أعلنت إثيوبيا رسميًا افتتاح سد النهضة بعد 14 عامًا من العمل، في خطوة تصاعد التوتر مع مصر والسودان حول إدارة وتشغيل المشروع، ما يثير تساؤلات حول مستقبل التعاون المائي بين الدول الثلاث.
وتتمسك مصر والسودان برفض ما تصفه بـ"سياسة فرض الأمر الواقع" التي تتبعها إثيوبيا، مؤكّدتين على ضرورة توقيع اتفاق قانوني ملزم يضمن حقوق جميع الأطراف ويحافظ على تدفق المياه دون تأثير من المشروعات الإثيوبية، مع الاعتراف بحق إثيوبيا في التنمية.
مع افتتاح السد، تراجعت بعض نقاط الخلاف حول سنوات ملء بحيرة السد، لكنها لا تزال قائمة فيما يخص ضمان تدفق المياه والتنسيق وتبادل البيانات لتجنب أي أزمات مفاجئة، إلى جانب المخاوف بشأن أمان السد.
وأكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، أن افتتاح السد يعكس استمرار إثيوبيا في اتخاذ قرارات منفردة دون مراعاة مصالح مصر والسودان، بما يُعد خرقًا للاتفاقيات التاريخية بين الدول منذ عام 1891 وحتى إعلان مبادئ سد النهضة 2015.
وأشار شراقي إلى أن الملء الأول للسد أدى إلى تخزين نحو 64 مليار متر مكعب خلال خمس سنوات، مع فقد أكثر من 36 مليار متر مكعب بسبب البخر والتسرب، أي ما يقارب ضعف الحصة السنوية لمصر. وأضاف أن القاهرة نجحت في حماية مواردها المائية عبر مشروعات هندسية تجاوزت قيمتها 500 مليار جنيه، شملت إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي، وإنشاء محطات معالجة، وتبطين الترع، وتنظيم زراعة الأرز.
كما أرسلت مصر عدة خطابات إلى مجلس الأمن الدولي تؤكد رفضها للقرارات الإثيوبية، بهدف حماية حقوقها المائية المستقبلية.
في السياق نفسه، حذر الدكتور هشام العسكري، أستاذ علوم الأرض والاستشعار عن بعد بجامعة تشابمان الأمريكية، من التساؤلات الكبيرة حول أمان السد وإدارة إثيوبيا المنفردة له، مشيرًا إلى احتمال حدوث تأثيرات طويلة الأمد نتيجة الضغط الكبير على القشرة الأرضية في المنطقة.
ويقع سد النهضة على أحد روافد نهر النيل الرئيسية في منطقة بني شنقول، على بعد 15 كيلومترًا من الحدود السودانية. تؤكد إثيوبيا سيادة المشروع على أراضيها، بينما تعتبر مصر والسودان أي قرار أحادي انتهاكًا للقانون الدولي، خشية أن يؤدي إلى حجب تدفق المياه. وتصف القاهرة الأزمة بأنها "تهديد وجودي" لمواردها المائية.