
في حوار جديد تستضيف "عرب جورنال" عضو الأمانة العامة للحزب الديمقراطي الناصري المصري، محمد البراوي، للوقوف عند آخر وأبرز التطورات والمتغيرات التي تشهدها غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي في مرحلته الثانية، وتداعياته الخطيرة على أمن واستقرار المنطقة العربية والإسلامية. ويناقش الحوار كيفية مواجهة الضغوط الأمريكية الإسرائيلية لتمرير مخططات التهجير وتصفية القضية الفلسطينية على المستوى العربي والإسلامي وتحديداً على دول الطوق الفلسطيني. ويسلط الضوء على أهمية صمود الجبهة اليمنية المساندة لغزة ونجاح القوات المسلحة اليمنية في خوض اشتباكات مفتوحة مع حاملات الطائرات والأساطيل البحرية الأمريكية. كما يسلط الضوء على موضوعات أخرى متعلقة بمعركة طوفان الأقصى والموقف العربي الباهت من جرائم الإبادة الجماعية التي يشنّها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني.
عرب جورنال / حوار / حلمي الكمالي
الدعم اليمني لغزة أعاد شيئًا من الروح التي افتقدناها منذ عقود، فأن نرى دولة عربية تُقرر استخدام أدواتها العسكرية في مواجهة مباشرة مع الكيان الصهيوني، فهذا بحد ذاته حدث استثنائي وتاريخي
اليمن، برغم كل ما عاناه من حصار وعدوان وحرب،لم يتردد في وضع إمكانياته المتواضعة في خدمة قضية الأمة المركزية،وهو ما لم تجرؤ عليه أنظمة تمتلك عشرات أضعاف قدراته
الدعم اليمني لغزة هو تحول نوعي في شكل الصراع، والعمليات العسكرية اليمنية أربكت العدو الصهيوني والأمريكي، وفتحت جبهة جديدة لم يكن يتوقعها، وجعلت البحر الأحمر ساحة مواجهة حقيقية
العمليات اليمنية المساندة لغزة تتكامل تمامًا مع ثوابت الأمن القومي المصري، خاصة في ما يتعلق بتأمين البحر الأحمر ومنع تحوله إلى قاعدة خلفية للناتو أو للكيان الصهيوني
ما فعله اليمن في البحر الأحمر دعماً لغزة، يخدم مصلحة القاهرة ويمثل رسالة قوية بأن الأمة ما زال فيها من يقاتل، ومن يضع البوصلة في اتجاهها الصحيح
الولايات المتحدة فشلت في إخضاع اليمن رغم كافة محاولاتها،والعمليات اليمنية المستمرة لدعم غزة تؤكد أن اليمن لا يزال على العهد في دعم قضايا الأمة،ويرسل رسالة قوية بأن المقاومة هي الطريق الوحيد للحرية
العدوان الإسرائيلي على غزة له تداعيات خطيرة على الأمتين العربية والإسلامية والعالم أجمع،وصمت المجتمع الدولي في مواجهة هذا العدوان سيزيد من الكراهية تجاه القوى الغربية التي تدعم "إسرائيل"
الأمن القومي المصري لا ينفصل بأي حال عن ما يحدث في غزة،فكلما ضعف الفلسطينيون، كلما تمدد المشروع الصهيوني باتجاه سيناء والحدود الشرقية،و"إسرائيل" تدرك أن زعزعة غزة بداية لزعزعة القاهرة
حين يلوّح الرئيس الأمريكي بتهجير الفلسطينيين وفرض التوطين على مصر والأردن، فهو لا يهدد دولتين فقط،بل يهدد عمق الأمة العربية والإسلامية واستقرارها الداخلي
ما نحتاجه الآن هو موقف حازم، معلن، وقاطع يرفض أي ضغوط دولية تمس السيادة الوطنية أو تمهد لتصفية القضية الفلسطينية، والتحالف مع محور المقاومة، لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة
ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب السوري هو احتلال تدريجي وعلني، يُطبّق وفق رؤية قديمة جديدة: تفكيك ما تبقى من الدولة السورية وتحويلها إلى كانتونات هامشية لا تشكل خطرًا على الأمن الصهيوني
على الأنظمة العربية أن تدرك أنه لا أمل في مستقبل مشرق في ظل استمرار هذه السياسات،وأن الطريق الوحيد نحو الخلاص يكمن في العودة إلى الوحدة العربية والإسلامية والتحرك الجاد ضد المشاريع الاستعمارية التي تهدف لتدمير الأمة
_ أي تداعيات خطيرة لاستمرار العدوان الإسرائيلي على غزة في مرحلته الثانية؟ في المقابل أي أهمية إستراتيجية لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في قطاع غزة، بالنسبة للأمن القومي العربي والمصري على وجه الخصوص؟ ألا يستوجب هذا الصمود دعماً حقيقياً من قِبل الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها دول الطوق الفلسطيني؟ وماذا تقولون بحق صمود الشعب الفلسطيني أمام آلة القتل الصهيو_أمريكية منذ 7 أكتوبر وحتى اللحظة في ظل التؤاطو والخذلان على المستوى الإقليمي والدولي؟
لا شك أن العدوان الإسرائيلي على غزة له تداعيات خطيرة على مستوى الأمتين العربية والإسلامية بل والعالم كله
واستمرار القصف والقتل الجماعي يساهم في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وقد يؤدي إلى تصعيد الصراع بشكل أكبر مما هو عليه الآن.
هذا العدوان يقوي الاستقطاب بين القوى الإقليمية والدولية وقد يفضي إلى تحولات استراتيجية، لكن الأهم من ذلك هو أن هذا العدوان يعمق معاناة الشعب الفلسطيني ويزيد من تمسكه بحقوقه في العودة والتحرير
كما أن صمت المجتمع الدولي في مواجهة هذا العدوان سيزيد من الكراهية تجاه القوى الغربية التي تدعم إسرائيل.
صمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة هو خط الدفاع الأول عن الكرامة العربية وعن الهوية القومية التي نحملها في وجداننا كناصريين. القضية الفلسطينية ليست فقط قضية حدود أو أراضٍ، بل هي قضية وجود وهوية، وهي أيضًا مرآة نرى فيها مدى تماسكنا أو تفتتنا كأمة.
هذا الصمود، بكل أشكاله، بدءًا من البقاء تحت الحصار، مرورًا بالمقاومة المسلحة، ووصولًا إلى تقديم آلاف الشهداء، هو التعبير الحقيقي عن نبض الشعوب ورفضها للهيمنة الصهيوأمريكية.
الأمن القومي المصري لا ينفصل بأي حال عن ما يحدث في غزة، فكلما ضعف الفلسطينيون، كلما تمدد المشروع الصهيوني باتجاه سيناء والحدود الشرقية.
إسرائيل تدرك أن زعزعة غزة بداية لزعزعة القاهرة. الهجوم الإعلامي الإسرائيلي الأخير على الجيش المصري لم يكن عبثيًا، بل جزء من خطة تستهدف النيل من الجيوش الوطنية التي ما زالت تشكل سدًا منيعًا أمام تحقيق الحلم الصهيوني بالتوسع.
دعم هذا الصمود الفلسطيني اليوم واجب وطني، وقومي، وإسلامي. لا يجوز تأجيله ولا التفاوض عليه. المعركة اليوم هي معركة بقاء. معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر كانت نتيجة طبيعية لتراكم الظلم والخذلان العربي والدولي، وجاءت كرد تاريخي على مشروع التطبيع والانبطاح، وكشفًا لمخططات تصفية القضية، وتحالف الشر الأمريكي الإسرائيلي الذي لم يعد يخجل من إعلان نواياه بابتلاع كل شيء، من النيل إلى الفرات.
_ في ظل عدم وجود مواقف عربية واضحة لمواجهة التصعيد الأمريكي الإسرائيلي في غزة، يواصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تهديداته المباشرة وغير المباشرة ضد الأردن ومصر بشأن تهجير أبناء غزة إلى الدولتين.. ما تعليقكم؟ وما نصائحكم لهذه الدول للتعامل مع المخططات الأمريكية الإسرائيلية التي باتت بوضوح تهدد أمنها واستقرارها الداخلي؟ وهل تعتقدون أن فتح علاقات مع دول محور المقاومة وجبهات الدعم والإسناد، هو الحل الأمثل والأنسب لهذه الدول لكسب عوامل ردع تقوّض هذه المخططات الأمريكية الإسرائيلية؟ كيف ذلك؟
تهديدات ترامب، ومن قبله ومن بعده وكل من يمثل العقلية الإمبريالية الأمريكية، لا يمكن فصلها عن سياق الضغط المستمر لتمرير "صفقة القرن" بصيغ متعددة. حين يلوّح الرئيس الأمريكي بفرض التوطين على مصر والأردن، فهو لا يهدد دولتين فقط، بل يهدد عمق الأمة العربية والإسلامية واستقرارها الداخلي.
قبول تهجير أبناء غزة ليس حلاً إنسانيًا كما يُسوّق البعض، بل هو جريمة تهدف إلى تصفية القضية من جذورها وتحويل الفلسطيني من صاحب قضية إلى مجرد لاجئ دائم في أرض ليست أرضه.
مصر، بتاريخها وثقلها، لا يجب أن تخضع لأي ابتزاز من هذا النوع. وأثق أن الشعب المصري لن يسمح بتمرير هذا المخطط أبدًا، لأن التهجير لن يجلب الأمن، بل سيجلب الفوضى والانقسام والتآكل الداخلي.
ما نحتاجه الآن هو موقف حازم، معلن، وقاطع يرفض أي ضغوط دولية تمس السيادة الوطنية أو تمهد لتصفية القضية الفلسطينية.
التحالف مع محور المقاومة، في رأيي، لم يعد خيارًا بل أصبح ضرورة. هذه الدول هي الوحيدة التي لا تزال تملك مشروعًا لمواجهة الصهيونية، وموقفها من فلسطين واضح لا لبس فيه. التحالف معها يعني امتلاك أدوات الردع، وخلق توازن رعب سياسي وعسكري، ورفع تكلفة أي عدوان على الأمة.
_ نلاحظ تصاعداً في العدوان الإسرائيلي على سوريا تزامناً مع توغل بري واسع لجيش الاحتلال في عمق الأراضي السورية.. ما دوافع ذلك ؟ وأي عواقب وخيمة لهذا العدوان، والذي يأتي في ظل مخطط أمريكي صهيوني كبير لتغيير ديمغرافيا المنطقة المحيطة بفلسطين، وذلك في سياق مخطط أكبر لابتلاع المنطقة العربية والإسلامية وتطويق المقاومة؟ وماذا عن استمرار صمت النظام الرسمي السوري الجديد حيال هذا العدوان وهذا التوغل الإسرائيلي؟ وكيف يمكن قراءته في ظل المعطيات القائمة؟
ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب السوري هو احتلال تدريجي وعلني، يُطبّق وفق رؤية قديمة جديدة: تفكيك ما تبقى من الدولة السورية وتحويلها إلى كانتونات هامشية لا تشكل خطرًا على الأمن الصهيوني.
بناء سبع قواعد عسكرية في العمق السوري ليس مجرد تحرك عسكري، بل هو إعادة رسم للحدود بالقوة، وإعلان وجود دائم يهدد ما تبقى من السيادة السورية.
الصمت الرسمي السوري ــ رغم تعقيدات الوضع الداخلي ــ يبقى محيّرًا ومقلقًا. غياب أي موقف واضح أو رد فعلي ملموس على هذا العدوان قد يُفسر من البعض على أنه تواطؤ أو ضعف، وفي الحالتين تكون النتيجة واحدة: تعزيز الاحتلال وتوسيع نفوذه.
هذا التوغل، إن لم يُواجه، ستكون له تداعيات كارثية، ليس فقط على سوريا، بل على لبنان والأردن والعراق وحتى مصر.
الأمن القومي العربي ليس محليًا، بل متداخل، وما يحدث في دمشق يؤثر على القاهرة وبغداد والجزائر. المطلوب الآن هو صياغة موقف عربي جامع يعيد الاعتبار للقضية السورية كجزء لا يتجزأ من المواجهة مع إسرائيل، لا كحالة معزولة يتم تجاهلها.
_ ما موقفكم من العدوان الأمريكي على اليمن والذي يأتي في إطار محاولات أمريكية واضحة وصريحة للدفاع عن جرائم الإبادة الجماعية التي يشنّها الكيان الصهيوني في غزة؟ وهل تعتقدون أن الولايات المتحدة فشلت في إخضاع اليمن، خصوصًا مع استمرار العمليات اليمنية المساندة لغزة سواءً في قصف العمق الصهيوني أو الحصار البحري المفروض على الملاحة الإسرائيلية؟ وكيف أن الدعم والإسناد اليمني لغزة يخدم الأمن القومي العربي والمصري على وجه الخصوص، في ظل رفض يمني صريح لعسكرة البحر الأحمر من قبل القوى الأجنبية والتي في الأصل تشكل تهديداً للقاهرة ولقناة السويس؟
الدعم اليمني لغزة أعاد شيئًا من الروح التي افتقدناها منذ عقود. أن نرى دولة عربية تُقرر استخدام أدواتها العسكرية في مواجهة مباشرة مع الكيان الصهيوني، فهذا بحد ذاته حدث استثنائي وتاريخي.
اليمن، برغم كل ما عاناه من حصار وعدوان وحرب، لم يتردد في وضع إمكانياته المتواضعة في خدمة قضية الأمة المركزية، وهو ما لم تجرؤ عليه أنظمة تمتلك عشرات أضعاف قدراته.
بالنسبة لي، هذا الدعم ليس مجرد خطوة رمزية، بل هو تحول نوعي في شكل الصراع. العمليات العسكرية اليمنية أربكت العدو، وفتحت جبهة جديدة لم يكن يتوقعها، وجعلت البحر الأحمر ساحة مواجهة حقيقية.
أما من ناحية المصالح القومية المصرية، فإن هذه العمليات تتكامل تمامًا مع ثوابت الأمن القومي المصري، خاصة في ما يتعلق بتأمين البحر الأحمر ومنع تحوله إلى قاعدة خلفية للناتو أو للكيان الصهيوني.
مصر لا تستطيع ــ ولا يجب أن تسمح ــ بوجود قواعد أجنبية على ممرها البحري الإستراتيجي. وبالتالي، ما فعله اليمن في البحر الأحمر، يخدم مصلحة القاهرة ويمثل رسالة قوية بأن الأمة ما زال فيها من يقاتل، ومن يضع البوصلة في اتجاهها الصحيح.
إن العدوان الأمريكي على اليمن هو جزء من سياسة استعمارية تقودها الولايات المتحدة من أجل الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية في المنطقة، وتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية على حساب الشعوب العربية والإسلامية.
أمريكا تقف في صف "إسرائيل"، تدافع عن جرائمها ضد الفلسطينيين، وفي نفس الوقت تحاول إخضاع اليمن وكسر إرادته المقاومه لكن اليمن بقيادته وشعبه قد نجح في مقاومة هذه الضغوط وبمساندته لغزة يرسل رسالة قوية بأن المقاومة هي الطريق الوحيد للحرية.
الولايات المتحدة فشلت في إخضاع اليمن رغم كافة محاولاتها، والعمليات اليمنية المستمرة لدعم غزة تؤكد أن اليمن لا يزال على العهد في دعم قضايا الأمة.
_ أي رسالة يمكن أن توجهونها إلى الأنظمة العربية والإسلامية في هكذا لحظات عصيبة وخطيرة تشهدها الأمة وفي ظل هذا الصمت المريع؟ وما السبيل للخلاص من سياسات الذل والخنوع للمشاريع الصهيونية الأمريكية التخريبية والتي ما زال ينتهجها النظام الرسمي العربي حتى في خضم الإبادة والعربدة الأمريكية الصهيونية التي تستهدف الجميع دون استثناء؟
رسالتنا إلى الأنظمة العربية والإسلامية
في هذا الوقت العصيب لا يمكن للأنظمة العربية والإسلامية أن تظل صامتة أمام هذه الجرائم المستمرة يجب أن تتحرك بسرعة وبحزم، وأن تكون لها مواقف مشرفة تجاه الشعب الفلسطيني، وتتحمل مسؤوليتها في نصرة قضايا الأمة في ظل هذا الصمت المريع، يجب أن تُظهر الأمة الإسلامية والعربية توحدها في مواجهة هذا العدوان
لا يمكن لنا أن ننتظر الحلول من القوى الكبرى التي تنحاز للصهيونية و رسالتنا لهم أن الصمت ليس خياراً، وأن على هذه الأنظمة أن تتخذ مواقف حاسمة تعيد لها دورها الريادي في الدفاع عن الحق والعدل.
والسبيل الوحيد للخلاص هو توحيد الصفوف والتصدي للمشاريع الصهيونية الأمريكية بكل الوسائل المتاحة
كما يجب علينا أن نعيد بناء قوتنا العسكرية والسياسية بأيدينا وأن نبتعد عن التبعية للأمريكيين والصهاينة، بل يجب أن نسعى لتفعيل دور المقاومة في كل الساحات العربية والإسلامية
كما يجب على الأنظمة العربية أن تدرك أنه لا أمل في مستقبل مشرق في ظل استمرار هذه السياسات، وأن الطريق الوحيد نحو الخلاص يكمن في العودة إلى الوحدة العربية والإسلامية والتحرك الجاد ضد المشاريع الاستعمارية التي تهدف لتدمير الأمة.