مايو 29, 2025 - 23:24
مايو 30, 2025 - 21:59
عضو المكتب السياسي لحركة الشعب التونسية منصف بوزازي لـ(عرب جورنال): الدعم اليمني لغزة رسم  توازنات رعب وردع في مسرح المواجهة مع أمريكا والكيان وهزيمة واشنطن أمام اليمن بداية لتفكك التحالف الصهيو_أمريكي

في حوار خاص تستضيف "عرب جورنال" عضو المكتب السياسي لحركة الشعب التونسية منصف بوزازي، للحديث عن تطورات المشهد السياسي والعسكري في غزة وعموم المنطقة، تزامناً مع استمرار العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني. ويتطرق الحوار إلى خطورة المشاريع الصهيو_أمريكية التي تستهدف الأمة العربية والإسلامية، في ظل استمرار الصمت والتخاذل والتواطؤ العربي والإسلامي مع هذه المشاريع التخريبية التمزيقية. كما يتطرق الحوار إلى الموقف الشعبي والرسمي في تونس من معركة طوفان الأقصى والأحداث المصاحبة لها، ومن مجازر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتي يشنها الكيان الصهيوني ضد الشعب العربي والمسلم في فلسطين المحتلة. ويسلط الحوار الضوء على تطورات جبهة الإسناد اليمنية مع فرضها حصاراً بحرياً جوياً خانقاً على الكيان المحتل.

عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي 

معركة طوفان الأقصى هي لحظة فارقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وشكلت ظهور وعي نوعي وممارسة نضالية وكفاحية في تجسيد طبيعة الصراع باعتباره صراع وجود بين أصحاب الأرض وبين مغتصبين قادمين من وراء البحار 

تفاعلنا في حركة الشعب مع طوفان الأقصى منذ الوهلة الأولى، وننظم فعاليات جماهيرية أسبوعية استنكاراً لجرائم الإبادة والتجويع والتهجير التي يتعرض لها شعبنا في فلسطين تحت حماية ورعاية المنظومة الغربية الأطلسية وبتمويل منها 

الموقف اليمني الداعم لغزة مثّلَ تحولاً عميقاً واستراتيجياً في رسم معادلات جديدة لموازين القوى السياسية والعسكرية في المنطقة،وشكّلَ مقاربة جديدة في وضع قواعد اشتباك مستحدثة وغير مسبوقة في نوعية المشاركة والدعم والإسناد والتضامن العربي 

لقد أثمرت العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة مكاسب سياسية واقتصادية ضد الكيان الصهيوني والقوى الغربية الداعمة له،ومثّلَت معطى في غاية الأهمية في رسم توازنات رعب وردع في مسرح المواجهة مع أمريكا والكيان الصهيوني

إعلان الإدارة الأمريكية وقف العدوان على الشعب اليمني، من جانب واحد، هو إعلان هزيمة وإقرار مبطن وغير مباشر بعدم القدرة على تحمل الخسائر، وبالتالي الإقرار بقدرة السلاح اليمني والإرادة اليمنية الصلبة على المواجهة وتكبيد العدو مزيداً من الخسائر 

هزيمة أمريكا أمام اليمن، يشكّل بداية فك الإرتباط بين العصابات الصهيونية وعديد الدوائر الغربية، وبداية تفكك التحالف الصهيو_أمريكي، نتيجة عدم القدرة على تحمل التكاليف الضخمة التي يدفعها دافع الضرائب الأمريكي، وعدم تحمل مجمع الصناعات الحربية والمالية الأمريكية لهذا الدعم للكيان الصهيوني 

النظام الرسمي العربي في عداد الموت السياسي، وهو خارج دائرة الفعل ما عدى التآمر، ولم يبقى له من مبررات وجود سوى الحفاظ على مواقع سلطة لن تدوم طويلاً،ولن يصمد في ظل التحولات الحاصلة عربيا ودوليا مهما أغدق ودفع من تريلونيات من الدولارات إلى الراعي الأمريكي 

أمريكا اليوم في أضعف حالاتها وعلى القوى الوطنية العربية أن تأخذ في الحسبان هذا المعطى وترسم لنفسها خيارات جديدة تتماشى مع نتائج هذا الانحسار الأمريكي وتشبك علاقات مع معسكر الجنوب الكبير بما يحقق تطلعات أمتنا في التحرر والوحدة

الحراك الوطني الذي تشهده بعض الدول الإفريقية، هو تجسيد عيني وعملي لنمو وفاعلية وعي شعبي بضرورة التحرر من أشكال الإستعمار الجديد وتحويل مقدرات الشعوب الإفريقية وثرواتها المنهوبة لفائدة تنميتها وازدهارها وفك الإرتباط مع مؤسسات وشركات النهب والإستغلال الأوروبي

_ بصفتكم أحد أبرز قيادات حزب حركة الشعب التونسي.. كيف استقبلتم اللحظة الأولى لاندلاع شرارة معركة طوفان الأقصى؟ وماذا تعني لكم هذه المعركة المصيرية؟ وكيف تعامل الحزب مع تطورات المعركة والأحداث المصاحبة لها، وكذلك تطورات العدوان الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟ وكيف تقيمون موقفكم هذا في سياق الموقف الرسمي والشعبي في تونس من هذه المعركة ومن دعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه، بشكل عام؟ وهل تعتقدون أن هذه المواقف تليق بحجم اللحظة المصيرية التاريخية؟

لقد مثلت معركة طوفان الأقصى لحظة فارقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، وشكلت ظهور وعي نوعي وممارسة نضالية وكفاحية في تجسيد طبيعة الصراع باعتباره صراع وجود بين أصحاب الأرض وبين مغتصبين قادمين من وراء البحار.

ولقد مثّل دخول وسيطرة المقاتلين الفلسطنيين على جزء من الأراضي المحتلة سنة 1948، وقتل وأسر عدد كبير من المستوطنين، مثّل ضربة قوية وحاسمة للعقل الصهيوني والغربي عموما، ورتب معادلة جديدة، فقدت لعقود في ظل وهم السلام، مفادها أننا بصدد معركة تحرر وطني من إستعمار استيطاني وبصدد مقاومة الصهيونية باعتبارها حركة احتلال ، وأن لا مكان لدولة الكيان على أراضينا مهما طال تواجدها.

وهو ما شكل وعياً لدى عموم الشعوب الغربية وقواها الحية أعاد للقضية الفلسطينية حقيقتها، وجلب لها عديد المساندين و الداعمين ، بعيداً عن أوهام السلام والتعايش و التطبيع.

ولقد كان وقع الهزيمة التي لحقت بالحركة الصهيونية في بداية الطوفان كبيراً جداً، بما دفع كل الدوائر المعادية في المعسكر الأطلسي للتدخل قصد حماية دولة " إسرائيل" من الإنهيار، ووفرت لها كل الدعم العسكري والبشري والتكنولوجي والمالي، بل وشاركت مباشرة في الحرب، وهو ما ثبت لدينا وعزز موقفنا وفهمنا بكون هذا الصراع يدور بين أمتنا العربية ومنظومة الغرب الأطلسي، وما "إسرائيل " سوى قاعدة متقدمة له، وزادنا إيماناً راسخاً بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة، وأن معركتنا مع العدو هي معركة وجود وليست معركة نزاع على الحدود.

ولقد تعاملنا في حركة الشعب مع المعركة على هذه القاعدة منذ انطلاقها و أسهمنا فيها بكل طاقاتنا، ونظمت الحركة في الأشهر الأولى للمعركة (13-14 جانفي 2024) ملتقى عربي للقوى المقاومة، حضره جميع فصائل محور المقاومة من فلسطين و لبنان و العراق واليمن (حزب الله ، حماس ، الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين) علاوة على عديد القوى و التنظيمات والأحزاب العربية الداعمة و المتبنية لخيار الكفاح المسلح.

ولقد كان لهذا الملتقى الأثر العميق من حيث الإسناد السياسي والإعلامي للشباب المقاتل في الجبهة الأمامية للمعركة مما أثار ردود فعل قوية لدى السفارات الغربية في تونس.

وكان هذا الملتقى واحد من عديد الأنشطة والفعاليات التي انتظمت في تونس بمشاركة ودفع وتأطير حركة الشعب في جميع المحافظات، من مسيرات ووقفات تضامنية وندوات وغيرها التقى فيها الموقف الشعبي مع الموقف الرسمي للدولة.

ولا تزال إلى اليوم تقام أسبوعيا فعاليات جماهيرية في عديد المواقع دعماً وإسناداً لقوى المقاومة، وتنديداً واستنكاراً لجرائم الإبادة والتجويع والتهجير التي يتعرض لها شعبنا في فلسطين تحت حماية ورعاية المنظومة الغربية الأطلسية وبتمويل منها. 

_ أي تأثيرات إستراتيجية للعمليات العسكرية اليمنية في عمق الكيان الصهيوني، وذلك في قلب معطيات المعركة القائمة رأساً على عقب وفي تعزيز صمود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، خاصة بعد فرض اليمن حصارا بحريا وجويا على الاحتلال؟ وأي انعكاسات مباشرة لهذا الحضور اليمني العسكري على توازنات الرعب والردع على مسرح المواجهة مع أمريكا و"إسرائيل" في المنطقة والإقليم بشكل عام؟ وماذا يعني أن تعلن القوات المسلحة اليمنية رسمياً أنها لن تقبل باستمرار حالة الاستباحة التي يحاول العدو الصهيوني فرضها من خلال استهداف البلدان العربية كلبنان وسوريا، تزامناً مع فرضها معادلات ردع جديدة في سياق المواجهة الراهنة، وأهمية ذلك في حماية الأمن القومي العربي؟ وهل تعتقدون أن إعلان واشنطن وقف العدوان على اليمن يعكس الفشل الأمريكي في إخضاع اليمن أو ثنيه عن دعم غزة؟ 

لقد كان الموقف اليمني لافتاً ومحدداً في معركة طوفان الأقصى، حيث مثّلَ تحولاً عميقاً واستراتيجياً في رسم معادلات جديدة لموازين القوى السياسية والعسكرية في المنطقة، وشكّلَ مقاربة مستحدثة في وضع قواعد اشتباك مستحدثة وغير مسبوقة في نوعية المشاركة والدعم والإسناد والتضامن العربي، وذلك على النحو التالي: 

1- لجهة مجال المعركة وساحتها وجغرافيتها ( البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبحر العرب) وتأثير ذلك في مجمل المنظومة الغربية عسكرياً وتجارياً.

2- لجهة نوعية الأسلحة المعتمدة ومدى قدرتها التدميرية وآثارها على العدو (الصواريخ فرط صوتية، الطائرات المسيرة) وما أحدثته من ردود أفعال دولية.

3- لجهة الدول المستهدفة وحلفاء الكيان الصهيوني (أمريكا ، بريطانيا ، فرنسا ) ممن يدعمونه عسكريا وسياسيا.

4- لجهة الآثار والمكاسب التي أثمرته مشاركة اليمن شعبيا ورسميا، عربيا ودوليا، وتداعياتها على الكيان الصهيوني( وخاصة في مستوى الإقتصاد العالمي).

وهو ما مثل معطى في غاية الأهمية في رسم توازنات رعب وردع في مسرح المواجهة مع أمريكا ودولة الكيان الصهيوني.

ونحن نعتبر ، في حركة الشعب، أن معركة طوفان الأقصى ثبتت معطيات ومقاربات جديدة في سياق المواجهة التاريخية مع العدو الصهيوني بحيث :

- كانت معركة ذات بعد قومي بامتياز من خلال المشاركة المباشرة لأغلب أبناء شعبنا العربي من عديد الساحات العربية على تخوم فلسطين المحتلة ( يمنية ، عراقية ، مصرية ، لبنانية ، أردنية ، فلسطينية) ، وبقدر تفاوت حجم هذه المشاركة العسكرية زخماً وحضوراً؛ فإن شعبنا في كل العواصم العربية كان حاضراً ومسانداً عبر عديد الفعاليات وعلى إمتداد زمن المعركة منذ انطلاقها إلى اليوم، وهو ما أعاد للقضية مركزها صلب الإهتمام الشعبي عربيا ودوليا.

- كانت مشاركة الجماهير العربية المنظمة والمسلحة في عديد الساحات من خارج دوائر النظام العربي الرسمي وفي غياب جيوشه وعساكره الرسمية، وبعيداً عن وصايته وتوجيهه، كانت ذات أهمية قصوى وأثبتت مرة أخرى فعاليتها وقدرتها على الحسم والقتال، هو ما يفتح الباب على التفكير ملياً في نجاعة هذا الأسلوب، ويشجع على مزيد الإنخراط فيه وتدعيمه على الطريق نحو دحر العدوان وتحرير فلسطين.

ونعتقد أن إعلان الإدارة الأمريكية وقف العدوان على الشعب اليمني، من جانب واحد، هو إعلان هزيمة وإقرار مبطن وغير مباشر بعدم القدرة على تحمل الخسائر، وبالتالي الإقرار بقدرة السلاح اليمني والإرادة اليمنية الصلبة على المواجهة و تكبيد العدو مزيداً من الخسائر، وهو ما نعتقد أنه سوف يشكل بداية فك الإرتباط بين العصابات الصهيونية وعديد الدوائر الغربية، وبداية تفكك التحالف الصهيو أمريكي، نتيجة عدم القدرة على تحمل التكاليف الضخمة التي يدفعها دافع الضرائب الأمريكي، وعدم تحمل مجمع الصناعات الحربية والمالية الأمريكية لهذا الدعم للكيان الصهيوني والمساند للمجرم نتنياهو غير المربح، علاوة على التحول الشعبي الكبير في مستوى الرأي العام الشبابي والأكاديمي المساند للقضية الفلسطينية.

_ مؤخراً جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة وذهب معه تلريونات من الدولارات، بينما تتضور غزة جوعاً ولم يكلف النظام الرسمي العربي نفسه حتى إدانة العدوان الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني ومنع العدو إدخال المساعدات الإنسانية، وهو ما شاهدناه من المواقف المهترئة للقمة الأخيرة.. ما تعليقكم؟ وكيف تواصل الأنظمة العربية مسلسل انفضاحها وانبطاحها للمشاريع الصهيونية الأمريكية على حساب دماء وأمن واستقرار شعوب الأمة العربية والإسلامية؟ وما عواقب وتداعيات هذه السياسة التي ينتهجها النظام الرسمي العربي بشكل عام، على مستقبل الدول والشعوب والمنطقة برمتها؟ 

نحن نعتبر النظام الرسمي العربي في عداد الموت السياسي، وهو خارج دائرة الفعل ما عدى التآمر، ولم يبقى له من مبررات وجود سوى الحفاظ على مواقع سلطة وحكم لن تدوم طويلاً، وهو يدفع من مقدرات أبناء شعبنا العربي ومن أمواله لمن يحميه من الزوال ومن افتقاد سلطته.

ولن يصمد هذا النظام الرسمي العربي في ظل التحولات الحاصلة عربيا ودوليا مهما أغدق ودفع من تريلونيات من الدولارات إلى الراعي الأمريكي.

ونحن نعتبر أن مزيد إنسياق بعض الأنظمة العربية الرسمية نحو الإنبطاح و الخذوع للمشروع الصهيوني سوف يساهم في كشفها وفضحها أمام الجماهير العربية، وبالتالي يسهل ويسرع نهايتها بما يمكن القوى الوطنية من أخذ زمام المبادرة وبناء وتركيز واقع سياسي جديد على أنقاضها، ومباشرة عملية تنموية مستقلة قوامها السيادة وجوهرها العدالة وعنوانها الكرامة والحرية أولاً و أخيراً. 

_ في تصريحات له مؤخراً.. قال السفير الأمريكي المعين لدى الكيان الصهيوني، مايك هاكابي، إنهم يسعون في ظل إدارة ترامب لتحقيق ما وصفها بأبعاد توراتية في الشرق الأوسط.. ما الذي يقصده بهذه الأبعاد؟ وهل يشير بذلك إلى دعم أمريكي صريح للكيان الصهيوني لتنفيذ مشروع "إسرائيل الكبرى" في المنطقة؟ وهل يمكن تمرير مثل هذا المشروع في ظل هذا الظروف والمعطيات القائمة وفي ظل التصعيد الإسرائيلي في الجوار الفلسطيني؟ وأي تداعيات خطيرة لهذا المخطط الذي يراد منه تفنيت الدول العربية والإسلامية وإعادة تقسيمها على الأهواء الأمريكية الصهيونية؟ وكيف يمكن مواجهته على المستوى العربي والإسلامي؟ 

الإدارة الأمريكية أعجز من أن تنفذ أي مشروع لا توراتي ولا إبراهيمي في المنطقة، ولا ترامب وسفرائه قادرون في ظل موازين القوى الدولية على إنجاز أي شيء، هي فقط مجرد فرقعات إعلامية وسكاتشات هوليودية يسعون من خلالها إلى إرباك بعض من أبناء جلدتنا، ومزيد من ابتزاز بعض النفوس الضعيفة من حكام العرب، أما الشعب العربي وقواه الحية فهي على بينة من هذه المحاولات اليائسة ويدركون تمام الإدراك إنحسار النفوذ الأمريكي في العالم وبداية إنحدار هيمنته، وتشكل موازين قوى جديدة على المستوى الدولي.

أمريكا اليوم في وضع دفاع استراتيجي عن مواقعها ودورها في العالم، وفي أضعف حالة لم تشهدها منذ نشأتها.

وبالتالي على القوى الوطنية في أمتنا العربية أن تأخذ في الحسبان هذا المعطى وترسم لنفسها خيارات جديدة تتماشى مع نتائج هذا الانحسار الأمريكي وتشبك علاقات مع معسكر الجنوب الكبير بما يحقق تطلعات أمتنا في التحرر والوحدة. 

_ ما موقفكم من الحراك الوطني الذي تشهده بعض الدول الإفريقية وعلى رأسها دول الساحل الأفريقي ضد قوى الإستعمار الغربي عموماً والأوروبي على وجه الخصوص؟ وهل تعتقدون أن أفريقيا في طريقها للانتصار في هذه المعركة التي تخوضها ضد الإستعمار بعد عقود من الاستغلال والاستنزاف لثرواتها ودماء شعوبها؟ وكيف يجري التصدي للتوسع الصهيوني على المستوى الأفريقي بما له من تأثيرات إستراتيجية لقطع الطريق أمام المحاولات الإسرائيلية لتعويض الغياب الغربي في عمق القارة الأفريقية؟ وماذا تقولون بشكل عام في هذا السياق؟ وما هي نصائحكم لدول وشعوب أفريقيا لتحقيق تطلعاتها في هذا العالم؟ 

الحراك الوطني الذي تشهده بعض الدول الإفريقية، هو تجسيد عيني وعملي لنمو وفاعلية وعي شعبي بضرورة التحرر من أشكال الإستعمار الجديد وتحويل مقدرات الشعوب الإفريقية وثرواتها المنهوبة لفائدة تنميتها وازدهارها واستقرارها وفك الإرتباط مع مؤسسات وشركات النهب والإستغلال الأوروبي التي ورثت الثكنات والتواجد العسكري المباشر على امتداد عقود.

إن الشعوب الإفريقية تستكمل المرحلة الثانية من استقلالها المنقوص بطرد وكنس كل التواجد الإستعماري الخفي وغير المباشر والمتحالف مع خونة وعملاء الريع الداخلي.

نحن نعتبر أن هذا الحراك الذي تعيشه دول الساحل الإفريقي (السينغال ، مالي ، بوركينا فاسو ، النيجر)، هو جبهة مضافة تفتح ضد قوى الهيمنة والإستعمار الغربي الأطلسي، وسوف تكون نتائجها في صالح وفائدة الأمة العربية وفي خدمة قضيتها العادلة، قضية فلسطين.

ونحن في تونس نعمل أن نكون، رسمياً وشعبياً، جزء لا يتجزأ من هذه الجبهة الإفريقية، وبصدد توطيد العلاقات مع هذه الأنظمة الجديدة وقواها الوطنية في سبيل الإنخراط الجدي والنوعي في رسم علاقات دولية وتحالفات تضمن تحرر شعوبنا وتحكمها في مقدراتها بعيداً عن التدخل الأجنبي وخارج خياراته الليبرالية المستغلة.