الإيرانية ألتي تسعى لحل عاجل ومتوازن حول برنامجها النووي يضمن المصالح المشتركة .. ومما يشار إليه في ذات السياق ،ذلك
 التعاون المتنامي بين روسيا وإيران الذي قد يؤدي إلى شراكة نووية، وهذا يعني أن هناك تقارب روسي إيراني إذ أن اعتماد موسكو المتزايد على التكنلوجيا الإيرانية في حرب روسيا ضد أوكرانيا حيث لازالت مستمرة للعام الثالث، ما يمكن قولة أن هذه الحرب أصبحت نقطة تحول في هذه العلاقة، ذلك أدى إلى تعزيز تحالفهما حيث تحول الدعم العسكري الإيراني إلى عامل حاسم في الجهود الحربية الروسية، وهو ما أصبح بنظر المراقبين والمحللين تطوير للبرنامج النووي الإيراتي و بمساعدة روسية قوية ضد إسرائيل والغرب.

ونختم بما ورد في مقال للصحافية" فدى مكداش "  المحررة في الاندبندنت ، عربية في 22 يونيو 2025، قولها :
   في عام 2012 حذر وزير الدفاع الأميركي السابق روبرت غيتس من أن شن هجوم عسكري على إيران "سيجعل من إيران نووية حتماً، كل ما في الأمر أنهم سيدفنون برنامجهم أعمق ويجعلونه أكثر سرية "  وأضاف " نعم، يمكننا إلحاق أضرار بالمنشآت النووية، لكن ماذا بعد؟ النتائج قد تكون كارثية، وستطاردنا لأجيال في تلك المنطقة من العالم ".
تحذير غيتس لم يكن معزولاً، عبر عقود،  ظل الإجماع شبه الكامل في الأوساط العسكرية والاستخباراتية الأميركية هو أن الذهاب إلى حرب مع إيران سيكون خطوة مدمرة، ليس فقط بسبب أخطار الحرب التقليدية، بل لأن الأخطار النووية تتجاوز إيران نفسها.
بدوره تساءل قائد القيادة المركزية السابق، الجنرال أنتوني زيني " ماذا بعد إسقاط تلك القنابل على المنشآت المحصنة؟ "، الإجابة المرعبة تكمن في التداعيات الاقتصادية والسياسية والعسكرية العالمية التى قد تنجم عن التصعيد النووي.
في أسوأ السيناريوهات قد تدفع الضربات إلى تسريع مساعي طهران إلى إنتاج قنبلة نووية في غضون أسابيع، وربما استخدام أجهزة بدائية كتلك التى دمرت هيروشيما قبل 80 عاماً، كما قد تغلق إيران مضيق "هرمز" ، وتوقف خُمس إمدادات النفط العالمية، وتضرب القوات الامربكية في المنطقة، أو تشن هجمات إرهابية على مصالح أميركية في أنحاء العالم.

وتضيف مكداش الصحفية : ان الأخطر في هذه المواجهة ثلاث قوى كبرى، منها اثنتان (الولايات المتحدة وإسرائيل) نوويتان.
ماذا لو أطلقت إيران صواريخها على تل أبيب وقتلت المئات؟ هل سترد إسرائيل بصواريخها النووية؟وماذا لو أغرقت طهران واحدة من حاملات الطائرات الأميركية الثلاث المتوجهة إلى المنطقة؟ هل سيتجاوز الرئيس الأميركي حينها "الخط النووي الأحمر؟". 
مخاوف من مضاعفة أخطار الانتشار النووي 
لقد أمضى العالم 80 عاماً من دون  استخدام سلاح نووي في معركة فعلية.
هذه الحرب قد تنهي تلك الحقبة ، وحتى لو نجحت الضربات في تدمير أجهزة الطرد المركزي ومخزون اليورانيوم الإيراني، فإن أخطار الانتشار النووي ستتضاعف: دول كثيرة في أوروبا وآسيا قد ترى أن السبيل الوحيد لضمان بقائها هو امتلاك قنبلتها النووية الخاصة، مما يهدد بانهيار معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التى صمدت نصف قرن.
اما اليوم، ومع تفكك النظام العالمي للرقابة النووية، واقتراب انتهاء آخر معاهدة دولية تحد من التسلح النووي (معاهدة "نيو ستارت")، ومع وجود ثلاثة قادة مضطربين وغير شعبيين على طرفي الأزمة، يبدو العالم كأنه ينزلق نحو هاوية " فوضى نووية" تشبه ما حدث في خمسينات القرن الماضي. العالم اليوم يخوض لعبة نووية محفوفة بالأخطار والنتيجة قد تكون وخيمة على الجميع.
من هنا، يصبح من الضروري استرجاع دروس كوارث المفاعلات النووية الكبرى، من تشيرنوبيل إلى فوكوشيما. فماشهدة العالم في تلك الحوادث المروعة كاف لتذكيرنا أن أي انزلاق نووي، سواء في زمن السلم أو في أتون حرب مشتعلة، قد يحكم على البشرية بجروح يصعب التئامها.