مايو 19, 2025 - 17:08
غزة تحت النيران: تصعيد دموي ومفاوضات متعثرة في ظل صمت دولي مريب


ترجمة وتحرير / نسيم الفيل - عرب جورنال 

في تصعيد غير مسبوق منذ أسابيع، أطلقت قوات الإحتلال الإسرائيلية عملية برية موسّعة على قطاع غزة، وسط تساؤلات دولية حول أهداف هذا التحرك. وبينما تتواصل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس في العاصمة القطرية الدوحة، بدا الهجوم الأخير وكأنه رسالة ضغط قبل أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار.


ومنذ فجر الأحد، توغلت الدبابات الإسرائيلية، مدعومة بالجرافات والطائرات المسيرة، في المناطق الشمالية من القطاع، مستهدفة ما تبقى من الأحياء المدمرة. خلال ثلاثة أيام فقط، قُتل أكثر من 300 فلسطيني، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال الذين لجأوا إلى خيام مؤقتة هربًا من القصف المتواصل.

رغم التحذيرات الدولية والعربية، تجاهل رئيس وزراء الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدعوات إلى التهدئة، في مشهد وصفته صحيفة ليبراسيون الفرنسية بأنه "تحدٍ واضح للإرادة الدولية".


ومع استمرار القصف، أعلنت فرق الدفاع المدني الفلسطيني أن نحو 200 شخص ما زالوا تحت الأنقاض خلال أسبوع واحد، في حين تعطلت ثلاث أرباع مركبات الإنقاذ نتيجة نقص حاد في الوقود.
وقد اضطر المستشفى الإندونيسي، وهو آخر مرفق حكومي يعمل في شمال القطاع، إلى الإغلاق القسري بعد حصار من طائرات الدرون الإسرائيلية. أما مستشفى العودة، فيواصل استقبال الجرحى رغم تعرض محيطه لعشر غارات جوية خلال ساعات.


وفي الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر، تساءلت الصحيفة الفرنسية عن موقف الولايات المتحدة، القوة العالمية الأكثر تأثيرًا. وأشارت إلى أن دونالد ترامب، الذي لمح سابقًا إلى تعاطفه مع المدنيين في غزة، بات صامتًا، فيما تتضارب تصريحات فريقه بين التصعيد والدعوة للتهدئة.

وعلى الصعيد العربي، يبقى موقف ولي العهد السعودي، الذي وقّع مؤخرًا صفقات ضخمة مع واشنطن، محل تساؤل: هل تخلت الدول العربية عن القضية الفلسطينية أم أن هناك جهودًا خلف الكواليس لإنهاء الأزمة؟


في مفارقة مأساوية، كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تحتفل ليلة الأحد بنجاح المغنية يوڤال رافائيل في مسابقة "يوروفيجن"، بينما كانت المروحيات تُغرق غزة بالقنابل، وتُكدّس الجثث في المشرحة.

ورغم الحديث عن مفاوضات قد تفضي إلى تهدئة مؤقتة وتسهيل دخول الإمدادات الطبية والغذائية، يرى مراقبون أن الخطة العسكرية الإسرائيلية تهدف إلى إعادة تشكيل القطاع جغرافيًا وأمنيًا، وفق استراتيجية "الأصابع الخمسة" التي أرسى ملامحها أرييل شارون منذ السبعينيات، والتي تسعى إلى تقسيم غزة إلى مناطق منفصلة يسهل التحكم فيها.

وفي الوقت ذاته، كشفت تقارير عن بدء تنفيذ خطة أمريكية مثيرة للجدل لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة، رغم رفض واضح من المنظمات الإغاثية الدولية. وقد رُصد وصول عناصر أمنية إلى مطار بن غوريون لتأمين القوافل، وسط ترقب لردود الفعل الشعبية والدبلوماسية.


وبين دمار لا يتوقف، ومفاوضات غير مؤكدة، وصمت دولي لافت، يبقى المدنيون في غزة الضحية الأكبر لصراع تديره القوى الكبرى وتكتوي بناره الشعوب. في ظل استمرار التصعيد، يبدو أن صوت الضحايا ما زال أضعف من قرارات السلاح.