
في ظل الارتفاع الملحوظ في معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بين الشباب، تسعى الأوساط العلمية والطبية إلى فهم الأسباب الكامنة وراء هذا التغير المقلق، لا سيما لدى من هم دون سن الخمسين.
وفي هذا السياق، سلطت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو الضوء على دور محتمل لبكتيريا الإشريكية القولونية، التي غالباً ما تنتقل في مرحلة الطفولة، في تحفيز الإصابة المبكرة بسرطان القولون.
الدراسة، التي شملت تحليل الحمض النووي لـ981 ورماً لدى مرضى تقل أعمارهم عن 40 عاماً أو تزيد عن 70، كشفت عن وجود طفرات جينية مميزة مرتبطة بمادة "كوليباكتين" – وهي سمّ تنتجه بعض سلالات هذه البكتيريا – لدى المرضى الشباب.
وبحسب الدكتور لودميل ألكساندروف، كبير الباحثين، فإن "هذه الطفرات تحمل سجلاً جينياً يُظهر أن التعرض المبكر لـ‘كوليباكتين‘ قد يكون العامل المحرّك وراء الإصابة المبكرة بسرطان القولون".
اللافت أن الطفرات الجينية المرتبطة بهذا السم كانت أكثر شيوعاً بـ3.3 مرات بين المرضى الشباب مقارنة بكبار السن، خصوصاً في دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، حيث يُسجل المرض انتشاراً متزايداً بين الفئات العمرية الصغيرة.
وتُعد اللحوم غير المطهية جيداً – وخاصة اللحم المفروم – إضافة إلى بعض الخضراوات الورقية، ومنتجات الألبان غير المبسترة، والفواكه النيئة مثل التفاح والخيار، من أبرز مصادر انتقال الإشريكية القولونية، خاصة في حال تلوثها بمياه غير صالحة أو سوء النظافة أثناء التحضير.
ورغم أن معظم سلالات هذه البكتيريا غير ضارة، فإن بعض الأنواع مثل STEC وETEC وEPEC قادرة على إنتاج سموم شديدة الخطورة، من ضمنها "كوليباكتين" المرتبط مباشرة بنتائج هذه الدراسة.
الباحثون يخططون حالياً لتوسيع نطاق الدراسة بهدف فهم كيفية تعرّض الأطفال لهذه السلالات الضارة، بالإضافة إلى استكشاف إمكانات الوقاية، مثل دور البروبيوتيك والتأثيرات البيئية اللاحقة، لفهم الصورة الكاملة لأسباب نشوء سرطان القولون المبكر لدى الأجيال الشابة.