أبريل 20, 2025 - 08:10
رسوم ترامب الجمركية.. ما تداعياتها على الولايات المتحدة والعالم؟

واشنطن _ عرب جورنال 

فرض الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مجموعة من الرسوم الجمركية الجديدة على العديد من الدول، بما في ذلك الصين، بهدف "تعزيز الاقتصاد الأميركي"، لكن تلك السياسات التجارية، قد تؤدي إلى نتائج عكسية، ممّا يعكس تناقضاً بين الهدف المعلن والآثار الاقتصادية المتوقعة، وفق ما تشير إليه التحليلات والتوقعات. 

وفي خطوة غير تقليدية، أعلن البيت الأبيض عن استثناء المعادن الأساسية مثل الصلب والألمنيوم والذهب من الرسوم الجمركية الجديدة، وهو ما يساعد في تقليل تقلبات الأسعار في الأسواق. لكن ومع ذلك، فإنّ هذه الاستثناءات لا تزال تثير القلق بشأن التذبذب المستقبلي في سوق السلع الأساسية.

الرسوم الجمركية الجديدة: عبء اقتصادي على الأميركيين

في تصريحاته خلال حملته الانتخابية لعام 2024، تعهد ترامب بتحسين الاقتصاد الأميركي من خلال خفض الأسعار وفرض سياسات تجارية صارمة. ولكن بعد أشهر قليلة من توليه ولايته الثانية، بدا أنّ تلك السياسات تتحول إلى عبء ثقيل. فقد أعلن ترامب في حفل حديقة الورود عن فرض تعريفة جمركية بنسبة 34% على الواردات من الصين وبعض الدول الأخرى، وهو ما أثار قلق المستهلكين الأميركيين، بسبب زيادة الأسعار المستمرة والتضخم، بحسب مجلة "نيوزويك". 

في هذا السياق، قال محللون وخبراء استطلاعات رأي تحدثوا إلى "نيوزويك"، إنّ التعريفات الجمركية الجديدة التي أعلن عنها ترامب، تهدد بتصعيد الحروب التجارية وإشعال فتيل الركود، وتأكّل ثقة الجمهور المتضائلة في تعامل ترامب مع الاقتصاد.

 

وقال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتيكس"، إنّ "المستهلكين الأمريكيين يتحملون الجزء الأكبر من الرسوم الجمركية في صورة ارتفاع في الأسعار"، مضيفاً أنّ الاقتصاد الأميركي "سيعاني إذا نفّذ ترامب الرسوم الجمركية الجديدة، وردّت دول أخرى بفرض رسوم جمركية أعلى على السلع الأميركية".

وأوضح زاندي أنّ "الجمع بين الرسوم الجمركية والرد الانتقامي سيثقل كاهل الاقتصاد، وقد يدفعنا في كثير من الحالات إلى الركود".

وتُظهر استطلاعات الرأي أّنّ معظم الأميركيين "لا يوافقون على رسوم ترامب الجمركية، ويشعرون بالقلق من أنّها قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل عام".

ومن بين البالغين الأميركيين، قال 58% إنّهم يعتقدون أنّ الرسوم الجمركية تضرّ بالاقتصاد الأميركي، وفقاً لاستطلاع أجرته كلية الحقوق بجامعة "ماركيت"، ونُشر يوم الأربعاء. 

كما وجد الاستطلاع أنّ نحو ستة من كل عشرة بالغين يعتقدون أنّ "سياسات ترامب ستؤدي إلى ارتفاع حاد في التضخم".

وأظهرت استطلاعات رأي وطنية أخرى رفضاً عاماً مشابهاً لرسوم ترامب الجمركية، بما في ذلك استطلاع أجرته "CNN/SSRS" مؤخراً، والذي وجد أنّ 61% من الأميركيين لا يؤيدون تعامل الرئيس مع الرسوم الجمركية.

كما أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أنّ "الناس أصبحوا أكثر تشكيكاً في قدرته (ترامب) على الوفاء بوعوده".

جدال بشأن أرقام الرسوم الجمركية

وفي وقتٍ لم يتضح على الفور على ما استندت إليه الحسابات الموضحة في الرسم البياني للرسوم الجمركية التي أعلنها، يبدو أنّ العديد من مستويات الرسوم المدرجة جاءت بشكل غير متوقع. 

وقد تأثرت العديد من الدول النامية بشكل كبير بهذه الرسوم، خاصة الدول التي تعتمد صناعتها على صادرات منخفضة التكلفة. وقد أثيرت تساؤلات حول كيفية حساب هذه الرسوم.

وفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز"، فقد "جرى حساب معدلات الرسوم الجمركية بناءً على الفائض التجاري للدول مع الولايات المتحدة، وتقسيمه على إجمالي وارداتها. لكن بعض المحللين انتقدوا هذه الحسابات بسبب الطريقة المعتمدة، التي قد تضر بالدول النامية مثل بنغلاديش ومدغشقر.

تأثير الرسوم على الدول الأقل نمواً

في هذا السياق، أشارت وكالة "بلومبرغ" إلى أنّ الرسوم الجمركية الجديدة "ستؤثر بشكل خاص على بعض أفقر دول العالم، ممّا يزيد من التحديات الاقتصادية لهذه الدول".

ففي الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تقدم مساعدات لهذه الدول، لاحظ المحللون أنّ هذه الرسوم قد تؤدي إلى تقليص قدرة تلك الدول على تصدير سلعها إلى السوق الأميركي. وستجعلها تضطر إلى لبحث عن أسواق بديلة في أوروبا أو اليابان.

وتعليقاً على ذلك، قالت ديبورا إلمز، رئيسة قسم السياسات التجارية في مؤسسة هينريش: "إنّها كارثة بكل المقاييس"، فرسوم جمركية تقترب من 50% بين عشية وضحاها "ستكون مستحيلة".

وأضافت أنّ العديد من هذه الدول "تتمتع بإمكانية الوصول إلى الولايات المتحدة من دون رسوم جمركية باعتبارها من أقل الدول نمواً"، موضحةً أنّ هذه الدول "قد تتجه إلى أسواق أوروبا واليابان وأستراليا بدلاً من الطلب الضعيف في أماكن مثل الصين".

نظراً لهذا التأثير الكبير الذي خلفته على الدول الأكثر فقراً، تساءل المحللون عن مدى عدالة حسابات التعريفات الجمركية الأميركية. وفي الإطار،  كتب تومي شيه، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي الآسيوي في مؤسسة "أوفرسيا - تشاينيز" المصرفية، أنّ "هذه الصيغة تعاقب فعلياً الدول التي تعتمد اعتماداً كبيراً على الولايات المتحدة كمشتري صافٍ لسلعها، بغض النظر عمّا إذا كان هذا الفائض مدفوعاً بممارسات غير عادلة فعلية أو مجرد تموضع في سلسلة التوريد".

وعلى وجه الخصوص، "تعاقب هذه الصيغة الدول النامية الصغيرة، مثل كمبوديا التي ببساطة لا تملك القدرة على شراء الكثير من الولايات المتحدة"، بحسب تومي شيه. 

وقال المتحدث باسم الحكومة الكمبودية بين بونا عبر رسالة نصية إنه لا يستطيع التعليق على التعريفة الجمركية حتى الآن، وأن الأمر قيد المراجعة.

تشعر الدول الآسيوية بالقلق أيضاً من تدفق السلع الصينية الأرخص إلى أسواقها نتيجةً للآثار المترتبة على ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية. فُرضت على الصين رسوم جمركية متبادلة بنسبة 34%، بالإضافة إلى رسوم جمركية بنسبة 20% فرضها ترامب هذا العام.

المصدر: الميادين نت