
عرب جورنال / زين العابدين عثمان -
من جديد تقر وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" عن سقوط إحدى مقاتلاتها الهجومية طراز F-18 سوبر هورنيت التابعة للسرب الجوي لحاملة الطائرات يو إس إس ترومان في البحر الأحمر، وهذه المرة يأتي الاقرار بالتزامن مع صخب التصريحات الانهزامية التي أصدرها الرئيس المجرم ترامب مساء أمس الثلاثاء المتضمنة إعلان وقف شامل للعمليات الجوية العدوانية على اليمن.
للعلم، هذه المقاتلة تعتبر الثانية من نوعها التي تم إسقاطها في ظروف عملياتية معقدة كانت خلالها حاملة الطائرات ترومان تتعرض لعملية استهداف من قبل القوات المسلحة اليمنية في مياه البحر الأحمر. حيث أقر مسؤولون في البنتاغون بتصريحات متضاربة عن فقدان هذه المقاتلة وعن حزمة من الخسائر التي تعرضت لها حاملة الطائرات دون الكشف عن الحقائق والأرقام والتفاصيل.
الجزء المهم أن تصريحات المجرم ترامب التي قال فيها: إن مسألة وقف العمليات على اليمن هي نتيجة إعلان الحوثيين استسلامهم ورغبتهم في إيقاف استهداف السفن الأمريكية في البحر الأحمر، أتت بشكل متزامن مع إعلان حادثة سقوط المقاتلة F-18، وهذا أمر ليس عفوياً بقدر ما هو دليل إضافي يؤكد عمق الهزيمة وحالة التخبط والتباين الذي يعصف بالإدارة الأمريكية التي تبحث عن وسائل للخروج من مستنقع الحرب مع اليمن بما يحفظ على ماء وجهها.
"الهزيمة الاستراتيجية الأمريكية"
إعلان المجرم ترامب وقف العمليات على اليمن هو إعلان هزيمة كاملة. ومسألة سقوط مقاتلة F-18 فضحت كل الروايات والسرديات التي روّج لها ترامب وإدارته حالياً. فالحقيقة الثابتة أن أمريكا هي من طلبت وقف العمليات وهي من أبلغت سلطنة عمان للتوسط مع القيادة اليمنية لوقف عمليات الاستهداف للسفن الأمريكية في البحر الأحمر والعربي مع التزام أمريكا الانسحاب وإيقاف العدوان على اليمن بشكل كامل.
بالتالي، الهزيمة الأمريكية واضحة ليس عليها غبار، وتصريحات ترامب كان هدفها الرئيسي التضليل وصناعة ضجة إعلامية لتغطية خطط أمريكا للانسحاب والخروج من مستنقع الحرب التي أوصلتها لحالة كارثية من الخسائر والفشل الاستراتيجي .
فالحملات الجوية التي نفذها العدو الأمريكي والبريطاني في اطار العدوان على اليمن لم تصل إلى أي نتيجة ميدانياً وعسكرياً، ولم تحقق التأثير الذي كانت تراهن عليه الإدارة الأمريكية في كبح وإسكات عمليات القوات المسلحة اليمنية في البحر الأحمر وأعماق فلسطين المحتلة. فمنذ تجدد المعركة، خرج العدو الأمريكي بفشل استراتيجي وخسائر باهظة وصلت إلى أكثر من ملياري دولار كخسائر عملياتية مقابل عمليات الطيران والغارات الجوية والإنفاق الدفاعي لأسطول حاملات الطائرات يو إس إس ترومان وفينسون، بالإضافة إلى حزمة من الخسائر المباشرة نتيجة فقدان عشرات الطائرات منها 22 طائرة طراز MQ-9 و3مقاتلات هجومية طراز F-18.
والأهم أن حاملات الطائرات أصبحت بالفعل تتعرض لضربات خطيرة ومنسقة أفقدتها القدرة على الصمود والاحتواء، وحولتها إلى قطع سهلة الاستهداف والتدمير. وهذا ما حصل مع الحاملة ترومان، التي تعرضت لعشرات العمليات الهجومية التي لا يستبعد أنها أصابتها بأضرار بالغة، كما حصل في عملية 29 أبريل التي أرغمها على إخلاء موقعها وإجراء مناورة سريعة انتهت بسقوط إحدى مقاتلات F-18 وإعادة الانتشار في أقصى شمال البحر الأحمر.
"موقف اليمن من غزة"
في هذا السياق، نؤكد مجدداً أن موقف اليمن تجاه غزة لا زال ثابتاً ولن يتغير بأي ظرف أو أي تحول عسكري أو استراتيجي، خصوصاً في ظل إيقاف أمريكا عدوانها على اليمن والذهاب للاتفاق. فهذه المسألة مرتبطة فقط بالعدو الأمريكي الذي يريد الخروج من ورطة الحرب. أما ما يتعلق بجبهة اليمن، ستبقى مشتعلة، والقوات المسلحة اليمنية مستمرة في معركة إسناد غزة ومواصلة قصف كيان العدو الإسرائيلي بكل ما هو متاح من عناصر القوة والإمكانات الضاربة، وذلك حتى يتم إرغام كيان العدو على وقف عدوانه وحصاره على قطاع غزة. ونؤكد أن الموقف العسكري اليمني لن يبقى حبيس مستوى معين من العمليات، بل سيتصاعد وسيأخذ نمطاً استراتيجياً مدمراً بكيان العدو كما حصل في خلال الضربة الصاروخية الدقيقة التي إستهدفت مطار اللد "بن غوريون" في يافا المحتلة والتي تعتبر ضربة إفتتاحية لعاصفة من الضربات الحازمة والعنيفة.
- باحث في الشأن العسكري